يمضي الرجال... ويبق الأثر
مولده ونشأته:
في قصر بونورة ذات يوم من سنة 1908 وُلد بعيسى بن داود دودو، وفي أجواء الفاقة والحرمان، تربى وترعرع وسط 12 أخًا وأختًا، احترف أبوه الفلاحة والبناء فكان مساعدًا له على صغر سِنه، غير أن المنية عجلت بأبيه ولم يتجاوز الرابعة عشر من عمره، فدفع به شظف العيش إلى الاعتماد على نفسه، ومن له؟ لولا لطف الله وعنايته، وأم حكيمة بجانبه، أصبحت مؤملة وسنده في حياته، فبرها وأحبها حبا كبيرا، وكم كانت وفاتها في الخمسينات رزءً عظيمًا عليه، ترك فيه بالغ الأثر طوال حياته.
زواجه:
لم يهدأ لأم بعيسى الفاضلة بافلح لالة بنت بعيسى بال ولا قرار، حتى زوجته وهو ابن سبع عشرة سنة لتطمئن على مستقبله وتهنأ به، ولضيق ذات اليد لجأت إلى الاقتراض ممن العشيرة، فكانت زوجته الأولى منةبنت بعيسى دودو نِعم الشريك تشد أزره، وتشاطره حلو الحياة ومرها، ثم ارتبط بعد ذلك بزوجته الأخرى رقية بنت محمد بربيحة، فأسعدت حياته ووقفت بجانبه طوال حياتها، رزقه الله منهما كل أولاده الأربعة والعشرين، فعاش بينهم نِعم الزوج والأب مربيا وحنونا وعادلاً، في خدمة أهله ورعايتهم، ذا فضلٍ وإحسانٍ، وبعد وفاتهما تزوج بالفاضلة، دودو وردة بنت محمد، فكانوا له خير الخلف، والبقية الصالحة لعمله بعد وفاته.
من قواعد وأسرار نجاحه:
حب الخير للناس جميعًا.
سعةُ صدره وتواضعه ورحابة أخلاقه جعلت الإحسان من سماته.
استشعار معية الله تعالى في حركاته وأمواله.
حبه الشديد للعمل واعتباره من العبادات.
ضمان الحقوق وأدائها إلى أصحابها في حينها والوفاء بالعهود.
كان منظما في حياته وضبط المواقيت في حينها دائما.
القدوة والتواضع في العمل.
رحلة العمل والمثابرة:
سافر الطفل بعيسى ذو العشرة ربيعا، إلى العاصمة يعمل أجيرًا في عدة متاجر، يتولى التنظيف وتوصيل الطلبات إلى المنازل لسنتين، عاد إثرها إلى بلدته بنورة، ليشتغل مع أخيه محمد في البناء فشاء القدر أن يشهد وفاة والده سنة 1922.
مكث بعدها سنة كاملة يواصل أعمال البناء والفلاحة، ثم قرر السفر إلى العاصمة وليس له من المال شيء؟؟؟؟ ليبدأ العمل حمالاً للبضائع ثم موزعًا لطلبات الزبائن، وظل هكذا إلى غاية 1925م، أين انتقل للعمل مع أخيه إبراهيم في بيع الفحم.
نقطة التحول:
في متجر الفحم الصغير بشارع موقادور بدأ الشاب بعيسى شركته الخاصة، واستأجر المحل من أخيه إبراهيم بـ10 دورو للشهر،وبدأ ببيع الفحم الذي يجلبه من تجار الجملة الاسبانيين بالدين، وبعد مدة من العمل والادخار والاقتصاد في المعيشة، استطاع أن يسدد ثمن السلعة مسبقا، كما أنه ظل يعمل كموصل للطلبات في المساء، وفي فصل الصيف يعوض انخفاض الاقبال على الفحم ببيع ثمر الهندي (الكرموس).
وفاته:
في يوم الاثنين 10 جمادى الآخرة 1428ه يوافقه 25 جوان 2007 وبعد عمرٍ حافلٍ بالخير والإحسان وطاعة الله تعالى، ناهز المائة عام، توفي الظاهرة بعيسى ابن داود بعد مرضٍ لازمه، ودفن في مسقط رأسه بونورة بعد الصلاة عليه 3 مرات، في جنازة مهيبة حضرها الكثيرون من كافة أنحاء الوطن، ولكن سيرته وذكراه لم تمتْ، فرحمة الله تعالى وسلمه عليه في الأولين والآخرين، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين.
إذا رجل أخلص لوجه الله تعالى أبدى رغبته في مساعدة المحتاج مساعدة أبناء البلدة والوطن فهو لم يبخل يوما بالكلمة الطيبة أحب الخير لأبناء وطنه، كان لا يفرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى فالمسلم أخ المسلم، إذا هكذا يمضي الرجال ويبقى الأثر يغازله العديد ممن أحبه، لما سلك من طريق معبد بالخير مفروش بالكلمة الطيبة والرزق الحلال رحمَ الله ابن بونورة وابن مزاب وابن الجزائر ورحم الله جميع المسلمين في كل مكان (1).
C'est mon maître qui m'a beaucoup appris, la notion du commerce, la relation avec les gens, la modestee, la patience et l'endurance c'était mon modèle que j'apprécie beaucoup étant très petit et l'honneur de le voir dans son grand magasin allah yerahmou (2).
**************
(1) مركب التوفيق بلكور، الجزائر
(2) Younes Tinemerine