الهوية المزابية المزابية

Icon 07

الهوية المزابية المزابية  للأستاذ يوسف بن بكير الحاج سعيد

إن بني مزاب أمازيغ، ويطلق على الأمازيغ كذلك اسم البربر، والبربر ينقسمون إلى قسمين: البرانس وهم أبناء برنس، والبُتر وهم أبناء مادغيس الملقب بالأبتر. وهما أخوان ومن نسل مازيغ بن كنعان بن نوح عليه السلام.

كلّ قسم من البرانس والبتر يتفرّغ إلى شعوب كثيرة لا تحصى. وأحد الشعوب البتر زنَاتَه ومن بين الشعوب البرانس كتامة وصنهاجة.

تتفرّغ زناته إلى فروع، من بينها وَاسين، ومن بطون واسين بنو مرين وبنو راشد وبنو بادين.

ومن أحفاد بادين بنو مزاب المنتسبون إلى ميزاب بن بدين بن محمّد بن زَحيك بن واسين بن يَصلَتين بن مَسرَا بن زَاكيَا بن وَرسيك بن أَدّيرت بن جَانَا (أو شَانَا) جدّ زناتة.

إذن، فإنّ بني مزاب من أفخاذ بادين، أحد بطون واسين، الذي هو فرع زناتة، وزناتة أحد شعوب البُتر، والبُتر أحد قسمي الأمازيغ.

اللّغة المزابية أمازيغية قريبة جدً من القورارية والشاوية والشلحية والنفوسية. من خصائصها إمكان الإبتداء بالساكن في مثل الكلمات: تْمَارْتْ، تْفُويْتْ، تْوَارْتْ. ومن الخطأ استهلاك كتابة هذه الكلمات همزة، قياسا على العربية التي تشترط الإبتداء بالمتحرّك.

ومن خصائص اللغة المزابية أيضا اجتماع ساكنين أو أكثر كما في الأمثلة السابقة.

تختلف المزابية عن العربية بكون تاء التأنيث تتصدّر الاسم المؤنث: تَبَجْنَ، تَزِيرِي، تِشْلِي. وقد يكون المؤنّث في المزابية مختوما كذلك بتاء: تْفَاوْتْ، تَايْزِيوْتْ، تَغَلُّوسْتْ.

والملاحظ أنّ المزابية من جملة اللغات التي لا وجود فيها لصيغة التثنية.

لقد منّ الله علينا في السنوات الأخيرة بكوكبة من الباحثين المهتمّين باللغة المزابية وآدابها وقواعدها، لم يألوا جهدا في نفض الغبار عنها وإحياء ما اندثر منها، خاصّة عبر إذاعة غرداية الجهوية. وقد عانت هذه اللغة بعد الاستقلال من محاربة الحزب الواحد والنظام الاشتراكي البائد لها، ومن تقزيم شأنها من طرف بعض المشايخ، كما عرفت في الخمسينات من القرن الماضي عقوق بعض أبنائها الذين كانوا يسخرون مّمن كان -يستعمل مثل- كلمات تَزَقَّا، أَدَلِي، أحْبَا.. واللغة المزابية غنية بالأمثال والحكم التي تغنيك عن الكلام الطويل. وفي التراث المزابي قصائد شعرية يتغنّى بها في مناسبات التعاون (تْويزَا) كوقت درس الحبوب للفلاحين، ووقت نسج الألبسة والفرش للنسوة، وأشعارٌ أخرى خاصّة بالأعراس والأعياد. ولا ينبغي أن نغفل عن الدور الذي قامت به المرأة في الحفاظ قديما على هذه اللغة قبل أن تكون عرضة للغزو الثقافي المتعدّد المصادر والوسائل.

أما الألبسة التقليدية للرجل البربري عموما فنجد منها القشابية، وهي أحسن لباس في الشتاء، يقي من الزمهرير إذا تكالب ومن المطر إذا اشتد، ولا تعوق الحركة. وقد كانت القشابة إلى عهد قريب لا تفارق المزابي في سفره شتاء ولا صيفا. ومن الألبسة التقليدية كذالك البرنس الذي يوضع فوق القندورة. وقد كان إلى الخمسينات من القرن الماضي لا يجرؤ من يحترم نفسه على دخول سوق بني يزقن، وقت رواجها بين العصر والمغرب، من لم يرتد برنسه، ولو كان صبيًّا دون الحلم.ومن الألبسة التقليدية أيضا الحائك الصوفي الأبيض الذي يميّز عندنا الطلبة عن العوام في المساجد والمناسبات الدينية والاجتماعية. وكان من العيب الكبير أن يظهر الرجل عاري الرأس دون أن يضع عليها شاشية أو يغطها بعمامة.

هذا عند الذكور، أمّا لباس المرأة والفتاة فكان في القديم مقتصر على الملحفة تستر بها بدنها وأَخَمْرِي تغطي به شعرها وجيبها. هذا داخل البيوت. وإذا أرادت المرأة الخروج إلى الشارع تدثّر بحائك من الصوف ساتر لجميع البدن مكتفية، للاهتداء في سيرها، بثقب واحد تبصر من خلاله. أمّا الفتاة البالغة غير المتزوّجة فيسمح لها بالكشف عن وجهها.

 ------------------------------

المصدر: الهوية الميزابية – أهم عناصرها وتشكلها عبر التاريخ- للباحث: يوسف بن بكير الحاج سعيد

نقلا عن موقع مزاب ميديا