حارس باب القصر
أَعَسَّاسْ نَ تفخسيت
ⴰⵄⴻⵙⵙⴰⵙ ⵏ ⵜⴼⴻⵅⵙⵉⵜ
في مزاب من ولاية غرداية، نمطٌ عمرانيٌّ متميِّز، من جوانب عدَّة من الحياة، يحتاجُ أيُّ كاتبٍ إلى صفحاتٍ عديدة للحديث عن هذه الجوانب باختصار، فضلا عن الكتابة عنها بتفصيل وإسهابٍ.
ومن هذه الجوانب الأساسية والرئيسية البارزة في العمارة المزابية، تحصينُ كلِّ مدينة من المدن بسور يغلقها من كلِّ الجوانب، ووضعِ الأبواب أو البوَّابات للدخول عبرها إلى داخلِ المدينة، وعلى كلٍّ من هذه الأبواب حارسٌ دائمٌ لها، ويُطلقُ عليه: أَعَسَّاسْ نَ لْبَابْ، وهو شخصٌ:
راشدٌ، في عمرِ الكهولةِ.
صالحٌ، ذُو سمعةٍ طيِّبةٍ في البلدة.
حسنَ الخلقِ، سلِسَ المعاملة.
يعرفُ الناسَ ويعرفونه.
يتمتَّع بصحَّة الجسم، وقوَّة البدنِ.
قويُّ الملاحظة والانتباه.
تعيِّنه حلقة العزَّابة، وهي التي تُــقيله عند الضرورة القصوى، كالتهاونِ في أداء مهامِّه، أو مخالفة توجيهات الهيئة الدينية، أو ارتكابِ مخالفة شرعية.
فعليه أن يغلقَ البابَ بعدَ صلاة المغربِ من كلِّ يومٍ، ولا يفتحه إلى الأذان الأوَّل من الصباح، حسب ما يذكر المسنُّون الذين أدركوا هذا النظام، وقد يتأخَّر غلقُ الباب إلى آذان العشاء، في بعض المدن دون الأخرى، أو في فترات الأمنِ والاطمئنان.
وتذكر الذاكرة الجماعية في المجتمع حكايات كثيرة، وغريبة غرابة الأساطير عن مواقف وقعت لهؤلاء الحراس، مع أشخاص غير معروفين، ربما هم من الجنِّ، أو من الأموات، أو مع مسافرين وصلوا إلى المدينة في وقتٍ متأخِّر، ولم يفتح لهم الحارسُ البابَ.
وهذه الوظيفة "أَعَسَّاسْ نَ لْبَابْ" قد انقرضتْ وانعدمتْ مثلَ كثيرٍ من الوظائف العرفية الاجتماعية الأخرى، ولم تبق إلاَّ بعض البوابات المنصوبة في أماكنها من بعض المدن، وهي مفتوحة بشكل دائم، تحفظ وتشهد على تاريخٍ يُحكى للأجيال الناشئة، وللزوَّار الوافدين على المنطقة ضيوفا وسيَّاحا.
وحسب علمي، لم يبقَ من الحرَّاسِ "أَعَسَّاسْ نَ لْبَابْ" ملازما مكانه عند الباب إلى يومنا هذا، إلا حارس باب الغربي "لْبَابْ أَغَرْبِي" الموجود في مدينة بني يزجن.
أمَّا أجرةُ حراس الأبواب أو المداخل الرئيسة للمدينة، فتؤمِّــنها له عشائر المدينة عن طريق هيئة مجالس العشائر من كلِّ بلدة، وهي التي تسمَّى: هيئة الأعيان.
بقلم: يوسف بن يحي الواهج