بنو مزاب ملائكة التجارة في الجزائر

بنو مزاب ملائكة التجارة في الجزائر(01)

Icon 09 

لا يَسمح نظام التكافل الاجتماعي للمزابيين بتفشي البطالة بين شبابهم، إذ تعد التجارة شغفَهم الدائمَ، ولهم فيها براعات والتزامات وفنون، سواء داخل تجمعاتهم السكنية التي تستقطب معظم السواح الذين يقصدون الجزائر، أو في الولايات الأخرى التي لا يخلو شارع فيها من محل تجاري يسمى "محل المزابي".

يجمع الجزائريون على اعتبار هذه المحلات التي يشرف عليها مواطنون من مزاب، فضاءات نظيفة وخدومة وبشوشة وخالية من الغش وعبارة "لا يوجد" التي تعشش في المحلات التي يشرف عليها مواطنون من غير المزابيين.

" المزابي، لا يحدث أن يغلق محله خارج أوقات الصلاة، ويفتحه باكرًا ويغادره متأخرًا، ويستقبل زبونه بحفاوة تشعره بإنسانيته، ويعرض عليه سلعه كلها، ولا يتذمر من تقليبه لها، حتى إن كان ذلك من باب الفضول، ولا يميز بين الزبائن مهما تفاوتت مقاماتهم، فهو يبدأ دائمًا بأول الداخلين، ثم الذي يليه، والأهم من هذا كله، أنه لا يصدمك بعبارة "ما عنديش"، فهو يجلب كل عناصر التجارة التي يتخصص فيها، وإن حدث أن نفذت عنده في تلك اللحظة، فإنه يسارع إلى محل آخر ليجلبها بنفس السعر".

في المقابل، يلاحظ في بعض المحلات غير المزابية: "الصحو من النوم بعد أن تستوي الشمس في السماء، فتح المحل بكثير من التثاؤب والكسل، عدم مرافقة الزبون إلى داخل المحل، وإن كان الغرض المطلوب ذا سعر زهيد، فهو يلجأ إلى عبارة "ما عندناش"، حتى لا يكلف نفسه عناء إحضاره، وهي عبارة تتكرر حتى فيما يتعلق بسلع تعد من ضروريات المعيشة، مع قلة الحفاوة بالزبون، وكأنه جاء متسولًا".

هذه المقارنة تذكرنا بأخرى أجراها الكاتب الفرنسي غي دو موباسان في كتابه "رحلة إلى بلاد الشمس" الصادر عام 1881، بين التاجر اليهودي في الجنوب الجزائري والتاجر المزابي: "لا يتعامل اليهودي في كل الجنوب إلا بالربا وبكل الوسائل الخسيسة الممكنة، أما التجار الحقيقيون فهم أهالي مزاب، يلاحظ المرء عندما يصل إلى قرية ما في الصحراء، فجأة أن عرقًا مختلفًا استولى على مجريات الأمور".

ويبرر أحد التجار المزابيين تفاني المزابي في تجارته وإخلاصه لزبونه، بكونه "يرى أنه تعاقد معنويًا مع المجتمع، بمجرد أن يفتح دكانًا، وأي تهاون أو غش أو تأخر أو استسهال في توفير سلعة ما، يعد خيانة لهذا العقد الاجتماعي، وهو ما ترفضه الأخلاق والأعراف والدين".

والمزابيين قديما، يستقبلون الشاب المقبل على تكوين بيت، عامين كاملين في محلاتهم، من غير أجرة، ما عدا مصروف الجيب، ليتعلم أصول التجارة، خاصة كيفية التعامل مع الزبون، ثم يفتحون له محلاً خاصًا به ليستقل بتجارته لنفسه.

------------------------------------ 

(01) موقع إلترا صوت

المصدر nir-osra.org

Tags: الهوية, تأريخ, حضارة, الإباضية, قيم, سياسة, إجتماع, تراث, سياحة, عادات تقاليد