أخلاق - موقع آت مژاب ... للحضارة عنوان

Lalla Belghouya

Icon 08

Lalla Belghouya, un moineau du Mzab que les mozabites aiment beaucoup

Quand on la voit atterrir, elle est un porte bonheur.

Sa couleur noire et son bout blanc nous dit qu'au bout de chaque difficulté il y a de l'espoir!

 

Lalla Belghouya, a Mzab sparrow that the Mozabites love very much

When one sees it land, it is a lucky charm.

Its black color and its white tip tells us that at the end of each difficulty there is hope!

 

Lalla Belɣuya d iggen wajḍiḍ n weɣlan illan at mẓab axent ameč

Mi xezrant, xezran dis ammal di tzeɛṃi

Tabbercentes d tamelli n ixfawnes, qarentaneɣ beli ixef n wac wecrus illa waṛẓam !

 

ⵍⴰⵍⵍⴰⴱⴻⵍⵖⵓⵢⴰⵉⴳⴳⴻⵏⵡⴰⵊⴹⵉⴹⵡⴻⵖⵍⴰⵏⵢⴻⵍⵍⴰⵏⴰⵜⵎⵥ̣ⴰⴱⵅⵙⴻⵏ-ⴰⵎⴻ

ⵎⵉⵅⴻⵣⵔⴰⵏ-,ⵅⴻⵣⵔⴰⵏⴷⵉⵙⴰⵙⵉⵔⴻⵎⴷⵉⵜⵣⴻⵄⵎⵉ

ⵜⴰⴱⴱⴻⵔⵛⴻⵏⵜⴻⵙⵜⴰⵎⴻⵍⵍⵉⵉⵅⴼⴰⵡⵏⴻⵙⵇⴰⵔⴻⵏⵜⴰⵏⴻⵖⴱⴻⵍⵍⵉⵉⵅⴻⴼⴰⵛⵡⴻⵛⵔⵓⵙⵉⵍⵍⴰⵡⴻⵔ̣̣ⴰⵎ

لالة بلغوية، طائر صغير يحبه المزابيون كثيرا

حينما يرونها، يرون فيها بشائر الخير

سوادها وبياض أطرافها تقول بأن في نهاية كل مشكل، هناك أمل

لالا بلغويا د يڤن وجضيض ئي لان ات مژاب خسن-ت آمتش

مي خزرنت، خزرن ديس آسيرم1 دي تزعمي

تابرشن-تس د تملي ن ئيخفاون-س قارنتانغ بلي ئيخف ن آش وشروس ئيلا ورزام

......

1 أسيرمⴰⵙⵉⵔⴻⵎ asirem =الأمل

بقلم  khaled ugɣersan

آثار الدولة الرستمية

آثار الدولة الرستمية

image1

هذه صورة مسجد الإمام أفلح يبعد بحوالي 1 إلى 1,5 كلم عن مقام الإمام يعقوب.

 

 

 

 

 

 

image1

على بعد 9 كلم من مدينة تيارت وبالضبط بمنطقة "تاكدامت" توجد آثار عاصمة الدولة الرستمية "تيهرت".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

image1image1

بقايا الحمامات بتاكدمت

Les vestiges de bains a tagdempt 

 

 

 

image1

Monnaies de la dynastie des Rustamides

 

 

 

 

image1

Une pièce de 2 DA en or, de 6,45gr, tiré à 100 exemplaires seulement.

 

 

 

image1

من اصدارات الجزائر من العملات الفضية و الذهبية سنة 1991دينار ذهبي --6.45غ --تحمل شعار الدولة الرستمية.

 

 

 

 

image1Ruines de Tahert

Colin G. S., Monnaies, 1936, p. 118 et 123-124 Eustache D., Monnaies de Tahert, 1962, p. 75.

 

قصور تعود إلى الأباضية الدولة الرستمية(1)

تاندلا  تامرنة  سيفاو تاوغلانت تيڨديدين  هي قصورة مهجورة بضواحي جامعة ، حسب احد اهل المنطقة هي قصور تعود إلى الأباضية وتاريخ الدولة الرستمية.

---------------------------

(1) منقول Youcef Lassakeur 

 

ألبوم الصور

 

أسباب انقراض الدولة البربرية الكبرى

أننا إذا نظرنا إلى عمر الدولة البربرية الكبرى التي أنشأها نارفاس وكانت عاصمتها قرطة لا تعجب  لموتها. فهي قد استوفت عمرها، وعاشت ما يعيش أمثالها من الزمن لقد عاشت نحو ثلاثة قرون. ولكننا إذا نظرنا إلى شبابها وقوتها أيام زوالها، نعجب لذلك ونحكم بموتها سريعا. ان فيها من الطاقة والشباب ما يمسكها في الحياة قرونا أخرى من الزمان. ان الهدوء والهناء الطويل، والانغماس في الملاذ والشهوات، والركون إلى الراحة والكسل، هذه العلل الفتاكة التي تورث الهرم للأمم، وتصيبها بكل الأمراض فتلقى حتفها؛ ان هذه العلل لم تصب بها الدولة البربرية. ان كل ما ظفرت به من الهدوء والهناء إنما هو في أول عهد مصينيسا ووسطه. وكان مملوءا بأعمال الإنشاء والتعمير، فلم تركن الدولة إلى الراحة، ولم تنغمس في الملاذ والشهوات. فدامت في شبابها، بل ازدادت شبابا وقوة بما أسبغ عليها مصينيسا من علم وإصلاح.

وفي آخر عهد مصينيسا دخلت في حروب طاحنة مع البونيقيين وهذه الحروب أرهفت قواها واذكت شبابها، ومنعتها من الضعف الذي يصيب الأمم الهانئة الهناء الدائم. ثم دخلت الدولة في عهد الهناء والهدوء في عهد مصيبسا. وكان خيال العدو الجديد وهو الرومان المستقرون في افريقية يرهف قواهم، 109 ويمنعهم من الغفلة والنوم والإخلاد إلى الراحة. فشمروا عن سادهم فازدادوا قوة، واستعدوا للعدو الجديد.

وجاء عهد يوغورطة. فكان كله عهد نضال وحروب. وهو ما حفظ شباب الدولة، وزادها قوة وحيوية. ثم اتصلت حروب الدولة مع الرومان إلى وفاة يوبا الأول. ان هذه الحروب التي خاضتها الأمة، والعدو القوي الذي يجاورها جعلها تتمسك بأسباب القوة والشباب فلم تهرم، ولم تتصدع تصدع البنيان الذي يتداعى للسقوط. فلو تركت هذه الدولة لعاشت مدة طويلة من الزمان حتى تستوفي كهولتها وشيخوختها، ولكنها احتضرت، وقصفت، وفروعها ممتلئة بالزهور، ريانة يغص جذعها وغصونها بالحيوية والطاقة الكبيرة. ولكن ما هي الأسباب التي جعلت هذه الدولة تلقى حتفها في قوتها وشبابها؟

والقوة الحربة. لقد كانت أشجع من الرومان، كثيرة العَدد والعُدد. وقد صارعها الرومان طويلا فلم يصرعوها. ان في شجاعة أبنائها، وثباتهم، وفي مناعة جبالها وصحرائها التي يستطيعون بها حرب العصابات، ما يجعلها تتغلب على الرومان وتدحرهم، وتطهر المغرب منهم لو اتصلت تلك الحروب. ولكن الدولة البربرية الباسلة لا تشتبك في حرب عنيفة مع الرومان إلا ويضربها جيرانها من خلفها، ويقيدونها للرومان فيتغلبون عليها.

فهذا يوغورطة يؤسره للرومان بوكوس الأول،وكذلك يرباص قتله جيشه، ويوبا الأول ضربه أبناؤه من خلفه فقصموا ظهره. وقد كاد يهزم بوليوس قيرص، ويملك افريقية، ويظهرها من الرومان، وبسد باب المعرب في وجوههم. فلو ترك يوبا لقضي على الرومان.

وكذلك يوغورطة لو بقي فواصل حرب العصابات على الرومان لهزمهم، ولكن حسد الجيران وجبنهم وأطماعهم جعلهم يطعنون الدولة البربرية من خلفها ويصرعونها للرومان.

ان الذين طرحوا الدولة البربرية أرضا بغدرهم، ثم جثم عليها الرومان فأزهقوا روحها إنما هم البربر : بوكوس الأول وأبناؤه. فلو اتحدوا معها وحفظوا ظهرها لانتصرت على الرومان، فينجوا المغرب من سباع البحر وجراد روما الذي امتص حياته وجرده من نضارته؛ وتعيش الدولة البربرية الكبرى، وتعيش معها دولة بوكوس الأول وأبنائه، أو تتحد مع جارتها فتصير دولة واحدة من غرب الإسكندرية إلى المحيط الأطلسي، كما تمنى مصينيسا وكل الأحرار المخلصين في المغرب.

لو اتحد المغرب في الزمن القديم فكان دولة واحدة ما استطاع الرومان التغلب عليه. ولو كان متحدا في القرن الثالث عشر الهجري ما استطاع أحفاد الرومان اللاتينيون استعماره والتغلب عليه. وهكذا لا يزال المغرب ضعيفا يتعرض لتسلط الأعداء ما لم يكن دولة واحدة متماسكة على النظام الفدرالي الذي يصلح به. إذا تحقق هذا للمغرب، فانه يرفع رأسه، يكون قوة كبرى يلوذ بها الإسلام والمسلمون، ويجدي الأمة الإسلامية اكبر الجدوى.

وكانت نشأة الدولة البربرية في سنة 240 ق.م. أو قبل ذلك، وزوالها وحكم الرومان للمغرب كله حكما مباشرا في سنة 40 م. فعمرها قرنان وثمانون سنة أو أكثر.

لقد استطاع الرومان ان يمسكوا بخناق الدولة ويزهقوا روحها، ويقطعوا أوصالها في سنة 46 ق.م. لما هزموا يوبا الأول بالخديعة والدس، وتسلطوا على بعض أجزائها فحكموها حكما مباشرا. وبقيت الأجزاء الأخرى فظلت على الاستقلال الداخلي إلى سنة 40 م.

ان عمر الدولة البربرية كدولة مستقلة استقلالا تاما لا سلطان للرومان عليها هو 194 سنة فقط من سنة 240 إلى سنة 46 ق.م.

وجاء الرومان فجثموا بكلكلهم الثقيل على المغرب، فصار مستعمرة لهم ! فمن هؤلاء الرومان؟ أين وطنهم؟ وما أسباب عظمتهم؟ وما حال المغرب في عهدهم.

------------------------

 

تاريخ المغرب الكبير محمد علي دبوز ج1 ص 297-299

أصل لفظة تنوبا

Icon 09ⵜⵉⵏⵓⴱⴰⵡⵉⵏ تينوباوين

إن للمقابر كما للمتوفّين حرمة في مزاب، و لهم ذكر سائر في الخالدين، و ذلك بزيارتهم من طرف الأهل والأقارب في مناسبات عديدة مثل يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، و في مواسم الأعراس كعادة (تحيزّا)، و عادة ارجال (الإلتحاق بالحلقة) للتلاميذ الحافظين قسطا من القرآن (الى سورة الرحمن) والأعياد والمناسبات الدينية، اين يتلى فيها اقساط من القرآن، و يدعى لهم بالخير، أحيانا تحت اشراف هيئة المسجد (ئعزّابن) وفيها يتم توزيع الصدقات مما يُجمع من المتصدقين، وغالبا ما يكون خبزا، تمرا، و كسكسا مطهيا بكيفية خاصة مع قطع من اللحم، تعدّه الأمهات في بيوتهن يدعى (وشـّو نـ تنوبا)، توزًع كوقف بإسم المتوفى من كل عائلة، كصدقة جارية، ولفظة تنوبا كلمة أمازيغية تجمع إلى تينوباوين، اسم لهذه العادة القديمة، كان يقوم بها سكّان وادي مزاب ولا يزالون إلى يوم النًاس هذا، رغم أن هناك من يراها من البدع، ربمّا لأنه لم يفهم مقاصدها وأثرها في المجتمع من حيث التكافل والإهتمام بالمعوزين، ممن قهرتهم ظروفهم، فهي فرصة لإسعادهم، وللسعادة ألف طريق.

ولفظة تنوبا او تينوبا تعني عند أمازيغ (ئيموهاغ) التوراڤ خاصية الميت او ما له علاقة بالميت، وهي من فعل ئبا iba ,ⵉⴱⴰ ,بمعنى مات، غاب للأبد، افضىت روحه إلى بارئها، او فصلت الروح عن الجسد.

 

بقلم الاستاذ يوسف لعساكر

أصول الإباضية وتأثيرها على الفرد

بعض أصول الإباضية التي لها تأثير مباشر على سلوك الفرد في المجتمع

 

هذه بعض أصول الإباضية التي لها تأثير مباشر على سلوك الفرد في المجتمع وعلى علاقة الإباضية بمخالفيهم:

1-      الإيمان يتكوّن من ثلاثة أركان وهي الاعتقاد والإقرار والعمل.

2-      الخلود في الجنّة أو النّار أبديّ.

3-      الإنسان حرّ في اختياره مكتسب لعمله ليس مجبرا عليه.

4-      ولاية المطيع والبراءة من العاصي واجبتان.

5-      التّوبة أساس المغفرة، فلا تغفر كبيرة بدون توبة.

6-      الأمر بالمعرف والنّهي عن المنكر واجبان.

7-      شفاعة الرّسول قسمان: الشّفاعة الكبرى يوم القيامة، لبدء الحساب ولدخول المسلمين الجنّة، وهي المقام المحمود الذي يختصّ به نبيّنا، والشّفاعة الصّغرى ولا تكون إلّا للمؤمنين الموفّين، بزيادة الدّرجات.

8-      مرتكب الكبيرة ليس مشركا، وإنّما هو مسلم له كلّ حقوق المسلمين ما عدا الاستغفار، مالم يتب.

9-      مخالفوهم في المذهب ليسوا كفّارا، وإنّما مسلمون، لهم من الحقوق وعليهم من الواجبات مثل ما على صاحب المذهب نفسه إلا في شيء واحد وهو الاستغفار.

10-  من حلّ دمه من المسلمين، لا يحلّ غنيمة ماله، ولا سبي نسائه وقتل أطفاله ولا قطع الميراث عنه[1].

11-    الخلافة الإسلامية لا يمكن أن تخضع لنظام وراثي، أو تبقى محصورة في قبيلة خاصّة، إنّما يجب أن تراعى فيها الكفاءة والاستطاعة[2].


[1]_ علي يحي معمّر: الإباضية، 57-71.

[2] _ إبراهيم طلاّي: مزاب بلد كفاح، 33.

أعرق 10 أنظمة إجتماعية

أعرق 10 أنظمة إجتماعية وضعها الامازيغ مند القدم(1)

يتميز المجتمع الامازيغ بشمال افريقيا مند القدم بإعتماد أنظمة إجتماعية غاية في العدل و المساواة لتنظيم شؤون المجتمع و مختلف العلاقات الإجتماعية والإقتصادية بين افراد المجتمع الامازيغي ، وكانت هذه الانظمة الاجتماعية ذات طبيعة ديموقراطية وقائمة على المساواة قبل شيوع مبادئ وقيم الديموقراطية الحديثة في جل انحاء العالم ، وكانت هذه الانظمة تتوارثها الاجيال الامازيغية مند القدم وكانت فعالة في تحقيق العدل والسلام في المجتمع ومنع الفوضى والحيف والظلم بين افراد المجتمع . وهذه الانظمة الاجتماعية الامازيغية دليل حي على ديموقراطية المجتمع الامازيغ مند القدم ومثال حي على قدرة الامازيغ على السمو بالحياة نحو أخلاق الخير والتضامن والتعايش السلمي مند القدم ، ولاتزال بعض هذه الانظمة الاجتماعية سائدة حتى اليوم في كثير من المناطق الامازيغية المحافظة على الاعراف والتقاليد الامازيغية ، لكنها إختفت في بعض المناطق الاخرى بسبب الهجرة المكثفة نحو المدن وشيوع الانظمة الرسمية للدولة من بين هته الانظمة :

1ـ نظام تويزاⵜⴰⵡⵉⵣⴰ :

تويزا وتنطق أيضا تيويزا جمعها تيوازوين وهي أحد الانظمة الاجتماعية الامازيغية القديمة السائدة مند القدم في المجتمع الامازيغي والتي تجسد قيم التضامن والتآزالجماعي من أجل المصلحة العامة ، ويتمثل هذا النظام الاجتماعي الامازيغي العريق في الاتحاد وتوزيع الادوار لإنجاز الاعمال والاشغال ذات المصلحة العامة . ويتم الامر باجتماع الجميع للنقاش في مكان معين للإتفاق على نوع المشروع أوالعمل ومدى منفعته وأهميته الكبرى للجميع، ثم يتم توزيع الادوار كل حسب جهده وخبرته، أما من يشق عليه العمل أو لا خبرة له فيتولى المساهمة بالادوات اللازمة او بالطعام ، ثم يتم الاجتماع في اليوم المحدد لمباشرة انجاز العمل بشكل جماعي كل حسب دوره و طاقته و جهده وخبرته حتى يتم الانتهاء من هذا العمل، وكان الامازيغ يعتمدون هذا النظام قديما لشق الطرق وبناء القناطر وحفر الآبار وإصلاح قنواة الري المشتركة.. وكل الاعمال ذات المصلحة العامة، وكان الفلاحون الامازيغ يلجأون أيضا لهذا الظام للقيام بالاشغال الفلاحية كالحرث والحصاد خصوصا لمن تعذر عليه ذلك منهم بسبب المرض وغيره

2ـ نظام تيمّوغراⵜⵉⵎⵎⵓⵖⵔⴰ :

نظام تيموغرا هو نظام اجتماعي امازيغي ديموقراطي عريق كان سائدا لدى جميع القبائل الامازيغية مند قرون للفصل في المنازاعات بين افراد المجتمع بشكل ديموقراطي عادل دون حيف او ظلم لاي طرف، ويسمى الشخص الذي يتولى المنصب :" أمغار". وكانت طريقة تنصيب أمغار بأن يجتمع رجال القبيلة جميعا في مكان محدد لإختيار أحد أفراد القبيلة بالاغلبية حسب معايير محدد ، غالبا ما يكون الشخص المختار أكبر سنا و معروفا بنزاهته و برزانته وبحكمته وخبرته وفطنته ، ومشهودا له بالصدق و الأمانة ، ليتولى منصب أمغار ، كي يبث في المنازعات والخصومات بين الافراد و العائلات وإصدار الاحكام واتخاد القرارات مستعينا ببعض الامناء من اختياره يسمون "إنفلاسن" يتخدهم كمستشارين ، ويتولى أمغار أيضا تمثيل القبيلة عند المفاوضات مع القبائل المجاورة ، و هذا المنصب يكون تطوعا دون أجر أو تعويضات . و يمثل أمغار السلطة العليا للقبيلة و يكون مهيب الجانب ، يحتكم اليه جميع السكان للفصل بينهم في نزاعاتهم وخصوماتهم العامة و الخاصة، وتكون أحكامه نافدة بقوة العرف ، و يتولى كذلك إدارة الجلسات المحلية التي تناقش الطوارئ و المشاكل المستجدة و قضايا القبيلة لإتخاد القرارات المناسبة ، و فوق هذا كله كان ينبغي له ان يكون ديبلوماسيا قادرا على التفاوض بنجاح مع إمغارن القبائل المجاورة عند المنازعات المحتملة بين القبائل

3ـ نظام تاضاⵜⴰⴷⴰ

نظام إجتماعي أمازيغي ضارب في القدم، دأبت على ممارسته قبائل الامازيغ مع بعضها عبر التاريخ في المغرب خصوصا ، ويثمل هذا النظام في إقامة حلف مقدس وفق طقوس معينة بين القبائل يسمى بالامازيغية "تاضا" للإتحاد والدفاع المشترك وبموجبه تصبح العلاقات والمعاملات بين أفراد تلك القبائل الامازيغية تطبعها الاخوة والاحترام والتضامن بالضرورة كالاسرة الواحدة. ويحدد هذا النظام أيضا الالتزامات الاجتماعية لتلك القبائل مع بعضها ، وكذا العقوبات التي تترتب عن كل من أخل بتلك الالتزامات. ويتم تجديد ميثاق هذا النظام سنويا ، حيث تسقبل القبائل بعضهما بالتناوب مرة كل سنة لتجديد العهد في اجواء تسودها الاخوة والمحبة والاحترام المتبادل، اظافة الى واجب الظيافة ، وتبادل الاراء حول المصالح المشتركة وتسوية جميع الخلافات حبيا وفق اعراف خاصة . وهذا النظام هو السر وراء الهزائم الكبيرة التي تكبدها الاستعمار الاوربي في المغرب من طرف القبائل الامازيغية حيث كانت جميع القبائل الامازيغية المنضوية تحث هذا الحلف تهب بقوة وبكل ثقلها لنجدة غيرها بالضرورة بمقتضى هذا النظام الامازيغي العريق.

4ـ نظام تافكورتⵜⴰⴼⴳⵓⵔⵜ

تافكورت هو نظام اجتماعي أمازيغي قديم أيضا كان معمولا به لدى القبائل الامازيغية لتنظيم عملية الاستفادة الجماعية من محاصيل الملك الجماعي كالبساتين الجماعية والمحاصيل المشتركة المختلفة كجني ثمار الزيتون أو جمع الكلأ أو الحطب وحتى الصيد وغيرها ، و كان يقتضي هذا النظام الاجتماعي الاعلان في وقت معين في السنة عن عدم القيام بأي عمل بمنطقة معية أو المساس بمنتوجها إلا بشكل جماعي في تاريخ محدد يتم الاعلان عنه لاحقا باتفاق الجميع، وكل من خالف هذا الشرط او ظبط يستفيد من المنتوج المشترك قبل التاريخ المحدد من طرف حراس نزهاء يتم تخصيصهم لهذه المهمة يدفع غرامة رادعة تسمى "تافكورت" و تكون من نصيب اؤلائك الحراس ،وهي ضعف ما أخده المخالف في الغالب، وكل هذا لردع المخالفين ولضمان نصيب عادل لكل أسرة ومردودية جيدة للجميع

 

5 ـ نظام تاوالاⵜⴰⵡⴰⵍⴰ

يتمثل هذا النظام الاجتماعي الامازيغي الديموقراطي الراقي الذي وضعه الامازيغ مند قرون في تنظيم عملية الاستفادة الجماعية من المرافق المملوكة للخواص مثل معاصير الزيتون وطواحين الحبوب وأفران الخبز "أفارنو" وآبار المياه ..الخ ، بحيث أن هذه المرافق رغم أنها مملوكة للخواص إلا ان هذا النظام الاجتماعي الامازيغي الديموقراطي القديم كان يقتضي أن يستفيد من تلك المرافق جميع أفراد المجتمع بالتساوي، بحيث لا يحق لصاحبها تعطيلها دون عذر مقبول ، كما لا يحق له بمقتظى هذا النظام الاجتماعي الامتناع عن تقديم الخدمة لاحدهم حتى لو كان عدوا له ، كما لا يحق له تقديم من يشاء أو تأخير من يشاء، بل يجب عليه تقديم الخدمة بالمساواة للجميع ، كما يجب على الجميع بمقتظى هذا النظام الالتزام كل بدوره دون أن يستحود احدهم مهما كانت مكانته الاجتماعية على دور فرد أخر مهما كان ضعيفا

 

6ـ نظام أسْنْفْلⴰⵙⵏⴻⴼⵍ

كان هذا النظام الاجتماعي الامازيغي العريق سائدا بجل المناطق الامازيغية حتى الامس القريب، ويتمثل هذا النظام في وجوب تبادل القطع الأرضية بين الاسر الامازيغية حسب المصالح المشتركة بين الاطراف المتبادلة إذا إقتضت الضرورة ذلك مثل القرب من المسكن أو للبناء أم منافع اخرى

 

7ـ نظام تيبضيتⵜⵉⴱⴹⵉⵜ

هذا النظام يتم اعتماده في عدة جوانب في المجتمع الامازيغي التقليدي مثل توزيع حصص المياه المشتركة المخصصة لسقي الحقول بدقة وبشكل عادل بحيث تتناسب حصة كل فرد مع مساحة حقله ونوع الغلة المزروعة ودرجة حاجاتها للماء ، ولا يمكن لاي احد ان يستحود على حصة اخر بقوة العرف، وكان هذا النظام فعالا في ضمان استفادة الجميع من مياه الري المشتركة بشكل عادل . ومن الطريف أن هذا النظام يتم تطبيقه ايضا عند الاكل الجماعي في الاعراس وغيرها بحيث هناك من يكون نهم جدا اوسريع الاكل كالشباب وفئة اخرى بطئة الاكل كالشيوخ .. بالتالي يتم اعتماد نظام "تيبضيت"كي ينال الجمع نصيبه من الطعام بالتساوي خصوصا اللحم

 

8ـ نظام تاكشوضتⵜⴰⴽⵛⵛⵓⵜ

كان يتم اعتماد هذا النظام الاجتماعي لدى الامازيغ مند القدم ويتمثل في الاحتكام للصدفة لتحديد الادوار دون تحيز أولتوزيع الأنصبة من الاشياء غير المتجانسة ، وذلك بطريقة يرتضيها الجميع دون إنحياز لطرف أو آخر، وهو نظام شبيه الى حد كبير بنظام القرعة المتعتمد اليوم في إقصائيات المونديال لتصنيف الفرق المؤهلة داخل مجموعات بالاحتكام الى الصدفة دون انحياز او غش اومحابات لأي طرف او ضد طرف اخر .

 

9ـ نظام تادلالتⵜⴰⴷⵍⵍⴰⵍⴻⵜ

يتم اعتماد هذا النظام لتصريف وتوزيع الاشياء والمنتوجات الفائضة المتحصل عليها من المساهمات الجماعية والهبات والهدايا وغيرها التي تقدم في الحفلات التقليدة العامة ، وذلك بشكل عادل بحيث يتم الاجتماع في مكان معين لعرض الاشياء والمنتوجات الفائضة أمام العموم وتبدأ عملية البيع لمن يرغب في الشراء أمام انظار الجميع ، ثم يخصص جزء تلك العائدات لاطعام الضيوف والحاضرين وجزء اخر كمصاريف حفل السنة القادمة .

 

10ـ نظام أفوسⴰⴼⵓⵙ

يتمثل هذا النظام الاجتماعي الامازيغي في وجوب الإعارة الجماعية للأمتعة اللازمة والاواني والمفروشات كالاطباق والزاربي وغيرها لكل من يقيم حفلا جماعيا يحضره جمع غفير من الناس كالعرس عند الزواج او العقيقية أو تأبين فقيد .. الخ حيث يتوجب على كل اسرة بمقتظى هذا النظام مساعدة صاحب الحفل بالفائض لديها من الاواني أوالمفروشات ويتم إستعادة تلك الامتعة بعد إنتهاء الحفل .

-----------------------------------

(1) موقع Portail Amazigh

أعلام الإباضية السوافة

أسماء بعض أعلام الإباضية السوافة

Icon 09

هذه قائمة بعض  الفقهاء السوافة الإباضية:

ـ أبو طاهر إسماعيل بن أبي زكريا السوفي ( النصف الثاني من القرن الخامس القرن 11م)، وهو من فقهاء الإباضية وحملة علمهم وله فتاوى كثيرة ومؤلفات عديدة، وكان مسكنه في ورجلان.

ـ سارة اللواتية السوفية (النصف الثاني من القرن الخامس الهجري 11م)، ومسكنها سوف، صالحة عابدة، كانت تروي أشعارا بالبربرية، كانت تأوي الشيوخ وتزورهم طلبا للعلم.

ـ عبد الله المنصور النصيري السوفي( القرن الخامس هجري)، من بني منصور بوادي سوف، تذكره المصادر الإباضية مقاتلا لحماد بن بلكين الزيري في حصاره لقصر وغلاتة.

ـ أبو عثمان خليفة بن عمارة السوفي المارغني(أواخر القرن الخمس وبداية القرن السادس الهجريين)، وهو من زواغة بجربة..

وللإباضية علماء درسوا في سوف، منهم: أبو الربيع سليمان بن علي، وأصله من تيمجار في جبال نفوسة بليبيا. وكذلك الربيع بن يخلف الوسلاتي المزاتي النفطي القابسي...

عن صفحة : أمازيغ أزناتة وادي سوف

أنواع الاوقاف في مزاب

Icon 09

أنواع الأوقاف والوصايا بواد مزاب(01)

.. الأوقاف أو الوصايا في وادي مزاب موجودة ومتنوعة، ولكنها اتخذت شكلا مغايرا لما يُعرف عادة في الأوقاف الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، وهي تتلخص في أن أحد المؤمنين يوصي بعرجون في نخلته الكائنة في غابته الفلانية أو يوصي بنخلة غرس مثلا كانت في غابته الفلانية بجانب البئر ويترك حُكمها في ملك ورثته دائما، وبعد ذلك يجيء مُنفذ الوصية فيذهب إلى المسجد ويخبر الوكيل لينقل نص الوصية حرفيا في دفاتر المسجد، وتبعا للنص يتفقان على طريقة تنفيذ هذه الوصية، وهناك -وهذا هو الأعم الأغلب- من يُؤبِّر النخلة وينقص لها في وقت تنقيص العراجين، ويسوي العراجين في وقت التسوية وهو ما يعبر عنه بالحط أو "أسرسي"، وعند الجُذاذ تأتي الجماعة التي تقطع نخيل المسجد وتأخذ التمر الذي على النخلة كله وتترك له عرجون التأبير كما يسمى -هذا من صميم العدالة الإسلامية ذلك لأن صاحب البستان هو من دفع أجرة الفلاح الذي صعد النخلة وأبَّرها أو لقح عراجينها-. وهناك من الوكلاء من يثق بمن يملك الغابة أن يقوم بكل شيء ويوصل التمر للمسجد، أما إذا كانت النخلة لصاحبها وللمسجد فيها عرجون واحد فإنه هو الذي يوصله إلى المسجد، ومن النادر أن نجد غابة بأكملها ملكا للمسجد إلا في القرارة أو لمساجد مزاب في وارجلان مثلا.

وهذه الغابات كلها ألحقت بصندوق الثورة الزراعية عام 1975م، أما النخيل المتفرق أو العراجين فلا تزال على حالها وإن كان إيمان المؤمنين وأريحيتهم قد سدت حاجيات الفقراء من عُمَّار المساجد بما لا مزيد عليه، وإذا قلنا إن الوصايا متنوعة فهناك مثلا "جُبة الإمام" أو "حائك الإمام"، ففي العطف -تجنينت- توجد دار معروفة هي ملك لصاحبها ولكن عُلقت فيها وصية بجبة الإمام، وهي أن يصنع مالك الدار جبة صوف لإمام المسجد كل ثلاث سنوات، وإذا صنعوا له جديدة أخذوا القديمة فقد يلبسها صاحب الدار وقد يبيعها، وهناك وصية باستضافة الحجيج كل سنة في بلدة "مليكة" مثلا، وهناك ما جُعل للمقابر إذا نُوديَ لها في الصيف أو الشتاء وذلك من أنواع الميراث، وهناك من أَوصى ببیت لضيف المسجد ينام فيه مادام مقيما في البلدة، وهناك من أَوصى بكل ما تحتاج البلدة من مِلحٍ، وإن كان قد علق ذلك في دار ذات ریع مُهمٍ، وهو على طول السنة يتصدق بالملح لكل من يقصده في تلك الدار، والملح كما يقال لنا هو مأدبة جدنا الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

وهناك من أَوصى بِحُليِّ يُعطَى على سبيل العارية لكل متزوجة فقيرة تتزين به في عُرسها.

وهناك من العائلات وإذا قلنا العائلة فنحن نقصد عددا من العائلات التي تحمل اسما واحدًا، وهؤلاء بوصية من جدهم يهيئون عشاءً لكل طلبة المساجد من عزَّابةٍ وإروان في موسم من المواسم، وعلى سبيل المثال أذكر أربع عائلات في العطف، فـ "آل الحاج احمد" يصنعون فطورا وسحورا في ليلة السابع عشر من شهر رمضان المعظم، يدعون إليهما طلبة المسجدين سواء كانوا من "العزَّابة" أو "إروان" ومعلمي المدارس الثلاث، ويفوق عدد المدعوين المائة يفطرون عند المغرب أو يتسحرون في السهرة.

أما "آل الحاج إبراهيم" فيصنعون عشاء أو غداء في منتصف شعبان لكل الطلبة كسابقيهم، وأما "آل الحاج إسماعيل" فيصنعون عشاء ليلة عاشوراء، أما "آل ابن أيوب" فيصنعون طعاما للطلبة يوم عيد الفطر ويوم عيد النحر، ويأكل معهم كل من حضر من الناس وليست هناك دعوة رسمية إليه وذلك بعد أن يخرجوا من المسجد مباشرة، فإذا دخلوا إلى الدار التي يوجد فيها مصلى جدهم الشيخ "أحمد بن موسی، ابن أيوب" يقرؤون سورة الملك على روحه ثم يأكلون الطعام ثم ينصرفون بعد الدعاء، وكل ما ذكرنا من هذه العشاءات هي وصايا يتوارثها الخلف عن السلف، ولا علاقة للمسجد في تسييرها إلا دور المشرف، حيث أن أعضاء الحلقة هم على رأس قائمة المدعوين، وهناك وقف آخر في العطف هو "آل حاجو" فإنهم يصنعون طعاما في يوم معروف من أيام السنة وهي الجمعة الرابعة من مقابر الشتاء، فيدعون العزابة للغداء ويحضرون لهم الطعام مهيأً والمقادير المقررة من السمن واللحم، فيخلطه العزابة بأيديهم ويبعثون قصعًا كبيرة تحمل على ظهور الدواب إلى مصلى المقبرة لتوزع هناك، ويأكلون الغداء مع من حضر من الناس، وإذا خرجوا حضر سائر الناس وأكلوا الغداء ويحضره كثير من الفقراء.

ولو ذهبنا نعدد هذه الأنواع من الوصايا المعلَّقة بالدُّور لطال بنا السرد، وهناك كذلك أدوات للمطبخ كالمراجِل والقِصَع الكبار والقدور الراسيات وأدوات المناسج وخيام الأعراس وما إلى ذلك مما ينتفع به الناس، ويردونها لأهل الموصي حتى يجدوها في يوم آخر إذا احتاجوا إليها، وهذا كله لا يعد شيئا بالنسبة للأوقاف أو الوصايا المسجلة في "كراس العزَّابة" كما تقدم ذكره، ونحن إذا تصفحنا هذا الكراس وجدنا مثلا: "أوصى فلان بن فلان بعشرين قِربة ماء عذب تُسقى في الصيف للمسجد العتيق بالعطف "تَجنِينت" وعلقها في داره الكائنة في الشارع الفلاني التي دخلت ملکه بالشراء من فلان أو بالإرث من والديه..."

وهذه الوصايا فيها أقسام منها:

أ. الماء الذي يهيأ للمساجد، وأغلبها للصيف أو لرمضان.

ب. ما كان من الزيت للاستصباح، وأغلبه في المولد ورمضان.

ج. قمح أو شعير وهو يعلق في أرض حِراثية، يؤدَّى الوقف إذا حرثت فقط.

د. قمح أو شعير وهو يعلق في أرض حِراثية، يؤدَّى الوقف ولو لم تحرث.

ه. ما يصنع طعاما بالسمن واللحم في بعض ليالي رمضان وفي المقابر، وهذا من أكثرها کمية.

و. ما كان من الخبز أو التمر لهذه المقابر.

وكل هذه الأوقاف لا تزال مستمرة –والحمد لله- وليس هناك قوة تقهر الناس لأدائها، بل يكفي أن يعلن عن المناسبة في المسجد حتى يستجيب الناس.

Icon 09

أَمَرْشِيدُو دْ لْحَابُوسْ وَادْ مْزَابْ(02)

الأوقاف في مزاب نوعان من حيث حقيقتها. النوع الأول وقف مؤبد لوجه الله، لأصل من الأصول، مثل أرض أو منزل أو بستان أو نخلة أو مرحاض أو جابية أو بئر، بحيث لا يجوز بيعه أو هبته أو إرثه، أو منتقل من المنتقلات، مثل القدور والمكاييل والكتب.

النوع الثاني يسمى تنوبا (جمعها تِنُوبَاوِينْ)، لا يمنع التصرف في الأصل ببيع أو هبة أو إرث، ولكنه يشترط على المالك أن يدفع إلى جهة معينة، بصفة مؤبدة، كمية معينة من المواد الغذائية، أو مواد الإنارة، أو أن يقوم بخدمات معينة للصالح العام.

الهدف من كل هذه الأوقاف هو خدمة الصالح العام، ومساعدة الفقراء وتشجيع المتعلمين، وخاصة منهم حفظة القرآن.

من جهة ثانية فإن لتنفيذ هذه الأوقاف طريقتين. هناك عدد من الأوقاف ينفذها العامة مباشرة، كتوزيع ماء الشرب في بعض الديار، وإنارة الطرقات، وتوزيع بعض المواد الغذائية، وصيانة آبار البلدة وتجهيزها، وصيانة سواقي الغدير في الواحة.

الطريق الثاني هو تقييد الوقف بالمسجد، فيتولى الوكيل أو الوكيلان في حلقة العزابة تنفيذه في المسجد، أو في محاضر تعليم الصبيان التابعة للمسجد، أو في المقابر، أو في أماكن خاصة أخرى. ما ينفذ في المسجد يكون في صيانته وتأثيثه وإنارته وإحضار ماء الشرب وماء الميضأة، وبتوزيع الصدقات على الطلبة والعامة من عمار المسجد، في أوقات معينة من اليوم والليلة، وفي أيام معلومة من السنة.

 ----------------------------------------------------

(01)/المصدر: كتاب رسالة في بعض أعراف وعادات وادي مزاب، الحاج أيوب إبراهيم بن يحيى، ص 149-152.

(02)تاريخ بني مزاب يوسف بن بكير الحاج سعيد، ص 173-174

المصدر: nir-osra.org

أنواع الصدقات العرفية وأخطاء في التنفيذ

Icon 09

أنواع الصدقات العرفية وأخطاء في التنفيذ

ويطعمون الطعام على حبه

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله المحرض بالقرآن المبين على لسانه بالتصدق والصدقات وبإطعام الطعام وإفشاء السلام وعلى آله وصحابته أولي الهدى والتقى والكرم المتمسكين بتعاليم الفرقان المطبقين لسنة النبي العدنان جمعنا الله بهم في يوم المجازاة بالإحسان إحسانا وبعد :

إن المجتمع المزابي الإباضي مجتمع متماسك ومتعاون من قديم الزمان وأساس ذلك هو انتشار الأعمال الجماعية فيه على جميع الأصعدة في السراء والضراء وقد كتبت رسالة وضحت فيها طبيعة الأعمال الاجتماعية الجماعية وتأثيرها في المجتمع ومن تلك الأعمال الإكثار من الصدقات المتنوعة وقد يرتبط بها الاجتماع على تلاوة القرآن والدعاء أي هذه الأعمال الجماعية الثلاثة تدور حيث دار الناس في السراء والضراء وفي الحضر والسفر وفي الرخاء والشدة فقد تكون الصدقة فتنفذ بتلاوة القرآن والدعاء وقد يكون مجلس التلاوة ثم تحضر الصدقة وقد تحضر الصدقة وبعد التنفيذ ترفع أكف الضراعة والدعاء ولا يمكن أن يستقل عمل من هذه الأعمال بمفرده إلا الدعاء أحيانا أي قد يكون الدعاء مستقلا أما القرآن والصدقة فلا يستقلان عن الدعاء بتاتا وهكذا.....!!! .

بدون إطالة أحاول أن أحصر ما رمت تحريره في شأن الصدقات عموما والصدقات العرفية خصوصا في هذه العناوين :

-رسالة مجلس عمي سعيد في شأن الأوقاف إلى توفيق المدني :

-الصدقات في القرآن الكريم والسنة النبوية :

-أنواع الصدقات في المجتمع المزابي الإباضي :

-أخطاء شائعة في تنفيذ الصدقات العرفية :

-خاتمة نسأل الله حسنها :

رسالة مجلس عمي سعيد في شأن الأوقاف إلى توفيق المدني :

إن مجلس عمي سعيد بعد الاستقلال مباشرة قد أرسل رسالة مهمة في شأن صدقات الأوقاف إلى الوزير الأول في وزارة الشؤون الدينية السيد الأستاذ أحمد توفيق المدني صاحب كتاب الجزائر قديما وحديثا وكان الوزير محبا حبا جما للعوائد والتقاليد في منطقة أمزاب وكانت له مراسلات مع مجلس عمي سعيد وحلقات العزابة للفريقين المحافظين والمصلحين وهو حريص كل الحرص بالمحافظة التامة على الأوقاف عامة وهو من سن نظارة الأوقاف وقد خطت أنامل شيخنا الجليل العلامة الحاج عمر بن الحاج يوسف اليسجني طيب الله ثراه رسائل ذهبية واردة وصادرة من الأمة إلى الوزير والعكس من خلالها يتحسس القارئ بعظمة الأمة المزابية وتاريخها وبقيمة العظماء كالوزير العادل المذكور ولتشويق القارئ أورد عناوين الرسالة التاريخية في شأن صدقات الأوقاف عندنا وهي بمثابة تأصيل في الموضوع ذكرت الأوقاف في الماضي من أجل استدامة الأمر إلى المستقبل البعيد وأول الأوقاف هو التمر لقيمته :

-عنوان الرسالة الأصلي :

-تقرير في أوقاف بلاد ميزاب وورجلان وأنواعها ونظمها وطرق توزيعها : قدم للأستاذ توفيق المدني وزير الأوقاف في الحكومة الجزائرية .

-العناوين الفرعية :

-تقسيم أوقاف ميزاب بحسب طبيعتها إلى أنواع :

-طريقة صرم نخيل الوقف وعراجينه وجمع التمر ونقله إلى المسجد .

-ماذا يصنع بالتمر بعد جمعه .

-طريقة توزيع هذا التمر .

-النوع الثاني من أنواع الحبس : الطعام والخبز واللحم .

-ما هي الأوقات التي تفرق فيها هذه الصدقات [ النوبات ] .

-النوع الثالث : الماء والزيت .

-النوع الرابع : نخيل عراجين كذلك .

-النوع الخامس : وهو نادر .

-نظارة الأوقاف .

-ملاحظة وخاتمة .

هذه هي مكونات الرسالة التاريخية القيمة التي توضح بأن الصدقات الوقفية كانت من مكونات المجتمع المزابي الإباضي وهذه الصدقات المذكورة في الرسالة تحت مسؤولية العزابة في الإشراف والتنفيذ والمتابعة لديمومة الاستمرار ابتغاء الأجر والثواب والنفع للأمة بناء على فضائل واردة في الكتاب والسنة والدافع الأول والأخير لسن هذه الصدقات الوقفية الإلزامية والتطوعية هو الاحتياج وكثرة الفاقة في المجتمع وهذه الصدقات بمثابة جوائز للتحفيز في عمارة المسجد وتلاوة القرآن وجمع أفراد الأمة على اختلافهم في مناسبات عرفية كثيرة فقد أسس السلف صروحا وبنوا مجدا وتركوا تراثا في خدمة الدين والأمة والمجتمع والبشرية جمعاء فماذا صنعنا نحن الخلف فهل استثمرنا في سبيل السلف أم ضيعنا وتجاهلنا مجهودات من سبق بحكم تغير الأحوال وكثرة التقلبات وتطور الزمان ؟؟؟ََ!!!.

الصدقات في القرآن الكريم والسنة النبوية :

إن القرآن الكريم حرض كثيرا على إنفاق المال في السور الطوال والقصار ابتغاء مرضاة الله وندد على الكنز والجمع والمن والأذى في الصدقة وبالرجوع إلى القرآن الكريم نجد الحث على الإنفاق والصدقة والمواساة بكيفيات كثيرة تشويقا للمسلمين وترغيبا لهم لأن زكاة المال بإخراج الصدقة منه على حبه تطهر النفوس وتجزل الأجور وتوفر النفع في المجتمع ومن ذلك التنويع في استخدام الألفاظ مع التكرار الرائع في السور القصار والطوال وكذلك استعمال القصص الحق مثل ما ورد في سورة الكهف والقلم في شأن أصحاب الجنات والتكثير من الأمثلة والتشبيهات مثل ما ورد في سورة البقرة إلى غير ذلك فقد يذكر لفظ المال بالإفراد ومرة بالجمع ويذكر كذلك لفظة الخيرات والخير في شأن الإنفاق ويذكر لفظة الصدقة والصدقات والتصدق ويذكر لفظة النفقة والإنفاق ويذكر لفظة الإطعام والطعام وتذكر لفظة التعاون والبر وغير ذلك ويذيل كل ما ذكر بتوجيهات تحصينية كابتغاء مرضات الله ورضوان الله ووجه الله وتوجيهات تحفيزية كالسر والعلانية إلى غير ذلك وكفى بالقرآن مرجعا ومفزعا لكل من أراد الفوز .

وبالنظر إلى مراجع السنة النبوية المطهرة الصحيحة وكتب السيرة النيرة نجد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبة حرض على الصدقة بالقول والفعل ووضح كثيرا من مجمل آي القرآن في الشأن وكانت معظم أفعاله ومبادراته في التصدق سببا في نزول آيات بينات تتلى إلى يوم الدين ومما نبهنا عليه الرسول الأعظم عليه أزكى الصلاة والتسليم هو : الصدقات الجارية وصدقات السر والتركيز على الكيف لا على الكم مع الإخلاص ومن هو أفضل من رسول الله عليه الصلاة والسلام في مواساة الضعفاء والفقراء والمساكين من المسلمين وغيرهم ويكفي دليلا على هذا مواساته لأصحاب الصفة كما ورد في السيرة وتأليفه لقلوب وجهاء العرب من أجل كسب قلوبهم وهدايتهم وقومهم إلى الصراط المستقيم وفي السنة المطهرة صدقات معروفة كصدقة عيد الفطر والعقيقة وأكتفي بهذا القدر للتذكير .

أنواع الصدقات في المجتمع المزابي الإباضي :

المجتمع المزابي يزخر بأنواع من الصدقات قد لا توجد في غيره من المجتمعات وهذا ما ذكر في رسالة العزابة إلى وزير الشؤون الدينية كما سبق حتى يرعاها تتميما لما كانت عليه بناء على المعاهدة المعروفة مع العدو الفرنسي ولا يخفى على عاقل ما تدر هذه الصدقات من منافع للناس في الجانب الاجتماعي والديني .

وأنا هنا لا أستطيع التفصيل في بيان هذه الصدقات وخصوصيتها وإنما أذكرها بكل إيجاز تنبيها للقارئ وعلى رأس ذلك الصدقات الدائمة أو الإلزامية كما يسميها الخصم وقد ذكرت بكل تفصيل في رسالة العزابة إلى توفيق المدني ومعظمها يؤول إلى المسجد وهي مثبة في الوصايا من عهد الشيخ عمي سعيد الجربي وقد تنوعت وتكاثرت على مر الزمن وهي الآن في اضمحلال مستمر لأسباب كثيرة تحتاج إلى دراسة وأفضل مرجع عصري سلط الضوء عليها هو الأستاذ المؤرخ الحاج سعيد يوسف بن بكير في كتابه : الوجه الحي للمقابر وباستطاعة المرء أن يشارك في هذه الصدقات متطوعا بدون إلزام وهو ما يسمى بـ : أنفاش فمثلا تجد أوقافا دائمة في موسم مقبرة ما مسجلة في دفتر الأوقاف عند وكيل المسجد وتجد بالمقابل صدقات تطوعية لمن يشاء مشاركة للمسلمين في الصدقة والدعاء هذا في داخل المقبرة أو المسجد .

وفي خارج المسجد نجد أوقافا متنوعة منها ما هو على حاله وفي تطور كوقف سقاية الماء الصالح للشرب لبني البشر ومنها ما هو في طريق الزوال كوقف إطعام الطيور في أسطح المنازل بالحبوب وسقايتهم بالماء وكذلك سقاية الدواب في طريق الغابة كالحمير والضأن والمعز والجمال قديما ويكون هذا بوضع الماء في أحواض في مسافات معينة ومنها ما هو مستحدث كوقف أواني الأعراس وغير ذلك من المستجدات .

ومن أنواع الصدقات العرفية خارج المسجد ما يوصى به في الوصية من التمر والخبز والعشاءات وصدقة اللحم على طريقتين والكفارات والنذر والوقف والتنصل والاحتياط والصدقة في المواسم العرفية كيوم تعليم القبر وغير ذلك وكذلك الصدقة في موسم المقابر إجمالا وفي موسم الزيارة وفي التحفيز على حفظ القرآن طلوعا من سورة الملك إلى سورة يسن والصافات ثم سورة الكهف ثم الخاتمة وكذلك الصدقة في رحلة الصيف إلى الجنان والصدقة في العودة في الخريف والصدقة في الأعراس والختان وبعد إنجاز أي عمل مهم كالحصاد وجذاذ التمر أو اقتناء أي شيء نافع كمنزل أو دابة إلى غير ذلك من الصدقات التي تحتاج إلى رسالة مستقلة لعدها وحصرها وتوضيح أسرارها وهذه الصدقات غالبا ما يقوم بإعدادها شخص ما ويستدعي إليها من أراد في دائرة الأقارب والجيران وغير ذلك لا فرق بين غني أو فقير.

وهناك صدقة جماعية تسمى بأنفاش لا وقت لها معين ولا مكان لها معلوم وغالبا ما تقام صدقة أنفاش في وقت الرخاء فرحا بإنجاز ما أو لجمع الناس للتراحم والتناصح أو لطلب مأمول كالغيث والعافية والهناء وتحصل صدقة أنفاش بالمشاركة الجماعية إذ يعلن عن نوعية الطعام مسبقا وعن اللوازم فيأتي كل الناس المشاركين بما يتيسر لهم بدون تحديد للكمية وغالبا ما يكون الطعام : [ إوزان الشيخ حمو والحاج ] أو [ الكسكس] أحيانا يهيأ الطعام ثم يوزع وبعد ذلك يتلى ما تيسر من القرآن وترفع أكف الضراعة إلى الرحيم الرحمن وقد يتلى القرآن ثم توزع الصدقة وهذا الجمع من الزاد المتنوع مأخوذ من جمع الزاد في غزوة من الغزوات للخلط والتفريق قصد بركة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وأنواع الصدقات على هذا النحو :

-زكاة الفريضة وهي على أنواع كما نعلم وأحكامها مفصلة في كتب الفقه وهي خاصة بأصنافها الثمانية ويشترط في قابضها عندنا الاحتياج والولاية أي لا يأكل صدقتك إلا تقي .

-صدقات التطوع النابعة من الكتاب والسنة كصدقات الحج المتنوعة مثل الهدي وغير ذلك وصدقات رمضان وغير ذلك مثل الهدية والهبة والرهن... ومعظمها من الغني إلى المحتاج وهناك ما يصلح للفقير والغني كالهبة والهدية والرهن .

-صدقات التطوع الدائمة والوقتية النابعة من العرف وهي على أنواع يصعب حصرها معظمها مذكور في رسالة العزابة السالفة منها ما هو قائم كما هو مشاهد ومنها ما انقرض ككفارة التربية ومنها ما هو في مد وزجر ومنها ما حُكم عليه بالبدعية من الضابطين للسنة والحلال والحرام كما يقال .

أخطاء شائعة في تنفيذ الصدقات العرفية :

من الأخطاء الشائعة في هذه الصدقات كما نرى في الواقع :

-محاربة هذه الصدقات من بعض على أساس أنها مبتدعة بعيدا عن التركيز في المقاصد والمصالح وهذه الحرب استعرت في السبعينيات فقط من أهل السنة ثم زادت حدة بواسطة حركة التدبر بتزكية من مفتي عمان الشيخ أحمد الخليلي ولا ننكر محاربتها من أشخاص في القديم لكن بنظرة مغايرة عن نظرة المحاربين في هذا العصر وقد عادت قيمة هذه الصدقات في هذه الأيام العصيبة كما نرى ونشاهد .

-المباهاة والتفاخر والإسراف في تنفيذ كثير من الصدقات المعروفة وهذا ما فشا وظهر في المجتمع قبل نشوب نار الفتنة الحالية وأثناءها فقد رأينا في صفحات الفيسبوك وفي كثير من الأحياء كقصر غرداية ما حدث من أنفاشات مجموع أنفاش على غير القياس أي صدقات تطوعية بطريقة غريبة عن مجتمعنا المزابي الإباضي فقد كان السلف رحمهم الله يحرصون على الصدقة أنفاش لكن يهيئون الجو اللائق وذلك باختيار الزمان والمكان ومراعاة المصلحة العامة مع التستر التام بعيدا عن التباهي والتفاخر ابتغاء مرضاة الله لأن في قاموسهم قول الله العظيم :

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }المائدة27

فقط لا من الضالين والفاسقين وغالب ما يختارون مكان السيل كطريق الزجر من البئر والسواقي المعروفة أو في وسط الوديان ولوجود النية والإخلاص يتفضل الله عليهم برحمة الماء عقب الانتهاء من توزيع الصدقة وتنظيف الرماد على عاتق مياه السماء فأين نحن من السعي إلى اللب والمعالي كما كان من سبق همنا مرضاة الله مهما كلفنا من ثمن لا نبالي بسخط العباد :

وابغ رضا الله فأشقى الورى * من أسخط المولى وأرضى العبيد

وللمناسبة أعلق على أنفاش ساحة الرحبة في أيام الفتنة بالقصر أين أقطن فأقول : صدقة أنفاش في الجملة أمر مشروع ولو كانت بطريقة مخالفة للأصل وهي جمع النقود لكن الزمان غير لائق وكذلك الطريقة العلنية في التنفيذ لأخطار اجتماعية وسياسية زد إلى هذا تكرار تلك الصدقة في بولنوار على أساس إكرام أصحاب المواجهة وهذا من التمييز الفاضح فمن جاهد فلوجه ولا معنى لهذا التكريم والله وحده يعلم من هو في الواجهة لتنوعها وتعددها فمنا من جاهد بالبكاء والدعاء ومنا من جاهد بنفسه ومنا من جاهد بماله ومنا من جاهد بمنصبه إلى غير ذلك من طرق الجهاد وسبله فمن أين لنا هذا الانتقاء والتخيير وإذا رأينا بأن هؤلاء الشباب الهمج الفسقة في الواجهة فلنكبر على أنفسنا أربعا لأنني رأيت ما رأيت من التعدي منهم على بني جنسهم وقد داسوا بتخريبهم كل القيم والأعراف والعياذ بالله إن تسيير الأزمة شارك فيها كل الشعب ولم يختص بها أحد من أعضاء جمعية أو أعيان أو عزابة أو هيئة ما وإنما هؤلاء حملوا مشعل التمثيل للأمة فقط كفانا من المظاهر واستغلال الأزمات وسرقة المجهودات .

فلولا الشيوخ الركع والشباب الخشع والأطفال الرضع والبهائم الرتع والصالحات من النساء والغسالات لصب الله علينا العذاب صبا وقد رأينا تجدد الاشتباكات العنيفة بعد كل هذه الصدقات والتجمعات لأنها على غير المنهج القويم .

خاتمة نسأل الله حسنها :

هذه الخواطر قصدت بها النصح والتوجيه لنفسي ولإخواني خوفا من الولوج في سبل نحن في غنى عنها بسبب تصرفاتنا الرعناء من بعض الجهلاء وأصحاب الجاه لأننا رأينا البلدة أثناء الفتنة غالبا تسير من أهل المال والجاه والقوة والجهل وتحت تصرفهم طلبة العلم ومن يسمون بالمشايخ والوعاظ والمرشدين وما يقرره من ذكرنا من الأصناف الأربعة ينفذ ولا يجوز فيه النقاش أو المعارضة أو الشورى إلا من باب المساعدة في التنفيذ والمساندة ولا داعي للتمثيل والتوضيح وهذه الحالة المزرية حصاد السنوات الماضية ولا نجاة لنا في السراء والضراء إلا في تقليد أهل الذكر الراسخين في العلم في كل صغيرة وكبيرة .

وختاما أورد بعض النصوص في أحكام الصدقات لعلمائنا من كتبهم الفقهية تبرز حرصهم على تجويد أعمالهم وتقديمها خالصة لوجه الله تعالى فمن ذلك ما يلي بدون ترتيب :

01/:ويحتمل أن يكون المراد بالصدقة ما يعطى تطوعا على ضعيف ممتهن للرقة عليه , وكذا أصل الزكاة وأفضل الصدقة صدقة على ذي الرحم الكاشح .

02/:وقال أبو هريرة : الصدقة على الصاحب أفضل من الصدقة في سبيل الله , ويجب أن يكون الإنسان مع كافة الخلق طلق الوجه مستبشرا رفيقا , قال صلى الله عليه وسلم :

{حرمت النار على الهين اللين السهل القريب }.

03/:وفي الديوان : من حقوق الجمعة الصدقة على من احتاج , وأفضل ذلك أن يتصدق على قرابته إن احتاجوا إلى ذلك .

04/:إن نافلة الصوم والصلاة والصدقة تجزي الإنسان لما عليه من تباعات الناس وبالجملة فالرجل يعطيها لكل من لا تلزمه نفقته

وخير الصدقة ما أبقت غنى .

05/:ومن حقوق المسلمين الإصلاح بينهم وهو أفضل الصدقات وأن لا يقبل فيهم ما يسمع من النمام والحساد , ولا يسيء الظن بهم ولا يحل النظر لمسلم بعين الاستصغار .

06/:ويصرف ما في يده من الوصايا والصدقات المتطوع بها وغير ذلك في إحياء الإسلام والمداراة عنه وهن أهله , وفي ذوي الفاقة من المسلمين وغيرهم من عوام الناس على قدر ما يرى .

07/:ندب توقيت شهر معلوم بتقرب وقصد ونية ليعلم بذلك وقت ينتهي إليه أداء ما وجب عليه أي من الصدقات أو التطوع .

08/:الرهن من الصدقة والهبة هي تمليك بلا عوض ولثواب الآخرة صدقة قال بعض: الصدقة تمليك بلا عوض للمحتاج لثواب الآخرة , والهبة تمليك بلا عوض خال عما ذكر في الصدقة والصدقة بإيجاب وقبول لفظا مثل أن يقول : وهبت لك هذا , فتقول : قبلت , ولا يشترطان في الهدية على الصحيح بل يكفي البعث من هذا والقبض من ذاك , وكل من الصدقة والهدية هبة ولا عكس , فلو حلف لا يهب له فتصدق عليه أو أهدى له حنث , والاسم عند الإطلاق ينصرف إلى الأخير .

09/:وقد قيل : ثواب الهدية كثواب الصدقة لأن الصدقة ولو كان أصلها وهو الغالب أن تكون من غني إلى من ساءت حاله وضاقت بالفقر فيكثر الثواب , لكن أصل الهدية وهو الغالب أن تكون من كثير المال إلى رحم أو ذي شأن ذي مال أو فقير , فيحصل له بها سرور إذا ثبت المهدي بينهما الاتصال , ويحصل بها تجديد المودة والصلة واستئناف أفعال الخير بينهما , فيكون الاتفاق بعد ذلك والتعاون على البر والتقوى , والثواب على ذلك كثير , بل أكثر من ثواب الصدقة بذلك القصد ; وقال صلى الله عليه وسلم : "

{الهدية تجلب السمع والبصر } " , وكان يقبلها ولو من مشرك ويهدي إلى المشرك أيضا .

10/:وقيل : من حق كلٍّ أن لا يكتسي ويعرى أخوه , وأن لا يتخالفا جوعا وشبعا وتزوجا وعدمه بقلة , ولا يمنع كلٌّ أخاه إن استقرضه أو استباعه إن قدر , وروي : " المؤمن مرآة أخيه , ولا تؤمنون , حتى تحابوا والأخبار في ذلك كثيرة جدا .

11/:وما فعل الإنسان بنفسه من جرح أو نحوه , ودية حل العقدة وشهر من ذلك زكاة الأموال والفطر ودينار الفراش وشاة الأعضاء فقط كلها للمتولي الفقير , إلا شاة الأعضاء فللمتولى ولو غنيا وقيل: كل ما يعطى للفقراء المتولين يعطى الفقراء غير المتولين وذلك التخيير ثابت .

12/: (ومنع غني من شرب ما ينادى به في سوق أو طريق لشرب لله ) , لأن المعتاد النداء بذلك للفقراء , لأنهم المحتاجون وهم الأولى بالصدقة , فليحتط الغني عنه حتى يقال : للفقير والغني أو لكل أحد , وقيل : يجوز للغني والفقير حتى يقال : للفقراء لأن الصدقة تجوز على الغني والفقير , وإن نودي بذلك في سفر جاز لكل , لأن الغني والفقير جميعا محتاجون فيه إلى الماء , وكذا غير الماء ولو في سوق أو طريق يجوز لكل .

13/:ومما رزقناهم ينفقون للكف عن الإسراف في الصدقة وقال الله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا } أي لا تسرفوا بإعطائه كله إلى غير ذلك من النصوص الرائعة التي يصعب حصرها وهي توحي بمدى اهتمام السلف الصالح بالصدقة ابتغاء مرضاة الله في الأداء والتنفيذ وقصد استجداء الرحمات والمنافع الدنيوية والأخروية وفقنا الله إلى الاقتداء بهم جميعا والحمد لله رب العالمين .

الخميس، 20 مارس آذار، 2014 م يوافقه 19 جمادى الأولى، 1435 هجري

---------------------------

المصدر منشور في الفيسبوك لـ : أبو إسماعيل عمروس.

إعجاب ابن الصغير بالدولة الرستمية

إعجاب ابن الصغير المالكي بالدولة الرستمية وحبه لها

وكان ابن الصغير معجبا بالدولة الرستمية، محبا لها. يجل أئمتها ويعظمهم. وما قاله فيهم، ووصفهم به دليل على عاطفته وعقيدته. ولكنه كتب كتابه في جو ملوكي بعد الدولة الرستمية أو خارجها، فاحتاط لنفسه، وصرف غضب الملوك عنه بكلمات نابية قالها في أول كتابه، وهي التي أرضت الملوك فابقوا على كتابه. فلولا تلك الكلمات التي أوهمهم بها انه منهم، ومن زمرة المؤرخين الذين يرقصون خلفهم، ما وصلنا كتابة النفيس. انه في الحكم على شخص يجب أن تعرف ظروفه، وتنظر إلى كل كلامه وأعماله، ليكون صائبا، والاستنباط صحيحا؛ ولكن بعض الناس يتمسكون بقشرة الرمان الواقية، وقد خلقها الله مرة لتقي حلاوته، ويحصرون نظرهم فيها فيحكمون على الرمان كلها، ويرقص بها غصنها، كأنه منتش بحلاوتها، وهي في أتم النضوج والحلاوة؛ يحكمون عليها بالمرارة، ويقولون إنها حنظلة، وان الله لو ركب مثلها في الحسان ما كان إلا دملا في مقاتلها يجرها إلى القبر، لا نهودا فتانة في صدرها تفتح لها كل حجر، وتجعلها أمنية لكل القلوب!

كتابة تاريخها، وتمجيد أئمتها، في جو وقت كان التلفظ بالدولة الرستمية يعتبره الملوك جريمة سوداء، والثناء على أئمتهم فظيعة نكراء تطير بها الأعناق. انه لمت اكبر المحسنين إلى المغرب الكبير بما كتب، ومن اكبر أصدقاء الدولة الرستمية بما ألف وحبرت يمناه!

قال ابن الصغير في كتابه سيرة الأئمة الرستمية: "اخبرني غير واحد من الإباضية عمن تقدم إبائهم قالوا: لما نزلت الإباضية مدينة تيهرت وأرادوا عمارتها. اجتمع رؤساءهم فقالوا: قد علمتم انه لا يقيم أمرنا إلا إمام نرجع إليه في أحكامنا، وينصف مظلومنا من ظالمنا، ويقيم لنا صلاتنا، ونؤدي إليه زكاتنا، ويقسم فيئنا1. فقلبوا أمرهم فيما بينهم، فوجدوا كل قبيل منهم فيه رأس أو رأسان أو أكثر يدبر أمر القبيل، ويستحق أمر الإمامة. فقال بعضهم لبعض: انتم رؤساء ولا نأمن إذا تقدم واحد على صاحبه ) فصار هو الإمام ( أن يرفع أهل بيته بن رستم لا قبيلة له يشرف بها 2 ولا عشيرة له تحميه. وقد كان الإمام أبو الخطاب رضي لكم عبد الرحمن قاضيا وناظرا فقلدوه أموركم، فان عدل فذلك الذي أردتم، وإن سار فيكم بغير العدل عزلتموه، ولا قبيلة له تمنعه، ولا عشيرة تدفع عنه. فجمعوا رأيهم على ذلك. ثم نهضوا إليه بأجمعهم فقالوا: يا عبد الرحمن رضيك الإمام في ابتدائنا، ونحن الآن نرضى بك ونقدمك على أنفسنا. فقد علمت انه لا يصلح أمرنا إلا إمام نلجأ إليه في أمورنا، ونحكمه فيما ينوب من اسبانيا. فقال: إن أعطيتموني عهد الله وميثاقه لتسمعن لي وتطيعوني فيما وافق الحق وطابقه قبلت ذلك منكم. فأعطوه عهد الله وميثاقه على ذلك. وشرطوا عليه مثل ما شرط عليهم، [وهو أن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسول الله، ويلتزم سيرة الخلفاء الراشدين]3  فقدموه على أنفسهم والقوا إليه بأمورهم، فسار فيهم سيرة جميلة حميدة"4.

----------------------

1- الفئ هو ما يغنمه المسلمون في حروبهم مع المشركين.

2 - يريد بالشرف هنا التقوى بالعشيرة.

3 - ما بين قوسين من سير الشماخي ص 140 لا من ابن الصغير وهكذا كل كلام يرد بين قوسين في نص فانه ليس منه.

4 - سيرة الأئمة الرستميين ص 9 ط. باريس 1907 م

 

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 267

إقبال الإمام على الدرس والتدريس لقلة مشاكل الدولة لاستقرارها

واعتماد الأمة على نفسهاوكان الإمام كعادة لا يقتصر في الأعمال على شئون السياسة. إن دولته مستقرة،وتمسك الناي بالدين يكبح النفوس فتقل الجرائم والمشاكل وتعاون أهل لدولة واعتمادهمعلى أنفسهم، وفض الخاصة للمشاكل والخصومات، وجعل حمل الإمام خفيفا،مشاكل الدولة التي تشغل فكره ووقته قليلة إن الأمة تعتمد على نفسها، وليستعبئا ثقيلا على الحكومة، والدولة الرستمية متمسكة بالدين الذي يأمر الأمة أن تعتمدعلى نفسها، وتعمل، وتجد، وتجتهد، وتسابق الأمم لتكون هي الأغنى والأقوى، لا تتكل علىالحكومة أن تطعمها وتقدم إليها كل الضرورات.  إن اعتماد الأمة على نفسها، وكثرة العلماء والصلحاء فيها، وأعضاء مجلسالشورى، هؤلاء الذين يفضون الخصومات، ويحلون المشاكل، فلا تصل إلى الإمام، وجعلأعمال الإمام السياسية قليلة. فانصرف في بقية الوقت الواسع إلى دراسة الكتب،والى التدريس العالي. فكانت له حلقة في مسجده في ميري يؤمها الطلبة الكبارالمتخصصين للعلم فيلقي عليهم الدروس في مختلف الفنون. وكان الإمام يرى التعليم اكبر عبادة. وكان لشخصيته العلمية يلذه نشر العلم والحياة العلمية، فخصصللتدريس جانبا كبيرا من وقته.

وكان الإمام يوال النصح والإرشاد لرعيته في جبل نفوسة. وكانت الوفود تترىعليه من أنحاء الجبل، فيلقي عليهم المحاضرات والدروس، ويزودهم بالزاد العقلي النافع،ويوجههم أحسن توجيه في كل الميادين. وكان له درس بين الصلوات في مسجدهللعلامة يثقفهم ويهديهم، ويعلمهم فلسفة دينهم، وأسرار الشريعة الإسلامية التيمن الله بها عليهم.

قال الشيخ الباروني: "ويقال إن اغلب دروسه [للعامة] في مسجده في السنينالسبع التي أقامها في جبل نفوسة في مسائل الصلاة ولم يتمها"1 وذلك لان دروسه في فلسفة الصلاة أيضا، وآثارها العظمة في النفس، وتطهيرها للمرء من كل الدنايا والمهلكات!

وكان جبل نفوسة وكل أنحاء الدولة الرستمية مستقرة. وقد دام هذا الهدوء في الجبل إلى آخر أيام الإمام فيه. فثارت هوارة في سنة ست وتسعين ومالئة على الملكية المستبدة، وعلى الأغالبة الذين أرغموها بالقوة على الدخول في دولتهم، واحتلوا بلادهم بالسيف والسنان، ووطأوها بأرجلهم القوية لتخضع وتستكين.

-------------

1-الأزهار الرياضية ج 2 ص 142 ط البارونية بالقاهرة 1324 هـ

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص436-437

إيكولوجيا وبــيـئــة

  • تافيلالت هندسة معمارية الأصيلة محافظة على البيئة

    Icon 08

    قصر تافيلالت ببني يزقن ولاية غرداية يفوز بالجائزة الأولى العربية للإدارة البيئية بعد حصده لجائزة أحسن هندسة معمارية بالجزائر مرتين فالقصر نموذج رائع للهندسة المعمارية الأصيلة بوادي مزاب ويضم أزيد من ألف منزل كلها متناسقة في شكلها ولونها ويعتمد على مفهوم الإدارة الإيكولوجية والمحافظة على البيئة فعلا هو...

    اقرأ المزيد

  • النسيج العمراني للقصر والحفاظ على الأراضي الزراعية

    Icon 08

    إن المدينة المزابية قد خضعت في تخطيطها إلى قواعد المدينة الإسلامية والشمال-إفريقية عموما، باعتبار المزابيين من أعرق شعوب الشمال الإفريقي.أول ما يهتم به المِـزابيون، كان الموقع، إذ كانوا يختارون لها موقعا مراعين في ذلك قدرة المدينة على الدفاع ضد المغيرين، و وقايتها من فيضانات الأودية، والحفاظ على الأراضي الزراعية ذات...

    اقرأ المزيد

  • تأقلم المسكن المزابي مع البيئة والمناخ

    Icon 07
    تلتف المساكن في مدن مزاب حول المسجد، وهي ذات أشكال مختلفة لكنها منسجمة في مجملها مشكلة وحدة متجانسة بمجموعها، مساحة غالبيتها لا تتجاوز 2100 مائة متر مربع، تجمّعت على شكر كتل متراصّة أفقيا ورأسيا و...

    اقرأ المزيد

  • البيوت الطينية في واحات مزاب

    Icon 08

    تعتبر الواحات في وادي مزاب أكثر من مجرد بستان للمتعة، فهي ثمرة عمل شاق. في القديم، لقد قام بنو مزاب بإنجاز بيوت بسيطة من الطوب مسقفة بأغصان الأشجار وجريد النخيل، وبعدها تطورت المساكن إلى البناء بالطينن بعدها بدأ السكان بإنجاز مساكن تقليدية مماثلة لمساكن القصر، مع بعض الاختلافات في...

    اقرأ المزيد

  • استعمال المواد المحلية في  البناء

    image2
    لقد كان الاعتماد على استعمال الموارد المحلية المتوفرة والاكتفاء بها.وممّا نستطيع أن نضيفه إلى هذا المعنى صنع الأثاث ضمن البناء كالرفوف و الكوى والدكاكين التي تصلح كَأَسِرَّةٍ للنوم و الصّلاة. هذا وإنّ بناء الجدران بالتِيمْشَمْتْ مع الحجارة الصغيرة يجعل الدار مناسبة للمناخ القاري شديد الحرارة صيفا وشديد البرد شتاء هناك...

    اقرأ المزيد

 

  • كهوف ومغارات أغزو ن فيغر

    image2
    الكهوف العجيبة التي لا تقل روعة عن التي في الشمال الجزائري، بما تحتويه من أشكال كلسية رائعة، تقع في...

    اقرأ المزيد

  • لعميــــــــــــــــــد القرارة

    image2
    المنظر الهوائي الجميل ،وهي ربوة في أعلى جبل أبي العباس (بوعميّد)...  

    اقرأ المزيد

الأشجار والنخيل في وادي مزاب

  • أكرموا عمّتكم النخلة

    Icon 08

    تعالوا بنا في رحلة عبر واحاتنا لننظر واقع "عمّتنا". لقد تراجع الناس عن خدمتها "وإكرامها" بما يجب.. "خدمة النخيل" التأبير (أسِيجَلْ) وتعديل العراجين ووضعها على الجريد حتى تستوي وتصير تمرا (أفراق دُ أسَرْسِي)و...

    اقرأ المزيد

  • شجرة السدر والنبق أزارن

    Icon 08

    شجرة السدر لها فوائد كثيرة ومتعددة حيث يغلى ورقها في ماء ويشرب لقتل الديدان في الأمعاء وتنقية الدم كما يستخدم ورق السدر المطحون والمخلوط مع الماء في جبر كسور العظام وتنقية بشرة الجلد وطرد البلغم. تستعمل أوراق السدر في تنظيف فروة الرأس وتعقيمها، وتجعل الشعر أكثر نعومة وتكسبه لونا بهيجا، وقد أثبتت التجارب أن خلاصة ورق السدر تعالج فطريات الرأس ور...

    اقرأ المزيد

  • شجرة البطم والقضيم

    Icon 08

    نوعان من شجر البطم بطم ⵍⵃⴻⴼⵚ لعفص الذي يستعمل ثمارها للدباغة بطم ⴰⵊⵊⴻⵏ آججن الذي تصنع به أكلة آجن مع...

    اقرأ المزيد

 

 النباتات والأعشاب البرية في وادي مزاب

  • تجلت الحنظل
    ⵜⴰⵊⴻⵍⵍⴻⵜ TAJELLET

    Icon 08

    تجلت بالمزابية أما بالعربية الحنظل أو العلقم هي نوع نباتي حولي زاحف. يفترش الأرض وأوراقه خشنة يخرج من تحتها خيوط تلتف على النباتات والأوراق القريبة منه لتثبته بالأرض. يشتد نموه في بداية الخريف وتخرج الأزهار وهي صفراء بها خمس بتلات وثمرته كروية الشكل خضراء أصغر بقليل من التفاحة، والحنظل عموماً ثمرته وأوراقة شديدة المرارة. وبعد أن...

    اقرأ المزيد

  • تامبريكا أو البندراڨ
    ⵜⴰⵎⴱⵔⵉⴽⴰ

    Icon 08

    تامبريكا أو تبي وعلي معروفة في منطقة واد ريغ (تقرت) بإسم البندراڨ وفي مناطق أخرى الرجيلة، البقلة،فهي نوع من الأعشاب البرية الشائعة في محيط بحر الأبيض المتوسط التي تنبت في فصل الصيف وحدها في الطبيعة بشكل عشوائي , تحمل موادًا كيميائية وموادًا مخاطية تستخدم في العلاجات الطبية. كما أنها معروفة أيضًا في الطب الصيني التقليدي ويتم من خلالها مداواة الكثير من الأمراض...

    اقرأ المزيد

  • قرع وادي مزاب تاخسايت
    ⵜⴰⵅⵙⴰⵢⵜ

    Icon 08

    من الخضروات الأساسية التي تزين أطباق الصيف بمنطقة غرداية يحتل قرع مزاب المعروف محليا بـ "تَخْسَيْتْ" أو "تَمِيسَ" ذات اللون الأبيض المائل إلى الاخضرار مكانة خاصة في فن الطبخ وادي مژاب، الذي يأخذ أشكالا طويلة وأوزانا مختلفة وهو أملس وتطلق عليه أسماء عديدة مثل "القرعة " و"الكوسة" و" القرعة اليابسة" تتوفر منطقة غرداية على العديد من...

    اقرأ المزيد

  • نباتات وأعشاب مزاب قيد الإنشاء

    Icon 08

    ايزري الشيح، الحلفاء درين تِحرملت تيبـِّـي تيلولت تاكرنانويت تَمڤـُّويت عنب الذيب لازير زعتر مڤل سِّيف عرعار...

    اقرأ المزيد

  • تسمية نباتات وأعشاب بالأمازيغية

    Icon 08

    الزنجبيل إسمه بالأمازيغية ئسك ن جبير  البخور البري أوسرغين السدرة تازكارت...

    اقرأ المزيد

 

 الطيور في وادي مزاب

  • الطائر الأبلق الأسود

    Icon 08ⵍⵍⴰ ⴱⴻⵍⵖⵓⵢⴰ ⵍⴰⵍⵍⴰ ⴱⴻⵍⵖⵓⵙⴰ

    بلغويا هي طائر صغير أبلق شديد السواد كالغراب غرة بيضاء في الذقن والرأس والذيل، لديه غناء رقيق، وتختلف تسميتها في قصور مژاب بين لالا بلغويا أو لالا بلغوسا وهي في تراثنا الشعبي بمثابة "أزمول ن وشاشي" بمعنى رمز للتفاؤل وبشائر الخير والفرح. ورمز الحظ أو السعد حيث اشتق منه اسم لالا مسعودا، فمن بين الأهازيج الشعبية...

    اقرأ المزيد

  • طائر بوعود

    Icon 08BUƐUD ⴱⵓⵄⵓⴷ

    بوعود من الطيور التي عاشت مع المژابي في بلاد الشبكة وفي شمال إفريقيا عموما، معروفة بصوتها في السكون فهو رقيق وجميل ، فبمجرد النظر إليه يشعر صاحبه بالغبطة والراحة النفسية، فآت مژاب يرون فيه البركة وهم يعتبرونه فال الخير أينما حل، فله مكانه خاصة عندهم وهو طائر المحبة و...

    اقرأ المزيد

  • طائر الزاوش تزوكي

    Icon 08ⵜⵣⵓⴽⴽⵉ TZUKKI

    تزوكي هو طائر أكبر نسبيا من بوعود غالبا ما يقف على الأشجار في مجموعات فتحدث ضجة في زقزقتها فهي تفسد الثمار في الغالب حيث يضرب به المثل في الافساد كما يقال بالمزابية...

    اقرأ المزيد

  • طائر الصرد  ڤاوژرّين

    Icon 08ⴳⴰⵡⵥⴻⵔⵔⵉⵏ

    ڤاوژرّين هو طائر الصرد أو الدقناش اسمه العلمي
    (Lanius ludovicianus)
    من سلالة "الجزّار" ومنه الصرد الرمادي الذي يعيش في بلاد الشبكة ويسمي الدقناش الأكحل هو أحد اصغر وأعجب أنواع الطيور الجارحة ويتميز بمنقاره المعقوف القصير، الذي يشبه منقار الصقر، وهو طائر قوي رغم صغر حجمهالصرد أحد انواع الجوارح الصغيرة هو...

    اقرأ المزيد

  • طائر ثرثارة الشجر طِيوْطِيوْ

    Icon 08ⵟⵉⵡⵟⵉⵡ

    أطلقعليه اسم الثرثارة بالعربية و طيوطيو بالمزابية بسبب الأصوات العالية المتكررة التي يصدرها ويسمى أيضا مسيسي في بعض التنوعات الأمازيغية و ربيب الحجلة بالدارجة. يتميز شكله بذيل كويل وأجنحة قصيرة نسبيا أما حجمه فهو يكبر قليلا عن بوعود، يعيش طائر طيوطيو بعيدا عن التجمعات السكنية ويتجمع على هيئة...

    اقرأ المزيد

  • طائر الحجل (تاسكورت)

    Icon 08ⵜⴰⵙⴻⴽⴽⵓⵔⵜ

    الحجل تعرف بهذا الاسم في اللغة العربية وتسمى باللغة الامازيغية تاسكورت ومذكرها أسكور يعيش الحجل في وادي مژاب فحجل الشمال الإفريقي عموما يتميز بأجنحة قصيرة ودائرية, القوائم قصيرة وقوية تكيفت مع المشي والركد وجرف التربة بواسطة مخالب معقوفة في مؤخرة الأصابع المنقار أحمر قصير قوي ، جزءه الأعلى أطول وأكثر إنجناء من...

    اقرأ المزيد

 

  • طائر البومة بورورو موكا

    Icon 08ⴱⵓⵔⵓⵔⵓ ⵎⵓⴽⴰ

    البومةمن الطيور الليلية الجارحة المميزة في عالم الطيور، فهي تتميز بحاسة البصر القوية ليلاً ويبدو ذلك جلياً واضحاً من كبر حجم أعينها الحادة الثاقبة، وهي تتغذى بشكل عام على الفئران والقوارض والحشرات، فهي بذلك استحقت لقب منظف البيئة و...

    اقرأ المزيد

  • طائر القطا (لڤطا)

    Icon 08ⵍⴻⴳⵟⴰ

    طائر القطا معروف لدى فلاحي مژاب  بإسم لڤطا سمي بهذا الإسم لصوته فهو يصيح قطا قطا أما اسمه باللاتينيSand Grouse ولهذا الطائر رونق مدهش عند الطيران ويوصف أيضا بحسن المشي لتقارب خطاها فمشيه يشبه مشي النساء...

    اقرأ المزيد

  • الحمام البري أتبير ⴰⵜⴱⵉⵔ

    Icon 08 الحمام البري يسمى بالمژابية اتبير جمعه ئتبيرن ويسمى أيضا تاحجامن ن ئبرير لأنها تزور وادي مزاب في شهر أفريل وتسمى أيضا تاحجامت ن ورجلان، وفي بعض التنوعات الأمازيغية الأخرى أدبير، فهو من الطيور المهاجرة  وقد قام الإنسان بتدجينها، وتوجد......

    اقرأ المزيد

 

الحشرات في وادي مزاب

  • صرصار الليل تبوژبوژت

    Icon 08

    الصرصار (حشرة) كما هو في القواميس، تسمى في وادي مژاب تبوژبوژت وفي بعض التنوعات الأمازيغية افرضوض وبورجيج. يطلق على جنس من الحشرات المجنحة، يوجد ما يقرب من 1500 نوع في العالم منها عدة أنواع تعيش في بلاد الشبكة. من بين الأنواع الشائعة الصرصار البيتي والصرصار الحلقي . الجسم بني مسود لامع. الرأس دائري ضخم يحمل...

    اقرأ المزيد

  • ئغس ن دالت / بوطرطاڤ ⴱⵓⵜⴻⵔⵟⴰⴳ

    Icon 08

    الخنفساء السوداء هي من الحشرات التي تعيش في بلاد الشبكة تسمى بـالمزابية ئغس ن دالت او بوطرطاڤ  واشتقت هذه التسمية من لعبة يلعبها الأطفال مع هذه الحشرة حيث يضعونها على ظهرها فتقوم بشقلبة رائعة وتسقط على أرجلها محدثة صوت  طرطاڤ والاطفال يعشقون سماعه؛ ثم يعيدون...

    اقرأ المزيد

  • أطّمرو ⴻⵟⵟⴻⵎⵔⵓ

    Icon 08

    السرعوف أو فرس النبي أو الراهبة أو  الاسم العلمي  Mantodea من مزايا السرعوف أنه يتغذى على الحشرات مما يجعله أفضل حارس للمزارع من هجوم الحشرات وخاصة الجراد، والسرعوف يهجم على أي حشرة تتحرك أمامه ينقض على الحشرات بالكلابتين القويتين ويسرع في التهامها فهو لا يتوقف عن الأكل، ويكون أكثر...

    اقرأ المزيد

  • الحشرات في وادي مزاب قيد الإنشاء

    Icon 08

    زوجميهي تسمية لعدة حشرات في مژاب إليكم بعضها حسب كل قصر، زوجمي في قصر تجنينت يطلق على العنكبوت السام الذي يسمى في بعض قصور مژاب عڨب أرِّيح. زوجمي في قصر تغردايت  يطلق على الخنفساء الطائرة التي تسمى في بعض قصور مژاب بوجليص. ازوجمي في قصر آت يزجن يطلق على الحلزون. هناك مثل في اللسان المژابي يطلق على الثرتار فيقال: ئلس-س أتينيم د زوجمي فيا ترى أي هذه الحشرات يقصد المثل...

    اقرأ المزيد

 

الحيوانات الأليفة في وادي مزاب

  • بعض القيم الحضارية من المسكن المزابي مع الحيوانات الأليفة

    Icon 08

    عاش إلى جانب المزابي قديما في مسكنه العديد من الحيوانات الأليفة وقد خصص لكل واحد منها مكان خاص به ويسمى باسمه، منها تازقا نوموش أما القط  فالمزابي خصص له غرفة خاصة في المسكن التقليدي، من حق القط ان يخرج او يدخل متى شاء فقد خصصوا له جحرا خاصة في منازل الواحة تاجمي قديما يسمى ؤلووون نوموش و   منه أمشان ن تيغاطين...

    اقرأ المزيد

  • العنزة المزابية إلى أين ؟!
    تغاطت تومزابت

    Icon 08ⵜⵖⴰⵟ ⵜⵓⵎⵥⴰⴱⵜ

    تغاطت تومژابت العنزة المزابية هي سلالة ماعز قديمة بقدم الإنسان المزابي في بلاد الشبكة. ومن ضمن ثرواتهم المادية هذه العنزة الغنية بمنتوجها اللبني ومشتقاته التي تعرف بها المنطقة. فقد حافظ المزابيون على نوعين من الغذاء إنتاج التمور  وتربية العنزة المزابية...

    اقرأ المزيد

  • يوميات معزة في منزل مزابي

    Icon 08ⵜⵖⴰⵟ ⵜⵓⵎⵥⴰⴱⵜ

    يوميات معزة في منزل مزابيجوانب تربية العنزة وعائداتها وفوائدها في المنزل، طرق عيشها ويوميتها في العائلة مع الراعي مساء ليلا  شتاء صيفا،  ما أسباب إندثار هاته الظاهرة؟ هل تعلم أن المزابي كان لديه 3 أدلية (دلو)  أحدها لنواة التمر والأخر للنعمة بقايا طعام...

    اقرأ المزيد

  • تغاطت تومزابت.... جزء من هويتنا
    LA CHÈVRE MOZABITE

    Icon 08ⵜⵖⴰⵟ ⵜⵓⵎⵥⴰⴱⵜ

    العنزة من الحيونات الناذرة التي من بينها نوع ينسب لآت مزاب يسمى تغاط تومزابت موجودة في بلاد الشبكة  منذ ان كان المزابيون شبه رحل و...

    اقرأ المزيد

 

الحيوانات البرية في وادي مزاب

 

  • القوندي المزابي ⴳⵓⵏⴷⵉ

    Icon 08

    القوندي المزابي حيوان يعيش في الجبل هو من القوارض من بين الحيونات المهددة بالانقراض وهو محمي وقندي ماسوتير هو جنس من الحيوانات يتبع فصيلة القندية من رتبة القوارض هذا الجنس يضم نوع واحد غير منقرض هو قندي مزابي واسمه العلمي Massoutiera mzabi ..

    اقرأ المزيد

  • لـــــــــــــــورن ⵍⵉⵕⴻⵏ

    Icon 08

    لورن المعروف بإسم  الورل الصحراويّإسمه العلميVaranus griseus هومن الزواحف يشبه الضب بالمزابية آحردان إلى أن ذيله طويل من ذيل الضب وليست به  حراشف خشنة هو أملس يستعمله كوسيلة دفاعية، هو من آكلات اللحم يصطاد الأفاعي والضب مزود بأنياب حادة تمكنه من تمزيق فريسته. عادةً ما تكون ألوان جسد الورل الصحراويّ متنوِّعة وكثيرة، فتتراوح من البني الفاتح والأصفر إلى الرماديّ. وتقطع جسده في الكثير من الأحيان خطوطٌ أفقية غامقة على ظهر وذيله، كما تتناثر على ظهره بعض البقع الصَّفراء. وأما...

    اقرأ المزيد

  • الضب أحردان

    Icon 08ⴰⵃⴻⵔⴷⴰⵏ

    الضب من الزواحف يعيش في بلاد الشبكة كباقي المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية الجافة، يتحمل حرارة مرتفعة تتعدى أحيانا 50C°. يتميز الضب بجسم غليظ متجعد ومسطح، الرأس دائري ومسطح، الذنب عريض وقصير نسبيا ويحمل...

    اقرأ المزيد

 

البيئة في سهل واد مزاب محاضرة للأستاذ عبد المجيد رمضان

اعتناء الدولة الرستمية بتعليم المرأة وتثقيفها

وكانت الدولة الرستمية تعتني كل الاعتناء بتثقيف المرأة، وبتعليمها كل ما يجعلها زوجة صالحة، وأما كريمة، وأساسا للدولة العظيمة التي يريدها الجمهوريون في المغرب لأنفسهم. وكانت تعرف دينها كل المعرفة، وتتخلق بأخلاقه العظيمة. وتفهم العربية وتقرؤها، وتكتب بها، وتتقن كل الصناعات المنزلية، وتتجلى بالثقافة النسوية الراقية التي تجعل الدنيا في عين زوجها على نضارة خديها، وابتسام شفتيها، وتجعل داره كأحضانها تغمره بالعطر، وتسعده بالحب، وتنعش كل حواسه بالجمال.

وقد برع في العلم نساء عالمات في الدولة الرستمية ضاهين فيه فحول العلماء من الرجال. ذكر الشماخي، والدرجيني، وأبو زكرياء عددا كثيرا منهن في كتبهم. ومن العالمات النابغات في المغرب الأوسط في الدولة الرستمية أخت الإمام افلح. وقد برعت في علم الفلك حتى بزت فيه أخاها افلح! انه لا يهتم به إلا الخاصة من العلماء، والفحول من ذوي المعرفة. وقد برعت فيه العالمة النابغة بنت عبد الوهاب، ومما يدل على أن درجتها في العلوم الشائعة في النساء كالعلوم الشرعية واللغوية كانت فيها في أعلى الدرجات.

ولم تكن العالمة بنت الإمام وحدها على هذه الدرجة الرفيعة في العلم، بل كان بيت الرستميين كله كذلك.

عناية المرأة في الدولة الرستمية بالعلم وغرامها بتثقيف نفسها

وكانت النساء يحضرون هذه الدروس في المساجد. وكن يتقاطرن في وقت الصلاة إلى اقرب مسجد منهن فيصلين مع الجماعة، ويحضرن هذه الدروس بين الصلوات، وينقلنه في وجدانهن وعقولهن إلى منازلهن، فيعرفه يشعر بروحه كل من لم يستطع الذهاب إلى المسجد من ربات البيوت، ويغشي وجدانهن المتأجج بالدرس أطفالهن فيصطبغون به.

وكانت المرأة في الدولة الرستمية بالتربية الأولى في البيوت الصالحة الراقية، وفي مدارسهن الرشيدة، وبصلاح الآباء والأزواج، وبهذه الدروس التي تتدفق بها المساجد فتملؤها بأسباب الصلاح؛ كانت بهذا صالحة، ومثقفة العقل، عليها دينها وعقلها لا غرائزها وأهواؤها كنبات المدارس الاستعمارية.

صلاح المرأة في الدولة الرستمية بالدين والعلم وإسعادها للزوج والدولة

وكانت المرأة في الدولة الرستمية مثال الصلاح والثقافة والإسعاد لزوجها. يحظى في ظلهن الزوج بكل سعادة وهناء، وتفيض الديار بهن بكل انس وحب، ونعيم وحضارة، ويفتحن بيمنهن واستقامتهن وإخلاصهن وحبهن للزوج والأسرة أبواب البركات، والخيرات، والنجاح في كطل الميادين؛ ويجعلهن الحياة تبسم للزوج كثغورهن الباسمة بالصفاء والمحبة، والأيام تشرق له إشراق وجوههن بالدين.

وكانت المرأة في الدولة الرستمية للأبناء خير أم! أنجبت للدولة بدينها وتربيتها الصحيحة الأجيال القوية التي استطاع بها المغرب أن يرفع رأسه، ويحقق كل آماله في العزة والحرية والسعادة، وستنزل رحمة الله ونعمائه بصلاح المجتمع وطهره وزكائه، بفضل تلك الأم الطاهرة الصالحة المثقفة!

وكان في كل مسجد من مساجد الدولة الرستمية قسم خاص للنساء يفصله عن قسم الرجال جدار مخرم يستر النساء، ولا يحجب عنهن صوت المدرس، وتلاوة الإمام، ولا زالت هذه السيرة الإسلامية الحميدة في مساجد والدي ميزاب بجنوب الجزائر إلى اليوم.

فترى في كل مسجد قسما خاصا للنساء يمتلئ بهن فيس وقت الصلاة، وفي وقت الدروس الحية، في التفسير، والحديث، وفي سيرة الرسول ذ، والخلفاء الراشدين وصلحاء المغرب، وفي الأخلاق، وفي الأمراض الاجتماعية كلها. وترى النساء يتشربن تلك الدروس في حرارة وحماس وانتباه كما تتشرب الزلابية الساخنة العسل من الإناء الذي تغمس فيه، فتراهن والحمد لله حلاوة لأزواجهن، يسعدنهم، وصلاحا وطهرا للمجتمع، وترى الأزواج بصلاحهن، وثقافة عقولهن في نعيم وهناء، وفي طمأنينة وسعادة. لا يحسون بالمرارة والسواد تملأ به قلوب أزواجهن المتفرنجات التعيسات اللائي جردتهن المدارس الاستعمارية ن دينهن وأخلاق الدين، وجعلتهن في تلك المدارس اسفنجة عطشى تغمس في المحبرة!

ليت مغربنا الكبير وهو يتمنى الحياة الهنيئة السعيدة، ويريد أن يكون اكبر دولة إسلامية ترجح بها كفة المسلمين في كل الميادين، يوقن بان ذلك يكون بالمرأة الصالحة المثقفة التي يعمر الدين الإسلامي العظيم جوانب نفسها، ويورثها كل ثقافة وصلاح، ويرث المجتمع منها والدولة كل طهر وقوة، فيرضى عنا الله.

النساء بتلك الدروس الدائمة على نصاعة ونقاء زهور الفل والياسمين التي يباكرها الطل في كل غداة فيزيدها نقاء، وتغاديها النجوم في كل سحر فتغسلها بالندى، وتجعلها خليفتها في رؤوس الشجر في البياض والصفاء، وفي النضارة والنقاء!

قال الشماخي يذكر قسم النساء في مسجد من مساجد جبل نفوسة الذي كان ضمن الدولة الرستمية، ويذكر ولع العلامة الشيخ أبي زكرياء يحيى بن الخير الجناوني بالبحث والاستقصاء والاطلاع. قال الشماخي: " ومما ذكر عن الشيخ أبي زكرياء انه أقام عند أبي الربيع مدة طويلة ) يدرس العلم في المسجد الذي يلقى فيه دروسه العالية، وكان مدرسة للتخصص في العلوم ( ومن عادة نفوسة أن يجعلوا سترا على الصف الأخير في جميع مساجدهم يدخله النساء لسماع العلم والصلاة. فلما أراد الانصراف من عند شيخه وودعه ليرتحل قال: أمهلوني حتى ادخل خلف الستر لأراه لعلي اسأل عنه"1.

--------------------------

1- -السير للشماخي ص 536 .

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 337-361

الآبار التقليدية بواد مژاب

الآبار التقليدية بواد مژاب(01)

Icon 08

الحرية والطبيعة دستوران مقدسان لحياة الإنسان على وجه المعمورة لحكمة وضعها يد الباري جل جلاله، يكفلان له السعادة والسلام ما لم يأخذهما بالتزوير والتشويه والتنسيق والتمويه هنالك يفقدان سحر جمالهما وسر معانيهما فيصبحان مصدر بلاء الإنسان ومشاكله المعقدة ومبعث المسخ في خلافته لله في الأرض.

تكاد تكون الحياة في وادي مزاب إلى العهد القريب مستحيلة، فالمزابي يتجشم مشاق فوق طاقة البشر لاستثمار تلك الأرض الجرداء وتكوين الحياة فيها؛ وناهيك أنه كان قبل حفر الآبار الارتوازية بها لا يحرز الإنسان على قطرة ماء إلا إذا حفر بئرا...

تعد الآبار في منطقة وادي مزاب مكسبا حضاريا مهمًّا خلفه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى نتيجة تظافر الجهود جيلا بعد جيل، فهي مصدر إلهام وتحفيز على مواصلة تحدي الصعاب لتذليل الصحراء بتحويلها إلى واحات غناء من البساتين والحقول.

إن المحافظة على الآبار جزء من المحافظة على النظام التقليدي لتقسيم المياه الذي يجدد التربة ويسقي الواحات التي تعتبر أهم المساحات الخضراء في الصحراء، فهي الرئة التي تتنفس منها المدن بقصورها العتيقة وتوسعاها الجديدة.

تتواجد الآبار بكثرة داخل واحات النخيل وعلى طول مجرى وادي مزاب، وكذلك على مستوى الروافد التي تصب فيه، كما تجدر الإشارة إلى أن كل قصور وادي مزاب تضم خلف أسوارها العديد من الآبار.

والرابط المشترك بين الآبار في الواحات ونظيراتها المتواجدة على مستوى القصور هو أنه يتم بواسطتها استخراج المياه من الطبقات الجوفية...

في سنة 1905م بلغ العدد الإجمالي للآبار في وادي مزاب حوالي 3169 بئر، أما بالنسبة لقصر غرداية وواحاتها فقد بلغ عدد الآبار حوالي 1741 بئر، ولكن حاليا لا تتوفر إحصائيات دقيقة للآبار، نظرا لما تعانيه من الإهمال واختفاء الكثير منها بسبب التوسع العمراني على حساب المعالم الأثرية ..

--------------------------

(01) كتاب مزاب بلد المعجزات، صالح بن داود بافولولو، ص 46، 47.

المصدؤ nir-osra.org

 

الآبار بنوك المزابيين

الآبار بنوك المزابيين(01)

Icon 08

يقول تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ..﴾ والماء سبب الحياة وخاصة في الصحراء حيث الجفاف الشديد، وندرة الأمطار والسيول ولذلك اتخذ المزابيون إجراءات متنوعة لاستغلال مياه الأمطار، وحفر الآبار، لفلاحة الأرض وإنشاء البساتين، فراعوا هذا الجانب في توزيع بناء قراهم على مساحة عشرين كيلومترا من أن يبنوها مدينة واحدة كبيرة يتجمعون فيها، وهذا بسبب الحروب وعدم الاستقرار لأنهم لا يأمنون على أنفسهم فهم في حالة دفاع، فاختاروا بناء قراهم على رؤوس المرتفعات ليتحصنوا فيها من أعدائهم، فتسهل عليهم مراقبتهم، وليوفروا الأراضي للزراعة، وتجمعهم في مكان واحد بجعل المسافات بين مدينتهم ومزارعها بعيدة، الأمر الذي يسبب إضاعة الوقت للفلاح يوميا. ولذلك بنوا مدنا متقاربة في أعالي المرتفعات لتسهيل الدفاع عنها، ولتوفير الأراضي الزراعية ولتشتيت القوى المهاجمة عليه حتى لا يعطوا فرصة القضاء عليهم.

ولتموين القرية بالماء حفروا آبارا في أعالي المرتفعات، وأطرافها وبداخل كل قرية، لضمان وجود الماء في حالة الحصار، ولأنهم يحتاجونها للشرب والغسيل، فنظموا توزيعها فحفروا بجانب المسجد بئرا رئيسية في أعلى قمة الجبل، وقسموها نصفين في أعلاه، قسم خاص بالرجال والآخر خاص بالنساء، أصبح الآن يُنتفع بها ولا يستغني عنها رغم امتداد شبكة المياه في داخل كل مدينة لكن انقطاع الماء الفجائي أو المنتظم أحيانا يجعل سكان القرية في مأمن أمام فقدان مورد الماء.

وفي وقتنا الحاضر أصبحت لآبار المسجد مضخات كهربائية وخزانات لا ينقطع منها الماء ليل نهار، وهذه الآبار الملاصقة للمسجد يشرف عليها العزابة، وينظمون أوقات استغلالها لأنها هي التي تضمن توفر المياه لميضأة المسجد، وفي كل سوق من أسواق المدينة بئر، كما تحفر الآبار بجوار كل قرية، وتغرس خلفها نخلة لتمتص المياه الضائعة من جراء السقي. وما تدر به تلك النخلة من ربح يكفل مصاريف حبل البئر وأدواته وما زال هذا المنظر من وجود نخلة خلف البئر موجودا. فهذه الآبار العامة يشرف على حفرها ورعايتها، وما تتطلبه من صيانة وتنظيم استغلالها هيئة العزابة في كل قرية، وقد يضطر العزابة إلى إلغاء بئر وتعويضها بأخرى إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، وقد يشركون جماعة العوام في اتخاذ القرار في هذا الشأن.

قال أحد علماء الاجتماع: "إن بنوك المزابيين هي الآبار" وتساءل الباحث "بوردیو" في دراسة اجتماعية حول مزاب عن ظاهرة الآبار الغريبة حسب ما اطلع عليه، تساهل قائلا: "كيف أن أناسا دخلوا عالم الاقتصاد الحديث من أوسع أبوابه وهم يحذقون الأساليب الفنية في هذا الميدان".

--------------------------

(01) كتاب نظام العزابة ودوره في الحياة الاجتماعية والثقافية بوادي ميزاب، صالح بن عمر سماوي، ص 163.

المصدؤ nir-osra.org

 

الأعراس في مزاب

الأعراس في مزاب

Icon 09متابعة حلقة العزابة لنظام الأعراس      

مراحل العرس  

الأعراس الجماعية:  الأعمال الجماعیة وفوائدھا الدینیة والاجتماعیة في المجتمع

"أحبي" أو "تازوضا "    

النظام الديموقراطي في أعراس مزاب    

ألبوم صور الأعراس في مزاب

وثائقي اعراس مزاب

الزواج عند المجتمع المزابي يحمل دلالات كبيرة بداية من الروحانيات ثم المحافظة على الزي التقليدي وصولا الى التكاتف و التعاون الذي يلقاه العريس من طرف مجتمعه . اليكم هذا الوثائقي الذي يبرز يوميات العريس المزابي و مراحل العرس من البداية الى النهاية . من انتاج مؤسسة : بالكوم للخدمات الإعلامية .

 

مراسيم العرس بمزاب

 

أَيْرِيضْ نُوسْلِي

 

 

نموذج الأعراس الجماعية في وادي مزاب

(بريان ولاية غرداية)

 

 

 

الأعمال الجماعیة في مزاب

الأعمال الجماعیة وفوائدھا الدینیة والاجتماعیة في المجتمع


الولیمة بعد التقاء العریسین سنة من سنن الرسول صلى لله علیھ وسلم لا داعي للتفصیل في مشروعیتھا وكلامنا ھنا ینصب
حول إقامة ھذه الولیمة في زماننا ھذا وھذا لا یكون إلا بالرجوع إلى الوراء قلیلا لننظر في طبیعة مجتمعنا من الناحیةالدینیة والاجتماعیة ونبني على ذلك حكمنا .

المجتمع المیزابي مجتمع جماعي یبني كل شيء على أساس قولھ تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى . فتجده یؤسس نظماجماعیة ویتقبلھا ولو كانت من خارج المجتمع، فبعد اقتناعھ - أي المجتمع في أول الأمر - بنظام العزابة الذي یضممجموعة من الطلبة مع شیخھم تقوم بترشید المجتمع واعتناقھ المذھب الإباضي أقام بواسطة نظام الحلقة نظما أخرىبمباركة العلماء كنظام العشائر المتولد من نظام الحلقة ونظام إیروان ونظام إمصوردان الذي ق نُن بواسطتھ نظام الحراسة ثمأسسوا على مستوى القصور مجلسین با عبد الرحمن الكرثي وعمي سعید ومقصدھم في كل ھذا التعاون على البر والتقوىلأن الجماعة رحمة والفرقة عذاب والذئب یأخذ من الغنم القاصیة ونظمھم تسمى بالإمامة الصغرى في عرف المؤرخینوھذا ما جعلھم متماسكین على مر التاریخ.


وقد تعدى ھذا الفكر إلى عباداتھم مثل إجازة تلاوة القرآن جماعة وصلاة النافلة جماعة استنادا إلى أدلة فقھیة في تراثھم
وإلى عاداتھم الاجتماعیة مثل التعاون على درس القمح وقت الحصاد بطریقة مدروسة أو إقامة حملات تطوعیة في أشغالالبناء أو النظافة أو البحث على مفقود ضاع فقد یجد المرء نفسھ في المجتمع مع إخوانھ في كل المجالات في المسجد حینیعبد ربھ وفي العمل حین یحتاج مساعدة وفي فرحھ كالعرس وفي ترحھ كالجنازة فلم یقتصر فكرھم الجماعي في الوطنفقط بل رحل معھم إلى الشمال وحتى إلى ما وراء البحار في الحرمین الشریفین وفي مدینة الملائكة باریز وفي مواطن العلمكتونس ومصر وقیل في فلسطین كذلك فتجدھم یبنون دارا للعرش تضم بنیھم في بلاد الغربة حتى یتعاونوا على البروالتقوى في أمور دینھم ودنیاھم وفي داخل دار العرش تجد مصلى خاصا للصلاة لكي یحافظ مواطنوھم على دینھم ولا
تتفرق بھم السبل في خارج بلادھم .


ومن حسنات ھذه النظم الجماعیة نظام الأعراس داخل العشیرة التي تضم خلیطا من الناس متباینین في كل المجالات فمادام
الرسول صلى لله علیھ وسلم أمر عبد الرحمن بن عوف أن یعمل ولیمة ولو بشاة وھو من ھو ارتأى منظرو النظمالاجتماعیة تحدید حیثیات ھذه الولیمة التي لو تركت على حسب فھم الناس لوقع التنافس فیھا كل على حسب مفھومھومكانتھ الاجتماعیة ولیس في ھذا التحدید مخالفة للرسول صلى لله علیھ وسلم وإنما ترشید لتطبیق ھدي الرسول صلى لله
علیھ وسلم الذي یقول من سن سنة حسنة فلھ أجرھا وأجر من عمل بھا إلى یوم القیامة ولیس لھذا كذلك دُخل في البدعة
الحسنة أو السیئة وإنما ھو من المصالح المرسلة التي یستفید منھا الخاصة والعامة .ففي كتب التاریخ نجد أجدادنا رحمھم لله یھتمون بما یوحد المجتمع ویجمع شملھ وخاصة في مسألة تنظیم الأعراس وقدقرأنا قرارات مُلزمة في مجلس عمي سعید الفقھي تبین تفاصیل إقامة الولیمة وتسن عقوبات لكل من یخالف أمر أولي الأمرالذین أمر لله بطاعتھم ومجمل ھذه القرارات تدور حول مقاصد الشریعة التي تدعو إلى الحفاظ على المال والنفس وغیر
ذلك .


فنحن إذا رأینا في واقع المجتمعات الأخرى في داخل وطننا وخارجھ لرأینا العجب العجاب في ھذا الجانب لكون الفرد فیھا
غیر مربوط إلى جماعة تؤطره لذلك كثرت العنوسة فیھم وعزف كلا الجنسین عن الزواج ووقعت المخالفات الشرعیة فیھموھناك محاولات مشكورة من أھل الغیرة فیھم تقوم بترشید ھذا الزواج وترصد لھ إعانات حتى یستطیع الشاب أو الشابةالزواج بأقل تكلفة وقد تسأل كبار القوم فیھم عن ھذا التدھور في مجال الزواج فیجیبون نزلنا إلى ھذا الحضیض بسببالتقلید الأعمى للغیر وبسبب عزوفنا عن ولاة أمورنا واقتناعنا بآرائنا فنحن نتمنى العودة للعیش في أریج تلك الأیام الغابرةلكن دون جدوى فاسألوا لله لنا العافیة والعودة إلى الجادة، نسأل لله لنا ولھم السلامة لأننا في كل عام في الرذالة سعینا بلىكل یوم في الوراء ولا نثني
وفي ھذه السنة وقع عرس جماعي في دولة الیمن لأول مرة وقد نوھت بھ كل القنوات الفضائیة لفوائده المھمة على حسب
تصریح الأزواج وذویھم وطلبوا بكل إلحاح تصدیر ھذا الخیر إلى الدول العربیة لأنھم بقوا سنوات یحضرون لھذا الحدثالتجریبي .


نحن بحمد لله نتفیؤ في ضلال مجھودات أجدادنا ولكن لا نعرف القیمة ومن كان في نعمة ولم یشكر خرج منھا ولم یشعر .
* قد یقول قائل ھذا تقیید للحریات وللمرء أن یفعل ما یرید في أموره الخاصة .الجواب: ھذا من باب الرحمة للفقیر والمسكین لأن المؤمن ضعیف بنفسھ قوي بإخوانھ والفائدة من الانقیاد إلى نظام العزابةفي الأعراس ھي الرحمة بالضعیف لأن الرسول یوصینا بالسیر على مقدرة الضعیف في أعظم الفرائض قائلا: صلوا صلاة
أضعافكم فكیف بغیرھا من الأمور والضعیف أمیر الركب كما یقولون والمتدبر للقرآن الكریم یجد بأن لله تعالى یجعل
للضعیف مكانة في كل الحالات ویوصي الرسول صلى لله علیھ وسلم بمواساتھ والرحمة بھ والصبر معھ أفلا یكون الرسولصلى لله علیھ وسلم قدوتنا .
* قد یقول قائل ھذه النظم الاجتماعیة لم یفعلھا رسول لله ولا صحابتھ الكرام ولا التابعون لھم بإحسان ؟


نعم لم یفعلھا ھؤلاء ولكن عملوا بمغزاھا وھو الاقتصاد في نفقات الأعراس رحمة بالفقیر وحفاظا على وحدة الأمة فإیمانھم
القوي كان الحاجز لھم عن كل المخالفات الشرعیة التي یحاربھا أولوا الأمر الآن في شأن إقامة الأعراس ومثل ھذه النظمكما قدمت لھا مقاصد شرعیة منھا الحفاظ على المال والدین وھي داخلة تحت أصل شرعي مجمل في كتاب لله وسنة رسول
لله كقانون المرور مثلا الموضوع أساسا حفاظا على النفس البشریة التي نوه لله بمن أحیاھا فكأنما أحیا الناس جمیعا فأي
مخالفة فیھ ستؤدي حتما إلى ضرر محتمل للسائق أو غیره ولھذه المخالفة المضرة تبعات في الدنیا والآخرة ونظام الأعراسشبیھ بھذا النظام الملزم حفاظا على حیاة الناس فنحن نقرأ في التاریخ الأحداث الواقعة في قضیة الأعراس بعد نقصانالوازع الدیني ودخول حب الترف والبذخ في نفوس الخاصة فضلا عن العامة وھذا من عھد عمر بن الخطاب الذي خافكثیرا من تعدد الفتوحات وتدفق الأموال في بیت مال المسلمین من شتى الأنواع فوضع نظام محكم للأعراس من أولي الأمروفق كتاب لله وسنة رسول لله یكون مرجعا للأمة یلزمنا اتباعھ وطاعة أولي الأمر في شأنھ ما أطاعوا لله ورسولھ ومنولرسولھ فلھ ذلك أما أن یخالفھم اتباعا للھوى خالفھم وفي نیتھ التخفیف على نفسھ أو غیره وكبح جماح النفس ارضاءواستجابة لنزغات النفس والشیطان یصدق فیھ قولھ تعالى ومن یتبع غیر سبیل المؤمنین نولھ ما تولى ونصلیھ جھنم وساءتمصیرا .


* قد یقول قائل أي شيء یحدث إذا أنا قمت بعرس مستقل ؟

الجواب : الشيء الذي یحدث ھو زعزعة نظام العشیرة وغیره من النظم المرتبطة بھ كحلقة العزابة التي تشرف على ھذاالنظام من غابر الأزمان ونتیجة ھذا الاستقلال ھو تفكیك النظم الجماعیة المؤدیة إلى تفكیك المجتمع وعیشھ في الفوضىكما نرى ونشاھد .


* قد یقول قائل ما الحل إذا ألم یقل لله تعالى: لا إكراه في الدین ؟

الحل ھو السعي إلى الإصلاح وتنبیھ أولي الأمر إذا رأینا فیھم ما یعكر صفونا ولا یحق لنا أن نبرر ما نقوم بھ من أعمالارتجالیة في المجتمع بغفلتھم وركودھم أو ركونھم وإذا أردنا أن نقوم بعرس مستقل فعلینا بما یلي لكي لا نتسبب في زیادةتفكیك الأمة التي تذھب إلى الزوال بما كسبت أیدینا

1/: نقوم بالعرس في نطاق عائلتنا من الوالدین والأولاد والإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالاتوالجیران دون غیرھم ونظھر أثر القناعة فیھا رحمة بالضعیف الذي یوصینا لله ورسولھ بالعطف علیھ لأن أقل ما یجزيفي العرس شاة واحدة لمن ھو في منزلة عبد الرحمن بن عوف أما غیره فیجزیھ فیھ حلیب وماء وتمر لأن العرس شرعامن المندوبات فھل یستحق منا كل ھذا الھرج والمرج ؟؟؟ كل واحد ورأیهفي الموضوع والتجربة تقول إن الاستقلالیة في
اتخاذ القرار تؤدي إلى التنوع الممیع والاختلاف المضاد .


2/: من أراد الاستقلال في عرسھ فلا یستغل رموز الوحدة كالعشیرة وأفراد الھیئات الدینیة لإقامة عرسھ لأن ھذا العمل یزید في تصدع الشمل وانتشار البلبلة في المجتمع المتماسك ویؤدي إلى الإطاحة بھذه الھیئات على مر الزمان .


3/: نستقل في جمیع شؤوننا في الوطن والشمال فنتحمل جمیع مسؤولیتنا خیر من أن نتسبب في شقاق وخلاف في الأمة نحن في غنى عنھ تلبیة لغرائزنا وأفكارنا الأحادیة لأن نظم المجتمع كلھا مترابطة كالعقد الواحد فأي إھانة لواحد منھا یعتبر إھانة لغیره فلنأخذ الجمیع أو نترك الجمیع وإذا لاحظنا خللا حاولنا إصلاحھ بكل الوسائل والطرق المتاحة حتى لا نكون كالتي نقضت غزلھا من بعد قوة .


نحن في المجتمع كأصحاب السفینة الذین استھموھا فسكن بعضھم الطابق الأعلى والباقون الأسفل فترك من ھم في الأعلى أصحابھم في الأسفل ینقبون عن الماء فإذا أخذوا بأیدیھم نجوا جمیعا وإذا تركوھم ھلكوا جمیعا فأصحاب الأعراس المستقلة وغیرھم من أھل الأفكار الدعویة المستقلة في الطبق الأسفل من السفینة ینقبون لھلاك المجتمع فإما أن یتفاھموا مع أصحاب الطابق العلوي حتى ینجوا جمیعا أو یخرجوا من السفینة وینظروا أي سبیل یأخذونھ في البحر إذا لم یعجبھم العیش معا في سفینة المجتمع في ظل التسامح .


أصحاب الأفكار المستقلة والأعراس المستقلة - یأكلون الغلة ویسبون الملة - فإما الوفاق مع المجتمع الذي ھیأه الأجداد في كل المجالات أو الفراق لھذا المجتمع فراقا كلیا والعیش في مجتمع آخر حتى تظھر لھم بركات مجتمعھم جلیة من بعید .


وخلاصة القول :

لا یفھم من قولي بأنني أمتدح المجتمع بكل ما فیھ فالعیوب موجودة والمحاسن موجودة ولكن لا یعني وجود العیب النفور من المجتمع وزعزعتھ بأفكارنا الأحادیة في الدعوة وأعراسنا المستقلة على حسب ھوانا ولا یعني من ھذا أنني أدعوا إلى تقدیس العزابة ودعوتھم جمیعا إلى أعراسنا وإنما أدعوا إلى احترام الرأي العام والحفاظ على وحدة الأمة وذلك باتباع النظم
النافعة قدر المستطاع فلنا بحمد لله تنوع اجتماعي في ھذه النظم یكفینا إن نحن حكمنا عقولنا كنظام المحافظین والمصلحین والسنیین وإن كان الواجب أن یكون نظام واحد لأن الإسلام یدعو إلى الوحدة فما الداعي إلى استحداث ما یفكك بالأمة وأنا أرى أصحاب ھذه الأعراس المستقلة من أھل المال أو أھل الأفكار الخاصة یصعب علیھم الانقیاد والانصیاع إلى الرأي
العام فیسببون بأعمالھم الارتجالیة تصدعات في الأمة رغم أن العرس سنة مندوب إلیھا لا تحتاج إلى كل ھذا الھرج والمرج وأرى أنھ مما ساعدھم على ھذا التنوع المقیت استجابة كثیر من أفراد الھیئات لدعواتھم وھذا خطأ فادح .


التصحیح أمر مشروع والإبداع عمل ممدوح لكن بطرقھ المطلوبة فما یضر أھل المال إذا طالبوا العزابة بنزع شيء أو بإضافة شيء في ھذه النظم الاجتماعیة یتوافق ومتطلبات العصر فما داموا أي أھل الحل والعقد ینصاعون لأھل المال فيقراراتھم الشخصیة فمن باب أولى وأحرى أن ینصاعوا لھم في كل ما فیھ صلاح للأمة ولیس فساد القمة مبررا لإفساد القاعدة والرجل الرشید یخفف من الفساد ولا یزید فیھ بمبررات واھیة .


كلنا نحس بالنقص ونأمل في الصلاح ونرید النھوض بالأمة في كل المجالات لوجود الخلل جلیا ولكن نرید السبیل الذي یضمن لنا النتیجة فیما یستقبل من الزمان ولا یشق عصا الوحدة نرید العودة إلى العمل الجماعي في الدعوة إلى لله لأن حالة المجتمع لا تبشر بخیر لكثرة الدعوات الانفرادیة فیھ وتنوعھا وقلة النتیجة المطلوبة ونرید العمل الجماعي كذلك في القیام
بإصلاح الأمور الاجتماعیة كالأعراس وغیرھا لأن خرجات أھل المال والأفكار الخاصة وشطحاتھم في ھذا المجال لھا تأثیرھا على وحدة الأمة ونحن نرى ونسمع في ھذه الأعراس أمورا یندى لھا الجبین بحكم ادعاء الخصوصیة في إقامة العرس فأي إنسان یرید عملا ما في المجتمع فلیتذكر أنھ في السفینة وأن معھ أناسا في الأعلى والأسفل ولیتدبر عاقبة عملھ
على المدى البعید وإذا أراد الحریة والحفاظ على خصوصیاتھ فلیخرج من السفینة إلى البحر بوسائلھ الخاصة أو إلى جزیرة من الجزر ولیفعل ما یشاء في محیطھ الخاص أما أن یظاھر قومھ ویسعى إلى خراب بلدتھ التي ھي في طریق الدمار فھذا عار وأي عار .


علینا بمحاربة الارتجالیة في الأمور والعجلة فیھا نقوم على قلب رجل واحد ضد الأحادیة في الرأي ونشجع العمل الجماعي ولو كان مبنیا على رخصة لأن في الاتحاد قوة ونحارب العمل الانفرادي ولو كان مبنیا على عزیمة إذا كان فیھ تشتیت للجماعة وكان فیما یسع فیھ الخلاف .
وقد یقول قائل نحن رجال وھم رجال :


الجواب : نعم صحیح ھذا ولكن ھل نحن متصفون بالإخلاص الذي نالوا بھ الحسنیین نحن عبدة الجاه والمال ونخشى أھل المال ولله أحق أن نخشاه والذي قال بأنھ یجب الإبداع وعدم التمسك بما تركھ الأجداد نقول لھ أبدع خارج نطاقھم كما أسلفنا فكل الحضارة التي ننتمي إلیھا ونفخر بھا كانت من صنع ھؤلاء الذین أسسوا لھذا المجتمع نظما جماعیة أضحت لا تعجبنا
ونرید لھا بدیلا فإذا أردنا البدیل تبرأنا منھم ومن حضارتھم وقلنا ما یحلو لنا بدون عتاب أما أن نفخر بھم في كل زمان ومكان وعلى رؤوس الأشھاد ونتنصل من نظمھم متبعین للھوى فھذا في القیاس لعمري بدیع ولا یحق لنا ھذا بحال من الأحوال نحن لا ننكر بأن بنیانھم قد تصدع وأصابتھ رضوض لأنھم بشر یصیبون ویخطئون وزمانھم غیر زماننا فما كان
ثابتا من نظمھم تمسكنا بھ وما كان متغیرا أبدعنا فیھ بالشورى ومراعاة الأصلح للدین والجماعة .


والبنیان الذي وُھب لنا إذا كان أساسھ متینا وتصدع رممناه واستمتعنا بھ وقلنا الخیر للمبتدي ولو أحسن المقتدي أما أن نھدمھ مع متانة الأساس لأجل بعض التصدعات ونعید البناء الفوضوي علیھ فلا یجوز لأن ھذا العمل یعتبر نكرانا للجمیل وھضما لحق صاحب البناء الذي خطط وبنى وسلم لنا المفاتیح فكل النظم التي تكلمنا علینا كانت نتیجة عمل أجیال یجب
علینا المحافظة علیھا والإبداع فیھا بالشورى مع كل أصحاب الحق فیھا لأنھا لیست ملكا لنا ولسوف نسأل عنھا ھل حافظنا أم ضیعنا كلنا ننْشد الإبداع والتصحیح في سیر من سبق لكن تتخلف نظرتنا في ذلك وطریقتنا. فمنا من یترحم على الأجداد ویكبر فیھم جھدھم ویحافظ على نظمھم وسیرھم ویحاول طرح إشكالات للبحث والحوار فیما استشكلھ أو لم یقتنع بھ في الجانب الدیني والمجال الاجتماعي دون أن یمس بشخصھم الكریم بالأقوال المشینة والأوصاف
المھینة فیمكن أن یقول ھذا الأمر بدعة ولا یقول لمن فعلھ مبتدع لأنھ لا یدري على أي أساس وضعھ بالضبط وما حجتھ فیھ وقس على ذلك. أما الصنف الآخر منا فیصف من سبقھ من الأجداد الذین عدلوا في البلاد وأكثروا فیھا مما ینفع العباد في أمور المعاش والمعاد بالمبتدعة وبالمخالفین للسنة وبغیرھا من الأوصاف التي تمس شخصھم رغم طول المدة التي تفصلھ بینھم .


فلنا الحق في الانتقاد وتبیان الخطأ في نظرنا ولكن دون أن نھین شخصا سبقنا إلا إن كانت لدینا حجة قاطعة واضحة وضوح الشمس مع احتمال كل العذر .


خاتمة :


وفي الختام أذكر الأعمال الجماعیة التي حافظت على وحدة الأمة في غابر الأزمان - ولا تزال إلا قلیلا منھا - وكان لھا مغزى اجتماعیا مع ما فیھا من أمور یقال بأنھا مخالفة للسنة رزقنا لله اتباعھا.


1/: صلاة الجماعة في المسجد وخاصة صلاة الظھر والعصر التي یكون فیھا الرباط بینھما .


2/: تلاوة القرآن في المسجد جماعة بین المغرب والعشاء وبین الأذان الأول والتثویب لصلاة الصبح كل یوم .

3/: تلاوة القرآن في المسجد في مناسبات خاصة كشھر رمضان كاملا من أول یوم منھ إلى صبیحة العید دون انقطاع وفي بعض اللیالي المعروفة في السنة وفي المآثم والأعراس وفي المقابر والختمات.


4/: صلاة بعض النوافل جماعة في المسجد في بعض المناسبات خلاف قیام رمضان وإعادة الصلوات الخمس فیھ


5/: موسم الزیارة السنوي الذي یجمع الناس من أجل السیاحة في البلدة على اختلاف أعمارھم ومراتبھم وفي داخل الزیارة مجموعة من الناس تعنى بقواعد القرآن الإملائیة


6/: مناسبة تغییر المنكر التي تقع في العام مرتین جماعة إقامة للحجة على من لم یصلھ الأمر أو النھي أو على من تعنت وأصر .


7/: إحیاء لیلة المولد النبوي بالمدیح والمواعظ جماعة

8/: الاجتماع للسیاحة مرة في الأسبوع صیفا والاجتماع في المحاضر لحفظ القرآن وتلاوتھ في القصر والجنان .


9/: الاجتماع للحراسة في البلدة بطریقة مقننة والاجتماع كذلك لإقامة الأعراس وبعض المناسبات الاجتماعیة المتنوعة وإحیاء بعض العادات التي لھا أصل في الدین .


10 /: زد إلى ما مضى بعض الأعمال الجماعیة كموسم جني التمور جماعة على مستوى المسجد والعشائر وكانوا في القدیم یحتطبون للمسجد جماعة وللأعراس كذلك بكیفیات عجیبة وكذلك موسم الحصاد الذي یجتمعون لھ ویعدون لھ العدة إلى غیر ذلك من الأعمال الجماعیة الاجتماعیة منھا والدینیة وقد رأینا زوال كثیر من ھذه الأعمال أو نقصانھا بحجة البدعة ومخالفة
السنة وبحجة تطور الزمان واختلاف عقلیة الناس إلى غیر ذلك من الحجج الواھیة التي نتشبث بھا وكثیرا ما نسعى نحن لخراب ذلك الإرث العظیم بتسرعنا في أخذ القرار الحاسم وعدم فھمنا ووعینا للأمور فنخترع الأعراس المستقلة والحركات الدعویة المستقلة كذلك عن النظم العرفیة في الدعوة مستندین في عملنا ھذا إلى أدلة ضعیفة نبرر بھا ما تسول بھ أنفسنا ولله
المستعان .

 

كتبه : أبو موسى الشماخي

الأعياد والمناسبات الموسمية بوادي مزاب

  • التراث غير المادي

    Icon 07

    تعرّف اتفاقية اليونسكو لسنة 2003 التراث الثقافي غير المادي بكونه الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية، التي تعتبرها المجموعات وأحيانا الأفراد جزء من تراثها الثقافي. هذا التراث الذي يسمى أيضا "التراث الثقافي الحي" يشمل الميادين الآتية:
    العادات وأشكال التعبير بما فيها اللغة التي تمثل محرك التراث الثقافي الغير مادي، فنون الاستعراض، الممارسات الاجتماعية، الطقوس، الأحداث الاحتفالية، المعارف و.....

    إقرأ المزيد

  • العادات والتقاليد

    Icon 09إن التقاليد و العادات ببلاد مزاب تختلف عن غيرها من البلاد ، فلكلٍّ صبغة ووجهة و هدف ، إنها في وادي مزاب مطبوعة بطابعالدين الخالص ، بحيث لا يتسرب إليها تدجيل أو حذلقة أو تصوف مقيت أو جمود أو تزمّت عائق عن العادة النفسية ، و...

    إقرأ المزيد

  • عوائد مزاب سنن لا تقاليد

    Icon 09
    من سنن الله في عباده، جعلنا شعوب و قبائل لنتعارف، وهذا من فضله و منه علينا وهذا أيضا من بديع صنعه سبحانه و تعالى ،فالمتأمل في عادات و تقاليد بني مزاب يجد لها ارتباط و..

    إقرأ المزيد

  • عادة  تنوبا ⵜⵏⵓⴱⴰ

    Icon 09عــــــادة  تنـوبــتا
    تينوباوين المتعلقة بقصر تغردايتتينوباوين المتعلقة بقصر تغردايت
    موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الصيفي...

    إقرأ المزيد
  • أبيانو مناسبة عاشوراء

    Icon 08
    يتم استقبال العام الهجري الجديد في احتفالات دينية، ففي شهر محرم وبمناسبة عاشوراء، يحتفل كل سنة بإعداد طبق خاص من الفول "إباوان"، ويردد الأطفال أغاني محلية "أبيانو"ن وتقام زيارات عائلية متعددة.


    إقرأ المزيد

  • مناسبة أعمار ⴰⵄⵎⴰⵔ

    Icon 09بوشمجان ذكريات اصطياف وبواكير وعي: كان موسم النزوح إلى الواحة للاصطياف دأب أغلب المزابيين حيث يجدون في بساتين واديهم ملاذا من قيظ الصيف..، وقد كانت العطلة الصيفية آنذاك بالنسبة لطفولتنا موزعة بين سويعات للتعليم القرآني.....

    إقرأ المزيد

  • مناسبة الاّي سڨ وعمار ⴰⵍⵍⴰⵢ

    Icon 09قصة يوزان داديك حمو ولحاج  
    بين أَلاَّيْ وأَعْمَار الدلالة .. ورمزية التحضُّر   
    أزداغ د وعْمَار  ⴰⵣⴷⴰⵖ  ⴷ   ⵓⵃⵎⴰⵔ ...


    إقرأ المزيد

  • تحيزَّا ⵜⵃⵉⵣⵣⴰ thizza

    Icon 09تحيزا هي مِن عاداتنا الجَميلة  ومن بين مراسيم  حفل الزواج في قصور وادي مزاب، في الصباح الباكر من اليوم الأول من عقد القران يذهب العريس رفقة وزرائه وأفراد العائلة وكل من أصدقائه ومرافقيه وبعض أعضاء العزابة لزيارة المقبرة التي دفن فيها بعض أفراد عائلة العريس، مثل مقبرة باعيسى وعلوان أو مقبرة بابا والجمة أو مقبرة الشيخ عمي سعيد، كما تستغل هذه الفرصة للتعريف بأول..

    ...

    إقرأ المزيد

  • الأعراس الجماعية

    Icon 07
    مراحل العرس
    الأعراس الجماعية: الأعمال الجماعیة وفوائدھا الدینیة والاجتماعیة في المجتمع عادة "أحبي" أو "تازوضا .".....
    ...

  • مناسبة  ينار ⵢⴻⵏⵏⴰⵕ

    Icon 07
    مناسبة ينّار إرث حضاري وتراثي لبني مزاب 
    يـــنّــــاڔ ⵢⴻⵏⵏⴰⵕ عبد الرحمن حواش
    ...

  • عيد الزربية

    Icon 07
    تقام كل سنة في شهر مارس، وتحتفل به كافة ولاية غرداية باستعراض لعربات مزينة بالزرابي من مختلف أنحاء الولاية، ومعرض للمنتجات الحرفية التقليدية وألعاب وأغاني فلكلورية.
    ويشكل “عيد الزربية” فرصة لتثمين ما تزخر به ولاية غرداية من ثروات تقليدية والترويج لها، حدثا يستقطب العديد من السياح الوطنيين والأجانب والمهتمين بالزربية التقليدية......

    إقرأ المزيد

    إقرأ المزيد
  • موسم الحج

    Icon 09يحتفل المزابيون برحيل وقدوم الحجاج من البقاع المقدسة، بترديد أناشيد دينية في مختلف المساجد وفي مصلى خاص يسمى "المستجاب".
    يقوم بمرافقة الحجاج الميامين إلى البقاع المقدسة مرشد كمرجعية فقهية وتاريخية وقد 
    تولى الشيخ الناصر المرموري رحمه الله هذه المهمةلعشرات السنين باعتباره عضوا دائما في البعثة المزابية إلى البقاع المقدسه...

    إقرأ المزيد

  • فورار فبراير

    Icon 09

    في بداية فصل الربيع، يقوم السكان بزيارات للمصليات الجنائزية المنتشرة بالبلدة لتلاوة القرآن الكريم وتوزيع الصدقات.

  • شهر التراث

    Icon 09يحتفل به في كافة منطقة المغرب العربي، وذلك بتنظيم نشاطات علمية وثقافية خاصة بالتراث، وتقام ما بين 18 أفريل (اليوم العالمي للتراث) و18 ماي (اليوم العالمي للمتاحف). وهذا بعد ملتقى الدار البيضاء بالمغرب سنة 1995.

  • مناسبة جني التمور

    Icon 07 يحتفل بهذه المناسبة بكافة واحات وبساتين المنطقة، أين توجد أكثر من 150 نوع من التمور، ومن بينها: أوتقبالا (بنتقبالا)، تامجوهرت، دقلة نور، الدالة،... الخ. وبهذه المناسبة يقام معرض لمنتجات التمور.

 

  • المواسم، المناسبات، أعياد وحكمها الشّرعي

    Icon 07
    جميع المجتمعات تتخذ لنفسها مواسم ومناسبات وأعيادا تفرح فيها وترسخ اللحمة العائلية والاجتماعية، وقد كان في صدر الإسلام مناسبات هي امتداد للمناسبات الاجتماعية في العصر الجاهلي. والمجتمع المتدين يميل إلى أن يستلهم من ميراثه الثقافي الديني مناسبات، ثم انضم إلى ذلك في العصر المدني الأعياد الوطنية، وكلها وسائل ليحيى المجتمع ويتماسك وخاصة في الوقت المعاصر الذي طغت فيه المادية التي.....

    إقرأ المزيد
  • الاحتفال بمولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

    Icon 07
    يطبع إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف بمنطقة مزاب بمظاهر وعادات خاصة تستمد جذورها من التراث الثقافي المحلي العريق ويميزها استعراض بواسطة مصابيح الزيت ”انارن” بقصر بن يزجن. وعلاوة على الجموع الغفيرة من المؤمنين التي تتوجه إلى مختلف المساجد لأداء صلاتي المغرب والعشاء فإن العشرة أيام الأولى من الشهر الذي يصادف ميلاد خير البرية الرسول -محمد صلى الله عليه وسلم- تتميز أيضا بمنطقة سهل وادي ميزاب بإحياء سهرات دينية تخصص لتلاوة القرآن الكريم والمدائح النبوية. وتكتسي الاحتفالات الخاصة بإحياء ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم على مستوى بلدة بني يزقن العتيقة طابعا متميزا ينبني على....

    إقرأ المزيد


    إقرأ المزيد
  • عادة مجالس القرآن

    Icon 07
    أولا: أرجال
    ثانيا: البدلة الرسمية
    ثالثا: آداب المجلس القرآني
    رابعا: قراءة القرآن


    إقرأ المزيد
  • عيد الزيارة
    Icon 07موسم الزيارة هي تظاهرة شعبية تحدث مرة في العام في فصل الربيع في جميع قصور وادي مزاب يتجمع الناس في مكان معين، فيجوبون بعض الأماكن المعروفة في البلدة ويقومون بزيارة بعض المقابر القديمة من أجل العبرة وتقديم تاريخ المشائخ للأجيال الصاعدة مرددين في تجوالهم هذا الذكر جماعة :[سمِ اللهِ ياَ اللهُ يا رحمانُ يا رحيمُ يا الله ارحمنا] ويغتنمون الدعاء للغيث لأن الموسم موسم بذر خضروات الصيف وموسم تأبير النخيل والمتصدر في هذا المهرجان الشعبي هم العزابة...

    إقرأ المزيد

  • عيد آحباس بالقرارة

    Icon 07
    تنظم بالقرارة  جمعية إحياء التراث وحماية الآثار عيد آحباس حيث يقام في هذه التظاهرة الثقافية مسيرة استعراضية فلكلورية بساحة إينورار  وأخرى حول المنتوج التقليدي للمنطقة بمشاركة جمعيات الأحياء والأفواج الكشفية بالإضافة إلى الفروسية ، وإلى جانب هذا يتم تنظيم مسابقة أحسن لباس تقليدي للأطفال الصغار الذين يفسح لهم المجال للمشاركة، وعلاوة على ذلك يتم تنسيق معرض متنوع يضم في أجنحته صور قديمة لقصر القرارة ونظم الري التقليدية وكيفية المحافظة عليها بالصور والأرقام، وكما يتم أيضا عرض أفلام وثائقية في ذات الشأن لاستعادة العادات والتقاليد الضائعة و التي افتقدها شباب الحضارة والعولمة.
  • عيد أملاڤا نْفاش

    Icon 07
    يحيى سكان منطقة وادي مزاب المناسبة التقليدية السنوية المعروفة بـ” أملاڤا” بالأمازيغية (اللقاء) تسمح هذه التظاهرة للمحسنين بإقامة “أنفاش” (الصدقة). وتنسب تسمية هذا الحدث الإجتماعي السنوي المعروف بـ”أملاڤا” إلى نقطة إلتقاء تقع بأقصى شمال سهل وادي مزاب لواديي الأبيض ولعديرة اللذين يمونان مجرى وادي مزاب بمياه الأمطار حيث تحول هذا الموقع الطبيعي الفسيح إلى....

    إقرأ المزيد

  • تشموست ن ولالي ن وارا

    Icon 07
    من تقاليد آت مزاب هي عبارة عن خلطة تقليدية من العطور تحضر في اليوم السابع من ميلاد البنت أو الطفل ولكل منهما ألوان خاصة به فاللون الأحمر و الأخضر خاص  باللبنت أما  الأبيض و الأسود فهو للطفل.

  • عادات مزاب لَمْزَن

    Icon 09

    إننا نستدعي التاريخ ونستحضره أحيانا لينفخ فينا روح العمل والاستمرار، ويفكَّ عنَّا قيود المستحيل إلى سعة الممكن والقابل للتحقق، لكن لا ينبغي أن نستهوي النفخ ونمتهن التفاخر والتعظيم ونحن نغط في سبات عميق، ثم نستيقظ على واقع مرير وصادمإن من العادات الحسنة التي لم يبق لها أثر للأسف على.....

    إقرأ المزيد

  • أَنْفَاشْ نَ تْجَمِّي

    Icon 09

    بهمزة مفتوحة ونُون ساكنة محققة وفاء مفتوحة. لفظ أمازيغي مزابي. وهو وليمة جماعية يُتقرَّب بها إلى الله تعالى، تقام على مستوى حي أو جماعة أو بلدة، يُسْهِم فيها كلُّ فرد بما يستطيع، تهدف إلى لَمّ الشمل ومساعدة....

    إقرأ المزيد

  • عادة توديع المسافرين والحجيج

    Icon 09

    مفتوحة ونُون ساكنة محققة وفاء مفتوحة. لفظ أمازيغي مزابي. وهو وليمة جماعية يُتقرَّب بها إلى الله تعالى، تقام على مستوى حي أو جماعة أو بلدة، يُسْهِم فيها كلُّ فرد بما يستطيع، تهدف إلى لَمّ الشمل.........

    إقرأ المزيد

  • عادة إِوْزَانْ نْ اُمْسَافَرْ

    Icon 09

    نظرا لما كان يتلقاه المسافر خلال سفره من مخاطر كاعتداءات قطاع الطرق، يقوم الأهل ببعض الطقوس بنية حفظ المسافر في حله وترحاله وهي: إثر تخطيه عتبة البيت للخروج تقوم إحدى النساء المودعات له برمي ماء فيه حناء تيمنا بهذه العشبة وراءه، وغالبا ما تكون الأم أو...

    إقرأ المزيد

  • فرقة إمكراس الفولكلورية

    Icon 09

    الرقص الشعبي الفولكلوري: لكلّ شعب من الشّعوب رقصات خاصة به تنتقل من جيل لآخر. الرقص الشعبي شكل من أشكال الاحتفال أو الشعائر الدّينيّة. يُتَعلّم من قبل الأفراد كلّما يكبرون في الجماعة بالتّوارث.. فالرّقصة يمكن أن تكون فنًّا طقسيًّا أو استجماميًّا يذهب إلى ما بعد الأغراض الوظيفيّة للحركات التي استعملت، كما أنّها تظهر العواطف، الحالة المزاجيّة، أو...

    إقرأ المزيد

الألبسة التقليدية والزينة

 

  • الألبسة التقليدية عند الذكور

    c 7

    يشكل اللباس التقليدي سيما منه العباءة البيضاء والقبعة البيضاء المعروفة باللهجة المحلية لسكان وادي مزاب بـ "تشاشيت"  أو الشاشية التي تلبس فوق الرأس من الخصوصيات التقليدية الراسخة في وسط سكان وادي مزاب سيما في المناسبات الدينية. ويحظى هذا النوع من اللباس المتوارث عبر الأجيال المتعاقبة بشيء قد يرقى إلى درجة القدسية في أوساط سكان المنطقة لما يرمز إليه من أصالة وثقافة ذات بعد اجتماعي والتي لازالت تشكل وعلى مدى أزمان متتالية مرجعية هذا...

    اقرأ المزيد

  • اللباس التقليدي القومي المزابي

    c 7

    إن أهم ما جعل الأمة المزابية الأصيلة تظهر أمام باقي الشعوب هو تلك المجموعة من المميزات التي لا يمتلكها سواه , و منها بضع الخصائص الرئيسية التي ما فتئ المزابيون يدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة ضد تيارات الغرب المفسدة , و من مظاهر تمسك المزابيين بأصالتهم , لباسهم التقليدي , و الذي يواظب المزابيون على ارتدائه إلى يومنا هذا سواء في المناسبات أو غيرها , و يعتبر من لم يلتزم بهذا اللباس في مزاب غريبا و...

    اقرأ المزيد

  • العباءة والقبعة البيضاء، لباس تقليدي يفرض نفسه

    c 7

    يشكل اللباس التقليدي سيما منه العباءة البيضاء والقبعة البيضاء المعروفة باللهجة المحلية لسكان وادي مزاب بـ "تشاشيت"  أو الشاشية التي تلبس فوق الرأس من الخصوصيات التقليدية الراسخة في وسط سكان وادي مزاب سيما في المناسبات الدينية. ويحظى هذا النوع من اللباس المتوارث عبر الأجيال المتعاقبة بشيء قد يرقى إلى درجة القدسية في أوساط سكان المنطقة لما يرمز إليه من أصالة وثقافة ذات بعد اجتماعي والتي لازالت تشكل وعلى مدى أزمان متتالية مرجعية هذا...

    اقرأ المزيد

  • آحولي عند الرجال

    c 7

    فهناك عدة طرق لارتداءالعبــاآت الرجالية (آحولي ن إيرجازن)، فالمرتدي له يقضي وقت طويل في تنظيمه وتعديله ووضعه على الرأس مرة وأخرى على الكتف......

    اقرأ المزيد   
    اقرأ المزيد
    اقرأ المزيد

  • تِشْبَرْتْ نَ لَّـتشْ

    c 7

    لفرقة "إمكراس" لباس أُبّهةٍ خاص بهم، يظهرون به في مختلف الاحتفالات والمناسبات.. ممثلا في ﭬﻨﺪورة صوفية تُدعى "تِشْبَرْت نْ لّتش" أي الڨندورة الملونة.. لا تتعدّى الركبتين، لونها مزيج من حواش أفقية سوداء بنية، حمراء وبيضاء... تتخلّلها رسوم في أشكال هندسيّة تمثل المشط والعقرب ورسوم أخرى.. حيث يظهرون من خلاله في أبهى حلة مع بعض.....

    اقرأ المزيد     اقرأ المزيد

  • تقشابيت ن ضوفت

    c 7

    تقشابيت هي لباس تقليدي شهير عند ألامازيغ مصنوع من الوبر اوالصوف، وهي ذات قيمة عالية في منظور عدد كبير من أبناء الامازيغ الذين يفضلون ارتدائه ويتفاخرون بها، تبعا لجمالهاا وفعاليتها لمقاومة البرد القارص، خصوصا ان الامازيغ يسكون الجبال التي تنزل بها درجة الحرارة في...

    اقرأ المزيد

 

  • لباس المرأة والفتاة 

    c 7

    لباس المرأة والفتاة كان في القديم مقتصر على الملحفة تستر بها بدنها وأَخَمْرِي تغطي به شعرها وجيبها. هذا داخل البيوت. وإذا أرادت المرأة الخروج إلى الشارع تدثّر بحائك من الصوف ساتر لجميع البدن مكتفية، للاهتداء في سيرها، بثقب واحد تبصر من....

    اقرأ المزيد

  • الجرد الصّوفي لدى النساء [آحولي]

    c 7

    لا توجد طرق كثيرة بالنسبة للسيدات في ارتداء آحولي فهن يمسكن اطرافه مع الطرف النازل من اعلى الرأس ولا تترك إلا فتحة صغيرة مثلثة امام العين ،وتجمع النساء طرفا الحولي بعد ثنيها تحت الإبط إلى الأمام، إنها تضعه فوق الرأس دوما وإذا ما أمسكت به بإحدى يديها أو بكليتهما مستورتين وجعلت الحولي يغطي وجهها فإن ذلك يسمح ببرور إحدى عينيها من الشق العمودي وغالبا ماتضعه على...

    اقرأ المزيد

  • ارتداء آحولي عند النساء

    c 7

    [آغـمـبز] أو [آسبمــبش] هو فعل يعني وضع المرأة لحافها على وجهها أي وضع طرف الرداء على الوجه للمواراة عن الأنظار، ويقال لها بالمزابية (تامطّوت تغـمبز) أو (تامطّوت تسمبـمبش) أو (تامطّوت تسّنش) وهذه الطريقة لا تزال تتبع حتى يومنا هذا في وادي مزاب،  فالمرأة المژابية تقوم بالتغمبيز قبل كل خروج من بيتها، أو عند تواجد الغرباء، والغريب هو كل من ليس بمحرم لها....

    اقرأ المزيد

  • 02

    مستحضرات الزينة التقليدية

    لبخورⵍⴻⴱⵅⵓⵔ 
    أشمـــــوس ن لبخور
    أسّـــــووⴰⵙⵓⵡⵓ...

    اقرأ المزيد

  • 02

    تامناست  تيقاد
    رسوم تزينية
    أمول ن زفران د تيقت ن زفران
    تيققاد ن تَمَنّاسْتْ
    لـــحنّي الحناء
    لـــــوسⵍⵓⵙ
    أجــــيّرⴰⵊⵢⴻⵔ...

    اقرأ المزيد

  • 02

    أصّارميا ن إيدمارن
    أبشي ن ألويز
    أشّركت ن ايسلطانيين
    تيمشرفين ن إيبيلان.....


    اقرأ المزيد

  • 02الإثمد الكحل تاژولت ⵜⴰⵥⵓⵍⵜ

    تاژولت كلمة أمازيغية تعني التجميل وتطلق على الكحل الذي تستعمله النساء لتجميل العيون. وهذه المادة تقوم بصنعها وتحضيرها نسوة متخصصة. و......



    اقرأ المزيد

  • 02أكراض دوزاو

    الرمال المحمصة للشعر
    ئيفوحان ن وكراض
    حني ن وزاو
    أقرضن  قرضون...

    اقرأ المزيد

 

وثائقي | اللباس التقليدي المزابي

وثائقي يتحدث عن تاريخ و تطور اللباس التقليدي المزابي واهميته كعنصر مهم للهوية المزابية خصوصا والحضارة الجزائرية الضاربة جذورها في التاريخ عموما

منتج منفد: مركز بالكوم للخدمات الإعلامية

 

اللباس التقليدي الميزابي وتطوره عبر العصور

الإباضية وادي سوف

إباضيون سوافة... وستة قرون من العطاء الإباضي في سوف

Icon 09

لم أكن أعرف لماذا كلما صادفني أحد مشايخ الإباضية يكبر في ناظري وسرعان ما أشعر وكأنّ شيئا ما يجذبني إليه، فأكاد أقبل عليه مصافحا مسلّما ومستبشرا به، وكأنني أعرفه من زمن بعيد .. مازالت هذه الظاهرة تكبر معي وتلازمني بكل ما فيها من براءة وتلقائية، حتى أدركت أن هؤلاء السادة الكرام هم أجدادي وأهلي، لذلك كان ينتابني هذا الشعور تجاههم...

فهم الذين نزلوا في منطقة (سوف) ذات يوم وظلوا بها ستة قرون كاملة نشروا خلالها العلوم والمعارف، وكان عشرات من كبار الفقهاء السوافة  لكنهم إباضيّو المذهب كما سنرى..إباضيون سوافة وستة قرون من العطاء الإباضي في سوف

سنة 1980 كنت في الخدمة الوطنية بمدينة ورقلة، لم أكن أعرف لماذا أتوجّه مباشرة إلى مسجد "لالة عزة" لأصلي العصر وأنا أرتدي البدلة العسكرية، فأقبل نحوي وقتها احد الشيوخ وأظنه المؤذن ومنحني "قدوارة" زرقاء، كانت معلقة في مسمار بإحدى السواري الضخمة لهذا المسجد العريق، فأرتديها لأصلي العصر مع القوم.. ومضت الأيام تتدحرج والسنون تتوالى، وخلال 2005 ـ 2008  كثر ترددي على ورقلة، وأضطرّ في غالب الأوقات إلى المبيت فيها، فكنت أتوجّه أيضا مباشرة ودون سبق إصرار أو أية نيّة أخرى إلى مسجد لالة عزّة، حيث صليت الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وذات مرة صادفت زيارتي يوما من أيام الصيف الحار، فصلينا في السطح الذي يقع فوق المسجد، وهو سطح، الهواء فيه طلق، مكان يجد فيه المتعبّد حلاوة الركون إلى الله ويستشعر فيه قداسة المكان ووقار أهل الدار..

هناك ملاحظة فقط وقفت عندها مطوّلا ولم استطع فهمها سوى هذه الأيام من خلال مراسلة الأستاذ الفاضل سليمان بومعقل عن مسجد لالة عزة.. فخلال 2005 عندما زرت المسجد بعد غياب طويل، وجدت جزء مهمّا منه قد تم هدمه وتجديده بطراز عصري، فأعبت على القوم وقتها هدم مسجد عريق كهذا، وقلت لو أنهم رمّموه لكان أفضل..ورسخ في بالي أن الجزء المتبقي منه سيكون له نفس المصير، فلم يكن بوسعي نقل الملاحظة إلى أصحاب المسجد وانا مجرّد عابر سبيل.. حتى أشار إلى ذلك الأخ سليمان بومعقل في مقاله عندما اعتبر الهدم خطأ قائلا بصريح العبارة : " علما أنه هُدّم هذا المحراب و القبة مع الصفين الأولين للتوسعة والتجديد سنة 1991، و هو خطأ في حقّ التراث المعماري. محاولة لبعث المحراب والقبة الأصليين، اتّخذ في البناء الجديد ما يشبههما."

سوف ظلت لستة قرون محسوبة على التاريخ الإباضي:

هذا الموضوع بدأ يستقطب اهتمام مجموعة من الدارسين المحليين هنا بالوادي، والبحث الذي سنعتمد عليه اليوم في تقديم نبذة عن حياة الإباضية في سوف، عنوانه: "سوف في المصادر الإباضية" للأستاذ نصر الدين وهابي، معهد الآداب واللغات، المركز الجامعي بالوادي، عثرنا عليه في كتاب من إصدارات الجمعية الثقافية للمركز الثقافي محمد ياجور بقمارـ طبعة 2008. وهو البحث الذي اتسم بالموضوعية في عرض الشواهد التاريخية.. وقبل ذلك نشير أنه في الوقت الحالي يوجد عائلة واحدة بالوادي من أصول إباضية لا يزال بعض شيوخها أحياء، حتى انه حسب ما قيل لي أن بني عمومتهم قد جاءوهم خصيصا من غرداية ليمكنوهم من إرثهم المترتب لهم بعد وفاة المورّث في منطقة ميزاب..

يقول صاحب البحث المذكور في شرح كلمة (سوف) حسبما ورد في كتب السادة الإباضية ما يلي: "تتوفر كتب التاريخ الإباضية على قدر هائل من المادة التي تعني( سوف) لسبب بسيط جدا هو أن هذا الإقليم كان لقرون عديدة موطنا إباضيا بدرجة مهمة، ملأ هذا المذهب أرجاءه كما ملأ كل الأقاليم المحيطة به... وذلك من أوائل القرن الثاني الهجري إلى القرن التاسع الذي انحسرت فيه الإباضية وتراجعت لتستقر في وادي ميزاب..ومن ثم فإن (سوف) لستة قرون تقريبا محسوبة على التاريخ الإباضي وهو المسئول عنها والمطالب بأخبارها.."

ويضيف الباحث: "سوف محوّلة من(أسوف)، فالمصادر الإباضية تصرّ على أنها(أسوف) وليست سوف، كما تذكر أريغ وليست ريغ..".

ويضيف الباحث متحدثا عن التواجد الإباضي في سوف، فيقول : "سوف تعرفت على الإباضية منذ القرن الأول الهجري عند تأسيس الدولة الرستمية، بل أن ثمة من القرائن المثبوتة في المصادر الإباضية ما قد يفهم معه أن سوف عرفت الإباضية قبل تأسيس هذه الدولة وأن المذهب الإباضي سبق الدولة الرستمية.."

أسماء بعض أعلام الإباضية السوافة

يجب أن يعلم الجيل الجديد بأن الإباضيين هم أجدادنا وآباؤنا، والدليل على ذلك هي هذه القائمة من الفقهاء السوافة الأقحاح ولم يكونوا لا مالكيين لا تجانيين ولا قادريين أو رحمانيين أو حنابلة بل كانوا إباضية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ومن هؤلاء نذكر:

ـ أبو طاهر إسماعيل بن أبي زكريا السوفي ( النصف الثاني من القرن الخامس القرن 11م)، وهو من فقهاء الإباضية وحملة علمهم وله فتاوى كثيرة ومؤلفات عديدة، وكان مسكنه في ورجلان.

ـ سارة اللواتية السوفية (النصف الثاني من القرن الخامس الهجري 11م)، ومسكنها سوف، صالحة عابدة، كانت تروي أشعارا بالبربرية، كانت تأوي الشيوخ وتزورهم طلبا للعلم.

ـ عبد الله المنصور النصيري السوفي( القرن الخامس هجري)، من بني منصور بوادي سوف، تذكره المصادر الإباضية مقاتلا لحماد بن بلكين الزيري في حصاره لقصر وغلاتة.

ـ أبو عثمان خليفة بن عمارة السوفي المارغني(أواخر القرن الخمس وبداية القرن السادس الهجريين)، وهو من زواغة بجربة..

وللإباضية علماء درسوا في سوف، منهم: أبو الربيع سليمان بن علي، وأصله من تيمجار في جبال نفوسة بليبيا. وكذلك الربيع بن يخلف الوسلاتي المزاتي النفطي القابسي...

ويذكر الباحث نصر الدين وهابي، أن المصادر الإباضية هي من تكلم على سوف بغزارة في الوقت الذي زهدت عن ذكرها المصادر الأخرى، والسبب في ذلك أنهم كانوا يعدونها محسوبة على مذهب خصم لهم، في حين أن المؤرخين من غير الإباضيين اشتغلوا في التأريخ لمذهب الشيعة تحت قيادة الفاطميين.

أسباب انحسار الاباضية عن سوف

يقول الباحث نصر الدين وهابي في محاضرته المذكورة ما يلي : " والذي خلصت إليه في بحثي عن أسباب إنحسار الإباضية في (سوف) هو إمكان الرجوع بها لسببين هما:

1ـ تحول إباضية سوف في غالبيتهم إلى مذهب النكارية( فرقة منشقة)، والنكارية لا تعني البقاء في المذهب الإباضي في صورة ثانية، إنما تعني الخروج منه والتوجه إلى مذهب السنة (حسب تعبير صاحب البحث)، لذا لم يبق اليوم غير إباضية وهبية(فرقة أخرى منشة أيضا عن المذهب الأم) أما النكار فذابوا مع الأيام في المذاهب الأخرى، وكان مذهب المالكية المرشح الأول للتغلغل في (سوف).

2ـ يعود هذا السبب إلى الصراع المرير بين زناتة الإباضية وقبائل بني هلال العربية التي ستمثلها على مسرح الأحداث في سوف، (طرود) و(عدوان)..

وانحسار المذهب الإباضي عن سوف، صحبته دعايات غالبا ما تحصل بين الأخوة الفرقاء، كتلك التهم التي ألصقت بالمذهب الإباضي فيما بعد من خلال وصفه بالخارجي او الرافضي.. والحقيقة أن المذهب الإباضي هو براء من كل ذلك براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ولكن الفرقاء كما قلنا لا يفتئون ينتحلون التهم ضد بعضهم بغرض الإساءة والانتقام. ومن المغالطات التي يرتكبها بعض الباحثين سامحهم الله إما عمدا أو سهوا أنهم لا يعدون المذهب الإباضي بالمذهب السني، وهذه هي مغالطة أخرى يبدو انه آن الأوان لتصحيحها.

 

----------------------------

المصدر:  جريدة الحوراء الأسبوعية

الإخوة الإسلامية الكاملة في الدولة الرستمية

وكانت الدولة الرستمية دولة الإخوة الإسلامية الكاملة. ق فتحت ذراعها لكل الناس، ورحبت بكل الطوائف، وقصدتها الأجناس من كل أنحاء العالم. وكان فيها اليهود والنصارى، كما كان فيها العجم والعرب والسودانيون والأوروبيون من صقلية وايطاليا والأندلس والجزر الأخرى القريبة من المغرب. وكانوا يتوافدون عليها للتجارة أو للعمل أو للإقامة. كما قصدت الدولة الرستمية كل الطوائف الإسلامية من المشرق فاستوطنتها. وكان فيها الكوفيون والبصريون والمصريون، والخراسانيون وغيرهم. وكانوا جميعا يجدون من الدولة الرستمية الجمهورية العادلة كل اعزار واحترام، وكل عدل ومساواة. لا تفضل البربر أبناء الوطن الأصليين عليهم، ولا تعاملهم كغرباء. أنهم أما يكونوا مسلمين فهم في وطنهم، لان الإسلام قد جعل المسلمين إخوة، وإما أن يكونوا من الأديان الآخرة فهم أهل الذمة؛ على الدولة رعايتهم، وحمايتهم وتعليمهم، والأخذ بأيديهم إلى ما فيه صلاحهم ونجاحهم وسعادتهم.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 298-299

الإسلام وتوحيده للشعوب

الدين الإسلامي العظيم ومزجه وتوحيده بين الشعوب

إنه ولو لم تتغلب الدماء البربرية على الدماء الفارسية في العائلة الرستمية، فان الدين الواحد، وهو الدين الإسلامي العظيم الذي تتمسك به العائلة الرستمية كل التمس، ويتمسك به البربر تمسكها ليجعلهم شيئا واحدا في الأخلاق والاتجاه، فيمتزجون امتزاج النور بالنور، ويصيرون عنصرا واحدا لا فرق بينهم في شيءإن الاختلاف إنما يكون بين العائلة الرستمية والبربر لو انتقلت إلى المغرب في القرن الأول قبل أن يؤثر الدين الإسلامي تأثيره البالغ في شخصية البربر، وفي شخصية الفرس. أما في القرن الثاني سيما في آخره فقد جعل الدين الإسلامي كل المتمسكين له متماثلين في الأخلاق، وصيرهم امة واحدة هي امة محمد عليه السلام، وشعبا واحدا لا فرق بينهم في الاتجاه والعقيدة التي تفرق بين الناس انه لأثر الدين الإسلامي العظيم في المزج بين مسلمين وجعلهم نفسا واحدة ذات طباع واتجاه واحد، قال الله سبحانه للمسلمين " إن هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" فحكم بأننا امة واحدة –معشر المسلمين- وإن اختلفت دماؤنا وأقطارنا.

كان البربر وهو جمهور الدولة الرستمية واغلب سكان المغرب في ذلك الزمان يرون العائلة الرستمية جزءا أصيلا منهم لما قررنا في الوراثة والدماء، والدين الإسلامي الذي تتمسك به الدولة الرستمية كل التمسك. فهو قانونها المقدس. إنه دين يحرم التعصب للعرق، والتحيز للنسب، ويأمر بالاعتداد في الناس بالتقوى والتمسك بالدين الذي يجعل المؤمنين إخوة بصبغهم بصبغة واحدة هي الراسخة والبارزة في المرء أكثر من صيغة الوراثة الخاصة.

كانت الدولة الرستمية تتمسك بالدين كل التمسك. وكانت حربا على العصبية المذهبية وللعرف. وما ثار أهلها على الأمويين والعباسيين وخلعوهم ورموهم كالجورب المتهري إلا لظلمهم، وأنانيتهم، وتعصبهم لأنفسهم وعروقهم.

إن الدولة الرستمية قد فتحت أبوابها لكل المسلمين من كل أنحاء العالم الإسلامي، ومزجتهم بها، ورأتهم جزءا منها، لا فرق عندهم بين عربي وبربري وأعجمي. فالكل مسلمون. وهم امة محمد عليه السلام، والله قد جعلهم للبربر إخوة فقال: "إنما المؤمنون إخوة".

هذه هي نظرة الدولة الرستمية لمن يحل فيها من الأجناس المسلمة التي تهاجر إليهم كالسودان والعجم الآخرين الذين قد لا يصاهرونهم. أما العائلة الرستمية فإنهم يرنها في جسمهم رأسا، وفي وجههم الجميل العين الكحيلة. فكيف -لعمري- يقول الشيخ مبارك ألميلي في كتابة تاريخ الجزائر: إن العائلة الرستمية أجنبية في الدولة الرستمية، وإن الفتن الواقعة في عهودها المختلفة سببها عدم ثقة الحكومة بالأمة لأنها أجنبية.

قال الشيخ مبارك ألميلي: "أما الحالة الداخلية في الدولة الرستمية فالحرب فيها اغلب من السلم ! ذلك أن الحكومة لم تتمكن من بسطك نفوذها في المملكة على ضيف رقعتها ! فالقبائل مستقلة تحت أمراء منهم. وليس ثم من وحدة سياسية ولا دينية ! والحكومة أجنبية لا ثقة لها بالأمة ! وتتساهل لذلك في اتهامهم بالانتزاء عليها ! فنشأت الفتن من ضعف الحكومة وسوء ظنها بالأمة"(1).

إن هذه الأحكام كلها خاطئة. وارى أن الشيخ مبارك رحمه الله قد نقلها من بعض الأوروبيين المتعصبين الذين ينظرون بحقد متأجج إلى تاريخنا الإسلامي المغربي، فيصورونه لأبنائنا اسود وهو ابيض ! إننا نكبر في الشيخ مبارك دينه ورسوخه في العلم. ومع هذا يحشر لنا في كتابه هذه الأحكام التي لا يقولها إنسان يعرف عظمة الدين الإسلامي وكزجه بين الأجناس المختلفة فتكون امة واحدة، وأسرة واحدة ممتزجة كل الامتزاج. 

إن الحكومة إنما تكون أجنبية في الدول الملكية المطلقة التي يستولي فيها الملوك على الرئاسة بحد السيف، ويخضعون الأمة لهم بقوة الجيوش الجرارة، ويرغمونها على الخضوع لهم بالرغبة الرهبة. فتشعر الأمة والرعية بأولئك الملوك المستبدين المغتصبين لرئاستها صخورا ثقيلة على كواهلهم، وشيئا أجنبيا ينبت في أجسامهم فيورثهم الآلام. فتسوء ظنون الملوك بالرعية فلا يثقون بها لما يشعرون به من كرهها لهم. أما الدولة الرستمية فان الرعية كلها هي التي تختار في حرية تامة أئمة الدولة ورؤساءها، وتقدمهم إلى الرئاسة لحبها لهم، وثقتها التامة فيهم، وتلح عليهم أن يقبلوا الرئاسة وهم يهربون من الرئاسة. فإذا قبلوا رئاستها أسرعت كل الطوائف إليهم وكل الطبقات فبايعتهم بقلوبها وأيديها، ورأتهم الرءوس الصحيحة على أعناقها، ونظرت إليهم بنظرة الطفل إلى ثدي أمه، يراه سبب حياته وقوته لا نتوءا زائدا في صدرها؛ وأحبتهم، وأطاعتهم، والتقت حولهم التفاف الشغاف على القلب، والأم الحنون على الدماغ. تقيهم وتقي الدولة معهم من كل سوء، وتقضي على فتن المتمردين، ودسائس الدساسين.

إن الأئمة الرستميين لم يعدوا أنفسهم أجانب في الدولة، وكذلك الدولة لا تراهم أجانب فيها. ولا نجد زوبعة واحدة مما وقع ي الدولة الرستمية سببها سوء الظن من الأئمة أو من الرعية كما قرر الشيخ مبارك في أحكامه الخاطئة على الدولة الرستمية.

إن الفتن القليلة التي وقعت في الدولة سببها ما ذكرنا. إن السبب الأكبر فيها سيما ما وقع في عهد الإمام أبي بكر عهد الإمام أبي حاتم هو دسائس الملكيين المتعصبين الذين يكرهون الإمامة الإسلامية، ويتخذون كل وسيلة وينفخون في كل رماد لإضعافها بالفتن، والقضاء عليها.

إن الذين ثاروا في هذه العهود إنما هم سكان العاصمة، وهم خليط من شعوب ونحل شتى. كان الكثير منهم إما عامي يسيطر عليه دعاة الفتنة، أو من جواسيس الملكيين الذين بثوا في العاصمة ليكيدوا للدولة. أما القبائل البربرية، وهم جمهور الرعية، والأغلبية الكبرى في الدولة، وهم لحمتها وسداها وعمادها، فقد التفوا حول الأئمة في تلك الفتن الملكية فاستطاعوا إطفاءها.

وكانت الدولة الرستمية دولة جمهورية عادلة ديمقراطية تقوم على الإمام الإسلامية. 

وكان صدرها يفيض بالإخاء لكل المسلمين. وكانت كالمسجد تفتح أبوابها وترحب بكل الأطهار، وتجتمع فيها كل الطوائف الإسلامية، وهم بالوداد والاحترام الذي تفيض صدورهم كالألوان المختلفة في الزرابي الجميلة، والزهور المتنوعة في الخمائل البديعة، يزين بعضها بعضها ، ويظهر كل لون ما في صاحبه من الروعة والحسن والجلال، ويكون كل منه للآخر –وإن خالفه في المذهب أو الجنس- كالوجوه البيضاء التي تشب وتبرز جمال وسحر وبهاء ما فيها من عيون سوداء !

كانت الدولة الرستمية على هذا الصفاء الذي يملؤها به الدين تتمسك به، وعلى هذه الإخوة الإسلامية الكاملة. وكان الإمام افلح مثال العدل وحسن السياسة. فبلغت الدولة في عهده نضوجها الكامل، ودخلت في كهولتها. واستقرت استقرار الكهل السعيد الذي يورثه الرزانة والهدوء نضوجه وتحقق آماله في الحياة.

....................................

(1)  السير للشماخي ص 203 ط البارونية

تاريخ الجزائر للشيخ مبارك ألميلي ج 2 ص 33 ط أولى بالجزائر.

تاريخ المغرب الكبير الجزء الثالث ص 465-469

الإقتصاد في عمارة المزابيين

الإقتصاد في عمارة المزابيين

Icon 07

أين يتجلى مبدأ حفظ المال في عمارة المزابيين؟

".. ليست هناك أنواع مختلفة من الدور بل شكل الدار واحد، قد يختلف اتساعا وضيقا تبعا لحاجة كل عائلة على حسب عدد أفرادها، أما العلو فهو واحد والشكل واحد، فليس هناك دار للغني ودار أخرى بشكل آخر للفقير، وهذا يدلنا دلالة صادقة على مدى المساواة التي كانت منتشرة بين السكان، وأول ما يستوقف نظرك في الدور هو الاكتفاء الذاتي في المواد أو سياسة الإمكانيات، فقد اختاروا مادة "تِمشَمْتْ" وهي موجودة، والحجر الصغير وهو موجود ولا يحتاج التقاطه من الجبال أو اقتلاعه عناءً، والجريد والأخشاب من النخيل، وأكثر الأثاث الذي يحتاج في الدار مبنيٌ اقتصادا في الخشب لأنه كان قليلا ونادرا جدا، فيصنعون أبواب الدور والحجرات بخشب النخيل، ولذلك يضيقون الأبواب ويستغنون عنها في المطبخ والمرحاض وما لا ضرورة إليه، ويبنون مرتفعات من الأرض لوضع أمتعتهم والدكاكين للنوم والصلاة.

وكل الدور القديمة التي رأينا والتي لا تزال بقايا منها موجودة تنطق وتعبر تعبيرا صادقا عن مدى ما استعمل الأولون من ذكاء في البناء على بساطته منها مثلا هذه المادة التي يبنون بها فهي لا تتأثر بالحرارة القوية ولا بالبرودة فنجد الدور التي بُنيت بها إلى اليوم باردة في الصيف دافئة في الشتاء، وهو ما يسمى اليوم تكييف الهواء فهذه الدور لا تحتاج إلى تسخين أو تبريد، ثم إن هذه المادة نستطيع أن نبني بها جدرانا صحيحة بحجر صغير وهو موجود بدون عناء، ثم إن تصغير الأبواب يستجيب إلى شيئين أولا: التقليل من حرارة الشمس في الصيف ومن الضوء تبعا لذلك والتخفيف من حدة البرد، ثم ثانياً: الاقتصاد في الخشب الذي كان نادرا أو غالياً.

... ولننظر نكتة أخرى في المساجد القديمة فنرى بالرغم من تقديس الميزابين للمساجد فأبوابها لا تختلف في طولها وعرضها عن أبواب الدور وما ذلك إلا لأنها جعلت لدخول وخروج الرجال لا غير، وإذا كان المسجد كبيرا واحتيج إلى أن يجعل له باب ثاني فإنه يفتح، ولكنه لا يكون عاليا بل عاديا فلا حاجة لأي ارتفاع، فأطول الرجال قامة لا يزيد عن المترين وكل ما زاد عن قدر الحاجة فهو إسراف وتضييع، وقل مثل ذلك في سقوف المساجد فهي لا ترتفع أكثر من خمسة أذرع وذلك أدعى لطقسيتها (limatisationC) ولتقليل النفقات، ثم ننظر إلى الكُوات التي توجد في كل المساجد وحتى في بعض سواريها، وكذا الرفوف، فكلها ذات منفعة لعمار المساجد كوضع النوى أو الأحذية أو تعليق الملابس الخارجية، كل هذه وظائف نستغني فيها عن الالتجاء لجلب الأثاث من الخارج أو صنعه من الخشب الذي كان لا يزال نادرا، وأقل ما يقال في استغلال الأماكن الممكنة للرفوف نقول إنه اقتصاد في المواد التي يبنون بها، وفي عُرف الاقتصاد لا تحتقر القليل، فالبحار تتجمع من القطرات!!

وما قلناه في المساجد نقوله في الدور فهناك كثير من الملاحظات تدلنا دلالة صادقة على التفكير العميق الهادف الذي صحبهم في البناء وكذلك خضوع البناءات لأحد قواعد الهندسة الهيكلية للبناء (Le mécanisme)

فأنت مثلا تراهم يجعلون الأقواس من الجهة الجوفية والجهة الشرقية والقوس الأخير الذي يتصل بالسور لا يجعلون فيه قوسا بل خشبة طويلة وهذه دلالة على أنم يعلمون أن القوس قد يدفع الحائط الخارجي كما يقرره الفنانون الآن (النارق).

والكُوة التي تكون بين قوسين ما مغزاها؟!

إنها أوّلاً تنفع لوضع بعض الأدوات الخطيرة كالمقص والموس والكبريت مما يجب إخفاؤه عن الصبيان، ثم هذا يدلنا على علمهم بالهندسة، فهم متأكدون أن الثقل الذي تحمله الأروقة أو الأقواس ينصب فوق السواري، وبالتالي فإن فتح هذه الكوى بين الأقواس لا يؤثر في صحة البناء ولا يضعفه.

ففي الكوة العليا (أعلى العرصة) تحفظ المواد الخطرة كالموسى والكبريت، وفي الكوة الوسطى والسفلى نوى التمر .. وفي هذا الدليل على تقدير نعم الله تعالى. أما في المساجد فالكوات التي تنتشر في جدران المساجد والمصليات مهيأة لتحفظ المصاحف وترفعها بعيدا عن الأرض."

----------------------------------------- 

(1) الشيخ القرادي؛ رسالة في بعض أعراف وعادات وادي مزاب ص 38-40-41.

 المصدر : nir-osra.org

التّعليم في وادي مزاب عبر التاريخ

التّعليم في وادي مزاب عبر التاريخ

c 7احصائيات العهد الرابع للتّعليم الحر الإسلامي المحاضر ودور العلم والمدارس القرآنية والتعليم الرسمي الفرنسي ومدارس الآباء البيض

التعليم في الفترة الثانية من 1882م إلى 1912م

التّعليم في الفترة الثالثة من 1912م إلى 1947م

التّعليم في الفترة الأخيرة من 1947م إلى 1962م

التوصيات التقنية لديوان حماية وادي ميزاب و ترقيته

 

التخطيط المحكم وتوزيع الهياكل الضرورية في القصور مثل: المساجد والمنازل والشوارع والأزقة، كان لها الأثر في خلق نوع من التوازن في الحياة اليومية على مستوى الأحياء. فالقصر يستجيب بذلك لكل الاحتياجات المادية والروحية للسكان.

ويستند هذا التخطيط المثالي على القوانين والقواعد العرفية التي تحكم التعمير في وادي ميزاب. هذه القوانين لا تزال راسخة، رغم التغيرات التي لا مفر منها في التعمير المحلي. بعض هذه القواعد والقوانين ضاربة في الزمن القديم. وأخرى جاءت بمبادرة واجتهاد المشايخ على مستوى المجالس التشريعية المحلية (مجلس عمي سعيد ومجلس باعبد الرحمان الكرثي).

ونفس الشيء بالنسبة لتلك التي لا تزال تطبق بشكل دائم من قبل مختلف مجالس الأمناء والتي ترجع إلى عدة قرون، ومن بينها قواعد تنظيم الشوارع والبناء ونظام تقسيم مياه السيل.

هذه القواعد جاءت في شكل توصيات غير مقيدة لا بالزمان ولا بالمكان، وتم إدماجها في المنشآت الحضرية الحديثة لوادي ميزاب.

القواعد المنظمة للسكن:

البساطة في الشكل  

يجب أن يكون ارتفاع البناية منسجم مع المساكن المحيطة بها، ويمنع على أي شخص حجب أشعة الشمس على الجيران.

وفي حالة من زاد عن ارتفاع مسكن جاره من هذه الجهة فعليه ترك فضاء من مسكنه بقدر الارتفاع الذي يريده، على أن لا يتعدى العلو الكامل 7.50م من مستوى الأرض. كما يمنع إنشاء الشرفات، وخصوصا التي تطل مباشرة على الشارع لأنها لا تتماشى مع تقاليد المنطقة من جهة ومع العمارة الصحراوية المحلية من جهة أخرى.

جميع البنايات تكون مغطاة بأسطح أفقية، وتمنع جميع أنواع وأشكال الأسطح الأخرى، ما عدا كوات التهوئة (المدخنة) وأسقف الدرج.

*_علو البنايات لا يتعدى طابقين وسطح (طابق أرضي+ طابق أول+ سطح)، أما البنايات الواقعة خارج القطاع المحمي فلا يعدى ارتفاعها 9م.

الملكية المشتركة مسموح بها (أي البيوت المتراصة والمتلاصقة ببعضها البعض). وإن وجدت، فإن المسافة التي يجب أن تفصل بين المبنى والآخر يجب أن تكون على الأقل مترين. يحظر إنشاء أي فتحة تطل على الجار.

كما يجب اجتناب أكثر من باب واحد للمرآب (المستودع)، ويجب ألا تتجاوز مقاييسه x2.50 x 2.50 م. ومن المستحسن أن يدرج المرآب ويندمج مع شكل وحجم البناية. كما يمنع استعمال أي زخرفة على الواجهة.

يجب أن تخضع جميع البنايات إلى شرط التوازن والانسجام العام من أجل حماية دائمة للمنظر العام للمدينة.

يجب أن تكون جدران الأسوار مطابقة للمعايير المحلية، بمعنى، بنيت بمواد محلية في أبسط صورة لها، وتجنب الزخرفة الأجنبية عن المنطقة، فضلا عن غيرها من أشكال بناء الأسوار الحديثة.

وحدة الشكل:

يجب أن تبدي جميع البنايات بساطة في الحجم ووحدة في المظهر من أجل تناسق عام.

يجب أن تكون جميع الواجهات متكاملة ضمن الإطار العام وهيكل المباني في المدينة بهدف تحسين الانسجام في الشكل.

تكون الفتحات، وخصوصا التي تطل على الشارع، ضيقة ومحدودة، لتسمح من تخفيض تسرب الهواء الساخن صيفا والبارد شتاء وتجنب العواصف والرياح الرملية، والحفاظ على درجة حرارة مستقرة في الداخل. مع احترام عادات وتقاليد المنطقة.

أما بالنسبة للون، فإن جميع المباني الجديدة أو القديمة يجب أن تعتمد اللون الرملي أو ما يقاربه. ويتميز هذا اللون بتكامله الكلي في المحيط المبني، بالإضافة إلى أن تغييره بمرور الزمن محدود، على عكس الألوان الأخرى التي تخضع لتغيرات نتيجة تأثير العوامل الطبيعية عليها تقربها في نهاية المطاف من اللون الرملي.

الجدران الخارجية يجب أن لا تكون ملساء، لحمايتها من العوامل المناخية وتخفيض تعرضها لأشعة الشمس من خلال توفير قدر من الظل الدائم عليها.

يجب أن تكون الملصقات مدمجة في الهيكل المعماري العام، باستثناء تلك التي هي في حد ذاتها، تشكل عنصرا من عناصر التصميم الحضري.

يمنع إنشاء الأقواس باستثناء الساحات العمومية والشوارع التجارية والتي تكون محل دراسة لإبداء الرأي حولها.

النموذج المعماري الذي يتلاءم مع المناخ الجاف والحار هو الذي يسمح بتوفير حد أدنى من الكسب الشمسي صيفا ومن الضياع الحراري شتاء، ولهذا السبب يتم توجيه المساكن نحو الجنوب الشرقي للاستفادة من أشعة الشمس شتاء والحماية منها صيفا. بالنسبة للأسطح المكشوفة، فمن الأفضل أن تكون خاضعة لدراسة متأنية تسمح بتكييف أفضل لحجمها وشكلها بحيث تسمح بتوفير أقصى تظليل مما يزيدها جمالا متميزا.

كل بناية تخل بالانسجام مع المواقع المصنفة، ومهما كانت طبيعتها، تعتبر ممنوعة. كما يحظر اقتلاع النخيل وأي مساس بالمساحات الخضراء بصفة عامة. (يجب أخذها بعين الاعتبار عند كل دراسة.

 

الجانب الفكري عند الإباضية

صالح بن أحمد البو سعيدي

Icon 09

المقدمة :

إن الباحث في أدبيات المذهب الأباضي يواجه أول ما يواجهه من تساؤل في بحثه عن تصنيف المذهب الأباضي، فهل يصنفه على أنه فرقة عقدية أم حركة سياسية أم اتجاه فكري أم مدرسة أصولية أم مدرسة فقهية؟.

والحقيقة أن المذهب الإباضي ليس واحدا من ذلك بعينه، وإنما هو مجموع ذلك كله، فالمذهب الإباضي حركة سياسية وفرقة عقدية واتجاه فكري ومدرسة أصولية فقهية في الوقت ذاته، لا يطغى جانب من تلك الجوانب على آخر بل كلها وبمجموعها تشكل منظومة واحدة نطلق عليها اسم (المذهب الإباضي).

فعلى عكس الكثير من المذاهب والفرق الإسلامية الأخرى التي يطغى على بعضها الجانب الفقهي وعلى بعضها الجانب العقدي وعلى بعضها الجانب السياسي نجد أن المذهب الإباضي قد استطاع وبعبقرية فذة أن يوفق بين تلك الجوانب وأن يستوعبها كلها وأن يكون له موفقه المتميز فيها جميعا وبصمته الواضحة عليها كلها.

فإذا أتينا الى الجانب السياسي سنجد أن المذهب الإباضي حركة سياسية قائمة بذاتها لها أطروحاتها التي لا يستطيع المطلع إلا أن ينحني أمامها إعجاباً وإكباراً.

وإذا أتينا إلى الجانب العقدي سنجد أيضاً أن المذهب الإباضي له أحكامه العقدية القائمة على ركائز راسخة وأدلة قوية.

وإذا انتقلنا إلى الجانب الفقهي سنجد ثروة هائلة من الإسهام الفقهي في كل أبواب الفقه من العبادات والمعاملات وفقه الجنايات والأحوال الشخصية.

والشيء نفسه نجده في علم أصول الفقه، فللمذهب الإباضي آراؤه وتحقيقاته في هذا العلم، ومؤلفاته التي أوسعت هذا العلم تحقيقا ودراسة.

إن كل ذلك هو ما يمكن أن نطلق عليه اسم (الفكر الإباضي).

الوسطية والاعتدال في الفكر الإباضي:

لعل أهم ميزة يمتاز بها الفكر الإباضي هي الوسطية والاعتدال في الطرح بين الإفراط والتفريط، وهذه الميزة يمكن أن تلمحها بسهولة في كل زاوية من زوايا المذهب الإباضي سواء في العقيدة أم الفقه أم الفكر السياسي ام غير ذلك، وهذا ليس شيئاً متكلفاً في الفكر الإباضي لأنه مأخوذ من نهج الإسلام نفسه "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً"

والأمثلة على هذه الوسطية في الفكر الإباضي كثيرة يمكننا أن نذكر منها:

1-الوسطية بين الاستدلال بالنقل والاستدلال بالعقل: ففي حين يميل بعض الفرق في الاستدلال إلى الجانب النقلي واستبعاد العقل إلى حد كبير كما نجد ذلك عند المحدثين، تفرط فرق أخرى بالتعويل على الاستدلال العقلي إلى الحد الذي ذهبت إلى تحكيم العقل على الشرع كما نجد ذلك عند المعتزلة، غير أننا نجد الإباضية يمزجون بقدرة عجيبة في الاستدلال بين الأدلة النقلية والأدلة العقلية دون تغليب جانب على آخر.

2-الوسطية بين مدرسة الحديث ومدرسة الرأي: وهذا وإن كان قريباً من المثال الأول إلا أنه أقرب إلى الفقه بينما الأول أقرب إلى العقيدة، فالإباضية يقفون وسطاً بين مدرستي الحديث والرأي، ففي استدلالهم بالأحاديث لا يركنون إلى التمسك بالفهم الحرفي لمضمون الحديث كما هو شأن الظاهرية، ولكنهم في الوقت نفسه لا يحاولون رد الحديث لمجرد أنهم لم يستطيعوا فهمه أو لأنه يتعارض مع قاعدة عامة، وإنما يحاولون قبول الحديث والعمل به ما وجدوا لذلك سبيلاً.

3-في الفكر السياسي فإنهم لا يوجبون الخروج على الإمام الجائر مهما كانت الأحوال كما هو رأي الخوارج، ولكنهم في الوقت نفسه لا يحرمون الخروج عليه حتى مع القدرة وإمكان تغييره كم هو رأي بعض الفرق، وإنما يرى الإباضية أن الخروج على الإمام الجائر جائز بصورة عامة، وهذا الجواز يميل إلى التحريم عند خوف الفتنة وتغليب احتمال الفشل في تغيير الوضع القائم، ويميل إلى الوجوب متى ما كان احتمال النجاح أقوى، لأن القيام بالعدل من أسس الشريعة الإسلامية.

4-في مصطلح الحديث فإن الإباضية لا يقولون بأن الحديث الآحادي لا يجوز الاحتجاج به مطلقاً كما هو رأي بعض الفرق الإسلامية، ولكنهم في الوقت ذاته لا يقولون إنه حجة في الأمور الاعتقادية، وإنما يذهبون إلى أن حديث الآحاد يوجب العمل ولا يفيد العلم‘ فهو حجة في الأمور العملية وليس حجة بذاته في المسائل الاعتقادية، وهذا هو مذهب المحققين من الأصوليين والمحدثين.

موقف الإباضية مع مخالفيهم :

القسم الأول:

ينقسم الناس في الفكر الإباضي إلى قسمين أساسيين: مسلمين وغير مسلمين، أما غير المسلمين فهم كل من لم يرض بالله رباً أو بمحمد رسولاً أو بالإسلام ديناً وهي الجمل الثلاث التي يشترطها الإباضية للخروج من الشرك إلى الإيمان (شهادة أن لا إله إلا الله وإن محمداً رسول الله وأن ما جاء به محمد هو الحق من عند الله) فلا ينتقل غير المسلم إلى أن يكون قي جملة المسلمين إلا بإيمانه وإذعانه لتلك الجمل الثلاث.

ويدخل في جملة غير المسلمين المشركون عبدة الأصنام والأوثان والملحدون وأهل الكتاب (اليهود والنصارى) والمجوس.

ويطلق الإباضية على غير المسلمين أسماء: المشركون والكافرون والكفار، وبطريق الأولى هم مستحقون لأوصاف: الفساق والمنافقون والظالمون، وعند اقتران اسم المشركون وأهل الكتاب فالمراد بأهل الكتاب هم اليهود والنصارى وبالمشركين غيرهم من عبدة الأصنام والأوثان، وهو إطلاق اصطلاحي لاختلاف اليهود والنصارى عن غيرهم في بعض الأحكام الدنيوية الواردة في القرآن الكريم وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.

القسم الثاني:

أما المسلمون في الفكر الإباضي فهم كل من رضي بالله تعالى رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً وأذعن للجمل الثلاث التي أشرنا إليها سابقاً والتي لا يكون الإنسان مسلماً إلا بالإيمان بها.

وإذا كان الإنسان قد نشأ في بيئة مسلمة أو ولد لأبوين مسلمين فإنه لا يطالب بالنطق بتلك الجمل بل يحكم عليه بأنه مسلم ويعامل معاملة المسلمين ما لم يبدر منه خلاف ذلك، أما إذا لم ينشأ في بيئة مسلمة أو لم يكن أبواه مسلمين فأنه لا يكون مسلماً في نظر المسلمين إلا إذا نطق بتلك الجمل، وكذلك إذا ارتد عن الإسلام وثبت عليه ذلك فإنه لا يرجع إلى بيت الإسلام إلا بمعاودة نطقه بتلك الجمل.

ويطلق الإباضية على المسلمين أسماء: المسلمين والمؤمنين وأهل التوحيد وأهل القبلة، وهي أسماء يدخل فيها كل المسلمين باختلاف مذاهبهم وآرائهم ومدارسهم العقدية والفقهية.

فإذا كان الإنسان مسلماً فإن له جميع حقوق المسلمين من حرمة دمه وماله وعرضه ودفع الزكاة له ووجوب القصاص له أو دفع الدية كاملة في حالة الاعتداء على حياته وجواز تزويجه وتزوجه والصلاة خلفه وعليه ودفنه في مقابر المسلمين إلى غير ذلك من الحقوق، ولا يفرق الإباضية اطلاقاً بين إباضي وغيره في هذه الحقوق.

وإذا حدث واعتقد غير المسلم شيئاً من العقائد المخالفة لما يعتقد الإباضية صوابه فإن الإباضية يرون أن واجبهم ومن حقوقه كمسلم إيضاح العقيدة الصحيحة له ودفع الشبه التي جعلته يعتقد غير الحق، ولكن ذلك لا يخرجه من جملة المسلمين ولا ينقصه شيئاً من حقوقه كمسلم فإن القاعدة التي يتمسك بها الإباضية أن من دخل الإسلام بيقين فلا يخرج من الإسلام إلا بيقين مثله، فما دام هذا المخالف له دليله الذي يستند عليه ولو كان أوهى من خيط العنكبوت فإن ذلك كاف في أن يبقيه في جملة المسلمين.

وفي ذلك يقول الإمام السالمي:

ونحن لا نطالب العبادا *** فوق شهادتيهم اعتقادا

فمن أتى بالجملتين قلنا *** إخواننا وبالحقوق قمنا

إلا إذا ما نقضوا المقالا *** واعتقدوا في دينهم ضلالا

قمنا نبين الصواب لهم *** ونحسبن ذاك من حقهم

فما رأيته من التحرير *** في كتب التوحيد والتقرير

رد مسائل وحل شبه *** جاء بها من ضل للمنتبه

قمنا نردها ونبدي الحقا *** بجهدنا كي لا يضل الخلقا

لو سكتوا عنا سكتنا عنهم *** ونكتفي منهم بأن يسلموا .

القسم الثالث:

ويطلق الإباضية على المخالفين لهم من المسلمين اسم: المخالفين ويقابلها الموافقون، أو القوم ويقابلها الأصحاب فيكثر في كتب الفقه: ذهب قومنا الى........ وذهب أصحابنا إلى.......، وقد يطلقون عليهم اسم مبتدع أو كافر كفر نعمة، وهذا الاسم الأخير يطلقه الإباضية أيضاً على الإباضي المرتكب للكبيرة، وهو لا يعني الشرك وإنما هو مجرد اصطلاح ويقابله عند غير الإباضية اصطلاح (كفر دون كفر).

ولا يخرج الإباضية مخالفيهم من الإسلام ولا يسقطون شيئاً من حقوقهم كحرمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم فلا يستحلون قتالهم أو غنيمة أموالهم أو سبي ذراريهم ولا يحرمون تزويجهم والتزوج منهم ويبيحون إعطاء الزكاة لهم ولهم حقوقهم كاملة في الميراث والقصاص والديات، ولهم حق الصلاة لهم ودفنهم في مقابر المسلمين.

ولم يحدث قط أن حكم عالم من علماء الإباضية على أحد من المخالفين بالشرك والخروج من الإسلام إلا ما حدث من الإمام هارون بن اليمان من علماء إباضية حضرموت في القرن الثالث الهجري فإنه ألف رسالة حكم فيها على المشبهة والمجسمة بالشرك، وحجته في ذلك أن الله تعالى لا يوصف بصفات البشر من لزوم الأعضاء له، فإذا جاء من يصف الله تعالى بأن له أعضاء حسية كاليد أو الرجل أو العين أو الوجه فهذا يعني أنه يعبد إلهاً غير الذي نعبده إذ إن الله عز وجل الذي نعبده لا يتصف بتلك الصفات، وما دام الأمر كذلك فهو إذن ليس بمسلم.

غير أن الإمام محبوب بن الرحيل وكان إمام الإباضية في ذلك الوقت رد على الإمام هارون بن اليمان برسالة أرسلها إلى حضرموت وأخرى إلى عمان فند فيهما ما ذهب إليه الإمام هارون، وقال ما ملخصه أن المجسمة والمشبهة يعبدون الله تعالى الذي نعبده ولكنهم يصفونه بصفات لا تليق به من الصورة والأعضاء معتمدين على فهمهم الظاهر لآيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يخرجهم من جملة المسلمين بل هم باقون على وصف الإسلام.

ومنذ ذلك الحين لم يتغير موقف الإباضية من مخالفيهم وأن ما يعتقدونه لا يخرجهم من الإسلام، بل هم مسلمون باقون على إسلامهم ولهم جميع حقوق المسلمين ما دام لهم دليل يستندون إليه.

الفكر السياسي عند الاباضية:

القسم الأول:

يمتاز الفكر السياسي عند الإباضية عن غيره من أنواع الفكر لدى المذاهب الإسلامية بميزتين مهمتين هما: وضوح الهدف ووضوح الطريقة للوصول إليه.

فغاية الإباضية من أي تحرك سياسي قاموا به كان على الدوام واضحاً لديهم تمام الوضوح، ويتلخص هذا الهدف في أقصى طموحاته في إقامة دولة إسلامية تحكم العالم بأسره وفق شرع الله تعالى، بحيث يكون كل من في الأرض منقادين لشرع الله عز وجل، ويبدأ هذا الهدف بإقامة الدولة الإسلامية في اي بقعة من الأرض يمكن أن يتحقق ذلك فيها.

والدولة الإسلامية التي يسعى الإباضية إلى إقامتها هي الدولة التي يكون كل من فيها بدءاً من إمامها وعماله إلى كل رجل وأمرأة منقادين لحكم الشرع الشريف وملتزمين بأحكامه.

وقد استطاع الإباضية وبذكاء ملفت أن يتجاوزوا إشكالية السعي إلى السلطة، وإشكالية الحكم على الإمام الجائر، فبالنسبة للإشكالية الأولى فإن الإباضي لا يسعى إلى السلطة من حيث ذاتها وإنما يسعى لإقامة حكم الله تعالى فإذا وجد من يكفيه ذلك حمد الله تعالى وكان عليه أن يساعد ذلك الحاكم بكل ما يستطيع من جهد، أما إذا لم يجد من يكفيه ذلك كان لزاماً عليه أن يقوم بالواجب الذي كلفه الله به فهو في الحالتين إنما يقوم بشيء ألزمه الله به لا سعياً لمنصب ولا حباً في جاه.

وأما بالنسبة للإشكالية الأخرى وهي الحكم على الإمام الجائر فإن الإباضية يرون أن الحاكم المسلم مطالب كغيره من المسلمين بان يتبع أمر الله في موقعه الذي هو فيه، فإن قام بما يجب عليه فبها ونعمت، وأما أن لم يقم بواجبه وخالف أمر الله فإن على المسلمين نصحه أولاً فإن أصر كان عليه أن يترك مكانه لمن يستطيع أن يقوم بحقه، فإن رفض هذا وذاك كان على المسلمين الأخذ بيده وإلزامه بالتنحي عن منصبه ليولوا عليهم من يقيم شرع الله تعالى فيهم.

القسم الثاني:

والإمام في الفكر السياسي الإباضي شأنه شأن أي مسلم يجب عليه أن يلتزم بأحكام الإسلام في كل أقواله وأفعاله، بل هو بحكم منصبه ينبغي أن يكون أحرص المسلمين على اتباع أمر الله تعالى لا يحيد عنه قيد أنملة، لأن انحرافه يؤدي إلى خلل كبير في بنية الدولة الإسلامية ويجرئ الناس على مخالفة شرع الله عز وجل.

وإذا استقام الإمام على أمر الله تعالى وقام بكل ما ألزمه الشرع به فإن له حق السمع والطاعة والموالاة، ولا يجوز لأحد ممن تشملهم دولته أن يخالف أمره أو أن يجاهر بالعصيان، فإن فعل كان على المسلمين مساعدة الإمام في خمد ثورته وإرجاعه إلى الجماعة ولا يحق لأحد إيواؤه ونصرته ومساعدته على بغيه لقوله صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من أحدث في أمرنا أو آوى محدثاً".

أما إذا خالف الإمام أمر الشرع وتجاوز ما يحق له أو تخلى عن شيء من واجباته، وثبت ذلك عليه فإن على الأمة رده إلى جادة الصواب وتقديم واجب النصيحة له لقوله صلى الله عليه وسلم: "الدين نصيحة" قالوا: لمن يا رسول الله، قال: "لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم".

فإن لم تجد النصيحة معه نفعاً وأصر على مخالفته لأمر الله تعالى وأبى واستكبر فإن ولايته تسقط عن المسلمين وتصبح طاعته غير واجبة عليهم لأن الحق فرع الواجب، وقد سقط حقه لعدم قيامه بواجبه، وحينئذ يكون المسلمون في حل من أمرهم في أن يولوا عليهم إماماً آخر يقوم فيهم بحكم الله ويقيم فيهم شرعه وأحكامه وحدوده.

وهنا لا يخلو الأمر من أحد أمرين: إما أن يكون ذلك الإمام الظالم ضعيف الشوكة قليل الأتباع ومن السهل خلعه وإقامة إمام آخر مكانه، وهنا ما على المسلين سوى المسارعة الى القيام بدون تردد، وإما أن يكون ذلك الإمام الظالم قوي الشوكة كثير الأتباع والأنصار وكان القيام عليه غير مضمون العواقب وحينئذ فإن المصلحة تقضي التريث واتخاذ تخطيط جديد، ولكن لا ينبغي بأي حال من الأحوال الاستسلام للأمر الواقع والاستكانة لظلم الظالمين.

وهنا يأتي دور العلماء في القيام بواجبهم وهو دعوة الناس إلى التمسك بتعاليم دينهم الحنيف، والسعي غلى إقامة الدولة الإسلامية المنشودة التي ستوفر لهم الأمن والأمان وتقيم فيهم حدود الله وأحكامه وشرعه وهذه الحالة هي ما تسمى لدى الإباضية بمرحلة الكتمان.

ولسنا هنا في تحديد صفات الإمام ومسؤولياته فهي معروفة لدى الجميع، غير أن ما يميز الإباضية في هذا الجانب شيئان:

1-    عدم اشتراط القرشية:

فالإباضية يرون أن كل مؤهل لإمامة المسلمين يمكن أن يكون إماماً بغض النظر عن قبيلته وعرقه، وهذا بلا شك يتفق مع المساواة التي جاء الإسلام لترسيخها والتي تتنافى مع هذا الشرط الذي لم يكن معروفاً حين اختلف المهاجرون والأنصار على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يدر في مداولاتهم ولم يشر إليه أحد.

والضابط لدى الإباضية في نسب الإمام إنما هو المصلحة، فإذا رأى المسلمون أن من المصلحة تولية إمام من قبيلة أو عشيرة معينة مع توافر الشروط الأخرى فيه فلا مانع من مراعاة ذلك، ويحدث أحياناً عكس ذلك تماماً وهو أن تكون المصلحة في تعيين من لا عشيرة له وهنا لا يتوانى الإباضية عن تعيينه كما حدث في المغرب حين فضّل العلماء تعيين عبد الرحمن بن رستم الفارسي رحمه الله وهو فارسي لا عشيرة له وكان هذا أحد الأسباب لإختياره إماماً حيث رأى العلماء أن ذلك أفضل لسهولة تغييره إذا ما حاد عن الطريق السوي.

وقد عد كثير من الباحثين هذا النهج مثالاً واضحاً على النهج الديمقراطي الذي يتميز به الإباضية.

2-    جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل:

فالإباضية يشترطون في الإمام شروطاً معروفة من حيث التقوى والورع والصفات الخَلْقية والخُلُقية، وإذا وجد أكثر من واحد تنطبق عليه تلك الشروط فيمكن تولية أي واحد منهم ولو كان هناك من هو أفضل منه.

القتال عند الاباضية:

بما أن كتاب التاريخ والمقالات قد حشروا الإباضية ضمن الخوارج فقد ترسخت في أذهان الناس فكرة أن الإباضية يستبيحون قتال المسلمين، وهذا مما لم ولن يقوم عليه دليل، بل الأدلة ظاهرة في أن الإباضية هم أطهر الناس يداً من دماء المسلمين، وقد ذكرنا سابقاً أن الإباضية لا يبيحون قتال مخالفيهم، وهو ما طبقوه عملياً على مدى تاريخهم، فلم يحدث إطلاقاً أن قاتل الإباضية أحدا من المسلمين على أساس مذهبي، وعلى كثرة الدول التي أقامها الإباضية وطبقوا فيها مبادءهم فلم يقوموا في يوم من الأيام بشن حرب على أحد من المسلمين على أساس مذهبي، وإنما كانت الحروب التي قام بها الإباضية ضد جماعة من المسلمين إما لإقامة دولة أو دفاعاً عن دولة.

أما بالنسبة للنوع الأول وهو الحرب من إجل إقامة الدولة فإن من مبادئ الإباضية السعي الدائم إلى إقامة العدل ومحاربة الظلم، والصراع بين الإباضية والظلم لم يهدأ في يوم من الأيام، ولذلك فإن الإباضية إذا ما رأوا في أنفسهم قدرة على القيام بواجبهم كمسلمين وإقامة الدولة الإسلامية على وفق كتاب الله وسنة نبيه فإنهم لا يتوانون عن ذلك لحظة واحدة، وفي هذه الحالة فإنه من المعتاد أن يوجد من لا تتناسب أهداف الدولة الإسلامية مع أهدافه فيقف عقبة في طريق إقامتها، ويحاول جاهداً أن يحول دون قيامها، ولذلك يجد القائمون بالقسط أنفسهم مجبرين على محاربته وإزاحته من الطريق.

ولا فرق لدى الإباضية بين أن يكون هذا الرافض لإقامة الدولة الإسلامية إباضياً وأن يكون غير إباضي، وعلى ذلك فإن المذهبية لا دخل لها هنا، وإنما هو قتال ضد أناس كان من المفترض أن يساعدوا على إقامة دولة يدعو إليها دينهم الذي يدينون به، ولكن مصالحهم الشخصية وأطماعهم الدنيوية كانت أهم عندهم من واجبهم الديني، وليتهم إذ لم يساعدوا في إفامة الدولة الإسلامية وقفوا على الحياد ولكنهم اتخذوا موقفاً معادياً لها، ولذلك حل قتالهم.

والإباضية عندما يقومون بقتال هذه الفئة فإنهم يحفظون لهم إسلامهم فلا يقاتلوهم إلا بعد إنذارهم وإقامة الحجة عليهم، ونصحهم وبيان حقيقة دعوتهم، فإن استجابوا فلا حق لأحد في قتالهم، وإن أبوا حل قتالهم في أدنى مراتبه فلا يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم ولا تغنم أموالهم ولا تسبى ذراريهم.

وأغلب حروب الإباضية من هذا النوع حدثت ضد إباضية من نفس مذهبهم مما يعني أن القتال لم يكن على أساس مذهبي، كما إن التاريخ يثبت أن الإباضية من أنزه الناس في قتالهم فلم يكونوا يتجاوزون الحق في حروبهم، وإنما كانوا وقافين عند حد الله تعالى.

وأما بالنسبة للنوع الثاني فهو لا يختلف كثيراً عن النوع الأول، فبعد أن تقوم الدولة الإسلامية فلا بد من أن يوجد من يحاول الإطاحة بها، إذ إن كثيراً من الناس لا يروق لهم العدل الذي عادة ما يقف في وجه أطماعهم وبلوغ غاياتهم الدنيئة فيسعون إلى تدبير المكائد وتجييش الجيوش للإطاحة بالدولة الإسلامية، وهنا يجد الإمام والمسلمون من خلفه أنه لا بد من تأديب أولئك البغاة الذين يحاولون تفريق شمل المسلمين وتحطيم وحدتهم وهدم دولتهم فيقوم الإمام أولاً بتحذير اولئك البغاة من مغبة عصيانهم وخروجهم على إمام صحت إمامته، فإن تابوا وأنابوا رجعوا إلى جماعة المسلمين ولم يمسسهم سوء، وإن أصروا واستكبروا كان حقاً على الإمام قتالهم حقناً للفتنة وإخماداًً للثائرة تطبيقاً لقوله تعالى: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين".

ومرة ثانية فإن هذا الباغي قد يكون إباضياً وقد يكون غير إباضي، فالقتال إذن ليس على أساس مذهبي، وإنما هو قتال لباغ على دولة المسلمين أياً كان مذهبه.

وهذه الحروب أنما تقع بين الإباضية القائمين بالحق أو الساعين إلى إقامته وبين جماعات تقف ضد هذا التوجه، أما إذا كانت هناك دولة مسلمة غير إباضية قائمة بجانب الدولة الإباضية فإن المتتبع لتاريخ المذهب الإباضي يجد أن الإباضية ليس من فكرهم السياسي محاربة الدول المسلمة التي هي محل رضا من العلماء فيها وإن كان الإباضية أنفسهم غير راضين عنها، فلا يذكر في تاريخ عمان أن الإباضية قاموا بمهاجمة أي من الدول المسلمة المحيطة بهم.

سعي الاباضية إلى الوحدة الإسلامية:

لقد سعى الإباضية قديماً وحديثاً إلى الوحدة الإسلامية ، وكانت هدفاً أسمى من أهدافهم، وأنقل هنا شيئاً مما قاله سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي في كتابه (الحق الدامغ) حيث قال:

"ولعله مما يفاجئ كثيراً من القراء أن يطلعوا لأول مرة على عناية قادة الفكر من الإباضية بلمِّ شعث هذه الأمة وجمع شتاتها بعدما أثخنتها الخلافات المذهبية ، ومزقتها النزعات العصبية ، وكم تمنوا أن يحس سائر أعلام الأمة بمثل أحاسيسهم، ويشاركوهم في هذه الهموم التي تنوء بها صدورهم ، وتؤرق ليلهم ، وتقض مضجعهم ، وقد كانت منهم محاولات، للخطو في هذا الطريق والاستعداد لهذه المهمة بنفقات مالية يرصدونها من جيوبهم وجيوب المخلصين من سائر أبناء الأمة، وأصدق مثال على ذلك ما يجده القارئ في هذا السؤال الذي صدر من عالم مفكر وقائد محنك ذلكم هو الشيخ سليمان بن عبدالله بن يحيى الباروني، عضو مجلس المبعوثان بالدولة العثمانية ، المشهور بسليمان باشا الباروني، وهو من إباضية جبل نفوسة بالقطر الليبي، وقد توجه بسؤاله هذا إلى عالم الإباضية بالمشرق، ومرجعهم في أمور الدين، الإمام عبدالله بن حميد السالمي، ونص السؤال:

"هل توافقون على أن من أقوى أسباب اختلاف المسلمين تعدد المذاهب وتباينها ؟ على فرض عدم الموافقة على ذلك فما هو الأمر الآخر الموجب للتفرق ؟ على فرض الموافقة فهل يمكن توحيدها بالجمع بين أقوالها المتباينة وإلغاء التعدد في هذا الزمن الذي نحن فيه أحوج إلى الاتحاد من كل شيء ؟ وعلى فرض عدم إمكان التوحيد فما الأمر القوي المانع منه في نظركم، وهل لإزالته من وجه؟ على فرض إمكان التوحيد فأي طريق يسهل الحصول على النتيجة المطلوبة ؟ وأي بلد يليق فيه إبراز هذا الأمر ؟ وفي كم سنة ينتج؟ وكم يلزم من المال تقريباً؟ وكيف يكون ترتيب العمل فيه؟ وعلى كل حال فما الحكم في الساعي في هذا الأمر شرعاً وسياس ؟ مصلح أم مفسد؟.. " .وكان هذا السؤال في عام 1326هـ

فكان من جواب الإمام له:"... نعم نوافق أن منشأ التشتيت اختلاف المذاهب وتشعب الآراء، وهو السبب الأعظم في افتراق الأمة على حسب ما اقتضاه نظركم الواسع.

وللتفرق أسباب أخرى منها التحاسد والتباغض والتكالب على الحظوظ العاجلة، ومنها طلب الرئاسة.

وجمع الأمة على الفطرة الإسلامية بعد تشعب الخلاف ممكن عقلاً مستحيل عادة، وإذا أراد الله أمراً كان: "لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم، إنه عزيز حكيم" والساعي في الجمع مصلح لا محالة ، وأقرب الطرق له أن يدعو الناس إلى ترك الألقاب المذهبية ويحضهم على التسمي بالإسلام ( إن الدين عند الله الإسلام)، فإذا أجاب الناس إلى هذه الخصلة العظيمة ذهبت عنهم العصبية المذهبية ولو بعد حين ، فيبقى المرء يلتمس الحق لنفسه ويكون الحق أولاً عند آحاد من الرجال ثم يفشو شيئاً فشيئاً حتى يرجع إلى الفطرة .

وهي دعاية الإسلام التي بعث بها محمد عليه الصلاة والسلام ، وتضمحل البدع شيئاً فشيئاً، فيصير الناس إخواناً،       ( ومن ضل فإنما يضل عليها)، ولو أجاب الملوك والأمراء إلى ذلك لأسرع الناس في قبوله، وكفيتم مؤونة المغرم، وإن تعذر هذا من الملوك فالأمر عسير والمغرم كثير وأوفق البلاد لهذه الدعوة مهبط الوحي ومتردد الملائكة، ومقصد الخاص والعام، حرم الله الآمن، لأنه مرجع الكل . وليس لنا مذهب إلا الإسلام، فمن ثم تجدنا نقبل الحق ممن جاء به وإن كان بغيضاً، ونرد الباطل على من جاء به وإن كان حبيباً، ونعرف الرجال بالحق، فالكبير عندنا من وافقه والصغير من خالفه، ولم يشرع لنا ابن إباض مذهباً، وإنما نسبنا إليه لضرورة التمييز حين ذهب كل فريق إلى طريق. إهـ

وإذا كان الأدب مرآة تعكس ما في نفس الأديب من كوامن الأحاسيس فإن الأدب الإباضي قديمه وحديثه طافح بعصارات مشاعر الألم الذي يحسون به بسبب تشتت الأمة وانحلال عقد نظامها ، وإذا كنت أخي القارئ شاهدت صورة من ذلك فيما نقلته لك من قول أديب معاصر فإليك صورة أخرى تعكس مشاعر أديب بارع وعالم جامع من أدباء هذه الطائفة وعلماءها الغابرين ، وهو العلامة الكبير شاعر الإسلام والمسلمين أبو مسلم ناصر بن سالم البهلاني الرواحي الذي طالما انساب يراعه الموهوب ليصور لنا بعبارته الإيمانية همومه وأحاسيسه تجاه أمته ودينه ودونك هذا المقطع من قصيدة له بعنوان: "أفيقوا بني القرآن":

فيا لبني القرآن أين عقولكم…..وقد عصفت هذه الرياح الزعازع

أمسلوبة هذي النهى من صدورنا…..وهل فقدت أبصارنا والمسامع

* * *

فليت بني الإسلام قرت صفاتهم…..فما زعزعتها للغرور الزعازع

وليتهم ساسوا بنور محمد…..ممالكهم إذ باغتتها القواقع

وليتهم لم ينحروا بسلاحهم…..نحورهم إذ جاش فيها التقاطع

لقد مكن الأعداء منا انخداعنا…..وقد لاح آل في المهامه لامع

وسورة بعض فوق بعض وحملة…..لزيد على عمرو وما ثَمَّ رادع

وتمزيق هذا الدين كل لمذهب…..له شيع فيما ادعاه تشايع

وما الدين إلا واحد والذي نرى…..ضلالات أتباع الهوى تتقارع

وما ترك المختار ألف ديانة…..ولا جاء في القرآن هذا التنازع"

انتهى النقل من كتاب الحق الدامغ.

فالدلائل الكثيرة تدل على سعي الإباضية دوماً إلى تحقيق الوحدة المنشودة بين المسلمين لأن منهجهم فكرهم يدعوان إليه، فهم لا يحكمون على أحد من المسلمين بالشرك ويحرصون دائماً على معرفة ما عند غيرهم من فكر وفقه، ويتفاعلون مع هموم إخوانهم المسلمين في كل مكان من العالم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

صالح بن أحمد البو سعيدي - أدنبرة ببريطانيا 4-1-1424هـ 7-3-2003م

ayane mzab ghardaia

الحركة العلمية بواد مزاب

الحركة العلمية بواد مزاب

c 7

إن للحياة العلمية في وادي ميزاب جوانب مرموقة عبر التاريخ لا يمكن استيعابها ولا التحدث عنها بإسهاب، لأن ذلك يخرجني عن نطاق موضوع التاريخ السياسي، بما أن للثقافة بوادي ميزاب حساسية في الماضي السحيق وفي الحاضر فمن الواجب أن ألم من بعيد بشيء إلماما ولو كان مخلا.

إن الاباضية لما انتقلوا إلى وادي ميزاب لاستيطانه من سجلماسة ونفوسة وجربه وتيهرت وسدراته وغيرها من العواصم الإسلامية نقلوا معهم معالم حضارتها إلى تلك الربوع، من علوم وفنون وآداب فطبعوها بالطابع الحضاري الإسلامي الأصيل.

لما قدم إليها أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الريغي موفدا من رجال الإباضية بوارجلان لتنظيم الحلقة وسير العزابة ونشر المذهب الإباضي بها، وجد سكان وادي ميزاب على جانب كبير من الجهل والأمية والانحراف، وهم من الواصليين المعتزلة. وعادة التدخين والوشم متمكنة فيهم، فاستطاع بنشر الدروس الدينية والإصلاحية أن ينتزع من بين جنوبهم تلك العوائد السيئة، وكانت له رحلتان في الصيف والشتاء بتلامذته من واد ريغ، فاستقر في مدينة العطف وبنى بها مسجده الموجود إلى يومنا هذا. ويروى عنه أنه لما وصل إلى الوادي نادى في الناس: "من يعلمني في سبيل الله" فلم يجبه أحد ثم نادی: "من يتعلم في سبيل الله" فوجد إقبالا حسنا من البعض كوَّن منهم أول نواة لمهمته. فعلم وصابر وثابر فكلَّل الله مساعيه بنجاح باهر، وكوَّن نظام الحلقة (العزابة) في جميع مدن ميزاب، ونظم سيرها في إدارة تكفل للأُمة نجاحها وسعادتها في الدارين، فانكب الطلبة على العلم والتعليم وإليه يرجع الفضل في تركيز سير العزابة الغرَّاء في الوادي التي كانت السبب المتين في بقاء الدين الإسلامي بأصالته ونصاعته وجوهره إلى الآن في هذه الربوع.

ومما زاد في ازدهار العلم وانتشاره بالوادي، وفود كثير من فطاحل العلماء إليه من مختلف العواصم الإسلامية أغلبهم من نفوسة وتيهرت وجربة وسدراته فاستقروا في مدنه للتذكير والإرشاد والفتوى ونشر علوم الشريعة واللغة العربية وبلغوا رسالتهم بصدق وإخلاص، فجنى بهم الوطن يمنا وبركة وخيرا كثيرا أورثوه لمن بعدهم خلفا عن سلف منذ أواخر القرن الرابع الهجري وأوائل القرن الحادي عشر الميلادي.

من العلماء الوافدين إلى غرداية الشيخ بابه السعد سنة 438ه 1046م هو مؤسس مدينة "بابه السعد". والشيخ بابه والجمه اسمه إبراهيم بن يونس سنة 542ه 1148م. والشيخ بابه عيسى علواني أتى من درنه من طرابلس سنة 548ه 1153م. والشيخ بامحمد بوسحابة أتى من قصر البخاري، والشيخ أبو الحجاج داود أتى من جبل نفوسة سنة 697ه. 1298م والشيخ سعيد بن علي أتى من جربه سنة 854ه 1450م، ومجلس عمي سعيد الذي يحمل اسمه أُسس يوم 13شوال 855ه 17فيفري 1452م، والشيخ بامحمد بن الناصر من سدراته 778ه 1377م ثم تتابعت المشايخ عليها.

ومن الوافدين إلى مليكة الشيخ باي احمد بن سليمان سنة 395ه 1004م والشيخ عيسى وأخوه الشيخ أو عيسى سنة 437ه 1112م والشيخ عبد الله بن أحمد بن محمود بن سيدي أمعمر بالعالية سنة 506ه 1112م والشيخ أبو مهدي عيسى بن إسماعیل بن موسى سنة 551ه 1164م ثم تتابعت المشايخ عليها.

كما توافدت على مدينة بن يزقن والقرى البائدة حولها مثل بوكيا وواقنوناي وتيريشين. وعلى مدينة العطف وبذوره مشايخ علماء أجلاء من مختلف العواصم الإسلامية منذ أواخر القرن الرابع الهجري وأوائل القرن الحادي عشر الميلادي.

إذا كانت مدينة من مدن میزاب في حاجة أكيدة إلى علماء أو إلى سد نقص لجانب علمي فيها فإن المدن التي تتوفر لديهم الإمكانيات العلمية يمدونها بما يقيم أودها ويرفع مستواها العلمي. كما وقع ذلك بين مدينتي العطف وغرداية من انتقال الشيخ النشاشبي النفوسي بولده بابا وبربيبه يونس إلى غرداية بطلب من أهلها فتفرع من الأخوين لأم أولاد النشاشبة وأولاد يونس ذلك لنشر العلم وكانت طريقة التعليم والتدريس لهؤلاء العلماء في المساجد تكوين حلقات بها تدرَّس مختلف العلوم النقلية والعقلية والعلوم العربية على غرار حلقات الأزهر والزيتونة والقرويين في أوقات خاصة قبل الصلاة وبعدها.

وبهذه الطريقة أنجبت المساجد علماء أجلاء وأقطابا في الشريعة الإسلامية، ألَّفوا مئات المجلدات في كل علم وبالأخص في التفسير والشرعيات، كالنيل للشيخ عبد العزيز الثميني وشرحه في مجلدات ضخمة لقطب الأئمة الشيخ أطفيش الحاج محمد الذي أصبح من المراجع الهامة في العالم الإسلامي، وشامل الأصل والفرع والورد البسام في الأحكام والتفاسير العديدة النفيسة والشروح المستفيضة لكثير من كتب المذهب الإباضي.

فلما تقلصت هذه الحلقات شيئا فشيئا من التدريس في المساجد في هذا العهد الأخير في أواخر القرن الرابع عشر الهجري سبَّب ذلك نقصانا كبيرا في تخريج علماء الشريعة بعدما كان وادي ميزاب يزخر بالعشرات من الأفذاذ منهم، وينعم بوجودهم فلم يبق من ذلك الطراز العالي من خريجي المساجد إلا النزر القليل من علماء فطاحل مراجع الفتوى والاجتهاد لا تسد بهم كل الثغور الحالية في بلاد میزاب مثل الشيخ بيوض إبراهيم والشيخ يوسف خلفاوي والشيخ عبد الرحمن بكلي والشيخ ابن يوسف سليمان والشيخ بابانو الحاج محمد والشيخ عدون بن بالحاج الشریفي وغيرهم فأصبح لبعضهم حلقات للتدريس في دور خاصة يحضرها بعض الطلبة من الشباب والمشيب.

--------------------------------------------------------- 

المصدر: كتاب نبذة من حياة الميزابيين الدينية والسياسية والعلمية. حمو محمد عيسى النوري.ج1 ص60-62.

المصدر nir-osra.org

الحيـاة العلمية بأريـغ من القرن الرابع إلى السادس للهجرة

الحيـاة العلمية بمنطـقة أريـغ

من القرن الرابع إلى السادس للهجرة النبوية المشرفة

Icon 09الدكتور: عمر بن لقمان حمو سليمان بوعصبانة

أستاذ ـ جامعة وهران ـ

لم يكد يأفل نجم الدولة الرستمية في تاهرت سنة 296هـ حتى عجَّت منطقة أسوف وأريغ ووارجلان بالعلماء، خاصة بعد اهتمامهم بإنشاء حلقات العلم والتأليف التي تطورت إلى نظام العزابة ليصبح بعد زمن نظامًا علميا واجتماعيا متكاملا. ولقد كانت وارجلان في هذه الفترة الممتدة من القرن الثالث إلى السابع للهجرة مركزًا تجاريا وعلميا يربط المغرب الأوسط الإسلامي بجنوب الصحراء وحتى أقاصي غرب إفريقيا.

على أنَّ تخصيص هذا البحث بمنطقة أريغ بالتحديد لاعتبارات أهمهما أنها كانت مهد نظام العزابة العظيم، وأنها كانت القلب العلمي النابض لمنطقة وارجلان وما يليها غرباً و منطقة أسوف وما يليها شرقًا.

التعريف بالمنطقة:

*-أريـغ: تُنسب المنطقة إِلىَ قبيلة بني ريغة، وبنو ريغة يَتَّصِلُ نسبهم ببني مغراوة، ويَتَّصِلُ نسبهم بزاكيا، مثل قبيلة بني يفرن وبني واسين، وجدُّهم الأَوَّل الديرت بن جانا، أي: جاناتن، أي زناتة(1).

وقد امتاز أهلها بأخلاقهم الحسنة، ونرى ذَلِكَ جليا في شهادة أبي عبد الله محَمَّد بن بكر (ت: 440هـ)، وكانت سببا في حلوله بينهم إذ قال بعد أن استخار الله واستشار أصحابه قائلا لهم: «إِنَّ هاهنا ناسا رقاق القلوب، أرجو أن ينتجع فيهم الإِسلاَم ويتلقَّوا ما نَحْنُ عَلَيْهِ بالقبول، ويكونوا لهذا الخير أهلا، وهم مغراوة ريغ، فما رأيكم في الانتقال إِلىَ جهتهم؟»(2).

قالوا: في رأيك اليُمن والبركة، فسرُّوا بِذَلِكَ سرورا عظيما، واغتبطوا أيَّ غبطة(3).

ويختلف ياقوت الحموي مع ابن خلدون، إذ ذهب إِلىَ أَنَّ ريغ يقصد به بالبربريَّة السبخة، فَكُلُّ من كان منها فهو ريغي(4).

بينما يذهب ابن خلدون إِلىَ أَنـَّهُم بطن من مغراوة، مثل: بني سنجاسن، والأغواط، وبني ورا. ونزل الكثير منهم بين قصور الزاب وواركلا، فاختطُّوا قرى كثيرة في وادٍ ينحدر من الغرب إِلىَ الشرق(5).

*-تُـقـرت:

تعتبر تقرت من المدن العريقة فلقد ذكرها ابن خلدون على أنها كانت قاعدة بلاد ريغة.

وذكرها الدرجيني فى كتاب الطبقات و أَنَّ الشيخ عبد الرحمن بن المعلى أسَّس حلقة العلم بها. يقول عنه الدرجيني: «هو أَوَّل من أسس الحلقة بمسجد توقورت، وأنهج طرقها، وأحكم عقودها وأوثقها، وقيَّدها ووقتها. وحجر عَلَى تلامذتها أزقتها، وقسط موازينها، وحقق قوانينها، فتخلَّق كُلُّهُم بحميد هَذِهِ الأخلاق»(6).

يَـتَـبَـيَّنُ لنا من خلال هَذَا ما فعله الشيخ عبد الرحمن بن المعلى في تأسيسه الحلقة من جهة، واستخدامه لضوابط محكمة يسير عليها الطلبة. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى نجاح نظامه اشتهاره في الآفاق، ومجيء طالبي العلم من أماكن بعيدة، وإضافة الدرجيني قائلا:

«وتيمَّمها طلاَّب الخير من جميع الآفاق، يشاهدون البراهين والعبر، ويشهدون المنافع الكبيرة، ويأخذون السنن عن التُّقاة والسير، ويصدِّقون الخبر والمخبر»(7).

ومن مشايخ منطقة تقرت الذين ذكروا في كِتَاب السير نذكر أبا عبد الله محَمَّد بن الخير بن أحمد. صنَّفه الدرجيني ضمن الطبقة العاشرة (450ـ500هـ/1058ـ1106م). أخذ العلم في كدية مغراوة، وكان من تلامذة أبي عبد الله محَمَّد بن بكر. وقد اهتم إِلىَ جانب العلم بالفلاحة، واستصلح أرضا بـ«تَلاَ عيسى»(8).

*-بـلـدة اعـمـر:

تين باماطوس، آجلو الغربي، آجلو الشرقي.

تكاد هَذِهِ الأسماء تشكِّل مدينة واحدة، حيث تداخلت حسب ذكر الحقائق عنها.

لقد اهتمت المصادر التَّارِيخِيَّة بِهَذِهِ العاصمة الثَّقَافِيَّة اهتماما كبيرا، لقد كان فضلها عَلَى المنطقة والمناطق المجاورة مثل وارجلان وبادية بني مصعب كبيرا جِدًّا.

التعريف ببعض مشايخها:

الشيخ أبو عبد الله محَمَّد بن بكر الفرسطائي

هو أبو عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي النفوسي, ولد سنة 345هـ وتوفي سنة 440 هـ بتين اسلي (بلدة عمر) ودفن بها(9).

نشأ بفرسطا بجبل نفوسة شرق كباو, أخذ العلم عن الشيخين : أبي نوح سعيد بن زنغيل(10) وأبي زكرياء بن أبي مسور(11), ولـمَّا مات أبو نوح انتقل إلى القيروان للاستزادة من علوم اللسان, وفي طريقه إلى تاجديت ـ للاستزادة من علم الفروع على الشيخ أبي عمران موسى بن زكرياء ـ وفد إليه أبناء شيخه أبي زكرياء فصيل: زكرياء ويونس, وابن أخته أبو بكر بن يحيى(12) و من معهم طالبين منه أن يعقد لهم الحلقة.

فامتنع وراودوه أيّاما, ولمّا كان في المسجد سمع رجلا يودع صاحبه ويقول له : «يافلان اجعلها لله لا تخب». فتفاءلوا بذلك جميعا, واشترط عليهم أربعة أشهر ليردّ الجواب.

وبعد مدّة من التفكير تقرُب من أربعة أشهر وضع أبو عبد الله نظام الحلقة ملبّيا رغبة شيخه أبي زكرياء بن أبي مسور في تينسلي في الغار(13) الذي أعدّه له أبو القاسم يونس بن ويزكن الوليلي لدى مغراوة ريغ.

وكان لكثرة تنقُّله مع تلامذته أن قال فيهم عبد الله بن الأمير :«عجبا لهذا الشيخ وأصحابه, إنّما مثلهم كمثل الحواريّين لعيسى بن مريم»(14) أمّا سبب مجيء أبي عبد الله إلى وارجلان فهو الظلم الذي حدث من بني وَرْزمَارْ إذ قطعوا الطريق, وأكثروا الأذى, فجمع أبو عبد الله جماعة أهل أريغ وحثّهم على دفع الظلم, ولكنّهم أجابوا بقولهم "لا طاقة لنا وما عسانا أن نقدر عليه؟" فأجابهم "نحن نقدر على أنفسنا(15) حينئذ قرّر الذهاب إلى وارجلان فنزل بإيفران, فأقام بها عاما, وكان هذا القرار من أريغ لعاملين:

1ـ لدفع جماعة أريغ لتغيير المنكر بأنفسهم عن منطقتهم.

2ـ لتأمين الطريق للعزابة الذين يفدون إليه, ويقتلون بأريغ.

و كانت له رحلات أيضا إلى بادية بني مصعب إبّان الربيع لمآرب كثيرة منها طلب راحته وراحة طلبته حيث الجوّ ألطف والهواء أنقى(16) و له في الميدان العلمي الآثار الكثيرة, وقد ألّف في الحجج والبراهين, وفي الأخلاق(17) ولكن لم يصل إلينا شيء منها بل تذكر كتب السير جميعها عناوين كتبه. ومات رحمه الله في غاره في تين يسلي وقبره قبالة الغار وقال عبد الرحمن بن عمر جعلت علامته شجرة يقال لها العنظوان وهي بالبربرية تاعقايت(18) وترك من الأبناء : أبا العباس أحمد بن محمد : صاحب التآليف. وأبا يعقوب يوسف بن محمد، وإبراهيم بن محمد.

ومن الذين درسوا على ابن زنغيل وكان لهم الفضل في ترتيب الحلقة أيضا في بدايتها أبو الخطاب عبد السلام بن منصور بن أبي وزجون المزاتي(19).

و كانت رحلته الأخيرة من قلعة درجين سنة 440هـ إلى سوف ثمّ إلى آجلو مع قبيلة ورتيزلن أمام هجمات الصنهاجيّين فوجد أبا عبد الله محمد بن بكر في آخر أيّامه, ويحتمل جدّا أنّه واصل المسيرة التي بدأها ولو أنّ المصادر سكتت عن ذلك.(20)

التنظيم الإداري للتعليم:

لم تكن الحلقة منظمة بنفس الطريقة التي استحدثها أبو عبد الله محمد بن بكر, إذ إنّ الحلقات الموجودة في المساجد حول المشايخ أو في أماكن خاصة للتدريس أقلّ إحكاما من حيث نظام أبي عبد الله الجديد.

فأبو عبد الله رأى أنّ على الطالب أن يلزم أماكن الدراسة كامل أوقاته أو بالأحرى كامل فترته الدراسية، فجمع بين الدراسة والسكن والعبادة وطلب العلم.

و أسند للطلبة وظائف, فكوّن منهم عرفاء فصاروا يشعرون بالمسؤولية وبالتالي يلتزمون بآداب خاصّة حتّى ينالوا احترام غيرهم ويخففوا عن الشيخ أعباء كثيرة لا يستطيع القيام بها وحده.

وهذا النظام نظام الحلقة, أي نظام العزابة سيأخذ شكلا آخر على مرور الزمن، فهو يتمثل الآن في الهيئة الساهرة على الأمور الدينية مثلما يسهر على حياة المجتمع في شتّى مناحيه, في جوّ من الترابط والتلاحم.

أ- الشيخ:

بعد أن نلقي نظرة خاطفة على الهيكل العام لأعضاء الحلقة نلاحظ أنهم ينقسمون إلى صنفين: آمرين ومأمورين, وفي أعلى الهرم بالنسبة للآمرين نجد الشيخ، والشيخ وحده هو الذي تنتهي إليه المسائل العويصة للفتوى وهو المرجع الوحيد والأخير لدى كلّ الأمور التنظيمية وهو وحده الذي يستطيع أن يصدر العفو بعد الخطة والهجران(21) ولا يصل إلى هذه المرتبة إلاّ بعد أن يبلغ مبلغا عظيما في العلم والورع والتقوى ولا يجلس إلى الحلقة إلاّ بعد أن يأنس من نفسه ذلك ولا يردّ المسألة إلى غيره من المشايخ إلاّ على سبيل الاحترام والتقدير.

و تتلخّص مهامه التربوية في الحلقة على الآتي:

*الجلوس لطلبة فنون العلم في وقت معلوم ليأخذوا عنه الدرس.

*الاستفتاح وهو قيامه في الثلث الأخير من الليل أو الربع الأخير، فيفتتح التلاوة حيثما وصلوا ليلة البارحة, بعضهم يقرأ وبعضهم يدرس وحده إلى الفجر.

*الجلوس بأثر الختمات للجواب على الأسئلة في أي فنّ كان, ويذاكر تلاميذه فيما حصلوه.(22)

*الحكم بين المختلفين والمختصمين من التلاميذ.

مهام الشيخ خارج أوقات الدراسة في الحلقة:

يجمع التلاميذ يوم الاثنين والخميس فيعظ ويذكّر ويحذّر ويسألهم عن أحوالهم فمن عيب عليه شيء, فالخطة والهجران للكبير والزاوية والجلد للصغير.

يأذن لعابر السبيل في الإقامة أيام حلوله كضيف ويأكل من غير المدّخر, أو الدخول في الحلقة بعد الاستفسار عن سيرته لدى أهله وذويه.

يأذن فيما يشترى أو يباع من الأقوات وما يدّخر وما لا يدّخر منها.

يأذن في قسمة ما يفتح الله من رزق أو أوقاف على التلاميذ.

و مع ذلك فالشيخ لا يستنكف أن يقوم بأعمال يرى فيها الأجر والثواب.(23)

ب ـ العرفاء(24):

يختار الشيخ عرفاء من خيرة الطلبة اجتهادا وذكاء وإخلاصا فيصنّفهم صنفين: صنف لأعانته في التدريس وهم من حملة القرآن.

وصنف لمراقبة (الداخلية) وهذا يكفي فيه واحد للختمات والنوم وآخر للطعام.

فالمجموعة الأولى: ترتبط بجماعة الألواح من طلبة القرآن فيملون عليهم ويصحّحون ألواحهم, وكلّ واحد يختصّ بمجموعة لا تقلّ عن اثنين ولا تزيد عن عشرة إلاّ في حالة الضرورة عند كثرة الطلبة وقلّة العرفاء(25).

أمّا العريف المكلّف بالختمات والنوم فمهامُّه تنحصر فيما يلي:

*عليه ارتصاد الحزب للمذاكرة فينبّه الشيخ في الغد إلى مكان الحزب بالأمس.

*عليه أن ينادي بنوم الهاجرة, ويلزم من لا عذر له على النوم.

*عند غروب الشمس ينادي للختمة.

*بعد صلاة العشاء وقراءة القرآن ينادي بالدعاء.

*بعد قراءة بعض المواعظ على الشيخ ينادي بالنوم.

و من خالف هذه الأوامر يتعرّض للعقوبة المتمثّلة في الخطة والهجران للكبير والزاوية والجلد للصغير, أو الطرد إن اقتضى الأمر(26).

أمَّا العريف المكلّف بالطعام: فهو الذي ينبّه الطلبة والعزابة على ملازمة حسن الآداب إذا كان الطعام خارج إقامتهم عند شخص عامّي, وذلك بشعار حسّان, أو حسّان بن ثابت, أو أحسنوا آدابكم. وإذا كان الطعام عند عزابي فيميلون إلى الانبساط من اقتراح ما يحسن طعامهم.

والعريف يرتّب جلوسهم، ويأمر بالماء ليغسلوا, وبعد الطعام ينادي بالدعاء.

و إذا كان الطعام يحتاج إلى إعانة ومعالجة فلا يشغل الطلبة المنشغلين بدراستهم بل يعفيهم ويميل إلى غيرهم(27).

و لعلّ أجمل ملحظ نراه في أكلهم: أنّهم يُقسَّمون إلى طوائف ويكون في كلّ طائفة عريف عليها أكبر المجموعة سنّا وأكثرهم تضلّعا في الشريعة والعلوم, فيلقي ثلاث مسائل في فنون مختلفة ويكون الجواب عليها ميامنة فإن عثر أحدهم أمسك يده عن الطعام تلقائيا إلى أن يتذكّر الجواب.

وبهذا نرى أن هذا النظام محكم ويستغلّ جميع وسائل الزجر والترغيب ويصل الحدّ به إلى أن يحرم الطالب من الأكل وهو يشتهيه, وخاصّة وقت الخصاصة, وقد لا تروق علماء النفس هذه الطريقة الآن ولا يجرؤون على تطبيقها أيضا ولو علموا جدواها.

ولعلّ من أهمّ تأثيراتها حين يدعى طالب الحلقة لهذا النظام أنّه يحضّر نفسه قبل كلِّ طعام يوميّا تحضيرا ينصرف ذهنه كلّيا إلى حفظ المسائل وإلى الاختبارين الصعبين: الجواب على المسائل أو الإمساك عن الطعام إلى أن يمنَّ الله عليه بالجواب.

ج ـ الطلبة أو (العزابة):

يُعرِّف الدرجيني كلّ من طلب العلم ولازم الطريق وسير أهل الخير, وحافظ عليها وعمل بها بالعزابي، وإن حصَّل العلم دون السير لم يسمّ به(28).

أي أنّ طالب العلم تُشترط فيه شروط معلومة لكي يصل إلى العزّابي, تجمع بين طلب العلم والالتزام بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف والاقتداء بعمل الصالحين من قبله.

ومجموع العزابة مع شيخهم يكوّنون الحلقة, وبهذا تغير اسم الحلقة من نظام في الجلوس حول الشيخ إلى مجموع العزابة مع الشيخ كيفما كان وضعهم أو مكانهم, فالعزابة اسم لجماعة تشتمل على الشيخ يعلّمهم العلم ويلقّنهم السير ويبصّرهم في الدين بحسب ما يفتح الله على كلّ واحد منهم....فكأنّهم محلّقون ولو أنّهم مفترقون(29).

يتألّف الطلبة حسب السنّ من كبار وصغار، والكلّ يجتهد في طلب العلم والالتزام بالضوابط التي رسمها المشايخ حتّى لا يتعرّض لعقوبات صارمة, وإن كانت الرغبة التي دفعته لطلب العلم وطاعته لمشايخه تحدوان به إلى الابتعاد عن العقاب المعنوي أو المادي.

فالسنّ إذًا لا يشترط في طالب العلم ما دام الهدف هو معرفة الشريعة الإسلامية والفرد المسلم يحتاج إليها في كامل أطوار حياته بل يعدّ ذلك عبادة لا تعدلها عبادة.

والطلبة صنفان: كبار وصغار.

والكبار منهم المجدّ ذو المواهب الحسنة ومنهم المجدّ ذو المواهب المتوسّطة وأمّا الطلبة الذين لا يبذلون جهدا فعادة ما يتعرّضون للخطة والهجران أو الطرد إذا كانوا كبارا، والزاوية والجلد أو الطرد إذا كانوا صغارا.

والمجدّون من ذوي المواهب الحسنة عادة ما يكون منهم العرفاء, وأمّا ذوو المواهب المحدودة فينبغي أن تكون خدمة الطعام من هؤلاء الذين لم يفتح الله عليهم بشيء, ولم يشرح صدورهم للعلم, لكن ينفعهم الله بخدمة أهل الخير ويوفيهم فيها أجورهم(30).

ومن أمثلة هؤلاء تلميذ من تلامذة أبي عبد الله محمد بن بكر اسمه «بلغن»، كان يخدم العزابة في تين يسلي ويخبز لهم الرغائف وكان يتعنَّى في خدمتهم ويحتسب ما عند الله(31).

و قد يعجب البعض من تقصير هؤلاء أوّل الأمر إن جهل أنّ الكبير عادة ما يتخبّط في مشاكل اجتماعية تكون سببا في انشغال باله, وتشتت ذهنه رغم انقطاعه عن التعليم(32).

و أمّا الصنف الأخير: فهم الزمنى والعميان فقد نطق بعذرهم القرآن.

ونرى هذا النظام من التعليم يعذر كلّ إنسان قاصر في فهمه ملتزم بالنظام والحضور علّه يستفيد شيئا ينفعه لدنياه وآخرته.

*-ومثلما يلتزم بالحضور والانضباط يشترط عليه هندام خاصّ وهيئة خاصّة. منها:

*-لبس البياض, وعدم السماح بالثوب المصبوغ.

*-حلق شعر الرأس.

*-إذا لبس العمامة فعليه بالتلحي(33).

د) أماكن التدريس:

ليست المساجد أماكن لتأدية الشعائر الدينية فقط مثل الأديرة والكنائس والبيع, بل هي المكان الذي يتقاضى فيه الناس, وتعقد فيه ألوية الجهاد, وتعقد فيه حلقات الذكر والعلم, فهي مراكز إشعاع لجميع مناحي الحياة البشرية ما دامت هذه الحياة مطية المسلم إلى دار سعادته الأبدية.

ومن أمثلة ذلك مسجد الشيخ جنون بن يمريان حيث كان الشيخ أبو نوح سعيد بن زنغيل يعقد فيه حلقته. ويقول الدرجيني: «وكانت جماعة أهل وارجلان تجتمع عند مسجد الشيخ جنون فمنهم المستفيد علما, ومنهم المتبرّك بمشاهدته والمشارك فيما يعرض من أمور دنياه ودينه والمقتني خُلُقا يتحلّى به والمستزيد من معرفة سبب السير, فكلّهم منقلب بخير وفضل»(34).

وقد تعقد حلقات الدراسة في دار يبنيها الشيخ خصيصا لذلك, وقد تكون مجاورة لدار سكناه، وذلك رمز للقرابة الروحية. ويروي الدرجيني(35) حديثا عن جدّه يصف فيه دار الشيخ أبي سليمان(36) أيوب المخصّصة للعلم فيقول: «حدّث جدّي يخلف بن يخلف التميجاري رحمه الله قال: كان شيخنا أبو سليمان أيوب بن إسماعيل كثير الإبرار بتلاميذه, وكانت له داران بوارجلان متقابلتان يفصل بينهما طريق, وفوق الطريق ساباط وصل بين الدارين من علو, فإحدى الدارين دار سكناه والأخرى مطلقة للتلامذة والأضياف».

وقد تكون الغيران أماكن لعقد الحلقات مثلما تكون مقرّا لسكنى المشايخ والطلبة. فقد عقد أبو صالح الياجراني(37) حلقة للعزابة في غيران بني أجاج خارج وارجلان.

وهذا شبيه أيضا بما فعله أبو عبد الله في آجلو حيث أُعِدَّ له غار(38) خصّيصا لذلك كما مرّ.

وقد تكون المدرسة متنقّلة, فيسافر العلماء بتلاميذهم بالقوافل التي تحمل المؤونة والحُصُر, وحينما يجدون المكان اللائق ينصبونها, وتتألّف المدرسة من أقسام: قسم للصلاة, قسم للشيخ, قسم للنساء, وبيوت للتلاميذ(39).

وهكذا يجد الشيخ عبد الرحمن بكلّي في مقدّمة كتاب الطبقات للدرجيني تعليلا رائعا لهذا التنقّل الدؤوب, وهو التعوّد على عقد رحلات للدعوة إلى الله وتفقّد أحوال المسلمين مع التدرّب على خشونة العيش وترك حظوظ النفس إرضاء لله.

وبالفعل فقد نتج عن ذلك تزاور في الله, فصار أهل المشرق يزور أهل المغرب, وأهل المغرب يزور أهل المشرق (40).

ومن أهداف هذه الرحلات تتبّع المشايخ حيث يقيمون ولو كانوا في أمور دنياهم.

فأبو عبد الله رحمه الله ينتقل بحلقته إبّان الشتاء إلى أبي سليمان فيقيمون حتّى يسمعوا صيَّ البعوض فينزل إلى ضيعته(41).

وكذا كان ينتقل إلى بادية بنى مصعب في الربيع حيث الهواء المنعش فرارا من تعكّر الجوّ.

وبهذا تتعدّد أسباب التنقّل بالطلبة ودائما في صالح الجوّ الدراسي من تعقّب المشايخ في مزارعهم وأماكن رعيهم لاستغلال علمهم حيث إنّ الحياة القاسية لم ترحمهم فيجلسوا كلّهم للتدريس.

ومن جهة أخرى فقد أرادت هذه الطريقة أن تبرهن أنّ الدراسة لا يجب أن ترتبط في ذهن الطالب بالجدران والمكان المعروف, بل حياته كلّها من الغيران المظلمة إلى الفضاء الفسيح كلّه مدرسة, ومن تقلّبه في فراشه إلى جلوسه أمام الشيخ كلّه, أوقات لا يجب أن يغفل فيها عن الالتزام بالآداب والمبادئ الإسلامية.

وقد يتبادر إلى ذهننا أنّ الطالب يملّ من تلقّي العلم وإن وجد متنفّسا للراحة أخلد إليها.

بل على العكس فإنّنا نجدهم هم الذين يتعقّبون مشايخهم حيثما حلّوا وارتحلوا.

ومن الطريف ما يقع للشيخ أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني(42) أنّه حينما يدخل مسجد وارجلان ويضع مفتاحه وَسِفْرَهُ وعمامته ثمَّ يدخل المطهرة وحينما يخرج منها يجد أنّ التلاميذ قد حاز كلّ منهم شيئا تركه فيقول: «ردّوا عليَّ علائقي» فيشترط كلّ منهم أن يجيبه عن مسألة تهمّه, سواء أكانت في النحو أم في الفرائض أم في الفقه وبعد أن يجيبهم يردّون إليه ما أخذوه منه(43).

وهكذا فلا نجد الشيخ هو المستدعي لطلبته في وقت معيّن مضبوط فقط, بل إنّ الطالب الذكيّ هو الذي يستغلّ أيضا الظرف المناسب لأخذ العلم.

هـ - أماكن الاستراحة وأوقاتها:

لم يغفل هذا النظام أماكن الاستراحة فقد حدد شروطا تعود بالنفع على أخلاق الطلبة إذ إنّ الطالب يتأثّر بالمحيط الذي يعيش فيه كامل الأوقات.

فيأذن النظام بالانصراف آخر النهار إلى مواضع المياه والأشجار لما فيها من هدوء وراحة بعد يوم مليء بالعمل والجدّ.

ويمنع النظام:الذهاب إلى الأسواق والمرور أو الجلوس في الطرقات خاصّة المسدودة إلاّ إذا ألجأت الضرورة لذلك أو كان الطريق نافذا(44).

ولعلّ أغلب النظم التربوية اليوم تغفل هذا الجانب المهمّ وتحدّد مسؤوليتها بزمن الدراسة وبجدران المؤسّسة, فهناك سلبيات تنعكس أساسا على دراسة الطالب وسلوكه الفردي وقت الراحة.

أمّا أوقاتها فيبدو أنّ لها أوقاتا قصيرة, فنجدها:

*-في الضحى عند استكمال كتابة الألواح(45).

*-وبعد العصر حينما تتوقف الدراسة لتوزيع التمر، ومدّة ذلك محدّدة بمقدار ما يقرأ فيه اللوح مرّة أو مرّتين. هذا أثناء الدراسة, أمّا بعد توقّف الدراسة فتكون عادة لنوم الهاجرة ويشدّد في ذلك لغرض قيام الليل.

*-وآخر النهار قبل غروب الشمس بعد عناء اليوم كما أسلفنا, وبعد صلاة العشاء.

النظام الدراسي:

من خلال النصوص في كتب السير يتبيّن لنا أنّ نظام الحلقات يخضع بالنسبة لأطوار الدراسة إلى ثلاثة أطوار:

*-الطور الأول: طور التلقين والحفظ وتخزين المعلومات في الذاكرة مع شيء من دروس الأخلاق, وفي مقدّمة التلقين تحفيظ كتاب الله الكريم.

*-الطور الثاني: دراسة اللغة العربية والتمكّن فيها كأداة ووسيلة لفهم النصوص واستنباط الأحكام.

*-الطور الثالث: طور التفقّه في الدين والبحث والغوص في العلوم الشرعية, وبعدها يمكن العطاء إمّا على شكل الجلوس إلى الحلقات أو الإفتاء لعامّة الناس أو الشروع في مرحلة التأليف.

ويصف الدرجيني هذه المستويات بقوله: «وكان يتولّى التدريس وإعداد الطلبة في هذه المرحلة ثلاثة شيوخ فكان أبو يعقوب وهو شيخ بنفوسة أمسنان مقصدا للمبتدئين, فإذا انتظموا في حلقته علّمهم السير وآداب الصالحين، ثمّ ينقلهم إلى محمد بن سودرين فيجرون قراءة القرآن ويتعلّمون اللغة والإعراب, ثمّ ينتقلون إلى أبي عبد الله محمد بن بكر فيعلّمهم أصول الدين والفقه»(46).

النظام الدراسي اليومي: (أو البرنامج)

لا نكاد نجزم أنّ هذا البرنامج الذي سنذكره الآن هو المتّبع حرفيّا، فهو جمع شتات من هنا وهناك واستطعنا أن نصبّه في قالب أكاديمي حديث وإن كان المشايخ حسب اعتقادنا لهم كامل التصرّف آنذاك حسب الأزمنة والأمكنة التي ينتقلون إليها, وحسب حالة إقامتهم وظعنهم.

واستطعنا أن نرسم صورة ولو باهتة تتعانق فيه الحياة الفكرية مع الحياة الروحية فصار البرنامج ممتزجا بها:

يبدأ اليوم باستيقاظ المشايخ والطلبة في الهزيع الأخير من الليل وبه يبدأ التوقيت.

الجزء الأخير من الليل: يستفتح الشيخ، والطلبة مخيَّرون في مدارسة القرآن معه أو يطالعون ما شاءوا.

بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس: قرآن وختمة.

من شروق الشمس إلى وقت الضحى: سكتت المصادر عن الحديث عنها ولعلّها وقت ذهاب المشايخ والعزابة إلى حقولهم أو لمآربهم الخاصّة.

الضحى: كتابة تحت إشراف النقيب، وبعد الحفظ يكون الإملاء, وتفقّد الألواح ثمّ الدعوة إلى الطعام.

بين الظهر والعصر نوم الهاجرة ثم قراءة الألواح وجوبا, وبعد العصر استحبابا, ثمّ تفقّد الألواح ثمّ الدعوة إلى الطعام.

وبين صلاة الجمعة والعصر: قراءة المواعظ.

المساء عند الغروب: قراءة القرآن والختمة, ثم الدعاء.

العشاء: قراءة المواعظ من طرف التلاميذ ثمّ يقوم الشيخ بعد دعاء الختمة(47).

علاقة أفراد أسرة التعليم:

بعد تتبّعنا خطوات هذا النظام الفريد الذي وضعه المشايخ رحمهم الله نشعر لأوّل مرّة أنّ كلمة أسرة التعليم تنطبق اسما على مسمّى لما بين أفرادها من ترابط فنلمس فيها أُبُوَّة الأب الحاني في الشيخ، وبُنُوَّة الابن البار في طالب العلم والأخوَّة الصادقة فيما بين الأنداد من الصنفين.

وكتب السير مليئة بالمبرّات ولا يسع المجال لذكرها كلّها, فنجد هذه العلاقات في الله تتّسع وتشمل الأسر التعليمية بالامتزاج والترابط.

يبدو أنّ أعلى مثل رأيناه للكرم وحبّ العلم والعلماء هو أبو صالح جنون بن يمريان لما قدّمه من أيادٍ بيضاء.

فحينما قدم الشيخ أبو نوح سعيد بن زنغيل أعطاه أبو صالح بيتا مملوءة إلى السقف تمرا, وأجرى عليه مائدة بُكرةً وأخرى عشيَّة, وحينما قعد في وارجلان لم يبخل عليه بشيء من ماله بل طلب منه المكوث فيها وأن لا يرحل, على أن يقاسمه كلَّ ما يملك(48).

أمّا علاقة المشايخ بطلبتهم فتتعدّى أوقات الدراسة ومكانها, فقد ينفق الشيخ على طلبته من ماله الخاصّ, مثل ما فعله أبو إسماعيل أيوب(49) وهذا شبيه بما كان يفعله علماء نفوسة من الجود على طلبتهم في ذلك الحين, بل يتجاوزون إلى إكسائهم صيفا وشتاء بكساء جديد(50).

وقد يضمّ الشيخ أحد طلبته إلى زمرته العائلية ويقترح عليه الانتقال مع أغنامه إلى البادية إبّان الربيع حتّى لا يفوته لبن ذلك الفصل, ويكلّف من يأتيه بمعيشته يوميّا(51).

ويتعدّى الإبرار من الغذاء المادّيّ إلى الروحيّ فنجد المشايخ حريصين كلّ الحرص على الإرشاد والنصح.

ومن خلالها تتبيّن لنا أهدافهم ورغباتهم التي من أجلها سهروا الليالي الطوال جنبا إلى جنب مع تلاميذهم منقطعين عن أهليهم في كثير من الأوقات.

فمن وصايا المشايخ نختار ما أوصى به أبو الربيع سليمان بن يخلف المزاتي طلبته قائلا: «إذا وصلتم منازلكم فإيّاكم أن تستقبلوا الدنيا بوجوهكم لئلاّ تغرنّكم. وعليكم بالألفة والنصيحة والتزاور وحفظ مجالس الذكر. وإيّاكم وأمور الناس وإيّاكم والتقصير فيمن يرد من أهل دعوتكم»(52).

ذهب أبو عبد الله إلى جربة زائرا فأوصى طالبا بخصال منها: «قراءة القرآن والمواظبة عليه، والرغبة إلى الله، والرأفة بالضعفاء».

وقال له: «احمل نفسك على مالك يحملك»(53).

وأوصى أحدهم قائلا: «اذهب إلى منزلك فإن وجدت من تقدّمه في الأمور فاتبعه فإن لم تجد ووجدت من تتعاون معه فتعاونوا على البرّ والتقوى, فإن لم تجده ووجدت من يسعى في الخير فكن إمامه, فإن لم تجد أحدا من هؤلاء فاستقم على الطريقة وحدك»(54).

وهذه النصائح القليلة ما هي إلاّ قطرة من بحر وغيض من فيض، ولعلّ التأسّي بأعمالهم بعد ذلك من أحسن النصائح العلمية لا القولية فقط.

*أبو العباس أحمد بن محمد بن بكر

(ت 504هـ/1111م)

هو أبو العباس أحمد بن محمّد بن بكر, أبوه هو أبو عبد الله محمّد بن بكر الفرسطائيّ النفوسيّ صاحب نظام العزّابة.

وقد ربّاه أبوه على الصلاح والتقوى, وأدخله مع تلاميذه في حلقته مع أخيه أبي يعقوب يوسف بن محمّد.

وكانا في طلب الخير فرسي رهان مشتركين في كلّ فضيلة شركة عنان, فلعلّ أحدهما أعلم والآخر أزهد(55).

وقد أخذ العلم أيضا عن شيخه وأحد البارزين في حلقة أبيه وهو أبو الربيع سليمان بن يخلف المزاتي.

قضى شبابه في تمولست في الجنوب الشرقيّ للقطر التونسيّ حيث كتب جلّ كتبه ثمّ زار قابس(56).

وفي سنة 471هـ/ 1078م وقعت فتنة ببلاد أريغ بين خيران وتاغمارت، وهي أوّل فتنة وقعت بين وهبية أريغ, ففرّ أخوه أبو يعقوب إلى وارجلان فكانت وفاة أبي يعقوب بتماواط بوارجلان سببا لمجيء أخيه أبي العباس لقضاء فترة زمنية لتنفيذ وصية أخيه ولرعاية أيتامه.

ويسكت الدرجينيّ وغيره من المؤرّخين للسير وكذا المستشرق البولونيّ ليفتسكي, ـ إذ يعدّ هذا الأخير من أقدر المستشرقين في التحرّي والتدقيق ـ عن الفترة ما بين 471هـ/1078م و504هـ/1110م فيذكرون مباشرة وفاته, ولعلّ هذه الفترة قضاها متنقّلا بين آجلو وتماواط بوارجلان إلى أن يموت ويدفن وذلك في ضحوة يوم الخميس 9 ذي الحجة سنة 504هـ بآجلو الغربية.

منزلة أبي العباس العلمية:

يُعدّ أبو العبّاس من أشهر علماء منطقة المغربين الأدنى والأوسط فقد ترك لنا مؤلّفات عديدة يصعب على الباحث حصرها.

وقد قيل إنّه رأى في منامه ما يبشّره بأخذ العلم الغزير(57) و قد تفرّغ للمطالعة والدراسة أربعة أشهر في مكتبة قصر «ولَّم»، لم يذق فيها طعم النوم إلاّ ما بين أذان الصبح إلى طلوع الفجر واختار من الكتب ـ التي وصلت من المشرق البالغة ثلاثة وثلاثين ألف جزء ـ أكثرها فائدة(58) وسبب ذهابه إلى مكتبة قصر «ولَّم» ما قاله هو بنفسه: «كنت أقرأ على الشيخ سعد وأحضر مجالسه, فأوّل ما وقعت فيه المذاكرة عنده مسألة ذبيحة الأقلف هل تؤكل أم لا؟ وقال: في المسألة قولان ولم يزد على هذا شيئا».اهـ

ولا نستطيع الجزم في شأن تفرّغه للمطالعة بالضبط هل هو معرفة جواب هذه المسألة بالتحديد ؟ أم عدم اقتناعه بجواب شيخه الذي ينقصه التوضيح الكافي إمّا بسبب منهجيّته في التدريس أو بسبب مستواه الثقافيّ فأراد أن يبزّه في العلم ولعلّ السبب الثاني هو المعقول وذلك ما يفهم من قوله: «ولم يزد على هذا شيئا».

آثار أبي العباس أحمد بن محمد بن بكر:

لقد ترك لنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن بكر تراثا قيّما وضخما من الكتب في شتّى الاختصاصات سواء أكانت فقهية أم أخلاقية أم في العمارة الإسلامية وشروطها وضوابطها الشرعية.

و نذكر من مؤلّفاته:

كتاب أبي مسألة: و سبب تأليفه أنّ أبا عبد الله محمّد النفوسيّ كتب إليه من «أبديلان» يرغب إليه في مختصر مشتمل على مسائل الفروع ورأى في منامه قائلا يقول له: «اذكر أبا مسألة» فسمّاه العزّابة أبا مسألة ويسمّى أيضا بالجامع.

كتاب في مسائل التوحيد: ممّا لا يسع الناس جهله وغير ذلك من مسائل الكلام(59).

كتاب تبيين أفعال العباد: يتألّف من ثلاثة أجزاء(60) توجد نسخ من المخطوط في ميزاب وجربه(61).

كتاب القسمة وأصول الأرضين: يتألّف كتاب القسمة من جزئين, وأصول الأرضين يتألّف من ستّة أجزاء.

يتحدّث الأخير عن الحريم بين البناءات والطرق, وعن دفع الضرر عن الجار، وعن الحريم فما يغرس من النخيل والأشجار وغير ذلك، وقد حققه فضيلة الأستاذ بكير بن محمد الشيخ بالحاج والدكتور محمد بن صالح ناصر.

كتاب الألواح: هذا الكتاب تركه الشيخ أبو العبّاس قبل وفاته على الألواح فعرضه ابنه على المشايخ بإيفران بوارجلان وهم: إسماعيل, حمو بن المعز، أيّوب بن إسماعيل, داود بن واسلان, وأبو سليمان الزواغي(62).

كتاب مسائل الأموات(63).

كتاب الجنائز(64).

كتاب السيرة في الدماء. وقد حققه الأستاذ عبد الرحمن بن إبراهيم طبَّاخ ضمن رسالة ماجستير سنة 1422هـ/ 2002م.

وبهذا نجد أن الحركة العلمية بأريغ كانت قد بلغت أوجها من العلم والعطاء إلى جانب كبير من الورع والتقوى فكونت رجالا صالحين علماء، فقهاء، فألفوا الكتب الكثيرة منها ما وصل إلينا ومنها ما عرفنا عنوانه ولم يصل إلينا ومنها ما لم نسمع به ونحتمل أن يكون كثيرا وثمينا.

وهكذا فالمنطقة لا تزال بحاجة إلى عناية فائقة من أصحابها ومن ذوي الاختصاص كما أن الخزائن التي تكدست فيها الوثائق والمخطوطات ستغير بعد فتحها كثيرا من الحقائق التاريخية.

--------------------

قائمة المراجع

صالح باجية :

1ـ الإباضية بالجريد في العصور الإسلامية الأولى. دار بوسلامة للطّباعة والنشر والتوزيع. تونس سنة 1396هـ/ 1976م.

الجعبيري فرحات

2ـ دور المدرسة الإباضية في الفقه والحضارة الإسلامية. دار الجويني. تونس. سنة 1988م.

3ـ نظام العزّابة عند الإباضية الوهبية في جربة. المطبعة العصرية. تونس.سنة 1975م.

ابن خلدون عبد الرحمن (ت : 808هـ/ 1406م)

4ـ كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر. دار الكتاب اللبنانيّ بيروت سنة 1981م.

خليفات عوض محمد

5ـ النظم الاجتماعية والتربوية عند الإباضية في شمال إفريقيا في مرحلة الكتمان. ط. شركة المطابع النموذجية. عمّان 1982م.

الدرجيني أبو العباس أحمد بن سعيد (ت 670هـ)

6ـ طبقات المشايخ بالمغرب. تحق. إبراهيم طلاّي. مطبعة قسنطينة الجزائر. د. تا.

أبو زكرياء يحيى بن أبي بكر الورجلاني

7ـ كتاب السيرة وأخبار الأئمّة. تحق عبد الرحمان أيّوب. الدار التونسية للنشر. تونس. 1405هـ/ 1985م.

الشماخي أحمد بن سعيد (ت 928هـ/ 1521م)

8ـ كتاب السير. طبعة حجرية. القاهرة 1304هـ/1884م.

9ـ كتاب السير. تحق. أحمد بن سعود السيابيّ، مطابع النهضة.سلطنة عمان. سنة 1407هـ/ 1987م.

ابن عميرة محمد

10ـ دور زناتة في الحركة المذهبية بالمغرب الإسلاميّ. المؤسسة الوطنية للكتاب. الجزائر. سنة 1985م.

محمد محفوظ

11ـ تراجم المؤلّفين. ط. 1. دار الغرب الإسلاميّ. بيروت. 1982م.

معمـر علـي يحيـى

12ـ أضواء على الإباضية. المطابع العالمية. روي سلطنة عمان. سنة 1984م.

13ـ الإباضية في موكب التاريخ (الحلقة الثانية) الإباضية في ليبيا (القسم الثاني). مطبعة الاستقلال الكبرى. مصر، 1384هـ/ 1964م

14ـ الإباضية في موكب التاريخ (الحلقة الثالثة) الإباضية في تونس. دار الثقافة. بيروت سنة 1385هـ/ 1966م.

15ـ الإباضية في موكب التاريخ (الحلقة الرابعة) الإباضية في الجزائر. المطبعة العربية غرداية. الجزائر. سنة 1986/1985م

النامـي عمرو خليفة

16ـ ملامح عن الحركة العلمية بوارجلان. الأصالة: مطبعة البعث. قسنطينة الجزائر. عدد 42 ـ 43. صفر 1397هـ/ 1977م.

--------------------

الهوامش

(1)ينظر: محَمَّد بن عميرة: دور زناتة، ص19.

(2)الدرجيني, الطبقات, ص 169.

(3)ينظر: الدرجيني: طبقات، 1/170.

(4)ياقوت الحموي: معجم البلدان، مج3/ ص113.

(5)ابن خلدون: تاريخ، مج13/ ص96-98.

(6)الدرجيني: طبقات، 2/457-458.

(7)المصدر نفسه.

(8) «تَلاَ» تعني: عين ماء، وَلَعَلَّ المنطقة بها ينابيع اشتهرت بهذا الاسم.

(9)د. عمرو خليفة النامي, محاضرة (مرقونة): ملامح عن الحركة العلمية في وارجلان, ملتقى وارجلان 1977, ص 7.

(10)أبو نوح سعيد بن زنغيل من الطبقة الثامنة ( 350هـ/400هـ ), الدرجيني, ص 143،353.

(11)أبو زكرياء فصيل بن أبي مسور يسجا بن يوجين اليهراسني من الطبقة الثامنة, الدرجيني, طبقات, مج 2, ص 361.

(12)أبو زكرياء, كتاب السيرة, ص 252.

(13)يسمى الغار بالتسعي نسبة إلى سنة 409هـ التي أسّس فيها نظام الحلقة, وبالمناسبة وقع الاحتفال بذكراه الألفية في غرداية عاصمة ميزاب سنة 1409هـ, وقد كتبت في الموضوع رسائل جامعية ودراسات قيّمة, اطلبها تحت عنوان: الحلقة ـ العزابة.

(14)الدرجيني، طبقات, ج 1, ص 186.

(15)المصدر نفسه, ج 2, ص 386.

(16)المصدر نفسه, ج 1, ص 183.

(17)المصدر نفسه, ج 2, ص 377.

(18)نقلا عن مخطوط قديم من لفوف, مجهول المؤلف، تحت رقم 277. ينظر:

T. LEWICKI, Mélanges - Ibadites, R. E. I. Paris. PAUL GEUTHNER, 1936. T, X, P. 277.

(19)ينظر:

FEKHAR. (Brahim Ben Moussa, Docteur), Les Communautés Ibadites en Afrique du Nord depuis Les Fatimides, thèse, Sorbonne, Paris III, 1971, P, 64.

(20)الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 407.

(21)البرادي، أبو القاسم بن إبراهيم, الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخلّ به كتاب الطبقات, طبعة حجرية، مصر 1302هـ/1884م، ص 209.

(22)ينظر: الدرجيني, طبقات, ج 1, ص172.

(23)قد يقوم بها العزابة دونه، وهذا ما يرويه أحد تلاميذه قائلا: كنّا في حلقة أبي عبد الله نقرأ عليه فكان العزابة أرادوا كنس الغار فكنس معهم الشيخ أبو عبد الله, وجعل يرفع معنا الكناس على عاتقه, فقال له يوما بعضنا وهو ينقل معنا: أقعد يا شيخ فإنّ العزابة يكفونك. قال: أو يحملون عليّ ذنبي؟

ينظر: الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 392.

(24)يبدو أنّ العريف قديما كان من كبار العزابة, لما له من سلطة الأمر والنهي.

(25)البرادي, الجواهر, ص 212.

(26)الدرجيني, طبقات, ج 1, ص 177.

(27)البرادي, الجواهر, ص 210.

(28)الدرجيني، طبقات, ج 1, ص 3.

(29)المصدر نفسه، ج 1، ص 4.

(30)البرادي, الجواهر, ص 216.

(31)أبو زكرياء, السيرة, ص 349.

(32)الدرجيني, طبقات, ج 1, ص 180.

انظر ما لاحظه الشيخ أبو العباس أحمد بن سعيد الدرجيني حينما دخل حلقة وارجلان، عند أوّل صومه في شبابه. (أورده البرادي أيضا في جواهره, ص 215).

(33)الدرجيني, طبقات, ج 1, ص 171.

الوسياني، سير, ذكر التلحي, ص 4 ـ7.

(34)الدرجيني، طبقات, ج1, ص 144.

(35)نفسه, ج 2, ص 459.

(36)أبو سليمان أيوب بن إسماعيل: هو شيخ أبي يعقوب يوسف الوارجلاني وقد رثاه بعد وفاته بقصيدته البائية المشهورة. (من الطبقة الحادية عشر 500 ـ 550).

(37)أبو صالح الياجراني من الطبقة الثامنة ( 350 ـ 400هـ).

(38)لقد زرت هذا الغار ولا يزال إلى حدّ الآن في آجلو «بلدة اعمر» وهو على شكل سراديب ينزل إليها الإنسان مقسمة إلى غرف من صنع الإنسان، يحيط بها كثبان من الرمال من جميع الجهات حيث قبر الشيخ ويزار الآن باسم سيدي السائح لكثرة تجواله كما مرّ في تعريفه.

(39)بكلي عبد الرحمن, مقدمة طبقات الدرجيني, ج1, ص : د.

(40)مقرين بن محمد البغطوري, سير نفوسة, مخطوط, ص 6.

(41)أبو سليمان داود بن أبي يوسف (ت 462هـ)

وإن كان الشماخي يرى أنّ أبا محمد ماكسن هو الذي ينتقل بحلقته إلى أبي سليمان انظر الشماخي ـ سير، ص 418 . الدرجيني, ج 2, ص 437.

(42)هو أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني «السدراتي»(500 ـ 570هـ).

(43)الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 492.

(44)البرادي, الجواهر, ص 216.

(45)م. س, ص 212.

(46)د. عمرو خليفة النامي, ملامح عن الحركة العلمية بوارجلان, محاضرة ملتقى 1977, ص 8.

(47)البرادي, الجواهر, ص 209 ـ 213.

أبو زكرياء، السيرة, ص 255.

(48)ينظر: أبو زكرياء, السيرة, ص 223.

(49)د. عمرو خليفة النامي، محاضرة: ملامح عن الحركة العلمية, ص 11.

(50)الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 417.

(51)هذا ما فعله الشيخ أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عيسى العباسي (من الطبقة الثانية عشرة 550 ـ 600هـ) مع أحد تلاميذه.

ينظر: الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 508.

(52)الشماخي, سير, ص 412.

(53)أبو زكرياء, السير, ص 360.

(54)م . ن, ص 363

(55)الدرجيني, طبقات, ص 442/الشماخي, سير, ص 423.

(56)ويرى ليفتسكي أن تعلم أبي العباس على أبي الربيع من باب الاحتمال.

T. LEWICKI, LES HISTORIENS... P. 21

(57)ينظر تفصيل ذلك عند: الدرجيني، طبقات ج 2, ص 444.

(58)الدرجيني، م، س, ص 445.

نشر كتاب أبي مسألة في زنجبار سنة 1318هـ وقد حشّاه محمد اطفيش.

ينظر:

T.LEWICKI,Les Historiens.22.

(59)توجد منه نسختان في جربة, الأولى في المكتبة البارونية والثانية في مكتبة البعطور. والغ.

ينظر:

A.K.ENNAMI, A description of new Ibadi manuscripts from north Africa. Journal of semetic studies vol. 15 No 1, spring 1970. P.73.(extrct)

(60) Ibid,P.74

(61)حقق الجزأين الأولين منه طالبان بمعهد الحياة بالقرارة، في إطار بحث التخرج، الثالث لا يزال طور التحقيق من قبل طالب ثالث في الإطار نفسه.

(62)الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 444.

(63)كان في عداد المفقودات وبعد البحث وجدت نسخة مخطوطة في المكتبة المغمورة لآل الفقيه بوارجلان ترجع إلى سنة أربع وسبعين وتسعمائة لهجرة النبي عليه السلام.(974هـ/1566م)

(64)يذكرهما ليفتسكي بالتتابع وهذا يعني أنّ كتاب الأموات مضمونه غير كتاب الجنائز كما يظن البعض.

نشر المقال في دورية الحياة، العدد: 11، 1428هـ/2007م، ص141-160

المصدر موقع التراث 

الحياة العلمية بمزاب

  • الحياة العلمية والثقافية بمزاب

    Icon 09الحياة العلمية في وادي مزاب عبر التاريخ النهضة الفكرية الحلقات العلمية وتأثيرها في المجتمعاعتاد بنو مزاب أن لا يخلو موطنهم من كبار العلماء....

    اقرأ المزيد
  • التّعليم في وادي مزاب عبر التاريخ

    Icon 09احصائيات العهد الرابع للتّعليم الحر الإسلامي المحاضر ودور العلم والمدارس القرآنية والتعليم الرسمي الفرنسي ومدارس الآباء البيض.
    التعليم في الفترة الثانية من 1882م إلى 1912م
    التّعليم في الفترة الثالثة من 1912م إلى 1947م
    التّعليم في الفترة الأخيرة  من 1947م إلى 1962م....
    ..


    اقرأ المزيد

  • شخصيات مزابـــــــــية

    Icon 09علماء ومشايخ الإباضية بمزاب
    أسماء تلاميذ القطب
    مشاهير الشخصيات في مزاب عبر التاريخ
    ألبوم صور أعلام وشخصيات بني مزاب..
    ..

    اقرأ المزيد

  • نساء خالدات من مـــــــــزاب

    Icon 09ابن عبد الله مامة بنت علي مامة بنت سليمان تنعزامت نوغلان ومواقفها البطولية
    بافضل شريفة بنت محمد
    السيِّدة بافضل فاطمة الزهراء
    عبد العزيز مريم بنت
    عبد العزيز عائشة بنت عمر نوح ..
    .....

    اقرأ المزيد

  • من سجل الخالديـــــــــــــن

    Icon 09نبذة عن حياة الشيخ بابا السعد وعصره
    أبو مهدي عيسى بن إسماعيل بن موسى
    الشيخ امحمد بن يوسف اطفـيَّش قطب الأَيمـَّة
    الشيخ عبد العزيز الثميني
    الشيخ محمد بن علي دبوز
    الشيخ محمد البرياني
    الشيخ بالحاج قشار
    الشيخ محمد بن عمر داودي.....

    اقرأ المزيد

  • شخصيات من العهد الرّابع

    c 7من 1882م إلى 1962م
    قطب الأئمّة الشّيخ طْفَيَّشْ، نامّه بنت سليمان بَابَّازْ، حَمُّودْ رمضان، عائشة بنت عمر نوح، عبد الله بن الحاج صالح البليدي بوكامل، الحاج سليمان باعامر، الشّيخ أبو إسحاق طْفَيَّشْ، الشّيخ أبو اليقظان، الشّاعر مفدي زكرياء  الشيخ، الشّيخ إبراهيم مَطْيَازْ، الفرقد سليمان بوجناح، الشّيخ إبراهيم  بَيُّوض، الشّيخ محمّد بن علي دبّوز، الشّيخ عبد الرّحمن باكلّي، الشاعر صالح بن الخرفي...

    اقرأ المزيد

  • بعض المؤسسات الاجتماعية و الثقافية مدارس ومعاهد

    c 7

    بعض المؤسسات الاجتماعية والثقافية 
    معهد عمي سعيد  
    معهدالإصلاح
    معهدالحياة 
    مدرسةالنهضة تَجْنِينْتْ 
    مدرسة النور 
    مدرسة الفتح...

    اقرأ المزيد

 

ندوة الحركة العلمية في وادي مزاب

دعمرلقمان أ مصطفى شرفي

 

 

 

محاضرة أسطنبول حول المخطوطات الفلكية في وادي مزاب

مداخلة عن المخطوطات العلمية والعلوم العقلية في وادي مزاب من خلال خزينة آل اشقبقب

الخلاف في إخراج زكاة الفطر طعاما أو نقدا

الأصل في تحديد زكاة الفطر أنها صاع من الطعام

ووزن ما يوضع في الصاع يكون حسب ثقل ذلك الطعام الذي يوضع فيه

والقيمة ستكون بناء على قيمة ذلك الطعام في السوق وحسب ذلك الوزن

فصاع مثلا من السميد المتوسط (نوعية وسعرا في السوق) سيزن حوالي 2 كيلو و 250 غراما

فانظر سعر ذلك النوع من السميد واضربه في ذلك الوزن لتعرف القيمة بالتقريب

والوزن سيختلف طبعا إن كنت أردت إخراج التمر مثلا

فوزن صاع من السميد لا يساوي نفس وزن صاع من النوعية الفلانية للتمر

وكذلك السعر يختلف

فلذلك تحمل أيها الفرد مسؤوليتك في تحديد القيمة

فأنت إنسان تشتري حاجياتك دائما وتعرف مجريات السوق وبإمكانك التقدير والتحري بنفسك

لا أقول هذا للتشكيك في من يخرج القيمة، فهو قول قال به من قال من أهل العلم جزاهم الله خيرا

فلا يعتب من يخرج القيمة على من يخرج الطعام (السميد والتمر مثلا)

ولا يعتب من يخرج الطعام على من يخرج القيمة

بل لنترفع ولنتقبل الاختلاف ولنتسامح

وعلى الفقهاء في المنابر بعد بيان الراجح لديهم في أي مسألة فقهية أن يبينوا للناس أن تلك المسألة اجتهادية ويسع فيها الاختلاف ولا يجوز فيها أي تعامل يدل وكأن ذلك المختلف قد وقع في إثم وضلالة...

وويل لمن أفتى على المنابر بصورة تجعل الناس يخرجون من عنده ناقمين على من يعمل بفتوى أخرى خلاف الفتوى التي سمعوها منه .. اتقوا الله في أنفسكم وفي من يعمل بخطبكم وفتاواكم...

هذه المسألة نموذج، وغيرها كثير...

لن نقضي على الاختلاف مهما حاولنا

ولن نوقف عجلة الاجتهاد في المسائل الظنية مهما حاولنا

وغبي من يتوهم أن وحدة الأمة إنما هي بوحدتهم في المسائل الاجتهادية التفصيلة .. بل ننصحه أن يقرأ شذرات من سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام رضوان الله تعالى عليهم..

وتأبى حكمة الله تعالى إلا أن تبقى تلك التفاصيل متجددة مع الإنسان والزمان والمكان..

وعذرا..

هيا قم واهتم بزكاتك وزكاة من يلزمك شرعا، ولا تشوش عليك هذه التفاصيل عن الاشتغال بالسعي إلى أداء هذه الشعيرة الطيبة..

لنتسامح فيما بيننا ونتقبل الاختلاف....

فتلك مسائل إجتهادية يسع فيها الإختلاف

فالوحدة ليست في المسائل الفرعية الظنية 

 

‎عبدالله الحكيم‎

الخلافة الراشدة أيام الدولة الرستمية

المغرب جدد عهد الخلفاء الراشدين أيام الدولة الرستمية

المغرب في عهد الدولة الرستمية يحظى بعهد الخلفاء الراشدين، ويتمتع من أئمته بما كان يتمتع به المسلمون في عهد الفاروق وخلفاء الرسول عليه السلام، ومع هذا العدل والديمقراطية الكاملة، والتمسك بالدين كل التمسك وجعله دستورا للدولة الرستمية لا تحيد عن طريقه في شاردة ولا واردة، الحضارة العظمى، والمدنية الراقية، وامتياز المغرب في ظل الإمامة الإسلامية بكل ما امتاز به العباسيون من حضارة ومدنية وعمران. سيريك المغرب المتحضر القوي السعيد في ظل الدولة الرستمية أن عهد الخلفاء الراشدين وسياستهم وعدلهم وتمسكهم كل التمسك بالدين هو الذي يليق بالأمم المتحضرة، والشعوب الحية، ويساير الزمان، ويليق في كل عصر، وليس كما قال الجهلة الملحدون الذين يمشون في ركاب المستبدين، ويتأثرون بكتبهم، ويرددون ترهات المستشرقين المغرضين؛ يريك المغرب كذب ما قاله الجهلة الملحدون من أن سلوك الخلفاء الراشدين وعدلهم، وتمسكهم في السياسة بالدين، وبما أمر الله، شيء لا يمكن إلا في زمانهم، ولا يليق إلا لعصرهم، وانه لم يتجدد ولم يكن في امة وفي دولة بعد دولتهم وأيامهم!

إن المغرب قد جدد عهد الخلفاء الراشدين في ربوعه، لتمسكه بالإمامة الإسلامية، وإنشائه لدوله العادلة التي جعلت الدين دستورها، وهدي الخلفاء الراشدين هديها؛ وتحقيق ما سكب الدم الغزير من اجله، وما قضي عليه الأمويون والعباسيون في المشرق.

إن الدولة الرستمية التي تقوم على الإمامة الإسلامية هي أول دولة جزائرية إسلامية نشأت في المغرب الأوسط فبسطت جناحها الحنون وأشعتها الجميلة إلى المغرب الأدنى فوحدت اغلب المغرب، ودخل بها في أعراسه وأعياده وعهود قوته! إنها دولة خلعت ظلم العباسيين واستبدادهم، وتمسكت بالإمامة الإسلامية، وأذاقت المغرب حلاوة عدلها، ونعمة تمسك الدولة في السياسة بالدين، فاتجهت إليها الأنظار، فثارت ثائرة المستبدين فرفعوا المعاول عليها، وبسطوا السنة السوء والبهتان فيها، فشوهوا صفحاتها الغراء في التاريخ، وظلوا عشرة قرون كاملة، وكتب التاريخ، والسنة العباسيين، والعبيديين، وكل من يتمسك بالملكية المطلقة المستبدة، ويكره الإمامة الإسلامية العادلة، تكيل لها ما يسود صفحتها، ويثني بأعنة المغرب والمشرق عنها، لكي لا يروا في صفحاتها الغراء جمال الإمامة الإسلامية فيعاودهم الحنين إليها، فيقضون على عروسهم واستبدادهم، ويحيون الإمامة الإسلامية التي أسعدت أجدادهم.

لقد كان جو المغرب الكبير مغبرا بالملكية المطلقة، وبالاستعمار الذي يؤكد مزاعمها في دولنا المغربية الزاهرة، فها هو قد تخلص من الملكية المطلقة، وأوتي رؤساء مثقفين، دستوريين، مخلصين لبلادهم، غيورين على تاريخهم، فتكون في مغربنا الكبير الجو الضاحي الصافي لإبراز تاريخنا مصفى من أكداره، ليكون سبب بناء ومحبة، فيكون أبناء المغرب في حاضرهم كما كانوا في ماضيهم، مع بعضهم بعضا، ومع الأمة الإسلامية كلها، إخوة متعانقين متحابين، متساندين، يرضى عنهم الله، وتهابهم كل الدنيا وتحبهم!

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 102-103

الدولة الرستمية

مختلف الإمامات الإباضية (الدولة الرستمية)

  • نشأة الدولة الإسلامية

    image1

    كان الإسلام قد غرس حب العدل في القلوب، والغرام بالمساواة في النفوس، والتعليق بالديمقراطية؛ فكان من مآثر الدين الحنيف عند المسلمين قضاؤه على ظلم الجاهلية واستبدادها، وعلى غطرسة الملوك، وتجبر الأمراء، وحيف الرؤساء؛ وأشاع العدل الذي يتولد به الاتحاد والإخاء، والديمقراطية والمساواة التي هي أساس المحبة والرخاءوكان الإسلام قد فرض في رئاسة الدولة أن لا يتقدم إليها إلا من يرتضيه المسلمون لدينه واستقامته، وورعه وإخلاصه، وكفاءته العقلية والخلقية، ويقدمونه هم لرئاستهم، بدون أن يتخطى الرقاب إليها و...


    اقرأ المزيد

  • أول دخول الإباضية في إفريقيا

    image2ن الذي بث الدعوة وقام بنشر المذهب الأباضي بالمغرب الكبير هو سلمة بن سعد قال الشيخ يحيى علي يحيى امعمر النفوسي في كتابه الاباضية في موكب التاريخ في الحلقة الثانية...


    اقرأ المزيد
  • الدولة الرستمية

    image3

    إعجاب ابن الصغير المالكي بالدولة الرستمية وحبه لها
    المغرب جدد عهد الخلفاء الراشدين أيام الدولة الرستمية
    دولة الإباضية  لا يعتدي، لا تطمع في التوسع، ولا تستبيح الدماء
    استقرار الدولة الرستمية وهناؤها وسعادتها بالعدل والدين
    حرية كل المذاهب الإسلامية واحترامها في الدولة الرستمية
    الإخوة الإسلامية الكاملة في الدولة الرستمية
    تمتع اليهود والنصارى بحقوقهم كاملة في الدولة الرستمية وعدلها فيهم
    اعتناء الدولة الرستمية بتعليم المرأة وتثقيفها...

    اقرأ المزيد

  • آثار الدولة الرستمية

    image1

    مسجد الإمام أفلح
    مقام الإمام يعقوب
    بقايا الحمامات بتاكدمت.
    ..


    اقرأ المزيد


 

 

 

 

 

الدولة الرستمية

الدولة الرستمية

image3

إعجاب ابن الصغير المالكي بالدولة الرستمية وحبه لها
المغرب جدد عهد الخلفاء الراشدين أيام الدولة الرستمية
دولة الإباضية : لا يعتدي، لا تطمع في التوسع، ولا تستبيح الدماء
استقرار الدولة الرستمية وهناؤها وسعادتها بالعدل والدين
زهد عبد الرحمن بن رستم في المادة وتقشفه في عيشه
حرية كل المذاهب الإسلامية واحترامها في الدولة الرستمية
الإخوة الإسلامية الكاملة في الدولة الرستمية
تضحية كل الطبقات في الدولة الرستمية واعتمادهم على أنفسهم في بناء وتجهيز نواحيهم
تمتع اليهود والنصارى بحقوقهم كاملة في الدولة الرستمية وعدلها فيهم
اعتناء الدولة الرستمية بتعليم المرأة وتثقيفها
سكون الدولة الرستمية واستقرارها وهناؤها
إقبال الإمام على الدرس والتدريس لقلة مشاكل الدولة لاستقرارها

العقيـــــــــــــدة

  • أثر العقيدة في الأنسان

    Icon 09
    إننا نعتقد بوجود أشياء أكثر من ذوات وصفات مدركة بالحواس وغير مدركة، ونجد قلوبنا مطمئنة مما نعتقد به ليس فيها أدنى شك كاعتقادنا بوجود ذواتنا وصفاتنا.ولو جاءنا الناس كلهم أو جلهم يحاولون تشكيكنا فيما نعتقد به لم يجدوا إلى ذلك سبيلاً.وحتى يستقر فينا العلم هذا الاستقرار الراسخ لابد أن نرى أنه اصبح يوجه كثيراً من تصرفاتنا وأفعالنا، و....

    اقرأ المزيد

    بعض أصول الإباضية التي لها تأثير مباشر على سلوك الفرد في المجتمع وعلى علاقة الإباضية بمخالفيهم:
    - الإيمان يتكوّن من ثلاثة أركان وهي الاعتقاد والإقرار والعمل.
    - الخلود في الجنّة أو النّار أبديّ.
    - الإنسان حرّ في اختياره مكتسب لعمله ليس مجبرا عليه......

    اقرأ المزيد

  • دروس في العقيدة الإسلامية

    Icon 08

    أهمية العقيدة الإسلامية / خصائص العقيدة الإسلامية / معنى الإيمان والإسلام / كلمة التوحيد وفضلها / السؤالات الممتنعة عن الله جل وعلا / الأسماء والصفات / الأنبياء والرسل / الإيمان بسيدنا محمد _ صلى الله عليه وسلم / الإيمان بالكتب المنزلة / الإيمان بالملائكة / علامات الساعة /الموت / حياة البرزخ / الإيمان باليوم الآخر...

    اقرأ المزيد

    الحساب يوم القيامة / الميزان والصراط / الشفاعة / الجنة ونعيمها / النار وجحيمها / الخلود في الجنة أو في النار / القضاء والقدر / الملل الست / الولاية والبراءة الوقوف / مسالك الدين / مكائد الشيطان / التوبة / الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر....

    اقرأ المزيد

  • العقيــدة الحقــة

    Icon 07
    لا ريب أننا نؤمن جميعا أن رحمة الله تعالى واسعة وأنه عز وجل سبقت رحمته غضبه ولكن لمن هذه الرحمة فقد قال سبحانه "ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون" أخبر الله سبحانه وتعالى أن هذه الرحمة إنما هي للمتقين ومن هؤلاء المتقون ؟ المتقون وصفهم القران وصفا دقيقا عجيبا عندما ذكر الله سبحانه وتعالى البر وأركانه الاعتقادية والعملية والخلقية ثم أتبع بعد ذلك قوله أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون فهذا يعني...

    اقرأ المزيد
  • العقيــدة الصحيحة و ما يضادها

    Icon 07
    جاء الإسلام بعقائد عن حقيقة المعاد والجزاء ، بحيث تجعل الإنسان معتقداً أن الجزاء العادل هو المصير الذي ينتظر كل مكلف يوم العرض الأكبر الذي تتميز فيه الخلائق بعضها عن بعض وتتقطع الأواصر ويبقى الإنسان مرهوناً بعمله إن كان خيراً فخير وإن كان شراً فشر. وحول هذا الموضوع أنقل لك أخي القارئ الكريم هذه القراءات من تفسير الأستاذ سيد قطب...

    اقرأ المزيد
  • مقالات في العقيدة

    Icon 07مقالات في العقيدة
    مداخل الشيطان [ جانب العقيدة]


    مقالات قيد الإدراج:
    مختصر أصول العقيدة الإباضية / الأصول التسعة و بعض المسائل الخلافية / إفتراق الأمة و النجات في طلب الحق / الإخـــلاص روح الــعــبــادة / النيـة الخالصـة  / صفات الله سبحانه وتعالى ( الحياة ، السمع والبصر ، الكلام ) / قوائم و أركان الدين / العقيدة الإسلامية في ضوء العقل والنقل / الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر / مميزات الإباضية / المدخـل العــام إلى دراسة العقيدة الإسلامية / حقيقة الفرقــــة الناجية / بــراءة الإباضيــة / الإيمان زيادةً ونقصاناً  / حكم الصغائر / العلم : فرض كفاية و فرض عين /  الورع عن الحرام / الأسماء والصفات / مناهــج التشريع الإسلامـي عند علماء المسلميــن / تأملات في سورة إبراهيم / النونية- السيف والإيمان في العدل والرضوان / القوانين و السنن الكونية / صمود النص أمام الطوفان الجارف / حادثة الإسراء في النص القرآني / الثبات على المبادئ : الشيخ أبو اليقظان...

  • كتاب الحق الدامغ للشيخ أحمد بن حمد الخليلي

    Icon 07
    فهرس الكتاب: رؤية الله / في مدلول الرؤية لغةً / اختلاف الأمة في إمكان رؤية الله ووقوعها / في أدلة المثبتين / أدلة النافين ، وهي قسمان عقلية ونقلية خلق القرآن / التعريف بالخلق وبالقرآن والتفرقة بين القرآن وسائر الكتب المنزلة وبين الكلام النفسي / اختلاف الأمة في قِدم الكلام أو حدوثه / تضارب أقوال القائلين بقِدم القرآن / أدلة النافين لخلق القرآن / أدلة القائلين بخلق القرآن خلود أهل الكبائر في النار / تعريف الخلود والكبائر / اختلاف الناس في خلود الجنة والنار / أدلة القائلين بانقطاع العذاب / أدلة القائلين بخلود جميع مرتكبي الكبائر في النار...

العمران في مزاب

العمران في مزاب

Icon 07

قصور مزاب عبارة عن منظومة عمرانية متأصلة ، وهي امتزاج بين الإبداع العملي الذي اكتنفه الصّمود من أجل البقاء تأقلما وتكيفا حسب مناخ وطبيعة المنطقة الصعبة ، وبين الصيانة للحقوق الجوارية المدعمة بترسانة من النظم والأعراف الأخلاقية المعبر عنها بالحريم إذ تجد لكل موضع عمراني حيوي له حريمه سواء داخل القصر أو على مسافات محددة خارج أسوارهم...مما كساها لمسة جمالية بديعة وميزة عمرانية تكاد تنفرد عن غيرها...

القندي المزابي

القوندي المزابي ⴳⵓⵏⴷⵉ

Icon 08

القندي المزابي(1)
قندي ماسوتيرهو جنس من الحيوانات يتبع فصيلة القندية من رتبة القوارض هذا الجنس يضم  نوع واحد غير منقرض هو القندي المزابي واسمه العلميMassoutiera mzabi ;  يعيش في الجبل وهو من بين الحيونات المهددة بالانقراض ويوجد ثلاثة أنواع من القندي في الجزائر قوندي الطاسيلي والقندي المزابي والثالث سوف . 


Icon 08

Le Goundi du Mzab(2)
(Massoutiera mzabi) une espèce de petits rongeurs de la famille des Ctenodactylidae, appelée aussi Goundi du Sahara comme Ctenodactylus vali. Il s'agit de la seule espèce du genre Massoutiera. Cet animal occupe les milieux rocheux semi-désertiques qui s’étendent de la zone sahélienne (Niger, Mali et Tchad) jusqu’aux collines du Mzab dans le Sahara algérien septentrional.
_______

Icon 08

(1) بقلم عزيز حاج عيسى

الصورة من صحاري غرداية بعدسة عزيز حاج عيسى Aziz Hadj Aissa


(02) wikipedia

النسيج العمراني للقصر والحفاظ على الأراضي الزراعية

Icon 08

إن المدينة المزابية قد خضعت في تخطيطها إلى قواعد المدينة الإسلامية والشمال-إفريقية عموما، باعتبار المزابيين من أعرق شعوب الشمال الإفريقي .

أول ما يهتم به المِـزابيون، كان الموقع، إذ كانوا يختارون لها موقعا مراعين في ذلك قدرة المدينة على الدفاع ضد المغيرين، و وقايتها من فيضانات الأودية، والحفاظ على الأراضي الزراعية ذات التربة الطيبة .

وإن أول ما يشد انتباه الملاحظ للمدن المزابية الحديثة (إبتداءا من تجنينت و انتهاءا بتيـﭭْـرار)، توضّعها على روابٍ (هضبات).

 

البناء على المرتفعات:(1)

إن اختيارهم البناء على المرتفعات يستجيب لعدّة مطالب منها الابتعاد عن خطر الأودية، وعن خطر الغارات التي يمكن أن يفاجؤوا بها، ولكنهم يقصدون إلى شيء آخر ولعله الأهم وهو المحافظة على الأرض التي يمكن الزراعة فيها لأنها نادرة.

فلو أنهم بنوا فيها لاضطرتهم ندرة الأرض الصالحة للغراسة إلى الابتعاد عن قريتهم، وظروفهم لا تسمح بذلك، وهذه نقطة تلتقي فيها مع التخطيط المعاصر.

وهكذا إذن إذا ما خططوا قرية فإنهم يبنوها على الجبال طبعا لغرض الدفاع عن النفس أولا، ولكن هناك كثير من الاعتبارات جعلتهم يختارون السكن في المرتفع للأسباب الصحية وللمحافظة على الرقعة الضيقة من الأرض الصالحة للزراعة بقدر ما يفي بحاجتهم.

والمعماريون اليوم يشتكون، سيما في أوروبا، من البناء في الأرض الصالحة للزراعة مما جعل المناطق الزراعية تتقلص يوما بعد يوم في العالم حتى قالوا إن العالم صار مهددا بعدم الكفاية الغذائية.

----------------------

(1) كتاب الشيخ القرادي، آثاره الفكرية ص133 -138.

النظام الديموقراطي في أعراس مزاب

النظام الديموقراطي في أعراس مزاب(01)

Icon 09  "... من أبرز ما لاحظته في هذا الصدد ونحن بميزاب، أن الديمقراطية بالمفهوم الجزائري كانت ممثلة في نظام الجلوس وفي وجبات الطعام وفي نمط اللباس، فأنت تحس بأن هناك مساواة نشيطة بالمفهوم الإسلامي الأول، الكل يجلس حيث انتهى به المجلس، والكل يأكل من طعام واحد ويتقشف أيضا، والكل يلبس لباسا متشابها في القيمة والزي، وتكاليف الضيوف، بما فيهم بنو ميزاب أنفسهم، على العشيرة، وهكذا كانت وجبة الغداء مثلا بدار "عشيرة آتْ لَمْخَارَج" وهي مبنى يتسع لعدد كبير من الزوار وله وسط واسع لم تنضد فيه الموائد بالطريقة المعروفة ولكن يجلس الناس فيه على شكل حلقات من سبعة إلى عشرة أفراد، ومن لم يجد مكانا في هذا الوسط عليه بالصعود إلى طابق أعلى يخضع لنفس النظام،..."

----------------------------

(01) أبو القاسم سعد الله "حفل في مزاب" الجزائر 31 ماي 1990

المصدر nir-osra.org

بوشمجان ذكريات اصطياف وبواكير وعي

كان موسم النزوح إلى الواحة للاصطياف دأب أغلب المزابيين حيث يجدون في بساتين واديهم ملاذا من قيظ الصيف..، وقد كانت العطلة الصيفية آنذاك بالنسبة لطفولتنا موزعة بين سويعات للتعليم القرآني إلى منتصف الصيف وأخرى لحاجيات البيت، كما للمطالعة واللعب والاستجمام..

كانت وجهة اصطيافنا السنوي حي مامة حنة بـ "تاكضيت"، حيث مسكننا التقليدي العتيق وقد كانت الواحة حية أيام الصيف بما تشهده من فعاليات تربوية وتظاهرات ثقافية كثيفة كحفلات نهاية الموسم الدراسي الحر لعمي سعيد والإصلاح، والمهرجان الثقافي السنوي بطبعاته المختلفة الذي دأبت جمعية الإصلاح على تنظيمه كل عام..، فكان من روعة هذه الفترة أنها تركت فينا ولا تزال شيئا من روح حراك ثقافي شكَّل فصًّا من فصوص وعيِنا مذ ذلك الحين.

ومن أجمل ذكرياتي في ذلك الحين ارتيادي لمكتبة الإصلاح التابعة لدار العلم "البعثة" ببوشمجان، فكنت لا أتخلف عنها كل ما سنحت الفرصة.. أنفذ إليها طولاً من البيت مرورا بدكان "ليسير" وقصابة "دقدوق" بـ "بن ساشو" فمنزل "لالة كْ منة"، هنالك أصعد الدرج حيث الطابق الأول لدار العلم..، بهو واسع به خزائن تحوي مجموعات من الكتب يشرف عليها قيِّمٌ عادة ما يكون من الطلبة الباحثين أو المعلمين... والمطلوب المُلِح هنا هو الهدوء ثم الهدوء نظرا لكون أغلب مرتاديها من اليافعين.

هكذا تشكلت بواكير علاقتنا بالكتاب، فكنا نقضي هناك أوقاتا لا تنسى بين سلاسل علمية وقصصية ذات طباعة لبنانية راقية من شاكلة سلسلة المعرفة وكتيبات ليديبرد المتنوعة وكذا المكتبة الخضراء (السلطان المسحور، سندريلا، أليس في بلاد العجائب..) وغيرها كثير..

وإنه لمن الاعتراف بالفضل الوقوف على مثل هذه الصروح على بساطتها وهي كثيرة..، الوقوف تأملا في بساطة وعمق الفعل الحضاري في آن (مكتبات في نواح للاصطياف)، والوقوف إجلالا ودعاء لجنود الخفاء الذين فكروا وأنجزوا في صمت، ولعل أغلبهم قد رحلوا أو شارفوا.. فرحمة الله عليهم جميعا إذ تركوا نهجا وقيما لا مجرد صروح وبنايات.

نقل     Abghour Otchid بتصرف من مقال Salah Abdenour

بوعود buɛud ⴱⵓⵄⵓⴷ

Icon 08

للطَّير "بُوعُودْ" نصيبه في وِجدان المزابيين وثقافتهم، حيث خصَّص كثيرون وقفًا خاصًّا به "الحابوس ن الطير" نظرا للمناخ الحار في البلدة خاصة في فصل الصَّيف، وهذا بوضع وعاء فخَّاري مفتوح في سطح المنزل أو فوق قبر من القبور، بحيث يتعهَّده صاحبه بالماء بشكل منتظم، بالإضافة إلى امتلائه أوقات الأمطار على ندرتها.

أتصوَّر أن هذا الوَقف -وغيره من من الأوقاف في البلدة- كان بإمكانه أن يتطوَّر ويستفيد من التقدم الإداري والتقني المشهود ويصير مؤسسات رائدة للرفق بالحيوان لو أنَّ المزابي حافظ على إيمانه بنموذجه الاجتماعي ويقينه بمنظومته الفكرية(1).

Icon 08

بوعود من الطيور التي عاشت مع المژابي في بلاد الشبكة وفي  البلاد الجافة لشمال غرب أفريقيا عموما،

اسمها العلمي  درسة منزلية باللاتيني Emberiza sahari بالفرنسيةBruant du Sahara

تتكاثر حول المساكن البشرية، وتضع من بيضتان إلى اربع بيضات في حفر بالجدار أو المباني المحيطة.

 

معروفة بصوتها في السكونفهو رقيق وجميل،فبمجرد النظر إليه يشعر صاحبه  بالغبطة والراحة النفسية، فآت مژاب  يرون فيه البركة وهم يعتبرونه فال الخير أينما حل،فله مكانه خاصة عندهم وهو طائر المحبة ودليل بشر، ويذكر كثيرا  في الأهازيج المزابية فقد تغنّى به المنشد المزابي الكبير داودي عمر وكتب عنه الشاعر المزابي عبد الوهاب فخار في بعض قصائده.

ومن اللطائف ما يروى في الأسطورة على انه أرواح الآباء والأجداد  تجسدت في شكل طائر تعود لتأنس بأهلها، لهذا الطائر ألفة ومحبة خاصة في المجتمع المژابي فالكل يحترمه، كأنه رمز الجمال والسلام والحب ورسول الحيارى أيضا، حيث لما يزقزق فوق الشباك العلوي كأنه يبعث برسالة لأهل الدار مفادها أن مسافرا على مشارف البلدة أو خير كبير قادم إليهم سيحل بالبيت ويعم العائلة،  وتوصي الجدات الأطفال بعدم إيذاء بوعود فإنه طائر الجنة.

إن بوعود طائر يعيش معنا أكثر مما نعيش معه، فهو ببراءته يختار سكنه مع مسكننا، فله عشه الخاص به والذي عادة ما يكون في زاوية خاصة في الشباك العلوي من سقف البيت "نّج أدّاي"،  المسمى بالمزابية "أولون ن جار تيمولاف" حيث يعده له المژابي سلفا، عندما يقوم ببناء منزله، فالطائر بفطرته يزين تلك الزاوية بأعواد وأعشاب بشكل جميل وظريف ليبقى مدى الحياة عش لـ بوعود وآله، كأنه فرد من أفراد العائلة فهو حريص على احترام شريكه في المسكن .

هذا الطائر المحلي  يتغذى على الحبوب ومن فتاتالخبز وبقايا الكسكس من حول المائدةوهو وديع لا يأكل إلا مما وقع من الثمار على الأرض ولا يفسد الحرث كما تفعل تزوكي.

buɛud (u-) n.m. (pl. ibuɛuden)(2)

Sorte de passereau familier, considéré jadis comme un oiseau sacré. Il habitait à l'intérieur des maisons où on lui aménageait une niche et était apprécié parce qu'il picorait les restes d'aliments tombés par terre. Identifié comme le bruant striolé, emberiza striolata.

 -------------------------

(1)  Brahim Ramdane

(2)Hammou Dabouz

تراجع المذهب الإباضي بوادي أريغ

من خلال "أجوبة علماء الجزيرة والجبل على أسئلة الشيخ أبي العباس أحمد التماسيني"

Icon 09الدكتور ناصر بالحاج

جامعة باتنة 1 ( الجزائر)

الملخص

هذا العمل أنجز من خلال مخطوط لم يسبق تحقيقه بعد، تم العثور عليه في إحدى مكتبات وادي مزاب، وهو عبارة عن أجوبة علماء جزيرة جربة بتونس، وكذلك علماء جبل نفوسة، على أسئلة أحد مشايخ تماسين، وهو الشيخ أحمد بن سعيد، وهو يكشف عن العديد من مظاهر الحياة الاجتماعية بالمنطقة، فضلا عن تبيين المرجعية العلمية المعتمدة من طرف أصحاب الأسئلة والأجوبة، وكذلك عن تبيين مدى التواصل بين المجموعات الإباضية في المغربين الأوسط والأدنى، وهو يقدم فوق ذلك صورة عن بداية نهاية التواجد الإباضي بالمنطقة.

 

Abstract

This article is based on a non-published manuscript. It was found in one of the Mizab's library,in the Algerian Sahara. The manuscript compiles a set of "responses (ajouiba)" sent by Ibadi scholarsof Jerba and the Jabal Nafousa to Abu al-Abbas Ahmad al-Timaçini, who had asked them for advices.This very rare document gives an insight into the socio-economic life of Timaçine as much as anoverview on the beginning of the Ibadi decline in this region.

Résumé

Ce travail est réalisé selon un manuscrit non-édité encore, et qui se trouve dans une desbibliothèques du Mzab. Le contenu du document: est un ensemble des réponses « Ajouiba » dessavants de Djerba et Djabel Nafousa sur les questions d’Abou Al-Abbas Ahmed Al-Timaçini. Lecontenu nous donne un aperçu sur la vie socio-économique de Timaçine, mais surtout un aperçu surles débuts de la fin de l’Ibadisme dans ces régions.

مقدمة

من المواضيع التي لازالت بحاجة إلى البحث والتمحيص، موضوع تراجع المذهب الإباضي، وزواله من مناطق واسعة من المغرب الأوسط، لاسيما منطقة وادي ريغ، التي أنجبت عددا معتبرا من أعلام المذهب، وشهدت ميلاد حلقة العزابة في بداية القرن الخامس الهجري  سنة 409 هـ. (1)

والمخطوط موضوع الدراسة اليوم، من شأنه أن يزيل بعض الغموض حول مرحلة انحسار المذهب الإباضي في وادي ريغ، فضلا عن أنه يبين جوانب من الحياة الاجتماعية لإحدى التجمعات السكانية بالمنطقة، وهي واحة تماسين    .

أما عن محتوى المخطوط، فهو عبارة عن "أجوبة" لمسائل، أو نوازل في فقه العبادات، والمعاملات، والآداب. ومن خلال الأسئلة المطروحة، نتبين بعض الحيثيات حول الحياة الاجتماعية والاقتصادية بمنطقة تماسين، على الأقل، لأنه يحتمل أن يكون الشيخ أبو العباس (صاحب الأسئلة)، قد استقبل الأسئلة التي وجهها إلى علماء الجزيرة والجبل، من إحدى المناطق الأخرى بوادي ريغ غير تماسين.

أصحاب الأجوبة:

كما جاء في المخطوط، فإن الأجوبة كتبها "أهل الجزيرة والجبل". أما الجزيرة، فهي جزيرة جربة بتونس، وأما الجبل، فهو جبل نفوسة بليبيا.

وبالطبع فإن المجيبين هنا، هم العلماء من أهل الجزيرة والجبل، والذين اجتمعوا على عادتهم –كما يبدو من النص- للإجابة على الأسئلة الفقهية التي أرسل بها أحمد بن سعيد التماسيني، حيث جاء فيها ما يل ي: "اجتمع لذلك البعض دون الكلّلّ، وفهموا ما فيه من المراد وما يئول [كذا] إليه مرغوبه المعتاد، والله نسأل [كذا] التوفيق، ونستهديه إلى أيسر الطريق، ونستعينه في أجوبة المسائل والمثل، ونستغفره من الخطايا والزلل".

تاريخ الأجوبة:

لم يرد في النص تاريخ لكتابة الأجوبة، ولا الأسئلة! لكن من خلال محتوى النص، والقرائن الموجودة فيه، يمكن تحديد تاريخ تقريبي لكتابتها، حيث  يحتمل أنه يعود إلى ما بعد القرن 09هـ، وقبل نهاية القرن 10هـ ، وذلك للاعتبارات التالية:

أولا: إحتوى المخطوط إحالة على "عقيدة العزابة"، واضعها غير معروف، أصلها باللغة البربرية، ونقلها إلى اللغة العربية أبو حفص عمرو بن جميع (الجربي) (القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي)، هذا المؤلَّف الذي كان متداولا بكثرة لدى الإباضية في شمال إفريقيا وبشكل واسع، "إذ تحوي ضمنها ما يلزم المكلف معرفته، والتفرقة بين أنواع الواجبات الاعتقادية والعملية، خالية من التعقيد والجدل الكلامي، إلا أن أصلها البربري ما زال في عداد .( المفقود من مؤلفات المغاربة (...)" (2)

ثانيا: ذكر المجيبون كتاب "شرح الدعائم"، وهو للشيخ أبي القاسم البرادي( 3)، الذي كان حيا في بداية القرن .( التاسع الهجري، وكتابه المذكور، شرح لكتاب "دعائم الإسلام"، للشيخ ابن النظر العماني(4)

ثالثا: واعتبار أن تاريخ الأسئلة لا يتجاوز القرن العاشر الهجري، يعتمد على الرأي القائل بأن المذهب الإباضي لم يبق له وجود في المنطقة بعد هذا التاريخ، فمن خلال رحلة العياشي، الذي مر بالمنطقة عام 1173 هـ / 1663 م، يستنتج منها أن المذهب الإباضي لم يعد موجودا في تماسين، ولا حتى في وادي ريغ، ما عدا وارجلان. أما عن هذه الأخيرة، أي وارجلان، فإنها أصبحت مع القرن العاشر الهجري تابعة ثقافيا إلى وادي مزاب.

الشيخأبوالعباسأحمدالتماسينيصاحبالأسئلة

صاحبالأسئلةعَلملايزالمجهولاليومناهذالدىالباحثينفيالتراثالإباضي! واسمهيتشابهمع عَلمينمنأعلامالإباضيةفيالمغربالإسلامي،وهماكلّمن:أحمدبنسعيدبنسليمانالدرجيني،وأحمدبنسعيدبنعبد الواحدالشماخي لكنلايمكنأنيكونصاحبالأسئلةهناواحدامنهم،وذلكلعدةاعتبارات،كماسيأتي،وأهمهذه الاعتبارات،هوالمستوىالعلميللأسئلة.ومايمكنقولهفيهذهالمسألة،مايلي:

إنكاتبالأسئلةأباالعباس،هوشخصآخرغيرمعروفبعد،ويبدوأنهمنتماسينكمايظهرمنانتسابه إليها،وهوليسالشماخيولاالدرجيني.وفيالواقعفإنظاهرةالتشابهفيالأسماءهذهكانتسائدةلدىعلماء الإباضيةبالمشرقوالمغرب،مثلمايؤكدهالباحثونالمختصون،ومنهممحّققاكتاب "غصنالبانفيتاريخوارجلالان"، الدكتورابراهيمبنبكيربحاز،والباحثسليمانبنمحمدبومعقل،فيعرضتقديمهمالكتاب "الشيخابراهيمبنصالح باباحموأعزام":"منالأعمالالتيأرهقتنا - فعلا-فيالتحقيق،التشابهالكبيرفيأسماءأعلامالقرونالهجريةالأولىبخاصة، والذيأحيانانجدهتشابهاوتطابقاكلِّيا،فيالكنيةوالاسمواسمالوالد،بلأكثرمنذلكنجدالتطابقليسفيالاسم الكاملفقط،بلكذلكيطالالقبيلةوالبلدةوالزمانالواحدأوالمتقارب،وهذاماأوقعنافيكثيرمنالارتباكوالحيرة، كماأوقعالكثيرمنالباحثينقبلنا،فبقدرماحاولناالحسمبعددراسةوتحقيقوتأن ورويةفيترجمةبعضالمشايخ، وجدناأنفسناعاجزينعنذلكفيمايتعلقبآخرين. (...).

ومنالملاحظأنهذاالتطابقالكبيروالمحير،لايقتصرعلىمشايخالمغربفقط،بليتعداهإلىمشايخالمشرق(...)،فكانبعضالآباءيتعمدونتسميةأبنائهمبأسماءالعلماءوالصالحين،منبابالتشبهبالسلفالصالح،ورغبةفيالتأسيبهم" (5).

وبالنسبةلِعَل مناهنا،وكماسبقتالإشارةإليه،فإناسمهيتطابقمععَلمينآخرين،دوناحتمالأنيكونواحدا منهما،وهذانالعَالمانهما:

أحمدبنسعيدبنسليمانبنعليبنيخلفالدرجيني أبوالعباس  ت670هـ /1271موهومنعلماء

الإباضيةالذينكانوافيوارجلانزمنا.(6).

والعَلمالثاني،فهومنأعلامإباضيةالمغرب،وهو:أحمدبنسعيدأبيعثمانبنعبدالواحد،بدرالدين

الشماخيأبوالعباس،والأربعينياتق 9هـ /الثلاثينياتق 15م ت 928هـ1522م.(7).

أماالتماسيني،فيبدوأنهعلممغمورأومجهول،وكلّماجاءعنهفينصالأجوبة،مايلي: "أمابعد،فقدورد كتابالحبرالتقي،النقي،السري،الأورع،الوجيه،الوليفيالله،والأخفيذاته،أبيالعباسأحمدبنسعيداتماسيني".

إذا،فالتماسيني،شخصيحتاجالتعرفعليه،إلىعملبحثيخاص،خاصةوأنهحسبماجاءفي المخطوط، "حبر" أيعالم،ولعّلهمنآخرعلماءالإباضيةبتماسينوواديريغ.

تماسينموطنالشيخأبيالعباس

هيإحدىواحاتواديأريغ،وأحدربوعالمذهبالإباضيفيالمغربالإسلامي،علىغرارجربةوبلاد الجريدالتونسي،الأوراس،تيهرتوضواحيها،وارجلان،وواديسوف،ثمواديمزاب.وتماسين،كانينتشربها المذهبالإباضيعلىغرارأغلبواحاتواديأريغ،وهوماتدلعليهالشواهدالتاريخية،رغمأنتماسينلميرد ذكرهافيجلّمصادرالمرحلةبهذاالإسم،مثلماهوالحالبالنسبةلواحاتالواديالأخرى،والتيجاءذكرهابكثرة فيكتبالسيرالإباضية،مثل:وغلانة،غمرة،تيجديت،أجلو،وتينسلي.حيثلمتردتماسينفيماعداسيرأبي زكرياء، وقد وردت في ذكر زيارة قام بها عام 449 ه العديد من مشايخ الإباضية وطلبتهم، لاسيما من جزيرة جربة وجبل نفوسة، وكانوا بزعامة الشيخ أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي، حيث "أرادوا زيارة أهل دعوتهم" في العديد من المناطق الإباضية الأخرى، فانطلقوا من "افريقية"، ومروا بأسوف (وادي سوف)، "فمكثوا في أسوف ما شاء الله ثم خرجوا منه فساروا حتى وصلوا إلى وغلانة، (...) حتى وصلوا إلى تماسين، فاستعجل المشايخ المسير، فتعلق إليهم .( أهل البلد في القعود عندهم". وقد عرفت تلك السنة في التراث الإباضي بسنة الزيارة .(8).

ونظرا لعدم ورود ذكرها كثيرا، فإن هنالك من يحتمل أن تماسين كانت تعرف باسم آخر! ولكن الأكيد أن

التواجد الإباضي كان قويا بها، ومن بين الشواهد التاريخية التي تدلّ على ذلك، المنسوخات العديدة للناسخ "يحي بن عنان التماسيني" "من بلاد ريغ" (حي في 864 هـ)، والذي نسخ بوادي ريغ العديد من مصادر الإباضية، خاصة مجموع موجود بخزانة دار التلاميذ بمؤسسة الشيخ عمي سعيد بمدينة غرداية، ومما يحتوي عليه هذا المجموع: كتاب "المعّلّقات" الذي يحتوي على أخبار سير بعض مشايخ بلاد المغرب.

كما أن الشيخ أبا القاسم البرادي (من أهل القرن التاسع الهجري)، في تقييد له لكتب الإباضية (المشارقة

والمغاربة)(9)، ذكر العديد من المصادر الهامة –المفقودة إلى اليوم- التي رآها في أيدي الطلبة بوادي أريغ، ووجود الطلبة دليل على وجود مشايخ أيضا، وحَلق  علم...، أي أن وادي ريغ خلال القرن التاسع الهجري كان لا يزال عامرا بالإباضية.

وصف نسخ المخطوط وأماكن تواجدها:

النسخة الأولى: توجد في خزانة الشيخ القاضي أبي بكر بن مسعود الغرداوي الشهير بالشيخ الحاج بابكر (ت 1325 هـ / 1907 م)، ورقمها في الفهرس: 78 . أما رقمها في الخزانة: بابكر 70 . أما الناسخ، وحسب مفهرسمخطوطات الخزانة، لعله عمرو بن سعيد بن علي الخيري الجربي (النصف الثاني من القرن 10 هـ) (من مقارنة الخطوط)، أو هو لأحد معاصريه، مع عدم وجود تاريخ للنسخ.

15.3 سم، نوعx المواصفات المادية للنسخة: عدد الأوراق 07 ، عدد الأسطر في الصفحة: 23 ، مقاس الورق: 21

الخط: مغربي مقروء، لون الحبر: بني، المخطوط كامل غبر مخروم.

النسخة الثانية: النسخة الثانية من إحدى مكتبات ورقلة (مكتبة بومعقل الحاج عيسى)، وقد أفادنا بها الأستاذ بومعقل سليمان (حاليا: إطار بمديرية المجاهدين بولاية ورقلة، وباحث في تاريخ ورقلة، من أعماله: تحقيق كتاب "غصن البان في تاريخ وارجلان"، رفقة الدكتور بحاز ابراهيم). وتقع هذه النسخة ضمن مجموع مخطوط مصور، وناسخها هو الشيخ باسه بن عمي موسى الوارجلاني.

قراءة في محتوى المخطوط:

 

أولا: تراجع المذهب الإباضي

يعتبر المخطوط موضوع الدراسة، وثيقة تاريخية هامة بالنسبة لتاريخ منطقة وادي ريغ، وتاريخ المذهب

الإباضي بها خصوصا، وتاريخ المغرب الأوسط عموما، حيث يعتبر وادي ريغ خلال العصر الوسيط، أحد معاقل المذهب الإباضي، وقد نشأ بأريغ عدد من علماء المذهب، على غرار الشيخ أبي العباس أحمد بن محمد الفرسطائي (ت 504 هـ/ 1111 م)، صاحب أحد أهم المؤلفات الإباضية، كتاب "القسمة وأصول الأرضين"، وهو ابن مؤسس حلقة العزابة، مولود بتمولست بأريغ، ومتوّفى بتصوانت، قبره بتين يسلي بآجلو.

إن أول ما يلفت الانتباه في المخطوط من حيث محتوى الأسئلة، هو المستوى العلمي لبعضها، وكيف أن أصحابها لجؤوا إلى إخوانهم الإباضية في كلّ من جربة ونفوسة، للإجابة عليها، وهي ليست بالمسائل المعّقد ة! ربما يعتبر هذا من أدّلة ضعف وتراجع المذهب الإباضي بوادي ريغ عموما، وتماسين خصوصا.

والملاحظة الثانية التي تلفت الانتباه في هذا الشأن، هي استدلال المجيبين عن الأسئلة، بمؤلفات لإباضية المغرب الأوسط عموما، ووادي ريغ ووارجلان خصوصا، ولعلّ في هذا، إشارة منهم إلى التراث الهام الذي خّلفه علماء هذه المنطقة، وهو التراث الذي لا ينبغي أن يندثر ويهمل من طرف خلفهم.

وقد أحال المجيبون السائلَ إلى العديد من المصادر الإباضية التي يعود أغلبها إلى علماء المغرب الأوسط، بل إلى علماء الإباضية الذين من وادي ريغ، حيث أشاروا إلى "ديوان العزابة"، والذي أّلفه عدد من العلماء في وادي ريغ .

في القرن الخامس الهجري ( 11 م)، ويقع في خمسة وعشرين كتابا (10)

كما أشاروا إلى "عقيدة أصول الدين"، وهي المعروفة بـ "عقيدة التوحيد"، أو "عقيدة العزابة"، كما استشهد المجيبون بقول للشيخ أبي العباس أحمد بن محمد بن بكر، في مسألة حول نذر الصوم: "إن الشيخ أبا العباس أحمد بن محمد بن بكر رضي الله عنه ذكر في كتابه المسمى بأفعال العباد (...)". وهذا أحد علماء الإباضية الأقطاب، الذي سبق تعريفه.

ثانيا: حرص أهل وادي أريغ على التحري في أمور الدين

يمكن القول بأن أسئلة الشيخ أبي العباس، تؤرخ لمرحلة هامة جدا تاريخيا تقلّ عنها المصادر التاريخية، وهي مرحلة انتهاء التواجد الإباضي بوادي أريغ. ويبدو أن المذهب الإباضي، كان في تراجع خلال القرن التاسع الهجري، وما يؤكد هذا، وجود رسالة من عزابة جربة، أرسل بها الشيخ يعيش بن موسى الزواغي الخيري الجربي أبو  البقاء (11)، إلى إباضية أريغ، يلومونهم فيها على تقصيرهم في شؤون المذهب.(12).

لكن على الرغم من تواضع مستوى بعض الأسئلة، إلا أّنها تدلّ من جهة أخرى على التحري في أمور الدين والحرص عليها، حيث سئِل المشايخ "عممن قال لغير المتولي أجرك الله ، أو غفر الله لك ولم يقصد بذلك ولايته. فالجواب، أّنّه ليس عليه شيء". ومعروف على الإباضية حرصهم على مبدئ الولاية والبراءة. أما الولاية، فهي "من أصول الدين عند الإباضية، تعني المحبة في الله تعالى بالقلب، مع تمثل المعاني اللغوية، على أن تكون كلها مبنية على أساس الموافقة على الشريعة، فيبذل المسلم لكل من يوافقه في الشريعة هذه الشريعة والالتزامات، إضافة إلى الدعاء له  بخير الدنيا والآخرة"(13).

والبراءة "هي البغض في الله بالقلب لمن ثبت ارتكابه للكبيرة، وعدم الاستغفار له وعدم الدعاء له بخير الآخرة، وهي من الأصول العقدية المنصوص عليها في الكتاب والسنة، وقد عني بها الإباضية في مؤلفاتهم العقدية (...) ولا تكون البراءة إلا بعد الإعذار والاستتابة من محرم (...) وتترّتب عنها أحكام متفاوتة على حسب درجة المعصية منها: الابتعاد عن العاصي، وتخطئة أفعاله، التشهير به، وهجرانه، وتخّلي المسلمين عن محبته، مع جواز لعنه عند البعض، حفاظا على الدين من انتهاك حرماته"(14). وللبراءة دور كبير في زجر الناس عن المعصية، نظرا لما فيها من الشِّدة،والعزل عن الناس، وهي تسّلط على من يتعدى على حق غيره، أو يطعن في الدين، أو يرتكب فاحشة.

وفي نفس السياق، أي التحري في أمور الدين، سأل السائل "عممن قتل ذرة أو نملة، ما يلزمه في ذلك، الجواب أن النملة والذرة وما يدب على الأرض مما جاء فيه النهي عن قتله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ديته درهم عند أصحابنا، وقيل في الضفدع أن ديته نعجة، وأما ما يطير نحو الخطافة والصرد والنحلة فديتهما درهمان".

ثالثا: جزيرة جربة وجبل نفوسة: مرجعية إباضية المغرب الأوسط

مما تكشف عنه الأجوبة كذلك، أن المرجعية العلمية الأولى لإباضية المغرب الأوسط في هذا العهد، كانت

جزيرة جربة، وكذا جبل نفوسة، ويبدو من خلال ديباجة الأجوبة، أن أهل تماسين ووادي ريغ عموما، دأبوا على مراسلة عزابة وعلماء كلّ من جربة ونفوسة. ومن جهة أخرى، تؤّكد الأسئلة موضوع الدراسة، حقيقة تاريخية مهمة جدا، وهي أن علماء الإباضية في بلاد المغرب الإسلامي، كانوا يعقدون اجتماعات، يتناولون فيها مختلف القضايا الطارئة التي تفرزها الحياة اليومية للناس، فقد كان العزابة يلتقون لبحث المسائل المشتركة والنوازل المستعصية، مثلما يظهر من خلال ما أورده الشيخ التعاريتي عن انعقاد مجلس مجلس علمي بين فقهاء جربة وجبل نفوسة للنظر في مسألة الإشهاد بشاهد عدل في عقود الأحباس والصدقات والبيوع والرهن، وقد وقع هذا المجلس بمدينة نالوت بجبل نفوسة سنة 1103 هـ/ 1691 م، بحضور الشيخ نصر بن خميس بن سعيد العماني الذي كان في زيارة إلى إخوانه المغاربة. كما يذكر الشيخ علي يحي معمر أن هذا المجلس انعقد في القرن 11 هـ/ 16 م، بحضور علماء وادي مزاب ووارجلان وجربة ونفوسة وعمان(15). وقد كان لهذه الاجتماعات الأثر الإيجابي الكبير على المجموعات الإباضية، حيث كان من عوامل استمراريتها، فكّلما ضعف قطر من أقطار الإباضية، تداعت له الأقطار الأخرى بالدعم والمؤازرة.

من مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع التماسيني خلال القرن التاسع الهجري:

أغلب الأسئلة التي أجاب عنها علماء الجزيرة والجبل، كانت نوازل فقهية بحتة، حيث اشتملت على مسائل في الصلاة، مثل التوجيه، والتحيات، وعن مسائل في الصوم، وقضائه، وفي الذبيحة، وفي الإهداء. وكذلك بعض المسائل في العقيدة، مثل الإصرار على المعصية، وولاية جملة المسلمين، والتوبة... وغيرها. ولم تحت  و الأجوبة على جواب لسؤال في السياسة أو الحرب، ولعلّ حرص السائل على التحري في المسائل المذكورة، يدلّ على الحرص على التزام الشريعة في مختلف القضايا.

مما يلاحظ على بعض هذه الأسئلة كما ذكر آنفا، بساطتها، حيث سأل السائل "عن أمر التوجيه في الصلاة" مثلا، وهو ليس بالأمر الذي يغيب عن تراث إباضية المغرب الأوسط ! ( 16 )، كما سأل عن "التحيات وطلبت شرحها ووضعها من أولها إلى أخرها"، ونفس الملاحظة في المسألة السابقة تقال على هذه المسألة.

تُقدم أسئلة الشيخ أبي العباس، قرائن على وجود ظواهر اجتماعية عديدة، كانت سائدة في المجتمع الريغي،

وبالخصوص مجتمع تماسين، وهي كالآتي:

استمرار وجود العبودية: المسألة التالية تدلّ على وجود ظاهرة العبودية، والتي جاءت في سياق قضية "الوعد"، فقد استفسر السائل عن حكم من يعدون نذر أوغيره، و طرحت المسألة كالآتي: "وسؤالك عن من قال أشتري خادما فأُعتقها من غير أن يقصد نذرا ولا غيره".

ومن المعلوم أن ظاهرة العبودية من الظواهر المنتشرة في مجتمعات وارجلان ووادي ريغ، حيث كان يتم فيها تبادل العبيد والذهب المحمولين من بلاد السودان، بسلع محلية، لاسيما التمر والأغنام والجمال، وكانت هذه التجارة جد نشطة، بحكم أن وادي ريغ جاء في الطريق التجاري الذي يربط وارجلان بالشمال (بسكرة وبلاد الزاب ،...)، فكان مقصدا للكثير من التجار( 17 )، "وأهم سلعة يوّفرها تجار وارجلان لمدن المغرب العبيد. ذلك أن تجارة الرقيق كانت رائجة خاصة في عهد الدولة الفاطمية حيث كانوا يستخدمون في الجيش وبعض الأعمال(18).

وقد ذكر الدرجيني في الطبقات ما يدلّ على وجود العبيد، وذلك في ذكر غارة قام بها "بعض العرب على وارجلان فساقوا عدة من الإماء (...)"

أما بالنسبة لحكم الشرع في المسألة حسب المجيبين، فقد كان حكمها نفس حكم مسألة سابقة، والتي جاءت الإجابة

عنها كالآتي: "وسألت عمن قال أتصدق بِبغلَّة نخلة ثم بدا له( 20 ) وذكرت عمن قال للسائل أعطيك درهما أو نحوه أيلزمه ذلك أم لا، الجواب في ذلك أن سبيل هذه المسائل الثلاث وما جرى مجراهن من الوعد سبيل المسألة الأولى".

وفي المسألة الأولى المذكورة هنا، جاء حكم الوعد كالآتي: " وسألت عن رجل قال أصوم ستة ولم يقل لله ولا  للنذر، ولم يقل على واجب، ولم يحلف به، أيلزمه ذلك أم لا. الجواب، إن الشيخ أبا العباس أحمد بن محمد بن بكر(21) رضي الله عنه، ذكر في كتابه المسمى بأفعال العباد، أن من وعد شيئا ولم يستثني ولم يوف بما وعد، فعليه تباعة ذلك إذا كان مالا. وأما عمل البدن فليفعل في مكانه مثل ذلك، وإن تعذر عليه وعد البدن أو وعد المال، فإن أحدهما ينوب على الآخر ويجزيه. (...) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد المؤمن دين عليه. ومن كتب اللقط لأهل المذهب أن من وعد شيئا لأحد ولم يوفي به، فلا يجب عليه شيء مثل أن يقول له تزوج فعلي الصداق، أو حج فعلي الزا د، وما أشبه هذا فمنهم من أبطل هذا ومنهم أثبته. ومن قول جميع العلماء أن الوفاء بالعهد من علامة الإيمان والخلف فيه من علامة النفاق لقوله صلى الله عليه وسلم علامة المؤمن ثلاثة إذا حدث صدق وإذا وعد وفا وإذا اؤتمن لم يخن وعلامة المنافق ثلاثة إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا اؤتمن خان وقيل أيضا في كتاب أفعال العباد في الوعد إن لم يلفظ له ولكن عقده في قلبه أن يفعله فانه يكون عليه تباعة إن لم يوف به وقيل بالرخصة فيما عقده في قلبه أن يجزيه الاستثناء فيه".

في التحية: يبدو أن أهل تماسين، وبحكم كونهم من بربر زناتة، كان يسود بينهم إلقاء السلام باللغة البربرية، وهو ما استهجنه الشيخ أبو العباس على ما يبدو، حيث جاء في الأجوبة ما يلي: "وذكرت رجلا حياه آخر بكلام أعجمي، كما قالت الأعراب أنعمت صباحا، أو أنعمت مساء، أيطيق عليه رده أم لا".

من خلال الجواب على هذه المسألة، يبدو أن القضية لم يكن فيها حرج كبير بالنسبة للمجيبين! ولعلّ تفسير ذلك هو أن كلا من جربة ونفوسة، منطقتان بربريتان أمازيغيتان، ربما كانت تسود فيهما مثل هذه المظاهر، وقد جاءت الإجابة عن المسألة كالآتي:

"الجواب أن التحية التي فضل الله بها هذه الأمة هي التي قال الله تعالى فيها وإذا حييتم بتحية فحييوا بأحسن منها أو ردوها، وهي السلام عليكم، هكذا بالعربية. وقوله بأحسن منها أو ردوها، عليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وأما قوله أو ردوها، يعني السلام عليكم، وهذا السلام ابتداؤه سّنّة ورده فريضة. وأما ما ذكرت من أنعمت صباحا وما يشبهه، فمعناه الدعاء من الأخلاق الحسنة التي تكون بين العامة والخاصة، فعلى المرء أن يرد ما يقصده به، وإن لم يرد فلا نرى عليه بأسا والله أعلم".

في الدين: الدين، "هو كلّ حق ثبت في الذمة"( 22 )، سواء تجاه الله أو تجاه العباد. وتعتبر الديون واحدة من مظاهر المعاملات الاقتصادية الشائعة بين الأفراد في المجتمع، وينتج الدين خاصة عن الحاجة اليومية للمال لقضاء المصالح، وكذلك عن المعاملات التجارية المختلفة في المجتمع، خا صة في مجال التجارة أو غيرها من مجالات الاقتصاد، حيث يتم اللجوء إلى اقتراض الأموال لتوظيفها. وفي المسألة التالية إحدى صور المداينة التي كانت تقع بين الناس في المجتمع التماسيني:

"وسألت عن رجل كان عليه دين لآخر، فعل [كذا] المديان يواصل صاحب الدين بخيره وطرفه ومعروفه، حتى واصله مثل دينه أو أكثر منه فقال صاحب الدين لمدايانه [كذا] إلزم ذلك الذي وصلتني به في مالي عليك من الدين. فقال له المديان وصلك من مالي أكثر من مالك علي، فتحاسبا، فوجدا قول المديان صحيحا، هل يلزمه الفضل الذي كان فوق ماله أم لا. الجواب أن كل ما وصله من مال غريمه يلزمه كله، سواء كان أكثر من ماله أو مثله أو دونه، لا فرق في ذلك عند العلماء".

حسبما يبدو من هذه المسألة، فإن المعاملات المختلفة التي كانت تقع بين الناس كانت تدون و توّثق -وهو مما يوصي به الشرع- وإلا فكيف استطاع المتعاملان في القضية المعروضة هنا أن يتحاسبا، ويثبت المدين لصاحب الدين

أنه قد سدد دينه وأكثر؟ لكن للأسف تعوزنا الأدلة على طرق التوثيق السائدة؟

في الصداق: الصداق كما يبينه القطب اطفيش في "باب الصداق" في كتاب "شرح النيل"، واعتمادا على ما جاء في السّنة: "(...) والذي عندي أن الصداق للجماع لقوله (ص): "استحّلوا فروج النساء بأطيب أموالكم" [رواه يحي بن  عمر مرسلا"(23)

والصداق شرط أساسي من شروط عقد الزواج، حيث جاء في كتاب النيل: "وعنه (ص): "لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتاق إلا بعد ملك، ولا نكاح إ لا بولي وصداق وبينة" [رواه أبو عبيدة عن جابر عن ابن عباس] فقيل في مثله: معناه .( أّنه لا يصح عقد النكاح إلا إن ذكر الصداق وفرض فيه"(24)

يبدو أن الصداق بتماسين، لم يكن يقدم دفعة واحدة، بل على أكثر من دفعة، على غرار العديد من مناطق المغرب الإسلامي الأخرى، وما يثبت هذا، ما جاء في إحدى المسائل: "وسألت عن رجل استمسكت به زوجته في صداقها، فقال لها وصلك من مالي أكثر من صداقك علي، وقالت له خدمتك أكثر من ما وصلني من مالك. الجواب، أنها ليست بمنزلة الغريم فلا يضرها ذلك، إلا إن سماه لها، وبين له قضاء في الصداق، أو يأتمنها عليه فخانته، مما أكثر من نفقتها فذلك تباعة عليها. وأما خدمتها له فلا تلحقها عليه إلا إن كرهها".

يتمّثل الغرض من وراء تأجيل دفع قسط من الصداق، تيسير الزواج، والتخفيف من تكاليفه، وتقوية العلاقات الزوجية، ولكنه من جهة أخرى، قد يكون سببا من أسباب من الخصومات التي كانت تقع بين الأزواج، والتي يكون سببها في الحالة التي أمامنا، عدم وفاء الزوج بتسديد كامل صداق زوجته.

في الاستطباب: فضلا عن المظاهر الاجتماعية المذكورة، فإن إحدى المسائل تكشف عن طرق للاستطباب، كانت شائعة في مجتمع تماسين، وهي "الحجامة والفصادة والكي"، ولكن يبدو أن الاستطباب بها لم يكن يحدث دون وقوع مشاكل، أو لِنُقل "أخطاء طبية"، لذا كان من بين الأسئلة التي طرحت على الشيخ أحمد التماسيني حول حكم الشرع في القضية، وجاء السؤال كالآتي: "وسألت عمن أراد أن يحتجم أو يفصد أو يكوي، هل يسعه ذلك أم لا؟ فإن فعل فأصابته مضرة هل يلزمه ضمان في ذلك أم لا؟ فإن لزمه الضمان، فلمن يدفع الديية؟ الجواب أن الحجامة قد احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرِم، وذكر بن بركة العماني أن في هذا الخبر دلالة على أن للمحرم أن يتعالج بما شاء في إحرامه بالأدوية وبط الجراحات وقلع السن إذا اشتد داؤه وما جرى مجرى ذلك، فكما جاز هذا للمحرم فغيره أولى بفعل هذا. والفصادات ضرب من الحجامة، وكذلك ففيه الترخيص في جواب المشايخ رضي اللهلله عنهم، لأن ذلك من وجوه الاضطرار، وقد قيل عن رسول الله في شفاء أمتي ثلاثة، آية من كتاب الله، وشرطة من حجام، ولعقة من عسل، وقيل والكية. وهذا يدل على أن الكية جائزة لمن اضطر إليها. وأما ما ذكرت من أمر الضمان في من جرح نفسه، أو كواها من غير ضرورة، فلمن يدفع ما لزمه من دية نفسه. الجواب بأن في ذلك اختلافا بين العلماء، منهم من يقول يعطي ديته لورثته في حين ذلك، ومنهم من يقول ينفق ذلك يوم يموت، ومنهم من يقول ينفق ذلك على الفقراء، ومنهم من يقول يتوب إلى الله وليس عليه شيء".

خاتمة:

فيالأخير لا يمكن سوى التنويه بأهمية المخطوط موضوع الدراسة ورغمعدمالتأكدالدقيقمنالحقبة الزمنية التي كتبت فيها الأسئلة، إلا أن الأكيد، أنه يؤرخلفترةحساسةجدامتعلقةبمنطقةواديأريغعموما،وتماسين خصوصا، والتي كان مصيرها مصير مختلف واحات وادي أريغ، حيث تراجع وانقرض المذهب الإباضي بها، ونحن اليومبحاجة ماسّة إلى معرفة أسباب هذا التحول الذي عرفته المنطقة.

------------------------

(1) الدرجيني أبو العباس أحمد بن سعيد، طبقات المشايخ بالمغرب، تح.: طلاي ابراهيم محمد، ط 2، د.ت.، ج 1، ص 457

(2) - أنظر مقدمة التحقيق في كتاب: . اطفيش محمد بن يوسف، شرح عقيدة التوحيد، تح: وينتن مصطفى، جمعية التراث، غرداية-الجزائر، 2001 ، ص 10

(3)أبو الفضل أبو القاسم ابن إبراهيم البرادي الدمري، (حي في: 810 ه / 1407 م)، ولد بجبل دمر في الجنوب التونسي، المعروف حاليا بجبل الحواية. درس في مسقط رأسه، ثم انتقل إلى جزيرة جربة حيث تلقَّى العلم عن شيوخها أمثال: يعيش بن موسى الزواغيالجربي، بمدرسة وادي الزبيب بحومة جعبيرة؛ وانتقل بعد ذلك إلى يفرن بجبل نفوسة وتتلمذ على الشيخ أبي ساكن عامر بن علي الشماخي (ت: 792 هـ/ 1390 م). فأصبح شيخا وعالما فقيها. ثم رجع إلى دمر، ومنها إلى جربة حيث بدأ في نشر العلم، فتولَّى

التدريس بالمدرسة التي تعلَّم بها؛ كما تولَّى رئاسة حلقة العزابة. وقد ترك البرادي مؤلَّفات عدة، منها:

جواب لأبي يعقوب الوارجلاني، (مخ) في أصول الفقه ، البحث الصادق والاستكشاف عن حقائق أسرار معاني كتاب العدل والإنصاف فصل في ذكر. في العقيدة (مخ)، منه نسخة بمكتبة إروان. وطبع طبعة حجرية رسالة الحقائق ( مخ )  لبعض أهل الخلاف مط ملحقا بموجز أبي عمار، تحقيق  رسالة في تقييد كتب أصحابنا  مط  ضمن الجواهر  تآليف أهل المشرق وأهل المغرب شرح الطهارات لكتاب ( مخ )  رسالة في كيفيَّة إنفاق أوقاف المساجد  عمَّار الطالبي. وقد ترجمها المستشرق موتيلانسكي الجواهر  فقهيَّة وعقديَّة مخ فتاوى وأجوبة وهي منظومة لأحمد ابن النضر العماني مخ  شفاء الحائم على بعض الدعائم مط، المنتقاة في إتمام ما أخلَّ به كتاب الطبقات وهو في سير أعلام الإِبَاضيَّة، وذكر الطبقة الأولى التي أغفلها الدرجيني في طبقاته 1-50 هـ .(...)". أنظر: مجموعة مؤلفين، معجم أعلام الإباضية...، مرجع سابق، الترجمة رقم: 735

(4)عاش بين أواخر القرن الخامس وبداية القرن السادس الهجريين. أنظر: مهنا بن راشد السعدي، كتاب دعائم الإسلام لابن النظر العماني وشروحه (ق 6هـ/ 12 م) نموذج للعلاقات العمانية المغربية، مداخلة في الأيام الدراسية العلمية المنظمة من طرف مؤسسة الشيخ عمي سعيد، بغرداية (الجزائر) والتي كانت بعنوان: "من الشيخ عمي سعيد بن علي الجربي [ت 927 هـ / 1521 م] إلى الشيخ حمو بن موسى عمي سعيد [ت 1425 هـ / 2005 م] مسيرة علمية تربوية اجتماعية 03 نوفمبر 2006 م. أيام 09 - 11 شوال 1427 هـ / 01 - دعوية رائدة ومتواصلة"،

(5) أنظر مقدمة التحقيق في كتاب: ابراهيم بن صالح بابا حمو أعزام، غصن البان في تاريخ وارجلان، دراسة وتحقيق: ابراهيم بن بكير بحاز وسليمان بن محمد بومعقل، دار . العالمية، غرداية  الجزائر، جحادى الأولى 1434 ه/ أفريل 2013 م، ص 38

(6) "أشهر علماء درجين ببلاد الجريد، جنوب تونس، واحد من العلماء الخمسة في سلسلة نسبه، كلُّهم علماء نحاري ر. تلقَّى تعلُّمه الأول بدرجين، ثم رحل إلى وارجلان سنة 616 هـ/ 1219 م، وأخذ العلم عن الشيخ أبي سهل يحيى بن إبراهيم بن سليمان لأعوام، ثم عاد إلى موطنه درجين. فقيه  ومؤرخٌ وشاعر، وكان إماما قدوة. له قصائد كثيرة وشعر فائق، وله أجوبة بالشعر، وألغاز في الفرائض.

وقد ذكر في بعض قصائده أنَّه أنشدها قبل البلوغ؛ وجمع بعض قصائده أبو طاهر إسماعيل بن موسى في كتاب الفرائض والحساب. بالإضافة إلى فقهه، وقوة لغته وبلاغته وشعره، فهو مؤرخ من المحقِّقين، لم يكتف بنقل ما سبقه إليه غيره من كتَّاب سير الإباضية،طبقات المشايخ  : وإنَّما أبدع منه  جديدا في كتابة السيرة الإباضية، وهو منهج الطبقات، إذ وضع في ذلك مؤلَّفه المشهور أنظر: " بالمغرب  معجم أعلام الإباضية... مجموعة مؤلفين، ، مرجع سابق، الترجمة رقم: 081

(7) "عالم من بلدة يفْرن بجبل نفوسة من أعمال طرابلس الغرب، تحول في طور دراسته إلى تِطَّاوين و تَلالْت، بِجبل دمر في تونس، طالبا للعلم؛ ومن مشايخه: أبو عفيف صالح بن نوح التندميرتي، والشيخ البيدموري، وأبو زكرياء يحيى بن عامر، ونقل كذلك عن فقيه إباضي عماني هو محمد بن عبد الله السمائلي.

اشتهر بالتأليف، ولا يعرف له من التلاميذ سوى الشيخ أبي يحيى زكرياء بن إبراهيم الهواري، ولا يستبعد أن تكون له حلقة يدرس فيها الكتب وغيرهما، وخاصة عقيدة أبي حفص عمرو بن جميع، التي كانت « مرج البحرين » و ،« العدل والإنصاف » : التي ترك لنا شروحها، مثل المقرر في العقيدة وعلم الكلام عند الإباضية.

استطاع أن يجمع فيه سير أبي زكرياء، والمزاتي، والوسياني، :« سير المشايخ » : صنَّف في عدة علوم، ومن أشهر كتبه والبغطوري، وطبقات الدرجيني، وجواهر البرادي، فكان كتابه هذا جامعا شاملا (...)".أنظر: . مجموعة مؤلفين، معجم أعلام الإباضية...، مرجع سابق، الترجمة رقم: 080

(8) أبي زكرياء يحي بن أبي بكر، كتاب سير الأئمة وأخبارهم، تحقيق وتعليق: اسماعيل العربي، إصدارات المكتبة الوطنية الجزائرية، 1979 ، ص ص.

9) - أنظر نص التقييد ملحقا بكتاب: عمار طالبي، آراء الخوارج الكلامية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، ج 2، ص ص 281 .294

(10) معجم مصطلحات الإباضية، مجموعة مؤلفين، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية- سلطنة عمان، 1429 هـ / 2008 م. . ج 1، ص 393

(11) ت: 10 شوال 787 هـ / 1385 م)، "نشأ في بلده بجبل دمر، جنوب تونس. ولَّى وجهته إلى جربة ليتتلمذ على الشيخ صالح بن نجم المغراوي. هو الذي نقل الحركة العلميَّة بجربة إلى جامع وادي الزبيب، فصانها مدة وجوده بها، واستمرت بعده، وتولَّى رئاسة العزابة بها. تخرج على يديه الشيخ أبو القاسم البرادي صاحب الجواهر، وسعيد بن أحمد جواب أبي الحياة يعيش السدويكشي. أنجب ابًنا عالما اسمه أبو عمران موسى بن يعيش. كما ترك آثارا مدونة، منها يلومهم على تقصيرهم في « رسالة إلى طلبة أريغ »  مخ، منه نسخة بمكتبة آل افضل  ، الجربي لبعض مخالفيه في التيمم طلب العلم، وتوجد منها نسختان في مكتبة الشيخ متياز، وآل افضل ببني يسجن". أنظر: معجم أعلام الإباضية مجموعة مؤلفين،...، مرجع سابق، الترجمة رقم: 1038

(12)  رقم الرسالة في الفهرس: 362 / رقم الحفظ في الخزانة: م 41  معلومات النسخ:  أحمد بن عيسى بن الحاج عبد الله بن عيسى بن عبد الله المصعبي التجنيني / حوالي: 966 هـ 153 مم / ن. مغربي جيد / الحبر أسود وأحمر / كاملة. × المواصفات المادية: 2ق / 29 س / 214 الرسالة هي السابعة ضمن مجموع به 126 ق؛ وتقع من 37 ظ إلى 38 ظ. -في الرسالة لوم وعتاب، وبلهجة حادة، على التقصير في طلب العلم، ثم استنهاض وشحذ للهمم. -أُخذت معلومات النسخ من آخر حاشية على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي، في 33 و؛ ملاحظة: بحواف الورق تأكل.

(13)  معجم مصطلحات الإباضية، مجموعة مؤلفين ، مرجع سابق، ص 1103

(14)  معجم مصطلحات الإباضية، مجموعة مؤلفين ، مرجع سابق، ص 100

(15) مجلس الفتوى للهيئة الدينية للمسجد الكبير بغرداية، ملامح عن مسيرة الفتوى بوادي مزاب...، مرجع سابق، ص 03

(16) بالنسبة للرسم في نص الأجوبة، فإنه تم تصويب الأخطاء اللغوية التي جاءت فيه، مثل المدود، والهمزة، وغيرها، كما أضيفت الفواصل والنقاط، قصد تيسير الفهم، واسترسال المعنى.

(17) الإدريسي، المغرب وأرض السودان: مأخوذة من كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، مطبعة بريل، مدينة ليدن، ص 85

(18) مزهودي: الإباضية في المغرب الأوسط، مرجع سابق، ص.

(19)  الدرجيني أبو العباس أحمد بن سعيد، طبقات المشايخ بالمغرب، مصدر سابق، ج 2، ص 257

(20) تلته كلمة من حرفين، غير واضحة في النسختين.

(21) أحمد بن محمد بن بكر بن أبي بكر بن يوسف الفرسطائي النفوسي (أبو العباس)، (ت: 10 ذو الحجة 504 هـ / 18 جوان 1111 م عالم فذ من علماء وارجلان، أصله من فرسطاء بنفوسة، وهو ابن الشيخ أبي عبد الله محمد بن بكر النفوسي مؤسس نظام حلقة العزابة. كان يقيم في قرية تمولست. أخذ العلم عن أبيه وعن أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي (ت: 471 هـ/ 1078 م) منذ حداثة سنِّه حوالي ( 440 هـ/ 1048 م)، وأبي محمد ويسلان بن أبي صالح، وسعد بن ييفاو في أمسنان بجبل نفوسة، (...).

من تلامذته: أبو عمرو عثمان بن خليفة السوفي، وصالح بن أفلح، وأبو عبد الله محمد النفوسي، ويحيى بن زكرياء، وعبد السلام بن عبد الكريم، وابنه إسحاق بن أبي العباس... وغيرهم كثير. وهو حلقة في سلسلة نسبة الدين.

وقد ذكر الوسياني أنَّه تصدى م رتين لغارات عنان بن دليم المطرفي اللطنفي على أريغ، وفي كلِّ مرة يجمع له أبو العباس بني مغراوة أن أبا العباس يعتبر إمام دفاع. (Cuperly) فيهزمه وراء تينويبو. ومن هنا استنتج المستشرق بيار كوبرلي وفي السنين الأخيرة من عمره صنَّف خمسا وعشرين ( 25 ) كتابًا، وكتابًا آخر تركه في الألواح... وتعتبر كتبه كلُّها من الأمهات في الشريعة الإسلامية على المذهب الإباضي في ثمانية أجزاء، طبع بسلطنة عمان بتحقيق الدكتور محمد ناصر والشيخ بلحاج ،« القسمة وأصول الأرضين » من تآليفه الكثيرة نذكر: كتاب وغير ذلك من مسائل ،« مما لا يسع الناس جهله » بكير باشعادل، ثم أعيد طبعه في الجزائر، نشر جمعية التراث. كتاب في التوحيد تبيين أفعال » .( مخ ) ،« كتاب الديات » .( مخ ) ،« السيرة في الدماء والجراحات » . التوحيد (مخ)، منه نسختان بجربة ذكرهما النامي ديوان  وهو الكتاب الذي تركه في الألواح قبل وفاته مباشرة (مخ). اشترك في تأليف ،« كتاب الألواح »  في ثلاثة أجزاء مخ ، العباد مع ثمانية من العلماء وأسند إليه كتاب الحيض وغيره، (مخ). هذه الكتب وغيرها مما ضاع كثيره لا يزال البعض منها  العزابة موجودًا، وبعضها في أيدي الأساتذة للتحقيق والدراسة، وبعضها رآه البرادي وذكره ولم يصل إلينا. توفي بَتصوانْتْ بأريغ بعد أخيه أبي يعقوب يوسف الزاهد وذلك يوم الخميس في ضحوة عرفة من شهر ذي الحجة من عام 504 هـ/ 1111 م. وقبره في آجلو الغربية، ولعلَّها تينيسلي، وهي قرب بلدة أَعمر اليوم بنواحي تقرت جنوب شرق الجزائر. أنظر: معجم أعلام الإباضية . مجموعة مؤلفين، مرجع سابق، الترجمة رقم: 089

(22)  معجم أعلام الإباضية . مجموعة مؤلفين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية- سلطنة عمان، 1429 هـ/ 2008 م، ج 1، ص 398

(23) اطفيش محمد بن يوسف، شرح كتاب النيل وشفاء العليل، وزارة التراث القومي والثقافة– سلطنة عمان، 1407 ه / 1987 م، ج 6، ص 143

(24)  اطفيش محمد بن يوسف، شرح كتاب النيل...، مصدر سابق، ج 6، ص 144

تزوكي ⵜⵣⵓⴽⴽⵉ tzukki

Icon 08

تزوكي(1) هو طائر أكبر نسبيا من بوعود غالبا ما يقف على الأشجار في مجموعات فتحدث ضجة في زقزقتها فهي تفسد الثمار في الغالب  حيث يضرب به المثل في الافساد كما يقال بالمزابية:

 

حدني أتّينيد د تزوكّي.

ⵃⴻⴷⴷⴻⵏⵏⵉ ⴰⵜⵜⵉⵏⵉⴷ ⴷ ⵜⵣⵓⴽⴽⵉ

 

 

--------

تزوكي(1) الزاوش (الجاوش) الإسباني، يسمى علمياPasser hispaniolensis، وبالفرنسيةMoineau espagnol، وبالإنجليزيةSpanish Sparrow، تتميز بريش بني فوق الرأس، وببقعة كبيرة على العنق والصدر ممتدة جانبيا إلى الجناحين، وباقي الجسد بني ورمادي.يتغدى بالحبوب والديدانيخلف أضرارا في المحاصيل االزراعية مما يجعل الفلاح يتصدى له بعدة وسائل لإبعاده. 

تسيير حلقة العزابة للأوقاف بواد مزاب

Icon 09 تسيير حلقة العزابة للأوقاف بواد مزاب

تشكل نظام الأوقاف في قرى بني مزاب تدريجيا، فبدأت معالمه تظهر نتيجة لتزايد الأصول الموقوفة من جهة، وهذا بسبب انتشار الوعي في المجتمع بأهمية الأوقاف، وتأثيرها الفعال في المجال الاجتماعي الخيري من عدة نواحي "تعليم، مرافق عامة، غذاء،…" وقد ساهم في انتشار هذا الوعي التعبئة التي قام بها العلماء والمشائخ في المنطقة، والتي دفعت المجتمع للاستجابة والتسابق في هذا الميدان ابتغاء الأجر وخدمة بعضهم بعضا، فتبنى المجتمع المزابي بقوة فكرة الأوقاف، وحرص أفراده على تفعيلها.

ومن بين هؤلاء المشايخ، الشيخ بلحاج، القطب، وغيرهم. هذا من جهة ومن جهة أخرى تعددت الأصول الموقوفة لتلبية مختلف حاجات المجتمع، ومتطلباته الضرورية الخاصة بتلك المنطقة فكانت الأوقاف على التمور باعتبارها غذاء رئيسا لبني الصحراء، وعلى الماء لندرته في المنطقة، وعلى بناء المساجد لضمان إقامة شعائر الله، ثم على المدارس لنشر العلم، ومحاربة الجهل. لتتوسع إلى مختلف المرافق والمنقولات التي يحتاجها المجتمع في أدق التفاصيل.

عموما هذه بعض من الأصول التي شملها الوقف في مزاب: المساجد، الآبار، المياه (مقدار معين من الماء)، المراحيض، الزيت (لإنارة المسجد)، الكتب، القدور، المكاييل، أدوات الطبخ، الكسكسي، الخبز، النخيل والتمور،...

وربما كان لحلقة العزابة الدور البارز والهام، في تشكل معالم هذا النظام، باعتبارها الهيئة المخوَّل لها مهمة السهر على حفظ وتنفيذ الأوقاف. فجُلُّ أوقاف البلدة مرتبطة بالمسجد، والقائم على شؤون المسجد حلقة العزابة الموقرة، وبالتالي فهي الساهرة على تنفيذ الأوقاف وتسييرها، ولها الفضل في تشكل معالم نظام الأوقاف، الذي يعتبر أصلا جزءا من نظام حلقة العزابة.

ويكفي لتبيان الأهمية الكبيرة التي خصصتها الحلقة لموضوع الوقف بوجه عام، أن يعين عضوان من الحلقة، (الوكيلان) للقيام والسهر على شؤون الأوقاف. ووكيلا المسجد ينفذان الأوقاف عن طريق وظائف قارة، ومهام لحلقة العزابة تقوم بها سنويا، في أماكن وأوقات معينة.

إن عدد وظائف مسجد بني يزقن خمس وأربعون وظيفة، منها أربع عشرة وظيفة تحوي أوقافا للتمور. أما القسم الثاني من الأوقاف، فهي التي تنفذ عن طريق العامة مباشرة، وبالتالي فالوكيل عليها صاحب الوقف نفسه، أو ذريته من بعده، وللإشارة يوجد تقسيم آخر للأوقاف في مزاب من حيث حقيقتها، حيث يقسمها الأستاذ يوسف بن بكير الحاج سعيد في كتابه "تاريخ بني مزاب": "الأوقاف في مزاب نوعان من حيث حقيقتها، النوع الأول وقف مؤبد لوجه الله تعالی، لأصل من الأصول، مثل أرض أو منزل، أو بستان. أو نخلة أو مرحاض، أو جابية، أو بئر، بحيث لا يجوز بيعه أو هبته أو إرثه أو منتقل من المنقولات مثل القدور والمكاييل والكتب. النوع الثاني يسمى تنوبا (جمعها تنوباوين) لا يمنع التصرف في الأصل، بيع أو هبة أو ارث، ولكنه يشترط على المالك أن يدفع إلى جهة معينة، بصفة مؤبدة، كمية من المواد الغذائية. أو مواد الإنارة أو يقوم بخدمات معينة للصالح العام".

وكما أن للحلقة الدور الهام في تنفيذ الأوقاف، وتسييرها، باعتبارها الهيئة الموكلة إليها هذه المهمة، وبما لها من دور فعال في المجال الاجتماعي عموما، أكسبها سلطة روحية متعارف عليها في المجتمع المزابي، ومكانة هيئة عليا في السلم التنظيمي لقرى الوادي. فإنه للعرف كذلك دور بارز في المجال الاجتماعي بالبلدة، وببقية قرى الوادي، باعتباره الإطار القانوني الذي تتهيكل فيه مجموع إرادات الأفراد، (إرادة المجتمع) في شكل قواعد قانونية، غير مكتوبة تنظم المجتمع في جميع المجالات وفي أدق التفاصيل.

------------------------------------ 

(01) كتاب أوقاف التمور في قرى واد مزاب، زرﭬون محمد بن صالح، ص 62-65

المصدر nir-osra.org

تعريف الإباضية

  • من هم الإباضية؟

    Icon 09 
    يرجع المذهب الإباضي في نشأته وتأسيسه إلى عصر التابعين؛ فمؤسسه الذي أرسى قواعد الفقه الإباضي وأصوله هو التابعي الشهير: جابر بن زيد الأزدي فهو إمام محدث فقيه، من أخص تلاميذ ابن عباس، وممن روى الحديث عن أُمِّ المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) وعدد كبير من الصحابة مِمَّن شهد بدرا، كان إماما في التفسير والحديث، وكان ذا مذهب خاص به في الفقه، ولد سنة 21 للهجرة، وكان أكثر استقراره بالبصرة وبها توفي سنة 93 للهجرة. [ولم ينسب إِلَيهِ المذهب وَإِنَّمَا نسب إلى عبد الله بن إباض وهو...


    اقرأ المزيد

  • نشأة الحركة الإباضية

    Icon 09

    للدكتور عوض خليفات،من الأردن،عدة مؤلفات عن الإباضية، منها:"النظم الاجتماعية والتربوية عند الأباضية في أفريقية في مرحلة الكتمان"، و"نظام الولاية والبراءة والوقوف عند الإباضية".

    ومنها كذلك "نشأة الحركة الإباضية" الذي نحن بصدد التعريف به في هذا العدد،وقد صدرت الطبعة الأولى سنة 1978،ثم طبعته بعد ذلك دار مجدلاوي في الأردن،ويقع في 226 صفحة...

    اقرأ المزيد

  • مرتكزات الإباضية الفكرية

    Icon 08

       تخطئة التحكيم
        عدم اشتراط القرشية في الإمام
         صفات الله ليست زائدة على ذاته بل هي عين ذاته
    امتناع رؤية الله سبحانه في الآخرة
        أن القرآن حادث غير قديم ومخلوق لله سبحانه
        أن الشفاعة لا تنال أهل الكبائر، وإنما هي تسرّع المؤمنين بدخول الجنة
         أن مرتكب الكبيرة كافر نعمة، لا كافر ملّة

    اقرأ المزيد

  • الجانب الفكري عند الإباضية

    Icon 09 صالح بن أحمد البو سعيدي

    لم إن الباحث في أدبيات المذهب الأباضي يواجه أول ما يواجهه من تساؤل في بحثه عن تصنيف المذهب الأباضي، فهل يصنفه على أنه فرقة عقدية أم حركة سياسية أم اتجاه فكري أم مدرسة أصولية أم مدرسة فقهية؟. والحقيقة أن المذهب الإباضي ليس واحدا من ذلك بعينه، وإنما هو مجموع ذلك كله، فالمذهب الإباضي حركة سياسية وفرقة عقدية واتجاه فكري ومدرسة أصولية فقهية في...

    اقرأ المزيد

  • حملة العلم إلى المغرب

    Icon 09
    إن التاريخ الإسلامي قد حفل بالحواضر العلمية التي كانت مراكز للاشعاع العلمي في كافة أنحاء العالم الإسلامي، ومن بين هذه الحواضر مدينة البصرة التي أنشئت في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t ، والتي صارت بعد فترة قصيرة من أكبر المراكز العلمية الهامة في الدولة الإسلامية؛ حيث كانت تعج بالصحابة وكبار التابعين .ومن هذه المدينة انطلقت الدعوة الإباضية إلى شتى البقاع ، وكان ممن حمل لواءها مشايخ عظام درسوا على أئمة المذهب ثم انطلقوا يبلغونها ويؤسسون على مبادئها إمامات ودولا، وسمي هؤلاء في التاريخ الإباضي بحملة العلم إلى المغرب وحملة العلم إلى...


    اقرأ المزيد

  • الحيـاة العلمية بمنطـقة أريـغ من القرن الرابع إلى السادس للهجرة

    Icon 09
    لم يكد يأفل نجم الدولة الرستمية في تاهرت سنة 296هـ حتى عجَّت منطقة أسوف وأريغ ووارجلان بالعلماء، خاصة بعد اهتمامهم بإنشاء حلقات العلم و...

    اقرأ المزيد

    تراجع المذهب الإباضي بوادي أريغ:
    هذا العمل أنجز من خلال مخطوط لم يسبق تحقيقه بعد، تم العثور عليه في إحدى مكتبات وادي مزاب، وهو عبارة عن أجوبة علماء جزيرة جربة بتونس، وكذلك...

    اقرأ المزيد

  • غار أجلو

    Icon 09

    اغار أجلو هو الغار الذي أسس فيه الشيخ ابو عبد الله محمد بن بكر بن أبي بكر الفرسطائي رحمه الله ت (440هـ) نظام العزابة سنة 409 هـ لذا يعرف بالغار التسعي.  واتخذه معهدا لطلبته العزابة وتخرج من هذا المعهد كل مشائخ الإباضية المغاربة في القرن الخامس الهجري ويعرف بغار أجلو أو غار أجلو الشرقية ويوجد في بلدة تين يسلي ⵜⵉⵏⵢⴻⵙⵍⵉ  أو ما يعرف ببلدة تين باما طوسⵜⵉⵏⴱⴰⵎⴰⵟⵓⵚ  وهي بلدة أعمر حاليا بجانب (تڤرت). وتعرف كذلك قديما بمدينة........

    اقرأ المزيد

  • إباضيون سوافة وستة قرون من العطاء الإباضي في سوف

    Icon 09

    هذا الموضوع بدأ يستقطب اهتمام مجموعة من الدارسين المحليين هنا بالوادي، والبحث الذي سنعتمد عليه اليوم في تقديم نبذة عن حياة الإباضية في سوف، عنوانه: "سوف في المصادر الإباضية" للأستاذ نصر الدين وهابي، معهد الآداب واللغات، المركز الجامعي بالوادي، عثرنا عليه في كتاب من إصدارات الجمعية الثقافية للمركز الثقافي محمد ياجور بقمارـ طبعة 2008. وهو البحث الذي اتسم بالموضوعية في عرض الشواهد التاريخية.. وقبل ذلك نشير أنه في الوقت الحالي يوجد....

    اقرأ المزيد

  • أعلام الإباضية السوافة

    Icon 09

    هذا هذه قائمة بعض الفقهاء السوافة الإباضية:
    ـ أبو طاهر إسماعيل بن أبي زكريا السوفي ( النصف الثاني من القرن الخامس القرن 11م)
    ـ سارة اللواتية السوفية كانت تروي أشعارا بالبربرية، كانت تأوي الشيوخ وتزورهم طلبا للعلم.
    ـ عبد الله المنصور النصيري السوفي
    ـ أبو عثمان خليفة بن عمارة السوفي المارغني
    وللإباضية علماء درسوا في سوف، منهم: أبو الربيع سليمان بن علي، وأصله من تيمجار في جبال نفوسة بليبيا. وكذلك الربيع بن يخلف الوسلاتي المزاتي النفطي القابسي...
    .....


    اقرأ المزيد

  • من هي سدراتة؟

    Icon 09

    هذا مدينة سدراتة على بعد كيلومترات من مدينة ورقلة كانت عامرة على مدار ستة (06) قرون بعد أن لجأ إليها بقية أسرة ابن رستم حكام الدولة الرستمية فارين من اضطهاد الفاطميين سنة 909  ه وكانت تزخر بتجارة القوافل الصحراوية، وذهب غانة وملح الصحراء. وحافظت على علوم المذهب الإباضي وثقافة أتباعه، ولكنها....

    اقرأ المزيد

ماذا يعني انتمائي للإباضية ؟ 

درس للدكتور/ مصطفى بن صالح باجو  ألقاه بمسجد التقوى ( غرداية - وادي مزاب - جنوب الجزائر )

الخميس 30 / 12 / 2010

ملاحظة: نظرا لأنّ الدرس ألقي بوادي مزاب، فإنّ الدكتور استعمل فيه أحيانا اللهجة المحلية المزابية

 

 اهتمام المستشرقين بالعقيدة الإباضية في ملتقى نابولي بإيطاليا ماي 2012

درس للأستاذ الفاضل محمد بن أيوب الحاج سعيد ( رئيس جمعية الشيخ أبي إسحاق اطفيش - رحمه الله تعالى - لخدمة التراث - غرداية - وادي مزاب - جنوب الجزائر )

ألقاه بمسجد حواشة  غرداية  3 / 7 / 2012 .

 ملاحظة : نظرا لأنّ الدرس ألقي بوادي مزاب ، فإنّ الأستاذ استعمل فيه أحيانا اللسان المزابي

 

وجود وإنتشار الاباضية في العالم. الدكتور إبراهيم بن بكير بحاز

الملتقى الثامن للإباضية في طوكيو - اليابان، درس للأستاذ الفاضل د.إبراهيم بن بكير بحاز، ألقاه بمسجد باباالسعد الشرقي، يوم الأحد 07 شوال 1438هـ/ 02 جويلية 2017م، ضمن الأيام الدعوية، بعنوان: قبسات دعوية

باحثون من لبنان وروسيا واليابان يتحدثون عن الفكر الاباضي.

 

تعريف تنوبا

Icon 09

تعريف تنوبا(01)

بتاء ساكنة ونون مضمومة ممدودة وباء مفتوحة مع مد خفيف. لفظ أمازيغي مزابي، مفرد، جمعه "تِـنُوبَاوِينْ"

يبدو أنّ "تْـنُوبَا" أصلها لغة من الكلمة العربية النَّوبة، بمعنى التناوب على إطعام الطعام، وقد اتسع استعماله لدى المزابيين ليشمل منافع عدة، يتعاقب عليها أفراد المجتمع في أزمنة وأماكن محدّدة.

"تْـنُوبَا" صدقة على سبيل الوقف، تدوّن في سجلاّت العزَّابة، كما أوقفها الموقف على عقار أو نخلة أو غير ذلك من الممتلكات. وينسحب أساسا في الاستعمال السائد على الطعام الذي يُتصدّق به لقُراء القرآن في مواسم معيّنة. تعدّه الأسرة في مزاب ووارجلان، وفق مقادير محدّدة.

كما يطلق على هذا النوع من الوقف أحيانا لفظ "ألـمَقَبْرَتْ"، أو بقلب القاف كافا "أَلْمَـكَبْرَتْ" في بعض مدن مزاب ووارجلان.

ويدخل ضمن هذا المفهوم أيضا، بعض الأعمال الخيرية مثل الإنارة العمومية (وبخاصة القائمة على الزيت قديما)، أو الالتزام بخدمات معيّنة للصالح العام، كالسقاية وصيانة آبار البلد وتجهيزها، وسواقي الغدير في الواحة وخدمة المساجد.

أمّا بالنسبة لـ "تْنُوبَا" الخاصة بمجالس تلاوة القرآن، فتتعدّد مواسم تنفيذها حسب أعراف كل مدينة مزابية، وتُعقد هذه المواسم يوم الجمعة، في أحد المصلّيات غير المغطاة، وحديثا في المساجد. إذ تُوزع تلك الأوقاف والصّدقات على متعهّدي هذه المجالس بحضور العزَّابة والطلبة "إِيرْوَانْ" وسائر القراء، من الصباح الباكر إلى وقت الزوال، ومن بعد صلاة العصر إلى وقت صلاة المغرب أو العشاء.

وقد اعتُبرت "تْـنُوبَا" في العرف العام بمثابة وقف أبدي يُخرجه صاحبه أو ورثته مرّة كل عام، وهي معلّقة عادة بالعقارات، بحيث إذا بيعت أو استؤجرت، انتقل الوقف إلى المشتري أو المستأجر باتّفاق الطرفين، وهذا يعني أنّه لا يمنع التصرّف في الأصل ببيع أو هبة أو إرث، ولكنّه يشترط على المالك أن يدفع إلى جهة معيّنة بصفة مؤبدة كميّةً معيّنةً من المواد الغذائية (من طعام –الكسكسي- والسمن واللحم). وكلّ ذلك بمقادير مضبوطة عند الواقف أو الذي أصبح المنزل على عهدته، كما هو مضبوط في سجلات خاصّة لدى هيئة العزَّابة.

ولقد استحدثت "تْـنُوبَا" في ظروف المسغبة والفقر المدقع لينتفع بها الطلبة والفقراء. ومن الدارسين من يرجعها إلى عهد أبي عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي، مؤسس حلقة العزَّابة في ق5 ﻫ / 11م، حيث كان ينتقل في رحلات لنشر العلم، فكان طلبته يُكرمون بالإطعام والإيواء في المكان الذي ينزلون فيه، ليتفرّغوا للمهمة التي جاؤوا لأجلها، ثم تحوّل هذا الإطعام إلى أوقاف قارّة لهم. وفي الأمر تشجيع على لزوم طلب العلم وحفظ كتاب الله.

ولقد ظهر سابقا نفع هذا الوقف اجتماعيا ودينيا واقتصاديا، ولكنه حاليا مدار جدل ونقاش بين الفقهاء في مزاب، بين مجيز لها ومحافظ عليها، وبين من يرى فيها تكليفا مكروها أوتحريما.

سبب تعدّد الآراء في مسألة "تْـنُوبَا" راجع إلى أنها شرط علّق بالمبيع فاختُلِف في حكمه؛ ففريق يرى أنّه شرط جائز لأنّ المشتري يعلم مسبقا أنّه سيُنفّذه سنويًّا مدى الحياة، مع علمه باختلاف ثمن مقدار الأداء سنويًّا وعدم تحديد المدّة، بينما يرى الفريق الآخر أن عدم تحديد المدّة والثمن يدرج في الجهالة بدليلين:

1.قول القطب اطفيَّش: «كبيع دار واشتراط سكناها بلا تحديد… أو نحوه مما لا ينضبط».

2.من شروط الموقوف

أن يكون معلوما وقت وقفه علما تاما.

ويعزز إشكال كون "تْـنُوبَا" وقفا أو لا، كونها ليست بأصل لأنّها من المأكولات، وليست بمنفعة لأنّه لا يعلم أصلها، وبالتالي فهي لم تنضبط بتعريف الوقف الذي هو «حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه». ولذلك يرى هذا الفريق أنّ "تْـنُوبَا" ليست وقفا، إنّما هي من قبيل الصدقات.

ورغم الاختلاف في المسألة، فإنّ "تْـنُوبَا" لا تزال قائمة إلى يومنا تحت إشراف العزَّابة في أغلب مدن مزاب ووارجلان.

----------------------------------------------------

(01) موقع تادارت مركز الدراسات الإباضية

تمسك البربر بشخصيتهم

وسابع الأسباب هو ثبات البربر على مبادئهم، وتمسكهم بالفهم. إنهم امة قوية الشخصية، معتدة بنفسها متمسكة بشخصيتها وتقاليدها بنفسها متمسكة بشخصيتها وتقاليدها، وتقلد، ولا تسارع إلى نبذ ما الفته، ولا تأخذ بالجديد حتى تتيقن انه أحسن من القديم الذي عندها. لذلك لم يسارع البربر إلى الاسلام حتى تأملوه، وعرفوا حقيقة، وتيقنوا انه هو مفتاح السعادة، وسبب النجاح، فاقبلوا عليه، ورسخوا فيه رسوخ جبالهم، وثاروا على كل الملوك المسلمين الذين يخرمون أصوله في السياسة، ويعاملون رعاياهم بغير العدل الذي أمر الله به.

ان البربر لا يسارعون كثيرا إلى الإيمان. إنهم لا يؤمنون إلا بعد التروي والتدبر، وفي أناة وتحفظ. وكذلك في الصداقة؛ فان قلب البربري لا يتفتح لك إلا بعد ان يختبرك طويلا، ويدرسك ويعرف حقيقتك، ويثق بك، وإذا تفتح لك قلبه تفاني فيك، واخلص إليك، وثبت على حبك، وكان لك في السراء والضراء، وكان حبك في قلبه درة في محارتها، ولا يؤذيها تقلب الأمواج، وثورة البحر، ولا يكسفها ظلمة للازمات تخيم عليك كظلمة اليم، وملوحة للأيام تعكر صفوك كملوحة البحار !

ان ثبات البربر على مبدئهم وتحفظهم، هو الذي جعلهم لا يفتحون قلوبهم للمسلمين ولا يسارعون إلى الإسلام إلا بعد ان تمنعوا فيه، فعرفوا حقيقته، ورأوا جماله وعظمته في سلوك المسلمين

------------------

 

محمد علي دبوز  تاريخ المغرب الكبير ج2  ص122-123

تنظيم الأوقاف

Icon 09

تعريف تنوبا

نظام " تِنُوبَاوِينْ " في مزاب والحكمة منه

 أنواع الاوقاف في مزاب

 أنواع الصدقات العرفية

Icon 09

 عادة تنوبا ⵜⵏⵓⴱⴰ

تينوباوين المتعلقة بقصر تغردايت

أصل كلمة تنوبا    

موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الصيفي

تسيير حلقة العزابة للأوقاف بواد مزاب

 

 

 

Icon 09

دور الوقف في تطوير المشاريع التربوية وضمان استمراريتها 

تحميل البحث 

 --------------------------

الأوقاف الإباضية  مذكرة لنيل شهادة الماجستير

تحميل البحث

 

كلمة حول الأوقاف الإباضية في الجزائر

 

حماية الوقف بين الفقه الإباضي والقانون الجزائري

 

مركب التوفيق ينظم الملتقى الدولي الاستثمار في الأوقاف

 

 

 الوقف عند المجتمع المزابي

مقطع فيديو من الجلسة العلمية الرابعة المنظمة في الملتقى العلمي الدولي حول "الاستثمار في الأوقاف" المنعقد في الفترة الممتدة من 10 إلى 13 ذو القعدة  1433هـ الموافق لـ  26 إلى 29 سبتمبر 2012م 

من تنظيم مركب التوفيق (بلكور) بالجزائر العاصمة

 

 

تينوباوين المتعلقة بقصر تغردايت

Icon 09

هذه أسماء "تينوباوين" المتعلقة بقصر تغردايت:

تنوبا نوامي سعيد

تنوبا نباعيسى و علوان 17 فيفري

تنوبا نبابا و الجمة

ننفاش 23 ديسمبر

تنوبا نبابا و الجمة نلحبوس

تنوبا نبابا صالح و

تنوبا نمشايخ أتوعيتي في يوم واحد

تنوبا نبا محمد أبي سحابة يوم 20 جانفي

تنوبا نبامحمد خديم أمو

تنوبا نشيخ صالح

تنوبا نبابا السعد أغير نلمنكر على 7 صباحا

تنوبا نشيخ بابا تامر

تنوبا نشيخ بامحمد بوشيخ

تنوبا نمشايخ آت بالناصر

تنوبا نشيخ بالحاج داود

تنوبا نأبي سعيد 24 فيفري

كل ما اسلفت كتابته تعد في الشتاء صباحا و الآن ساذكر التي تعد عشية :

تنوبا نيمحراث

تنوبا نات الخفيان

تنوبا نعبد العالي تاولاولت (نسبة لامرأة صالحة)

تنوبا نشيخ أمي موسى المحضرت

تنوبا نبابا السعد الشرقي

تنوبا نشيخ الحاج مسعود

تنوبا نيوم الزيارة 24 مارس

تنوبا نشيخ أمي موسى و الآن

تينوباوين التي تعد في الصيف:

تنوبا نمحضرة المستجاب

ثم تأتي آخر واحدة يوم 5 ماي و هي تنوبا نشيخ أمي سعيد الخاتمة

ملاحظة: لكل واحدة قصة خلد فيها صاحبها المشهود له بالتقوى و الصلاح و الكرامات لكل واحدة منها أعيار (كمية) معينة. 12 نيعويار نيمندي مع 12 تيحميسين نويسوم (الله الله :) ) تعد بأوشو نيردن و أودي بكمية معينة ( يسمى كيل تنوبا بالنسبة لأودي تاجدويت).

 

 

ثناء ابن خلدون على البربر

Icon 07

لقد كتب عن البربر مؤلفون كثيرون من عرب وإغريق ورومان، وكلهم أثنى على البربر وأعجب بهم. وممن عاشرهم، وسبر أغوارهم، وعرف كل المعرفة تاريخهم، وعاش في دولهم، وشاهد أمجادهم العلامة ابن خلدون. فإليك جزءا صغيرا من شهادته لهم، وثنائه عليهم، ليكون نصوصا وحجة لما وصفت به البربر في هذا الباب.

قال العلامة ابن خلدون:  [وأما تخلق لبربر بالفضائل الإنسانية، وتنافسهم في الخلايا الحمية، وما جبلوا عليه من الخلق الكريم، مرقاة الشرق والرفعة بين الأمم،وسبب المح والثناء من لخلق، من عز الجوار، وحماية النزيل، ورعي الذمم، والوفاء بالقول والعهد ! والصبر على المكارم، والثبات في لشدائد، وحسن الملكة، والأعضاء عن العيوب، والتحافي عن الانتقام، ورحمة المسكين، وبر لكبير، وتوقير أهل العلم، وحمل الكل، وكسب المعدوم، وقرى الضيف، والإعانة على النوائب، وعلو الهمة، واباية الضيم،ومشاقة الدول، ومقرعة الخطوب، وغلاب الملوك، وبيع النفوس لله في نصر دينه، فلهم في ذلك آثار نقلها الخلف

عن السلف، لو كانت مسطورة لحفظ منها ما يكون أسوة لمتبعيه من الأمم. وحسبك ما اكتسبوه من ميدها، واتصفوا به من شريفها، ان قادتهم إلى مراقى العز، وأوفت بهم على ثنايا الملك، حتى علت على الأيدي  أيديهم، ومضت في الخلق بالقبض والبسط أحكامهم الخ... ] 26

ولعل القارئ يقول: ان الأمام ابن خلون يريد البربر في عهد الإسلام لما ورد من وصفه لهم ببيع لنفوس لله في نصرة دين، ولكنه من يقرأ الباب كله يعلم ان يريد البربر في كل عهودهم قبل الإسلام وبعده. ان وان أمكن ان يعني ابن خلدون لبربر في العهد الإسلامي فحسب، فان الفروع دليل على الأصول، والأحفاد مظهر للأجداد، والشخصية العظيمة، ولعبقريات الكبرى تورث ولا تكتسب. انها لا تظهر فجأة، ولا تولد كاملة،وإنما تنمو في الآباء، وتكمل في الأبناء. وإذا رأيت جيلا كريما فاعلم انه من الأصول لكريمة،

لا يمكن ان يكون من الأرذال.

ثم قال ابن خلدون يصف البربر في العصور الإسلامية: «وأما إقامتهم لمراسم الشريعة، وأخذهم بأحكام الملة، ونصرهم لدين الله، فقد نقل عنهم من اتخاذ المعلمين كتاب الله لصيانتهم، والاستفتاء في فروض أعيانهم، واقتفاء الأئمة في الصلوات ببواديهم، وتدارس القرآن بين إحيائهم، وتحكيم حملة الفقه في نوازلهم وقضاياهم، وإصغائهم لأهل الخير والدين من أهل مصرهم للبركة في آثارهم، وغشائهم البحر أفضل المرابطة ولجهاد، وبيعهم النفوس الله في سبيله، وجاد عدوه، ما يدل على رسوخ إيمانهم، وصحة  عتقداتهم، ومتين ديانتهم التي كنت ملاكا أعزهم، ومقادا إلى سلطانهم وملكهم ».

ثم قال ابن خلدون: «وأما وقوع الخوارق فيهم، وظهور الكاملين في النوع الإنساني من أشخاصهم، فقد كان فيهم من الأولياء المحدثين، أهل النفوس القدسية، والعلوم الموهوبة، ومن حملة العلم عن التابعين ومن بعدهم من الأئمة والكهان المفطورين على الاطلاع على الأسرار الغيبية، ومن الغرائب التي خرقت لعادة، وأوضحت أدلة القدرة، ما يدل على عظيم عناية الله بذلك الجيل، وكرامته لهم، بما آتاهم من جماع الخير، وآثرهم به من مذاهب الكمال، وجمع لهم من متفرق خواص الإنسان الخ....» 27

تلك هي بعض أوصاف البربر الخلقية والعقلية ق جلوناها، وجلاها ابن خلدون في هذا الباب. وهي تصور شخصيتهم العظيمة،وأصلهم الكريم. فما هي الشخصيات التي نبعت منهم قبل الإسلام في مختلف الميادين، فكانت مظهرا لشخصيتهم، ومن الأدلة الكبرى على عظمة هذا الجنس، واقتعاده الذري في المكارم قبل الإسلام بقرون كثيرة؟

----------------------

26 كتاب العبر لابن خلدون ج 6 ص 104 ط بولاق بمصر.

27 العبر لابن خلدون ج 6 ص 104 ، 105 ط بولاق بمصر.

               تاريخ المغرب الكبير محمد علي دبوز ج1

حرية المذاهب الإسلامية في الدولة الرستمية

حرية كل المذاهب الإسلامية واحترامها في الدولة الرستمية

وكانت الدولة الرستمية دولة الحرية الفكرية، وحرية الاعتقاد، وحرية الكلام في حدود الدين الإسلامي العظيم. إن رؤساءها وجمهور رعيتها كانوا على المذهب الأباضي الجمهوري؛ ولكنهم لا يفرضون على احد رأيهم، ولا يحملونه بالقوة على مذهبهم، بل يتركون كل احد يختار من المذاهب الإسلامية ما يشاء. وكانوا يحترمون كل المذاهب الإسلامية التي لا تخالف الدين. وكانت تعيش في تيهرت كل المذاهب الإسلامية.

كان فيها المالكية، والمعتزلة، والصفرية، ومذهب أهل الكوفة والعراق، وكل المذاهب الإسلامية الموجودة في المشرق. وكانوا يجدون في تيهرت حرية عرض مذاهبهم، والدعوة إليها، والاحتجاج لها، كما كانوا يجدون كل احترام من خاصة تيهرت وعامتها، ولا يحتقرهم احد. ولا يكم فمهم إنسان. وسترى في قصة الشيخ مهدي النفوسي عالم جبل نفوسة الذي استنجد به الإمام عبد الوهاب لمناظرة عالم المعتزلة الذي أفحم علماء تيهرت بذكائه وبراعته في المناظرة، واستطاع لما وجد من حرية الكلام في تيهرت أن يحاجج الإمام عبد الوهاب رئيس الدولة نفسه، وهو عالم تيهرت، فيفحمه، فعجز الإمام عبد الوهاب عن مناظرته، فلم يسكته بالقوة كما يفعل الملوك، بل استنجد بعلماء جبل نفوسة، فاحموه. فأسكته بالحجة، وألزمه الصمت بالأدلة القاطعة.

وكان الشيخ مهدي النفوسي فارس المناظرة الذب أفحم العالم ألمعتزلي يغيب عن صحبه النفوسيين أياما حتى يتحيروا عليه، وهو يجتمع بعلماء كل المذاهب الإسلامية في مساجد تيهرت، ويستضيفونه في منازلهم وفي ضواحي تيهرت التي يسكنونها، فيناظرونه، وتطول المناظرة ويتصل الحجاج، فيبقى الشيخ مهدي أياما في هذا الجو العقلي المتقد الممتع في مساجد تيهرت ونواديها العلمية، ولا يستطيع الرجوع إلى محل الضيافة الذي نزول فيه هو وصحبه. وقد رجع يوم بعد غيبة أيام فسأله صحبه عن سبب غيبته فأجابهم: بأنه كان مع علماء تيهرت في مجامعهم يناظرهم فاستطاع أن يقنع بالحجة الساطعة، والبرهان القوي في ميادين المناظرة الحرة في تيهرت سبعين عالما من الصفرية والمعتزلة وغيرهم من المذاهب الإسلامية الأخرى، وكانوا لا يرون ما يعتقده الإباضية الجمهوريون فأقنعهم فأدركوا صوابهم، فانضموا إليهم، وتركوا أقوالهم الماضية، وصاروا لما أقنعهم الشيخ مهدي على مذهبه الجمهوري المعتدل الذي يوافق الدين في كل الأشياء.

قال احمد بن سعيد الدرجيني: "وبلغنا أن مهدي لما صار بتيهرت كان يغيب عن أصحابه أياما لا يدرون له مستقرا حتى ساءت ظنونهم )وخافوا أن يكون قد حل به سوء.

فلما كان ذات ليلة قدم عليهم فسألوه عن مغيبه فقال لهم: إني قد رددت إلى مذهب الحق سبعين عالما من أهل الخلاف"1.

كانت الدولة الرستمية دولة الحرية الفكرية الكاملة، وكانت كل المذاهب الإسلامية التي لا تشذ عن أصول الدين موجود فيها. كان فيها المالكية وغيرهم من المذاهب الإسلامية المنتشرة في المغرب. وكان أهلها يتمتعون بالاحترام الكامل، ويجدون ما يشاءون من حرية، وكل ما يريدون من إخوة إسلامية. لا تعصب، ولا حقد كما يكون في العواصم الملوكية المستبدة، ولا كبت ولا إرغام على مذهب الدولة كما يفعل الملوك المستبدون.

قال ابن الصغير المالكي وقد عاش في تيهرت أيام الدولة الرستمية. قال وهو يصف الحرية الفكرية الكاملة، والإخوة الإسلامية التامة في عهد الإمام أبي حاتم في آخر أيام الدولة الرستمية وفي شيخوختها، وهو عهد تكون فيه الدولة الهرمة كالإنسان الهرم ضيق العطن، لا يتحمل المخالفة، ولا يستسيغ المناظرة، ومع ذلك كانت الدولة الرستمية الراسخة في الديمقراطية الإسلامية كما وصفها ابن الصغير المالكي قال: "وكانت مساجد [تيهرت] عامرة، وجامعهم يجتمعون فيه، وخطيبهم لا ينكرون عليه شيئا. إلا أن الفقهاء تباحثت فيما بينها، وتناظرت واشتهت كل فرقة أن تعلم ما خافتها فيه صاحبتها. ومن أتى إلى حلق الإباضية من غيرهم قربوه وناظروه ألطف مناظرة، وكذلك من أتى من الإباضية إلى حلق غيرهم كان سبيله كذلك"2. هذه هي حالة أجدادنا العظيمة في الإخوة الإسلامية. كانت قلوبهم متعانقة لصفائها بنور الإيمان، ولطهارتها بالدين الراسخ، وإن تصارعت عقولهم في ميدان الحجة والبرهان. أنهم وإن اختلفوا في الفروع غصون شجرة واحدة لأصل واحدة هو الدين الإسلامي السمح الواسع. وكانت مناظرتهم مناظرة العلماء الفحول، وقوة هادئة متبصرة. وكانت عقولهم تصطدم فيها اصطدام الشفاه بالشفاه في القبلة العطشى، عميقة ولكنها غير مؤذية، ومعها نشوة العقول الناضجة بالبحث والحجاج! أنهم غصون مثقلة بثمارها في الشجرة الواحدة. تهزها العاصفة فتتمايل في اتزان، وتتفارع في رفق، وليسوا كالجهلة المتعصبين الذين يكونون في المناظرة كالذئاب المسعورة المتقاتلة، وتراهم كالغصون الفارغة الضيقة، تهب العاصفة عليها فتتصادم وتورثها الاعوجاج!3

----------------------

1-طبقات الدرجيني ص 26 من نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم 2612 )تاريخ، والخزانة التيمورية(

2-سيرة الأئمة الرستمية لابن الصغير ص 42 ط باريس.

3-إن مزج التاريخ بالأدب الذي يزيده وضوحا ونضارة مما يجب لتحبيبه إلى النفوس. ولا أرى المتزمتين الذين ألفوا افتراش الحصير اليابس البالي ينكرون علينا أن نبسط لأبنائنا الزرابي القيروانية والمغربية الوثيرة الجميلة لنجدهم من التاريخ الأوربي الطلي الجذاب بحسن عرضه وبفلسفته وجمال أسلوبه، فيعيشوا مع أجدادهم في تاريخنا أيضا، فيكونوا أبناءنا، ويكونوا كما نريد، لا تستأثر بهم تلك الكتب الأوروبية التي يجب أن تكون فرعا ونافلة نزداد بها ثقافة. لأصل وفرض هو تاريخنا الإسلامي العظيم!

 

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 296-298

حملة العلم إلى المغرب

حملة العلم إلى المغرب

 

تمهيد :  

  الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وبعد ؛ فإن التاريخ الإسلامي قد حفل بالحواضر العلمية التي كانت مراكز للاشعاع العلمي في كافة أنحاء العالم الإسلامي، ومن بين هذه الحواضر مدينة البصرة التي أنشئت في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t، والتي صارت بعد فترة قصيرة من أكبر المراكز العلمية الهامة في الدولة الإسلامية؛ حيث كانت تعج بالصحابة وكبار التابعين .

ومن هذه المدينة انطلقت الدعوة الإباضية إلى شتى البقاع ، وكان ممن حمل لواءها مشايخ عظام درسوا على أئمة المذهب ثم انطلقوا يبلغونها ويؤسسون على مبادئها إمامات ودولا [1] ، وسمي هؤلاء في التاريخ الإباضي بحملة العلم إلى المغرب وحملة العلم إلى المشرق .

ونبدأ بذكر حملة العلم إلى المغرب لأنهم الأسبق تاريخيا .

 من هم حملة العلم إلى المغرب[2] :

تتفق المصادر أنهم خمسة أنفار وفدوا إلى الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة بالبصرة، واحد منهم من اليمن وهو أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح، والباقون مغاربة وهم عبد الرحمن بن رستم الفارسي، وعاصم السدراتي، وأبو المنيب إسماعيل بن درّار الغدامسي، وأبو داود القبلّي .

درس هؤلاء الطلبة الخمسة على يد الإمام أبي عبيدة مدة خمس سنوات من سنة 135 إلى 140 هـ، ثم اتجهوا جميعا عائدين إلى بلاد المغرب الإسلامي شمال إفريقيا.

1  أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافيري :

أصله من اليمن، أخذ العلم عن إمام الإباضية وقتئذ أبي عبيدة مسلم في مدينة البصرة، وبعد خمس سنوات من التلقي اتجه مع زملائه المغاربة إلى بلادهم بعد أن أوصاهم شيخهم بإعلان الإمامة إن أنسوا من أنفسهم قوة، وأشار عليهم بعقدها لأبي الخطاب . ولما وصلوا إلى بلاد المغرب استقروا بطرابلس التي كانت آنئذ في اضطراب كبير وسخط على الحكام العباسيين وقبلهم الأمويين، فعقدوا الإمامة لأبي الخطاب فسار في المغرب بسيرة الخلفاء الراشدين . امتدت إمامته شرقا إلى برقة وغربا إلى القيروان وجنوبا إلى فزان . ولكن الأقدار لم تتح له فرصة التمكين لدين الله وسياسة الناس بالعدل، حيث أرسل إليه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور جيشا ضخما بقيادة محمد بن الأشعث الخزاعي، فدارت معركة ضارية بين الجيشين انتهت باستشهاد أبي الخطاب والقضاء على إمامته سنة 144 هـ .

2 عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن كسرى الفارسي :

من أكبر أعلام الإباضية وعظماء التاريخ، اعتبره الدكتور سهيل زكار من بين مائة أوائل في التاريخ والتراث الإسلامي . يرجع نسبه إلى الأكاسرة ملوك الفرس . ولد بالعراق في العقد الأول من القرن الثاني الهجري على أكبر تقدير، تزوجت أمه الأرملة بحاجٍّ مغربي فاصطحبها وابنها اليتيم إلى القيروان، وفيها نشأ عبد الرحمن وترعرع، وبها تعلم مبادئ العلوم، ثم صادف نشر الدعوة الإباضية فتعلق بها، ثم سافر إلى البصرة في بعثة علمية للاستزادة من تعاليم المذهب الإباضي والاغتراف من معين شيوخه، وكان ذلك سنة 135هـ، وبعد خمس سنوات عادت البعثة لتحمل على عاتقها عبء الدعوة الإباضية . أجازه شيخه أبو عبيدة في أن يفتي بما سمع منه وما لم يسمع . عينه الإمام أبو الخطاب واليا على القيروان أيام دولته التي كانت من سنة 140 إلى 144هـ . بعد استشهاد أبي الخطاب في معركة تاورغا لجأ عبد الرحمن إلى المغرب الأوسط بعيدا عن نفوذ العباسيين، واعتصم في منطقة تيهرت – بالغرب الجزائري حاليا -، وهناك أسس مدينة تيهرت   ( أو تاهرت ) والتي تسمى اليوم بتيارت . وفي سنة 160هـ بايعه الإباضية المغاربة إماما لأول دولة إسلامية مستقلة بالمغرب الأوسط والتي عرفت في التاريخ باسم الدولة الرستمية التي دامت إلى أواخر القرن الثالث الهجري .

ذُكر أن له كتابين أحدهما في تفسير كتاب الله العزيز، والآخر جُمعت فيه خطبه، إلا أنهما لم يصلا إلينا . دام في إمامته إلى غاية وفاته سنة 171هـ (3)

3 عاصم السدراتي :

من أيمة المغرب الإسلامي، جزائري الأصل، وهو أحد حملة العلم الخمسة من وإلى المغرب . بعد العودة من البصرة سنة 140هـ حمل عاصم لواء الدعوة والتعليم، وظل ينتقل بين القرى والبوادي من جبل نفوسة بليبيا إلى جبال الأوراس بالجزائر . درس على يديه أيمة وعلماء أجلاء منهم الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن ثاني أيمة الرستميين، ومحمد بن يانس وغيرهم . كان مستجاب الدعاء، زاهدا ورعا، كما اشتهر بالشجاعة والفروسية . مات مسموما خلال مشاركته مع الإمام أبي الخطاب في حصار قبيلة ورفجومة سنة 141هـ (4)

5 أبو المنيب إسماعيل بن درّار الغدامسي :

واحد من علماء الإباضية، أصله من طرابلس الغرب، سافر إلى البصرة في البعثة التي أرسلها سلمة بن سعد والتحق بحلقة الإمام أبي عبيدة المستخفية في سرداب بعيدا عن أعين العباسيين، فقضى معه خمس سنوات في طلب العلم الشرعي وبخاصة فقه المعاملات والأحكام . وبعد رجوع البعثة سنة 140هـ وقيام إمامة أبي الخطاب عُين قاضيا للإمامة، فأدى واجبه وقام به أحسن قيام إلى جانب اشتغاله بأداء رسالته في تعليم الأجيال، وكان من أشهر تلاميذه محمد بن يانس . وبعد مقتل زميله عاصم السدراتي اعتزل القضاء واشتغل بالتدريس(5).

6 أبو داود القبلّي النفزاوي :

أحد العلام الكبار، أصله من نفزاوة بتونس، أخذ علومه الأولى عن سلمة بن سعد ثم انطلق مع عبد الرحمن بن رستم وزملائه في بعثة إلى أبي عبيدة مسلم بن أبي كرية . بعد عودته من البصرة سنة 140هـ اعتزل السياسة واهتم بالتدريس وتكوين الأجيال، كان غزير العلم حتى رُوي أن الإمام عبد الوهاب مع سعة علمه إذا جلس بين يديه ظهر كالصبي أمام المعلم(6)

 

قائمة المصادر والمراجع

البطاشي ؛ سيف بن حمود : إتحاف العيان في تاريخ بعض علماء عمان . ط2 : 1419ه/1998م . المطبعة الوطنية . مسقط .

جمعية التراث ؛ لجنة البحث العلمي : معجم أعلام الإباضية – قسم المغرب . ط01 : 1420هـ/1999م . المطبعة العربية . غرداية – الجزائر .

السالمي ؛ عبد الله بن حميد :

أ ) تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان . 1417ه/1997م . مكتبة الإستقامة . مسقط .

ب ) شرح الجامع الصحيح . المطابع الذهبية . مسقط .

السعدي ؛ جميل بن خميس : قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة . 1403ه/1983م . نشر : وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان .

العوتبي ؛ سلمة بن مسلم : الضياء . ط1 : 1411ه/1991م . نشر : وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان .

الكندي ؛ محمد بن إبراهيم : بيان الشرع . من 1402ه/1982م إلى 1414ه/1993م . نشر : وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان .

مجموعة أساتذة : دليل أعلام عمان . ط1 : 1412ه/1991م . المطابع العالمية . مسقط . نشر : جامعة السلطان قابوس . سلطنة عمان .

ناصر ؛ محمد بن صالح : منهج الدعوة عند الإباضية . نشر : جمعية التراث بالقرارة – الجزائر .( نسخة مصورة عند وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان ) .

--------------------------------- 

[1] -انظر ؛ محمد ناصر : منهج الدعوة عند الإياضية ،r15وما بعدها .

[2] -أُخذت تراجمهم من معجم أعلام الإباضية – قسم المغرب، إعداد لجنة البحث العلمي بجمعية التراث، القرارة ، الجزائر .

[3] -جمعية التراث : المعجم، ترجمة رقم 544 .

[4] -م س، ترجمة رقم 528 .

[5] -جمعية التراث : المعجم، ترجمة رقم 107 .

[6] -م س ، ترجمة رقم 303 .

 المصدر : istiqama.net

دولة الإباضية لا تستبيح الدماء

دولة الإباضية : لا يعتدي، لا تطمع في التوسع، ولا تستبيح الدماء

هيبة هارون الرشيد للدولة الرستمية الجمهورية

وكان الرشيد حكيما فعلم أن الدولة الرستمية في المغرب الأوسط قد رسخت عروقها ودخلت شبابها، وانه لا طمع له في احتلال المغرب الأوسط كما كان يمنى نفسه بذلك المنصور؛ وان افريقية وسطها وشمالها هي كل ما يستطيع السيطرة عليه سيطرة كاملة من المغرب الأدنى لكثرة من فيه من الملوكيين، وان الصفرية في شمال افريقية بجبال  باجة  وغيرها يستطيع إخضاعهم بالسيف لعدم وجود دولة صفرية قوية في المغرب تحميهم؛ أما الإباضية في جنوب افريقية في نفزاوة وقفصة وغيرهما، وفي جبل نفوسة فانه لا يستطيع العنف معهم لان ثورتهم تثير الدولة الرستمية القوية عليه فتزحف لاحتلال القيروان والقضاء على الملوكية في المغرب.

الإباضية: لا يعتدون ، ولا يطمعون في التوسع، ولا يستبيحون دم المسلم

كان الرشيد عليما بالإباضية، وأنهم لا يعتدون على احد، ولا يطمعون في التوسع، ولا يستبيحون سفك دم امرئ مسلم. وانه سوف لا يهاجمه الإمام عبد الوهاب ويزحف على القيروان ما لم يثره إلى ذلك بالعدوان على الإباضية في جنوب افريقية وفي جبل نفوسة الذين اثروا الانضمام إلى الدولة الرستمية الجمهورية، والخروج من ربقة الملوكية العباسية المستبدة؛ فأوصى روح بن حاتم بعدم إثارة الدولة الرستمية عليه، وبموادعة إمامها عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم، عقد معاهدة حسن الجوار معه، والتزام كل لحدوده في المغرب الأوسط في جنوب افريقية وفي طرابلس لا يتعداها. وكان روح يرى ما رأى الرشيد. فاتصل بالإمام عبد الوهاب وعقد معه معاهدة حسن الجوار، وحدوا الحدود بين الدولتين الرستمية والإمارة العباسية في المغرب، وان لا يتجاوز احدهما حدود الآخر.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 7-9

رفع الأيدي في الصلاة

لماذا لا يرفع الإباضية أيديهم في الصلاة

 

مقدمة

الاختلاف في مسألة الرفع

أدلة الإباضية في ترك الرفع

مسالة القبض

الرد على شبهة مخالفة السنة

ملاحظات وتعليقات

الخلاصة

 

لماذا لا يرفع الإباضية أيديهم في الصلاة

 

مقدمة

رفع الأيدي في الصلاة لم يقل به أحد من علماء الإباضية، بل إن منهم من كرهه لاعتباره من الحركات المنافية للخشوع في الصلاة. ولهذا فقد تميز الإباضية منذ القرن الأول الهجري بعدم رفع أيديهم في الصلاة، أما المذاهب الأخرى فرغم ثبوت الرفع عندهم إلا أنهم مختلفون في حكمه فمنهم من أوجبه ومنهم من قال باستحبابه ومنهم من أجازه، كما اختلفوا أيضا في عدد مراته وتوقيته، هل هو قبل التكبير أو معه أو بعده،كما هو مفصل في كتب الفقه والحديث عندهم.

ومسألة الرفع هي من المسائل الجزئية في الفقه الإسلامي، وطرحها في هذا الوقت قد لا يأتي بجديد، كما أن الخلاف فيها قديم وهي من الخلافات الفرعية التي لا تمس العقيدة بشيء، ولا ينبغي أن تكون مثار خلاف ونزاع وجدال بين المسلمين؛ في وقت هم أحوج فيه إلى الوحدة والاجتماع والبعد عن الفرقة والاختلاف. لكن الدافع من طرحها الآن عدة أسباب منها:

أولا:- الإجابة على سؤال فقهي يتردد على ألسنة كثير من المسلمين من الإباضية وغيرهم. هذا السؤال هو: لماذا لا يرفع الإباضية أيديهم ولا يقبضونها في الصلاة؟ وما هي أدلتهم في ترك الرفع؟ ولماذا هم يختلفون عن بقية المذاهب في بعض جزئيات الصلاة، كالرفع عند التكبير، وترك التأمين والضم (وضع اليمنى على اليسرى)، وغيرها رغم وجود روايات في كتب الحديث استند عليها القائلون لهذه الجزئيات؟

ثانيا : إن بعض المعاصرين استغلوا كثرة الروايات الواردة في الرفع فوصفوا الإباضية بمخالفة السنة وإنكار الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم. فهل حقا يخالف الإباضية سنة النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل هم ينكرون أحاديث الرفع؟ هذا ما سوف يتم طرحه ومناقشته والإجابة عليه في هذا البحث.

ثالثا: انتشار تيارات في الأمة الإسلامية، تتعصب لرأيها وترفض الرأي المخالف، وتتبنى مبدأ التبديع والتفسيق لكل من يخالفهم. كما أنها تملك من الإمكانيات المادية والإعلامية ما مكنها من أن تؤثر في أفكار كثير من المسلمين الذين لم تتح لهم الفرصة للاطلاع على الفقه المقارن. ونظرا للآلة الإعلامية القوية التي يملكها بعض أصحاب هذا الفكر، والتي تتمثل في الكم الهائل من الأشرطة والكتب ومواقع الانترنت والفضائيات، فقد أدّى هذا إلى تهميش الفكر الإباضي ، بل تعدى إلى وصف أتباعه بأوصاف متعددة منها مخالفة السنة والابتداع.

رابعا: العزلة التي عاشها الإباضية على مدى التاريخ وجهل كثير من المسلمين بحقيقتهم وتاريخهم، بالإضافة إلى نسبتهم إلى أهل البدع والأهواء والخوارج من قبل المؤرخين وأهل الحديث قد أوجد فجوة فكرية بينهم وبين إخوانهم من بقية المذاهب، كان لهذا أثر كبير في عدم ذكر آراء الإباضية وأدلتهم حتى ولو كانت مستمدة من الكتاب والسنة، أو وافقت إحدى المذاهب الأخرى.

لقد أصاب الفكر الإباضي قدر كبير من التشويه من قبل المؤرخين القدامى وأصحاب المقالات ومن بعض علماء الحديث، نتيجة للفتن التي تعرضت لها الأمة الإسلامية في القرن الأول الهجري وللظروف التاريخية التي مرت على الإباضية، ولعل من أهم أسباب ذلك أن الإباضية الأوائل لم يكونوا على وفاق مع الأمويين بعد أن ألصقت بهم تهمة الخوارج والابتداع، ولعل هذا ما جعل أهل الحديث وفقهاء المدارس الأخرى يعرضون عن الروايات والآراء الإباضية إعراضا شبه تام.

فمن يقرأ في كتب الفقه عند غير الإباضية لا يجد ذكرا للرأي الإباضي إلا فيما ندر، ومن يطالع في كتب الحديث لا يجد إشارة إلى أي محدثين إباضية إلا قليلا. وهكذا تعاقبت الأجيال على جهل كامل بالفكر الإباضي نتيجة الاعتماد على ما كتبه المؤرخون وأصحاب المقالات من معلومات خاطئة عن الإباضية، قد لا يكون مقصودا لكنه موجود.

ومن أمثلة ذلك أن مسند الإمام الربيع وهو حجة الإباضية في الحديث والفقه لا زال مجهولا عند كثير من المهتمين بالحديث، ورغم أن أغلب الأحاديث الواردة في مسند الربيع مروية في كتب السنة، إلا أنه يوجد قديما وحديثا من ينكر وجود الكتاب، ومنهم من ينكر حتى وجود مؤلفه، وقد سئل أستاذ معاصر يحمل شهادة الدكتوراه في علوم الحديث عن مسند الربيع بن حبيب فكان رده: سمعت عنه ولم أره. وسئل آخر وهو يشغل منصب رئيس قسم التفسير والحديث في إحدى الجامعات المعتبرة عن الربيع ومسنده فأجاب باستهزاء: من الربيع وما مسند الربيع؟.

وهذا أمر يدعو إلى الاستغراب في هذا الزمان الذي سهلت فيه الاتصالات ولم يعد العلم مكتوما أو مجهولا أو خافيا على أحد، فعن طريق البحث في الانترنت أو الاتصال عن طريق الهاتف أو السفر يستطيع أي شخص أن يتأكد من أي معلومة في أي مكان على وجه الأرض في وقت قصير لا يتجاوز عدة ساعات. ولذلك فإنه لا يعذر عند الله من لا يتحرى الصدق والإخلاص في البحث أو في نقل أي معلومة، ولا يعد منصفا من يتجاهل أقوال وآراء من يخالفه في الفكر وهو يعلم أنها موجودة وقريبة.

وبقدر ما نتأسف عند سماع ردود كهذه من رجال كرسوا حياتهم ودراستهم لعلم الحديث، إلا أنه قد نلتمس العذر لبعضهم، لأنه ربما لم تتيسر لهم الظروف للاطلاع على فكر الإباضية. ثم إن التعتيم السياسي والتاريخي على مدى أكثر من ألف عام كان له بالغ الأثر في صد المثقفين والباحثين عن الاطلاع على فكر الإباضية عموما.

كما أنه لا بد أن نسجل هنا أن الإباضية أنفسهم يتحملون نصيبا من جهل الناس لهم بسبب تقصيرهم في نشر فكرهم والتعريف بمذهبهم فيما سبق من الزمان. ورغم الجهود التي قام بها أمثال العلامة السالمي، والشيخ سليمان باشا الباروني، والشيخ أبو اسحق اطفيش، وما تقوم به وزارة التراث القومي والثقافة في سلطنة عمان وجمعية التراث في وادي ميزاب بالجزائر وغيرهما؛ إلا أن الكثير من الكتب الإباضية لا تزال مخطوطة، تنتظر من ينفض عنها غبار النسيان ويريها نور المطابع.

ومن جهة أخرى نذكر بكل أسف أنه يوجد من الباحثين والمفكرين والفقهاء المعاصرين من يعرف عن الإباضية تاريخا وفكرا وعقيدة ومع ذلك يحاول - عن قصد أو غير قصد - تهميش الفكر الإباضي والتعتيم عليه والرد عليه بطريقة غير موضوعية ولا علمية. ولا ندري سبب ذلك في هذا العصر الذي نتوقع فيه توفر الأمانة العلمية، والنقاش العلمي المتزن، والتفتح الفكري والعقلي.

ولعل سائلا يسأل: لماذا لم تنتشر آراء الإباضية قديما كما انتشرت غيرها من الآراء؟ والجواب أنه – بالإضافة إلى بعض ما تقدم - هناك أسباب كثيرة ليس هذا مجال التفصيل فيها، وإنما أذكر أهمها باختصار. ونأمل أن يقوم أحد الباحثين بدراسة تحليلية لهذه الأسباب التي من أجلها أُبعد الفكر الإباضي عن أمة المسلمين منذ زمن بعيد.

من هذه الأسباب :

1-اهتمام أهل الحديث بكتابي البخاري ومسلم وشروحهما وجعلهما كأساس للسنة.

2-اعتبار الإباضية من الفرق المبتدعة الضالة، مما أدى إلى تجنب كثير من المحدثين الرواية عنهم لأنهم اشترطوا فيمن يؤخذ عنه الحديث ألا يكون مبتدعا[1]. وكما تركوا الرواية عنهم تركوا ذكر كثير من رجالهم والقلة المذكورة لم تسلم في الغالب من الجرح[2] بسب انتمائها للفرق الضالة في زعم هولاء. وهذا بدوره جعل بقية المسلمين يعرضون عن الفكر الإباضي ويرفضونه.

3-قلة مصادر تاريخ الإباضية بذهاب كثير منها نتيجة التعصب والظلم والحسد وحرق المكتبات

4-تبني دولا إسلامية لمذاهب معينة تنقل آراءها وتنشرها.

5-منع كتب الإباضية من دخول بعض الدول الإسلامية.

6-ثقة بعض الكتاب المعاصرين العمياء بما كتبه الأقدمون حول الفرق ومن بينها الإباضية

7-انحسار الإباضية في مناطق بعيدة عن مراكز السياسية

8-ضعف العلاقة الاجتماعية بين المجتمعات الإباضية وبقية المجتمعات الإسلامية.

يأتي هذا البحث ليغطي جانبا مجهولا من الفقه اللاابضي وهو يتناول مسألة الرفع والقبض من منظور إباضي، وما هو محاولة لعرض بعض ما توصلتُ إليه من أدلة الإباضية في هذه المسألة، وليس قصدي من ذلك الرد على أحاديث الرفع والضم بقدر ما هو إثبات أن ترك الرفع والضم هو أحد الآراء الموجودة منذ القرن الهجري الأول.

يتكون البحث من أربعة فصول: الفصل الأول يتناول الاختلاف بين العلماء في مسألة الرفع. من حيث مشروعيته وعدد مراته ووقته. الفصل الثاني يبين أدلة الإباضية في ترك الرفع. والفصل الثالث عن الضم أو القبض في الصلاة وما قيل فيه. ثم فصل عن شبهة مخالفة السنة تليه خاتمة وملاحظات.

أرجو أن يكون هذا البحث مدخلا للتعرف على أدلة الإباضية في المسائل الخلافية عموما وفي رفع الأيدي وقبضها بصفة خاصة، وأنا أعلم يقينا أني لم أعط الموضوع حقه من البحث والدراسة ولكن أرجو أن يكون حافزا لغيري من المشتغلين بعلوم الفقه والحديث للتوسع فيه.

وأطمح أن يكون نشر آثار الإباضية دافعا لعلماء ومفكري الأمة الإسلامية للتعرف على فقه المذهب الإباضي ووضعه في مكانه الصحيح، من أجل توحيد صفوف المسلمين ولمّ شعثهم في عصرٍ هُم أحوج ما يكونون فيه للوقوف صفا واحدا لصد الغزو الفكري المتربص بهم في الداخل والخارج.

أسأل الله أن يلهمنا الرشد والتوفيق والهداية لأقوم طريق وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

المبحث الأول - الاختـلاف في مسألـة الرفـع

تمهيد

اختلف أهل العلم من المذاهب الأربعة في رفع الأيدي في الصلاة على عدة أوجه: أولا من ناحية مشروعيته، وثانيا في عدد مراته وثالثا في وقته. فمن ناحية مشروعيته منهم من قال باستحبابه، ومنهم من أجازه، ومنهم من نهى عنه، وقد تناولت العديد من كتب الفقه والحديث عند أهل السنة مسألة رفع الأيدي ولا يتسع المجال في هذا البحث الصغير للتوسع في ذكر ما قيل في الرفع في مختلف الكتب لكني اقتصر على بعض الأحاديث الواردة في الموضوع وعلى ما ذكره ابن حجر العسقلاني في" فتح الباري" لأنه اختصر أقوال من سبقوه من العلماء .

1-الاختلاف في حكم الرفع

نقل ابن حجر عدة أقوال في حكم الرفع منها قول النووي :أجمعت الأمة على استحباب رفع الأيدي في تكبيرة الإحرام ، ثم قال بعد أسطر: أجمعوا أنه لا يجب شيء من الرفع. كما نقل قول ابن عبد البر: "أجمع العلماء على جواز رفع اليدين عند افتتاح الصلاة". ونقل أيضا عن صاحب التبصرة عن مالك أنه لا يستحب. ونقل عن ابن المنذر عن الزيدية أنه لا يجوز رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام ولا عند غيرها. ونقل عن القفال عن أحمد بن يسار أنه أوجبه، وإذا لم يرفع لم تصح صلاته[1].

فهذه بعض أقوال العلماء في حكم الرفع، وهي تتراوح بين الاستحباب والجواز وعدم الجواز والوجوب. وهذا الاختلاف يدل على أنه أمر زائد عن الصلاة، وليس سنة دائمة للرسول e.ولو كانت كذلك لما تباين الحكم فيها إلى هذه الدرجة.

2-الاختلاف في عدد مرات الرفع

أما عدد مرات الرفع فقد اختلفوا فيها على عدة أقوال، ودليل كل منهم يستند على أحد الأحاديث المروية في كتب السنة. ومن هذه الأقوال:

أ- الرفع عند تكبيرة الإحرام فقط. وقد رُوي من عدة طرق أشهرها رواية عبد الله بن مسعود ورواية البراء بن عازب رضي الله عنهما. فعن عبد الله بن مسعود عند أبي داود والترمذي وأحمد بن حنبل قال: «ألا أصلي بكم صلاة رسول الله (ص) ، فصلى ولم يرفع يديه إلا مرة واحدة.»[2] ورواه أيضا الإمام مالك في المدونة الكبرى كمارواه الدارقطني[3] والبيهقي[4] بلفظ «وصليت مع النبي (ص) وأبي بكر وعمر فلم يرفعوا أيديهم إلا عند الاستفتاح». ورُوي من طريق البراء بن عازب «أن رسول الله (ص) كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود». وروى مثله أبوهريرة.

والرفع عند تكبيرة الاحرام هو مذهب الإمام مالك وأتباعه. ففي المدونة الكبرى قال الإمام مالك: (لا أعرف رفع اليدين في شيء من تكبير الصلاة، لا في خفض ولا في رفع إلا في افتتاح الصلاة، يرفع يديه شيئا خفيفا، والمرأة في ذلك بمنزلة الرجل)، قال ابن القاسم[5] : (كان رفع اليدين ضعيفا إلا في تكبيرة الإحرام )[6]، وذكر القرطبي في تفسيره لسورة الكوثر بعد ذكر الخلاف في رفع اليدين قول ابن القاسم: (لم أر مالكا يرفع يديه عند الإحرام. قال: (وأَحب إلي ترك رفع اليدين عند الإحرام )[7].

وهذا القول هو نفسه قول الإباضية. ويفهم من هذا أن الإباضية لم ينفردوا بترك الرفع وإنما هو أحد أقوال متقدمي المالكية.

ب - الرفع عند تكبيرة الإحرام وقبل الركوع وعند الرفع من الركوع ودليلهم الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمر، وكذلك مسلم عن مالك ابن الحويرث، ونصه عند البخاري «رأيت رسول الله إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا وقال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد وكان لا يفعل ذلك في السجود»[8].

ج - الرفع عند تكبيرة الإحرام وقبل الركوع وعند الرفع من الركوع وعند القيام من السجدتين لحديث علي بن أبي طالب عند أبي داود والترمذي وأحمد ونصه: «عن علي بن أبي طالب عن رسول الله (ص) أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبّر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع رأسه من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر. »[9]

د - الرفع عند المواضع السابقة وعند كل رفع وخفض وقيام وسجود وقعود كما ذكر ابن حجر نقلا عن الطحاوي في المشكل من طريق نصر بن علي عن عبد الأعلى بلفظ «كان يرفع يديه في كل خفض ورفع وركوع وسجود وقيام وقعود وبين السجدتين ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك»"[10]. ورغم أن ابن حجر علق على هذه الرواية بأنها شاذة إلا أنه ذكر بعد التعليق أن الحديث رُوي بطرق أخرى فقال: رواه الإسماعيلي عن جماعة من مشايخه الحفاظ عن نصر بن المذكور، وكذا رواه هو وأبو نعيم من طرق أخرى عن عبد الأعلى كذلك.

إذن لدينا خمس روايات مختلفة في عدد مرات الرفع تتراوح بين الرفع مرة واحدة والرفع في كل تكبيرة من تكبيرات الصلاة يصل فيها عدد مرات الرفع إلى ست وعشرين مرة في الصلاة الرباعية. فأي من هذه الروايات هي السنة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم؟

3-الاختلاف في وقت الرفع

اختلف القائلون بالرفع في توقيت الرفع. هل هو مع التكبير؟ أو أن التكبير يسبق الرفع؟ أو العكس. ففي حديث ابن عمر رفع يديه ثم كبر، وفي حديث مالك بن الحويرث كبر ثم رفع يديه وعن وائل بن حجر رفع يديه مع التكبير. وقد ذكر ابن حجر الرفع عند التكبير في رواية وائل بن حجر، وذكر تقديم الرفع عن التكبير وعكسه في حديثين أخرجهما مسلم الأول عن ابن شهاب الزهري والثاني عن مالك ابن الحويرث ثم قال وفي المقارنة وتقديم الرفع على التكبير خلاف بين العلماء.

مما سبق يتضح أن عدد روايات الرفع كثيرة وغير متفقة، فإذا أضفنا إليها روايات وضع اليد اليمنى على اليسرى والخلاف في موضع اليدين؛ هل توضع فوق السرة أو تحتها أو على الصدر؟ اجتمع لدينا عدد كبير من الروايات في هيئة الصلاة التي تتكرر عدة مرات في اليوم والليلة.

ومن خلال الروايات السابقة، لو تصورنا عمل الرسول (ص) في الصلاة لوجدنا أنه كان يصلي بإحدى الحالات الآتية:

·      كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام مرة واحدة ثم يرسل يديه. وهم المشهور عند المالكية

·      كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام مرة واحدة ثم يضع اليمنى على اليسرى. وهو رأي أبي حنيفة وأتباعه.

·      كان يرفع يديه عند التكبير ثم يضع اليمنى على اليسرى. ثم يرفع يديه عند الركوع وعند الرفع من الركوع ولايرفع عند السجود. وهو رأي الحنابلة.

·      كان يرفع يديه عند التكبير ثم يضع اليمنى على اليسرى. ثم يرفع يديه عند الركوع وعند الرفع من الركوع وعند السجود. وهو رأي بعض الوهابية[11]

·      كان لا يرفع يديه لا عند التكبير ولا في غيره ولا يضع اليمنى على اليسرى. وهو رأي الإباضية.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : أي من هذه الروايات هي السنة؟ ولماذا اختلفت الأمة الإسلامية في مسألة مثل هذه تكررت آلاف المرات في عهد رسول الله (ص) وفي زمن الخلفاء الراشدين ومن جاء بعدهم من التابعين؟

فمن المعلوم أن الصلاة فُرضت على المسلمين بمكة قبل الهجرة، عاش بعدها النبي (ص) في المدينة عشر سنوات صلى فيها إماما بالصحابة رضي الله عنهم ما لا يقل عن خمسة عشر ألف صلاة غير السنن والنوافل، ثم حج النبي (ص) حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة، وحضر معه أكثر من مائة ألف صحابي من مختلف البقاع فصلى بهم في أيام الحج ثم خطب فيهم خطبته المشهورة، وبعدها بقليل إنتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وترك لنا الحديث المتواتر الذي يقول (صلوا كما رأيتموني أصلي)[12] ورغم ذلك، اختلف المسلمون في هيئة الصلاة وهي أكثر عبادة كررها النبي (ص) في حياته.

ويحق لكل مسلم أن يتساءل ما هي الهيئة الصحيحة التي كان يصلي بها الرسول ومن بعده من الصحابة والتابعين؟ هل هي هيئة واحدة أم أنه صلى بهيئات مختلفة؟ فكل مسلم يريد أن يحرص على السنة لينال أجر الاقتداء بالنبي (صلى الله عليه وسلم). فهل كان النبي يرفع يديه في أول أمره ثم نهى عن الرفع بعد ذلك؟ أم أنه كان لا يرفع في البداية ثم رُوي عنه الرفع، وإذا كان يرفع فهل كان يرفع مرة واحدة عند التكبيرة الأولى فقط، أو كان يرفع كلما كبر؟

الحقيقة المطلقة في علم الله، لكن بما أن جميع هذه الروايات وردت وتناقلتها الألسن في مجالس العلم، فلا يجوز لأحد إنكار ما صح منها، لكن لكل مسلم الحق في الأخذ بما اقتنع به من رأي، أو أن يقلد أحد المذاهب المعروفة دون أن يصف غيره بإنكار حديث أو مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

 

المبحث الثاني - أدلة الإباضية في ترك رفع الأيدي في الصلاة

نظرا لعدم اتفاق العلماء على هيئة واحدة في الرفع، ووجود أحاديث في النهي عنه، فإن جميع علماء الإباضية – متقدميهم ومتأخريهم - يرون أن رفع الأيدي في الصلاة ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو عمل زائد عن الصلاة، نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة وردت في مسند الإمام الربيع كما وردت في صحيح مسلم وغيره، كما سيأتي بيانه.

ولأن هذه المسألة من فروع الفقه وليست من أركان الصلاة، فإن أهم كتب الفقه عند الإباضيةلم تتعرض لهذه المسألة بالتفصيل فكتاب الايضاح للشماخي وقواعد الاسلام للجيطالي وهما من علماء الإباضية في المغرب لم يتعرضا إلى الخلاف في هذه المسألة رغم أن منهم من ذكر الخلاف الوارد في المسائل الأخرى كالخلاف في البسملة والقنوت وقراءة السورة في الركعتيتن الأوليين من صلاتي الظهر والعصر والتأمين.[1]

يقول الشيخ محمد بن يوسف اطفيش: "ولا قائلا برفع اليدين منا معشر المغاربة الإباضية عند الإحرام فمن رفعهما أو إحداهما قبل الشروع فيها صحت صلاته أو قبل الفراغ فسدت بناء على أن الإحرام منها وصحت بناء على أنه ليس منها أو بعد الفراغ فسدت". وقال الشيخ خميس من مشارقة أصحابنا رحمه الله: ويكره الإحرام قبل التوجه عندنا ورفع اليدين عنده ووضعهما على السرة والإشارة بالإصبع والتورك على اليسرى ولا بأس قيل على من فعل ذلك. وغيرنا يراها سنة.[2]

وبعد أن ذكر الشيخ اطفيش أقوال العلماء من المذاهب الأخرى المستندة على بعض الأحاديث، قال: وهذه الأحاديث كلها لم يصح سندها عندنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا جابر بن زيد رحمه الله روى عن سبعين من الصحابة وأكثر الأخذ عنهم؛ منهم أبو هريرة وابن مسعود وعمار وأنس وغيرهم كابن عباس، بل قال حويت ما عندهم من العلم إلا البحر الزاخر ابن عباس فإني لم أرو جميع ما عنده. ولم يثبت رفع اليدين عنده في الإحرام ولا في خفض ولا في رفع ولو صح عنه صلى الله عليه وسلم لرواه عنهم ولرآهم يفعلونه. وجابر بن زيد ثقة عند قومنا كما هو عندنا وإذا كان الأمر هكذا ولم يصح السند في رفع اليدين كان رفعهما إلى المنع أقرب لأنه زيادة عمل في الصلاة ومناف للسكون في الصلاة[3]

أما علماء المشرق فإن الشيخ نور الدين السالمي أورد الرفع من ضمن مكروها ت الصلاة. قال: "رفع اليدين عند الإحرام مكروه ناقض للصلاة عندنا لأنه زيادة عمل في الصلاة، وهو ينافي الخشوع المأمور به أو ينقصه".[4]

ويقول العلامة سلمة بن مسلم العوتبي " أجمع أصحابنا على ترك رفع اليدين في الصلاة لأشياء صحت عندهم في ذلك."[5] ونقل قول أبي الحسن البسيوي:" ولم نر أسلافنا يعملون ذلك ولم نرهم يفسدون صلاة من فعله، ومن فعله لم نره يفسد صلاة من لم يفعله" ونقل أيضا قوله " عندي أن العمل في الصلاة بغير معنى الصلاة لا يجوز، ورأيت رفع اليدين في الصلاة عمدا ليس هو من الصلاة، وقد جاء النهي عنه"[6] .

هذاوقد أجاز الإباضية الصلاة خلف من يرفع، قال الشيخ أحمد بن عبد الله الكندي: "أجاز المسلمون الصلاة خلف من يفرد الاقامة، ومن يسر ببسم الله الرحمن الرحيم، وخلف من يرفع يديه في الصلاة للتكبير، وخلف من يسلم مرتين، ولم يروا في ذلك زيادة ولا نقصان فيها"[7] .

وللاباضية أدلة اعتمدوا عليها في ترك الرفع وهي تنقسم الى قسمين: أدلة شرعية وأدلة عقلية.

1-وجود روايات تنهى عن الرفع:

جاء النهي عن الرفع في عدة أحاديث رواها أئمة الحديث منهم الإمام مسلم والنسائي وأبو داود، كما رواه الإمام الربيع بن حبيب ونكتفي براوية الإمام الربيع في الجامع الصحيح ورواية الإمام مسلم في صحيحه.

أ - رواية الإمام الربيع :أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «كأني بقوم يأتون من بعدي يرفعون أيديهم في الصلاة كأنها أذناب خيل شمس. »[8]

ب- : رواية الإمام مسلم: « حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ، قَالَ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَرَآنَا حَلَقًا فَقَالَ مَالِي أَرَاكُمْ عِزِينَ، قَالَ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا قَالَ يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ. وحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ و حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ. »[9]

فهذا الحديث الذي ينهى عن الرفع ثابت عند الإباضية وغيرهم، ورغم وضوح معناه، إلا أن القائلين بالرفع اعترضوا بأن النهي عن الرفع مقيد بحالة الرفع عند السلام وقد رواه حديثا غير واحد من المحدثين منهم البخاري في جزء رفع اليدين ومسلم في صحيحه[10]، لكن المتأمل فيما اعترضوا به يجد أن كلمة السلام لم ترد إطلاقا في هذا الحديث بل وردت في حديث آخر وأنه لا يمكن أن يكون الحديثان حديثا واحدا، فلا يثبت التقييد لأن ظاهر هذا الحديث ينهي عن مطلق الرفع في الصلاة بما فيه الرفع عند السلام.

2-وجود روايات تذكر التكبير في الصلاة بدون ذكر الرفع

وردت أحاديث في الصحاح عمن رُوي عنهم الرفع في البخاري ومسلم وغيرهما ولاذكر فيها للرفع، منها:

أ- الحديث المشهور باسم " المسيء في صلاته" الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة وغيره« أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلّى فسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد وقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل"، فرجع يصلي كما كان صلّى، ثم جاء فسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل" (ثلاثا) فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني. فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، وافعل ذلك في صلاتك كلها»[11].

وهذا الحديث هو الأصل الذي بنيت عليه صحة الصلاة ولذلك قال بعض العلماء إن ما ذكر في هذا الحديث فهو واجب وما سواه فهو غير واجب. والرفع لم يذكر في هذا الحديث وكذلك وضع اليد اليمنى علي اليسرى. فلو كان الرفع والقبض من أعمال الصلاة لبينهما الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل.

ب - وفي صحيح مسلم أيضا من أكثر من طريق حديث عن أبي هريرة يتحدث عن التكبير ولا ذكر فيها للرفع. وهذا نص إحدى الروايات:

«حدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني بن شهاب عن أبي بكربن عبد الرحمن أنه سمع أبو هريرة يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام الى الصلاة يكبر حين يقوم. ثم يكبر حين يركع ثم يقول "سمع الله لمن حمده" حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم "ربنا ولك الحمد" ثم يكبر حين يهوي ساجدا. ثم يكبر حين يرفع رأسه. ثم يكبر حين يسجد. ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يفعل مثل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها ويكبر حين يقوم من المثنى بعد الجلوس". ثم يقول أبو هريرة إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم»[12]. وهذا الحديث رواه أيضا النسائي

وفي رواية أخرى في صحيح مسلم عن يحي بن يحي قال: « قرأت على مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة كان يصلي لهم فيكبر كلما خفض ورفع فلما انصرف قال: والله إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم»[13] .

فالروايتان السابقتان عن أبي هريرة خاليتان من الرفع عند التكبير رغم أن الأولي مروية عن ابن شهاب الزهري الذي روى حديث الرفع عند التكبير في الإحرام والركوع والرفع من الركوع، كما أن أبا هريرة (رضي الله عنه) الذي رُوي عنه الرفع عند التكبير الأول والركوع والرفع منه رُوي عنه أيضا الرفع مرة واحدة.

ج - روى أبو داود في باب من لم يذكر الرفع عند الركوع[14] عن مسدد « أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الصلاة رفع يديه مدا. ومسدد هو نفسه روى حديثا في سنن أبي داوود عن وائل بن حجر في الرفع في أكثر من موضع. »[15]

د – روى أبو داود أيضا عن سالم البراد قال: « أتينا عقبة بن عمرو الأنصاري أبا مسعود فقلنا له حدثنا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فقام   بين أيدينا في المسجد فكبر فلما ركع وضع يديه على ركبتيه وجعل أصابعه أسفل من ذلك وجافى بين مرفقيه حتى استقر كل شيء منه ثم قال سمع الله لمن حمده فقام حتى استقر كل شيء منه ثم كبر وسجد ووضع كفيه على الأرض ثم جافى بين مرفقيه حتى استقر كل شيء منه ثم رفع رأسه حتى استقر كل شيء منه ففعل مثل ذلك أيضا ثم صلى أربع ركعات مثل هذه الركعة فصلى صلاته". ثم قال هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي. »[16]

والروايات السابقة تتوافق مع ما رواه أبوغانم الخراساني عن الربيع بن حبيب قال (حدثني أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام الى الصلاة كبر حين يقوم فيها، وإذا ركع كبر، وإذا طأطأ راسه في السجود كبر وإذا رفع رأسه من السجود كبر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا كله )[17]

يُفهم من هذه الأحاديث أن الرفع ليس من الأعمال الأساسية في الصلاة، وأن الذي لا يرفع يديه مع التكبير ليس مخالفا لسنة أو منكرا لحديث كما يقول البعض، بل إن الذي يرفع يديه هو الذي يخشى عليه أنه خالف الأصل لورود النهي عن الرفع كما تقدم.

3-الاختلاف في مفهوم السنة

يرى الإباضية أن اصطلاح السنة يقصد به كل قول أو عمل أو تقرير صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت خلاف فيها. أما الروايات المختلف فيها أو في نسبتها الى الرسول صلى الله عليه وسلم فلا تدخل تحت إطار السنة الواجب العمل بها .

يقول الشيخ علي يحيى معمر رحمه الله: (إن الأعمال التي صدرت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في بعض العبادات لسبب عارض، أو فعلها ولم يعد إليها، أو لم يثبت أنه داوم عليها، لا يعتبروها سنة، وإنما يرونها واقعة حال يمكن الإتيان بها في ظروف مشابهة فقط ، ومنها:القنوت في الصلاة، ورفع الأيدي عند التكبير والجهر بكلمة آمين بعد الفاتحة في الصلاة، وزيادة (الصلاة خير من النوم في أذان الفجر).[18].

يُفهم من قول الشيخ علي يحي معمر أن سنن الصلاة هي الأعمال التي داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت الاختلاف فيها، ومن أمثلة ذلك: المضمضة والاستنشاق وأوقات الصلوات وعدد الصلوات في اليوم، وعدد ركعات الصلاة. كل ذلك من المتواتر العملي من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعرف خلاف فيها. أما الرفع فإن الاختلاف فيه يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يداوم عليه دواما يجعله يصل إلى مرتبة السنن المؤكدة.

4-القول مقدم على الفعل و النهي مقدم على الأمر

من القواعد الفقهية المقررة عند الفقهاء أن قول النبي صلى الله عليه وسلم مقدم على فعله. يقول الشيخ علي يحي معمر "إذا تعارض قول الرسول صلى الله عليه وسلم وعمله، ولا يمكن الجمع بينهما، فالقول أقوى لأنه أساسا موجه إلينا أما عمله فيحتمل الخصوصية"[19]. ومن أمثلة ذلك ما رواه النسائي وابن ماجة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال" من أدركه الصبح وهوجنب فلا يصوم "[20] والذي يعارضه الحديث الذي رواه البخاري عن عائشة وأم سلمة أن رسول الله ص كان يدركه الفجر وهو جنب "[21]. فالإباضية يعملون بحديث أبي هريرة بناء على قول النبي صلى الله عليه وسلم. أما غيرهم فأغلبهم يأخذون بحديث عائشة رغم أنه قد يحتمل الخصوصية. كما أن الأخذ بالقول هو نوع من الاحتياط.

وكذلك الرفع، فإذا ثبت أن النبي رفع يديه في الصلاة ، وثبت أيضا أنه نهى عن الرفع، فالأخذ بالنهي أولى. لأن النهي مقدم على الأمر وهو أيضا من القواعد الفقهية لقوله صلى الله عليه وسلم"إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا"[22]

فحديث النهي عن الرفع واضح وصريح بينما الأحاديث المروية في الرفع ليست صريحة، فكل روايات الرفع ، إما هي من أقوال أو أفعال الصحابة، أو قول الصحابي: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرفع يديه أو ما شابه ذلك. فلم يثبت حديثا صريحا يأمر بالرفع كما ورد في النهي عنه.

5-الأخذ بمبدأ الاحتياط – الاكتفاء بالأصل خروجا من الخلاف

الاحتياط من المبادئ التي التزم بها الإباضية في العبادات والمعاملات منذ القرون الأولى. فهم يحتاطون في أمور الصلاة عامة وفيما يتعلق بالطهارة التي هي أساس الصلاة خاصة. ومن أجل هذا المبدأ فقد وصفهم بعض مخالفيهم بالتشدد في الدين وخصوصا فيما يتعلق بالطهارة للصلاة والشواهد على هذا كثيرة في الفقه الإباضي. ومن أمثلة ذلك القنوت في الصلاة، فبعض العلماء يرى أن القنوت في الفجر بينما يرى غيرهم أن القنوت في الوتر، أما الإباضية فلا يرون القنوت. كما يعتبرون الدم ناقضا للوضوء، ويقولون بإعادة الصلاة إذا تأكد المسلم أنه صلى في ثوب نجس، بينما من غيرهم من يرى أن الدم لا ينقض الوضوء، ولا إعادة على من صلّى بثوب نجس، إلى غير ذلك من الاحتياطات. كل ذلك خوفا من الوقوع في الشبهة أو مخالفة السنة.

يقول الشيخ أحمد الخليلي: "واعلم أن مسلك أصحابنا في الصلاة الاحتياط بعدم الأخذ إلا بالروايات التي لا يحوم حولها أي ريب في المسائل المختلف فيها لأن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام الذي يلي العقيدة مباشرة، والمحققون من العلماء على اختلاف مذاهبهم لا يقبلون الحديث الآحادي كحجة في المسائل الاعتقادية، لعدم إفادته القطع، فكانت الصلاة المجاورة للعقيدة في الترتيب حرية بالحيطة، على أن من العلماء من قال في صلاة أصحابنا إنها ثابتة بالإجماع، لأن ما يتركونه من الأعمال فيها مختلف فيه عند غيرهم."[23]

فترك الرفع هو الأصل كما ورد في الأحاديث السابقة، وهو لا ينقص من أعمال الصلاة ولا يبطلها، كما أن الرفع قد يدخل المسلم في مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن الرفع للحديث المتقدم ذكره، ويخشى منه عدم قبول الصلاة. وهذا من الاحتياط.

6-إجماع العلماء على صحة الصلاة بدون الرفع

مع كثرة الأحاديث الواردة في الرفع، فإن الفقهاء قالوا أن الرفع ليس شرطا في صحة الصلاة. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري[24] نقلا عن ابن عبد البر: "أجمع العلماء على جواز رفع اليدين عند افتتاح الصلاة". والإمام أبو داود رغم ميله إلى الرفع في أكثر من موضع كغيره من أهل الحديث إلا أنه أفرد بابا خاصا بعنوان "الرخصة في ترك ذلك".

وهذا يدل على أنه ليس شرطا في صحة الصلاة، ولا يعتبر ركنا من أركانها، وليس من السنن المؤكدة، بل إن العديد من الفقهاء يذكرونه في المستحبات. يقول ابن عبد البر "رفع اليدين أو إرسالهما كل ذلك من سنن الصلاة"

فابن عبد البر ما كان ليقول هذا لو كان يعلم أن ترك الرفع مخالفةٌ للسنة، ولكنه وجدكثرة الجدال في هذه المسألة فأصدر هذا الحكم، رغم أن القول الذي قاله يحتاج أيضا إلى نظر فلا يمكن أن تكون السنة شيئين متناقضين.

7-تحفظ الإباضية على بعض أحاديث الرفع

كثير من الأحاديث المروية في الرفع فيها اضطراب في متنها أوسندها وقد قام الشيخ أحمد بن سعود السيابي بمناقشة بعض من هذه الأحاديث في رسالة "الرفع والضم في الصلاة" كما أن بعض علماء الإباضية، تحفظوا على الأحاديث المروية عن ابن شهاب الزهري ومنها الحديث الذي رواه عن ابن عمر في الرفع. وسبب التحفظ يرجع الى ارتباطه بحكام بني أمية. وقد أنكر كثير من العلماء حتى من غير الإباضية اتصال ابن شهاب الزهري بالأمويين وكتبوا له يلومونه على ذلك. قال الإمام أبو يعقوب الوارجلاني في كتابه الدليل والبرهان "فكتب إليه عشرون ومائة من الفقهاء يؤنبونه ويعيرونه بما فعل، منهم جابر بن زيد، ووهب بن منبه، وأبو حازم الفقيه، فقيه المدينة وأمثالهم وقد وقفت على كتب هؤلاء الثلاثة إليه"[25]

7-اشتهار الإباضية بالصدق

شهد المخالفون للاباضية بأنه لم يعرف عنهم الكذب في الحديث عن رسول الله (ص). وقد روى عن بعض العلماء - منهم ابن تيميه - أن الخوارج من أصدق الناس في الحديث[26]. لأنهم يعتبرون الكذب من الكبائر التي يخلد صاحبها في النار إن لم يتب. ويقصدون بالخوارج هنا "الإباضية" لأنه من المعروف أن الخوارج لم يهتموا برواية الحديث أوالفقه لانشغالهم بالحروب عن العلم.

8-الرفع الوارد في الأحاديث قد يكون قبل النهي عنه

نظرا لورود الأحاديث المختلفة في الرفع فيمكن الجمع بين الروايات المختلفة في الرفع بالقول إن الرفع المذكور في الأحاديث كان قبل النهي عنه، وأن الرسول كان في أول أمره يرفع يديه في الصلاة، إما مرة واحدة في تكبيرة الإحرام ، أو عدة مرات في مواضع أخرى، ونقل عنه الصحابة هذه الأحاديث، ولكنه في آخر الأمر نهى عن الرفع لحديث جابر بن سمرة الذي تقدم ذكره.

9-الإباضية من أول المذاهب الإسلامية تَكَوّنا:

فالإمام الأول للإباضية هو جابر بن زيد، ولد في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعاش في البصرة التي كانت مركز الإشعاع العلمي في ذلك الوقت، كما عاصر كثيرا من الصحابة والتابعين و أخذ العلم على كثير منهم، كأم المؤمنين عائشة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبي هريرة وغيرهم.

رُوي عنه أنه قال: "أدركت سبعين بدريا فحويت ما عندهم إلا البحر". ولم يثبت عند الإباضية أن جابر بن زيد أو تلاميذه رفعوا أيديهم في الصلاة أو أمروا بالرفع. فلو كان رفع اليدين أو وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة من السنن المؤكدة التي أجمع عليها الصحابة رضوان الله عليهم لكان أول من عمل بهما جابر بن زيد، ولو عمل بهما لنقلهما عنه تلاميذه وأشهرهم أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة، الذي تتلمذ عليه حملة العلم إلى المشرق وحملة العلم إلى المغرب وخراسان، الذين انتشروا في الأمصار منذ بداية القرن الثاني الهجري. فترك الرفع انتقل بالتواتر العملي منذ القرن الأول الهجري جيلا عن جيل حتى وقتنا هذا.

 

المبحث الثالث - مسألة القبض أو الضم أو وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة

1-تمهيد

وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة أو ما يسمى بالقبض أو الضم أو الكفت هي من الأعمال التي اعتبرتها بعض المذاهب من السنة، لكن الإباضية والمالكية خالفوهم في ذلك لعدم ثبوت الروايات لديهم فيها.

وقد كتب في هذا الموضوع أكثر من واحد من علماء المالكية منهم:

1-الشيخ محمد عابد مفتي المالكية بمكة في "القول الفصل في أدلة السدل"

2-مختار بن امحيمدات الداودي الباسكني الشنقيطي في "مشروعية السدل في الفرض"

3-الشيخ محمد بن الخضر الشنقيطي في "إبرام النقض لما قيل من أرجحية القبض"

2-الخلاف في وضع اليمنى على اليسرى

اختلف أهل العلم في وضع اليد اليمني على اليسرى في الصلاة كما اختلفوا في الرفع. فقد رَوَى وضع اليمنى على اليسرى طائفة من أهل العلم، وبهذا الرأي أخذ أتباع أبي حنيفة والشافعي وابن حنبل، وقد روي إرسال اليدين عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي، ويقول ابن عبد البر إن إرسال اليدين ووضع اليمنى على اليسرى كل ذلك من سنن الصلاة.[1]

أما المالكية فلهم في وضع اليمنى على اليسرى ثلاثة أقوال: أولا: توضع في النفل فقط. ثانيا : توضع في الفرض والنفل. ثالثا: لا توضع في الفرض ولا في النفل[2] وهو المعمول به عند متقدمي المالكية، لكن الملاحظ أن كثيرا من متأخري المالكية قد تأثروا بالمذهب الوهابي وبدؤوا يقبضون أيديهم في الصلاة.

واختلف القائلون بالقبض في الموضع الذي توضع فيه اليد. فقد رُوي وضع اليمنى علي اليسرى فوق الصدر عن علي بن أبي طالب. ورُوي وضعها فوق السرة عن سعيد بن جبير وأحمد بن حنبل. ورُوي وضعها تحت السرة عن أبي هريرة وسفيان الثوري وإسحاق.[3]

أما الإباضية فإنهم منذ عهد الإمام جابر بن زيد في القرن الأول الهجري، لا يقبضون أيديهم في الصلاة، فقد ثبت لديهم أن الأحاديث الواردة في القبض ليست من القوة والصراحة بأن تكون سنة من سنن الصلاة الواجب العمل بها، وقد ناقش هذه الروايات الشيخ أحد بن سعود السيابي في "الرفع والضم في الصلاة".[4]

3-أدلة القائلين بالقبض

استند القائلون بالقبض على عدة أحاديث. قيل: إن القبض رُوي عن ثمانية عشر صحابيا واثنين من التابعين، لكن المعترضين على هذه الأحاديث قالوا: إن كل الأحاديث الواردة في القبض لا تخلو من مقال. قال مختار الداودي:( وقد يحتج باستحباب القبض أنه رُوي عن ثمانية عشر صحابيا واثنين من التابعين. وسأخصهم لك بالتفصيل والتبيين، وذلك بما قال في طرقهم أئمة السلف – إن شاء الله تعالى – ليتبين لكل منصف أن السنة لا تثبت بمثل هذه الأدلة).[5] وقد تتبع الداودي هذه الأحاديث، واحدا واحدا مبينا العلة في كل منها.

ويقول الشيخ محمد عابد" وبالجملة فأحاديث القبض ليس أكثرها صحاحا ولا حسانا ولا سالما من الضعف، بل كلها بين موقوف ومضطرب وضعيف[6].

ومن أقوى الأحاديث التي رويت، والتي استند عليها القائلون بالقبض، ثلاثة أحاديث، نذكرها مع ما قيل فيها.

هذه الأحاديث هي:

1-حديث سهل بن سعد

«حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. قال أبو حازم لا أعلمه إلا ينمي ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم». رواه البخاري و أحمد[7]،

قال الشيخ محمد عابد" إن القبض لم يرو من طريق صحيح ليس فيه مقال إلا من طريق سهل بن سعد المروي في الموطأ[8] والبخاري ومسلم[9]، وليس في البخاري غيره."[10]

ويقول عن هذا الحديث " وهو مع كونه لا غبار عليه في صحة إسناده لا أوّلا ولا آخرا إلا أن الداني قال في أطراف الموطأ هذا الحديث معلول لأنه ظن من أبي حازم لقوله لا أعلمه، ورده ابن حجر بأن أبا حازم لو لم يقل لا أعلمه لكان في حكم المرفوع.[11]

ويقول مختار الداودي معلقا على الحديث" ففي هذا الحديث ثلاث جمل: جملة للصحابي سهل (رضي الله عنه) ,وجملتان للتابعي أبي حازم. فأما جملة سهل(رضي الله عنه) وهي: "كان الناس يؤمرون .." فإن سهلا لم يسند الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما بناه للمجهول، وقد اختلف أئمة السلف في حكم بناء الصحابي الأمر للمجهول على قولين: الأول في حكم المرفوع والثاني على أنه موقوف. ثم فصّل الداودي في من قال بالرفع والوقف. ثم تطرق الى قول أبي حازم وذكر الاختلاف فيه[12].

أما الشيخ محمد الخضر فيقول: "ما ذكروه من الأحاديث ليس فيه حديث صحيح سالم من الطعن."[13]، ثم بين العلة في حديث سهل بن سعد، وذكر الاختلاف في رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووقفه على الصحابي سهل بن سعد رضي الله عنه.

2-حديث وائل بن حجر

«عن علقمة بن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر أنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد ثم أتيتهم بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليه جل الثياب تحرك أيديهم تحث الثياب» أخرجه مسلم[14].

وقد تكلم في هذا الحديث كثير من العلماء كما هو مفصل في الكتب المذكورة وخصوصا في سماع علقمة من أبيه. قال الترمذي: سألت البخاري: هل سمع علقمة من أبيه وائل؟ فقال: "إن علقمة ولد بعد موت أبيه بستة أشهر"، قال النووي في تهذيب الأسماء إن رواية علقمة عن أبيه مرسلة وأما المولى الذي مع علقمة فمجهول لا يعرف.[15]

3-حديث عبد الله بن مسعود

«عن عبد الله بن مسعود أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى». أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة[16] وأخرجه الدارقطني من طريق أحمد بن شعيب قال أنبأنا عمر بن علي أنبأنا عبد الرحمن أنبأنا هشيم عن الحجاج بن أبي زينب قال سمعت أبا عثمان يحدث عن عبد الله بن مسعود[17].

يقول الشيخ محمد عابد : "مدار رواياتهم كلها عن الحجاج بن أبي زينب وقد نقل في الميزان عن ابن المديني أنه ضعيف. وقال النسائي ليس بالقوي وقال الدارقطني ليس هو بقوي ولا حافظ وقال أحمد أخشى أن يكون ضعيفا. نعم قال يحي بن معين: لا بأس به وفي سنده أيضا عبد الرحمن بن إسحق الكوفي وهو ضعيف. قال البخاري فيه نظر، واتفقوا أنه لا يقول هذه الكلمة إلا فيمن كان ضعيفا باتفاق كما ذكر ابن خلدون وغيره. [18]

يقول الشنقيطي معلقا على الحديث: ( رواه أبو داود من طريق محمد بن بكار عن هشيم بن بشير عن الحجاج بن أبي زينب عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله عنه من طريق هشيم ومن بعده. وقد اقتصر الذهبي في الميزان (4|412) على أن محمد بن بكار مجهول وأما هشيم بن بشير ففي الميزان (5|431) وتقريب التهذيب (2|296) كثير التدليس الخفي وأما الحجاج بن أبي زينب فقد ضعفه المديني والنسائي وأحمد والدارقطني كما في الميزان (1|462) .   ومع ضعف سند حديث ابن مسعود فإن متنه لا يصح لأن ابن مسعود من كبار المهاجرين، فلا يصح أن يجهل هيئة فعل من أفعال الصلاة التي يتكرر اقتداؤه فيها بالنبي ص خمس مرات كل يوم أن لو كان الفعل من هيئاتها فلا ينبغي لأحد أن يتهمه بهذه الغباوة.[19] ) انتهى

الأحاديث الثلاثة السابقة هي من أصح وأقوى الأحاديث في موضوع القبض، وقد ذكرنا اختصار ما قال فيها أهل العلم. أما بقية الأحاديث فهي كما قال الشيخ عابد ما بين موقوف ومضطرب وضعيف.

4-أدلة الإباضية في السدل

أما الإباضية فلا يعرفون القبض منذ الإمام جابر بن زيد في القرن الأول الهجري، ولم يرد ذكره في أي كتاب من كتب الفقه عندهم، ورغم معرفتهم بالروايات المتعددة إلا أنهم رأوا أن الأحاديث الواردة فيه ليست من القوة والصراحة بأن تكون سنة من سنن الصلاة الواجبة.وقد ناقش روايات الرفع الشيخ أحد بن سعود السيابي في رسالة سماها الرفع والضم في الصلاة طبعتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بوزارة الأوقاف،كما علمت أن أحد الباحثين يقوم الآن بتحقيق أحاديث الرفع والضم تحقيقا علميا في كتاب نأمل أن سيصدر قريبا إن شاء الله.

ولا يقتصر القول بالسدل على المالكية والإباضية وإنما رُوي عن كثير من كبار التابعين منهم سعيد بن المسيب،وسعيد بن جبير ومجاهد، والحسن البصري، والنخعي ،وابن سيرين مما يدل أن القبض لم يكن معروفا لديهم[20]، كما روي عن الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير[21] بأنه كان يسدل يديه في الصلاة.

و يمكننا أن نستنتج آراء الإباضية من خلال ما سبق ومن أدلة الإباضية في ترك الرفع. ونلخصها فيما يلي:

أ- الأصل في الصلاة هو السدل، والقبض شيء زائد عنها، ونظرا لاختلاف العلماء فيه فقد أخذ الإباضية بالأصل وتركوا ما عداه.

ب- الاختلاف يدل على الجواز، ولعل أصوب ما قيل في هذا الأمر قول ابن عبد البر" إرسال اليدين أو ضمهما كل ذلك من سنن الصلاة"

ج-روى الإمام مالك أحاديث القبض في الموطأ، ومع ذلك لم يعمل بها هو ولا أغلب أتباعه، فقد اختلف علماء المالكية الأوائل في القبض على ثلاثة أقوال حسب ما ذكر القرطبي[22]، لكن الذي استقر عندهم أنهم لم يعملوا به. وهذا يدل أن جميع الأقوال كانت موجودة ولكن لم ينكر أحد من السلف على غيره مخالفته للسنة، لدرجة أن الإمام مالكا نفسه رفض طلب أبي جعفر المنصور أن يلزم المسلمين بأحاديث الموطأ، فقد روى ابن عساكر بالسند إلى مالك بن أنس قال: (لما حج أبو جعفر المنصور دعاني فدخلت عليه، فحادثني وسألني فأجبته فقال إني قد عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعتها - يعني الموطأ - فتنسخ نسخا، ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها بنسخة، وآمرهم أن يعملوا بما فيها لا يتعدونه إلى غيره، ويدعوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحدَث، فإني رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم، قال: فقلت يا أمير المؤمنين، لا تفعل هذا فإن الناس قد سبقت لهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم منهم بما سبق إليهم، وعملوا به، وإن ردهم عما اعتقدوه تشديد، فدع الناس وما هم عليه، وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم، فقال لعمري لو طاوعتني على ذلك لأمرت به).

إنّ الذي يفهم من كلام الإمام مالك أنه رُويت روايات مختلفة في فروع الفقه يعارض بعضها بعضا، فلم ينكرها أو يضعفها أو يرجح عليها ما رواه في الموطأ، ولكن ترك الناس يعملون بما وصل إليهم من رواية وعلم مما يعتقدون أنه الحق. ولو كان الإمام مالك ممن يحب الدنيا أو الشهرة لطار قلبه فرحا بهذا العرض الذي جاءه من أمير المؤمنين.

وهذا الخُلُق الذي كان عند الإمام مالك هو نفسه الذي كان عند الصحابة ومن بعدهم من التابعين، وأمثاله من السلف الصالح وهو الذي نرجو أن يتخلق به علماء المسلمين ومفكروهم ومثقفوهم في هذا العصر، ولا يتعصبوا لآرائهم دون اعتبار لبقية العلماء المخالفين لهم في الرأي.

لقد كان من نتيجة هذا الخلق الكريم الذي تحلى به الإمام مالك أنه لم يصل إلينا خلاف بين المسلمين الأوائل إلا شيئا يسيرا، بينما نجد الخلاف شديدا فيما تلا ذلك من أجيال عندما دُوّن الحديث وبدأ من يرجح بعض الأحاديث على غيرها، وفقا لما اقتنع به من مفاهيم وقواعد.

د – إن الدارس للتأريخ ليدرك أن القبض لم يكن مشهورا في القرون السابقة كشهرته الآن، فلم يكن مشهورا في الأندلس، وكذلك في بلدان المغرب العربي:ليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب الأقصى، وموريتانيا. وكذلك مصر والسودان، حيث كان المذهب المالكي هو الغالب. ولا يزال معظم سكان هذه البلدان إلى وقت قريب، لا يرفعون أيديهم إلا مرة واحدة ولا يضعون اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة. لكن بعد انتشار المذهب الوهابي نظرا للإمكانيات المادية والقوة الإعلامية التي يملكها، دفع كثيرا من المنتسبين إلى المالكية والإباضية إلى الاقتناع بالقبض وذلك لجهلهم بأدلة مذاهبهم.

وقد كان للسياسة دور كبير في تسيير الفقه. فقد تبنّت الدول المتعاقبة على حكم بلاد الإسلام مذاهب معينة وحكمت بمقتضاها. فقد كان مذهب أبي حنيفة في المشرق، ومذهب مالك في المغرب من أوسع المذاهب انتشارا، لأنه أتيحت لكل من المذهبين دولة تتبناه وتنشره. وقد تبنت الدولة العباسية مذهب أبي حنيفة ومكنت له. فعندما تولى أبو يوسف رئاسة القضاء في عهد هارون الرشيد كان يولي القضاء لأتباع مذهبه، فاضطرت العامة إلى أحكامهم وفتاويهم. وانتشر المذهب الحنفي في مصر في زمن العباسيين، إلى أن استولى عليها الفاطميون، فنشروا المذهب الإسماعيلي، ومنعوا التفقه على مذهب أبي حنيفة، لأنه مذهب الدولة العباسية، وسمحوا بالتفقه على المذهب المالكي والشافعي والحنبلي، وقد عمل الأمويون في الأندلس على نشر المذهب المالكي، والأيوبيون على نشر المذهب الشافعي والسعوديون علي نشر المذهب الحنبلي. ورغم أن مذهب أبي حنيفة ومذهب مالك كانا من أوسع المذاهب انتشارا في السابق، إلا أنه في السنوات الأخيرة نتيجة لسهولة الاتصالات والإمكانيات المادية والإعلامية لبعض الدول والمؤسسات فقد انتشر المذهب الوهابي في كثير من بلاد المسلمين .

المبحث الرابع - شبهة مخالفة السنة

رغم أن أدلة الإباضية في ترك الرفع مستمدة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومن أدلة تاريخية وعقلية كما ذكرنا. ومع ذلك نقرأ ونسمع من يقول إن الإباضية لعدم أخذهم بأحاديث الرفع هم مخالفون لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وينكرون الأحاديث الصحيحة التي رويت في البخاري ومسلم.

ولا أظن أنه يوجد مسلم في هذا الكون، من الإباضية أو من غيرهم يتعمد أن يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم أو عمله أو سنته لمجرد المخالفة، وإنما كل مسلم يعمل بما اقتنع به من رأي أو دليل أو يتبع مذهبا من المذاهب المعروفة.

وقد أنكر بعض الفقهاء والكتاب على الإباضية تركهم الأخذ بالأحاديث الواردة في البخاري ومسلم في مسألة الرفع وغيرها من المسائل الخلافية، وهم يدركون جيدا أن ترك الأخذ بالحديث ليس إنكارا للحديث ولا مخالفة للسنة، والفقيه الذي يرجح عملا على عمل أو حديثا على حديث إنما يفعل ذلك بناء على ما تواتر لديه من قول أو عمل، وما اعتمد عليه من أصول التشريع والاجتهاد الذي قد يختلف من فقيه إلى آخر، وينطبق هذا على كل مسألة اختلف فيها الأولون.

ولو تتبعنا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لوجدنا عدة أحاديث رواها الإمام البخاري أو الإمام مسلم أو غيرهم وقد جرى العمل على خلافها عند أهل السنة. ومن أمثلة ذلك ما يلي:

صلاة السفر : فقد روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يقصر .وفي رواية (يصلي ركعتين) فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا، وإن زدنا أتممنا. وفي البخاري أيضا عن أنس بن مالك (رض) قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة. قلت: أقمتم بمكة شيئا. قال: عشرا. وعنه أيضا قال: (صليت الظهر مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعا، والعصر بذي الحليفة ركعتين) [1]. وذو الحليفة هو المكان الذي يحرم منه الحجاج من المدينة المنورة وهو يبعد عن المدينة مسافة قصيرة ومع هذه الأحاديث الصحيحة والصريحة نجد أن الذي جرى العمل به عند أغلب أهل السنة أن مسافة السفر أربعة وثمانون كيلومترا وأن السفر إذا زاد عن أربعة أيام جاز للمسافر أن يتم الصلاة. وهذا العمل يخالف ظاهر الحديث الصحيح المذكور ، ومع ذلك فلا نقول إنهم يخالفون السنة، لكن نقول أنهم بنوا حكمهم على روايات أو اجتهادات أخري.

صلاة التراويح : كانت إلى وقت قريب تصلي في المسجد الحرام وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة عشرين رغم تضعيف العلماء[2] للحديث المروي عند ابن أبي شيبة عن ابن عباس. أما الآن فهي تصلى ست عشرة وفي كلا الحالتين فإن هذا العمل يعتبر مخالفة واضحة لحديث صريح في البخاري ومسلم عن عائشة (رضي الله عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.[3]

صلاة الضحى: ففي مسلم عن عائشة(رض) أنها سئلت: أكان النبي صلى الله عليه وسلم   يصلي الضحى. قالت: لا إلا أن يجيء من مغيبه[4]. وفي حديث آخر قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط وإني لأسبحها. وفي حديث ثالث سُئلت كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى؟ قالت: أربع ركعات ويزيد ما شاء.[5]

فهذه الأحاديث مروية في صحيح مسلم وهي في موضوع واحد وهو صلاة الضحى ويبدو كأنها متعارضه، والمسلمون اليوم منهم من يصلي الضحى ومنهم من لا يصليها بناء على إحدى الروايات، ولم ينكر أحد على آخر فعله أو اتهمه بمخالفة السنة.

الشرب قائما: روى أهل الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائما كما رووا عنه أنه شرب قائما. ففي صحيح مسلم عدة أحاديث تنهى عن الشرب قائما منها حديث قتادة عن أنس (رض) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يشرب الرجل قائما. قال قتادة فقلنا لأنس فالأكل؟ قال: ذلك أشر وأخبث.[6] كما روي أيضا عن أبي هريرة (رض) قال: قال رسول الله : (لا يشربن أحد منكم قائما فمن نسي فليستقىء)، أي يتقيأ، وفي مقابل هذا رُويت أحاديث تقول بجواز الشرب قائما. ففي البخاري ومسلم عن ابن عباس (رض) قال: (سقيت النبي من زمزم فشرب وهو قائم). وفي الترمذي عن ابن عمر قال: (كنا نأكل على عهد رسول الله ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام). فمن الذي يخالف السنة هل الذي يشرب قائما أو جالسا؟ ولم نسمع أن مسلما اتهم آخر بمخالفة السنة لكونه شرب قائما.

هذه بعض الأمثلة العملية التي مما اختلف فيها الناس. ومسألة الرفع يجب ألا تخرج عن هذا الإطار وهو جواز الرفع لمن شاء أن يرفع وعدم الرفع لمن رأى أن عدم الرفع أولى. كما أنه إن شاء صلى الضحى أو تركها وله الخيار أن يصلى التراويح ثماني ركعات أو ست عشرة ركعة، أو عشرين أو أربعة وعشرين ، ولا يجب أن يوصف من فعل هذا أو ذاك بمخالفة السنة.

وينسحب هذا الحكم على كل مسألة خلافية لم يتفق فيها المسلمون في الصلاة كالجهر بالبسملة والقنوت وقراءة السورة في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر والتسليم وغيرها من المسائل الفرعية التي اختلف فيها الأولون.

وفي ظني أن اتهام الإباضية بمخالفة السنة لم يأت لتركهم الرفع أو عدم العمل بحديث معين وإنما هو أولا نظرا للجهل بأصول الفقه الإباضي ونتيجة لظروف تاريخية و سياسية قديمة تركت بصماتها في كتب عند أهل السنة.

 

 

ملاحـظـات وتعـليـقـات

مسألة الرفع كمسألة خلق القرآن شغلت علماء المسلمين الأوائل سنوات عديدة كل يحاول إثبات صحة رأيه. ومن أكثر المسائل التي كثر فيها الخلاف مسألة هل الرفع مرة واحدة أم عدة مرات؟ وقد علق أحد محققي سنن الترمذي على هذه المسألة بقوله" وقد جعل الحفاظ المتقدمون هذه المسألة – مسألة رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع - من مسائل البحث الخلاف العويصة، وألف فيها بعضهم أجزاء مستقلة، ثم تبعهم من بعدهم في خلافهم، وتعصب كل فريق لقوله، حتى خرجوا بها عن البحث إلى حد العصبية، والتراشق بالكلام، وذهبوا يصححون بعض الأسانيد أو يضعفون، انتصارا لمذهبهم، وتركوا – أو كثير منهم سبيل الإنصاف والتحقيق."[1]

وتأكيدا لما سبق، فبينما كنت أجمع المعلومات لهذا البحث قرأت بعض الأشياء الغريبة التي تتعلق بالخلاف في مسألة الرفع، فأحببت أن أذكرها هنا وأعلق عليها وأترك للقارئ أن يفهمها كما يشاء.

1-حرص كثير من المحدثين على إثبات أن الرفع أكثر من مرة أنه هو السنة التي يجب إتباعها، بناء على الحديث المروي عن ابن عمر (رضي الله عنه) الذي يذكر الرفع عند الركوع وبعد الركوع، لكنهم اصطدموا بحديث عبد الله بن مسعود الذي يقتصر على الرفع في التكبيرة الأولى فقط، وقد نال حديث عبد الله من النقد الرفع ما تجاوز النقد العلمي الموضوعي إلى اتهام عبد الله بن مسعود(رضي الله عنه) بالنسيان ، واستدل بعض العلماء بدليل النسيان ليثبت أن حديث ابن عمر الذي رواه البخاري أقوى من حديث ابن مسعود الذي رواه الترمذي، قال الزيلعي[2] في نصب الراية نقلا عن صاحب التنقيح: (ليس في نسيان ابن مسعود ما يستغرب، فقد نسي ابن مسعود من القرآن ما لم يختلف فيه المسلمون بعد، وهما المعوذتان، ونسي ما اتفق العلماء على نسخه مثل التطبيق، ونسي كيف قيام الاثنين خلف الإمام، ونسي ما لا يختلف العلماء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم النحر في وقتها، ونسي ما لم تختلف العلماء فيه من وضع المرفق على الساعد على الأرض في السجود، ونسي كيف يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم" وما خلق الذكر والأنثى" وإذا جاز على ابن مسعود أن ينسى مثل هذا، كيف لا يجوز أن ينسى مثله في رفع اليدين)[3].

الحقيقة أن ما سبق من وصف عبد الله بن مسعود بالنسيان لأمر غريب وعجيب. وإذا صح هذا فهو يدل على مدى التعصب الذي بلغ إليه بعض العلماء في مسألة فرعية مثل مسألة الرفع. وإذا كان هذا قد قيل في عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فلا يستغرب أن ترد أقوال الإباضية أو غيرهم في أي مسألة من المسائل الخلافية.

إن الذي بلغنا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان من السابقين الأولين إلى الإسلام، وهو أول من جهر بالقرآن بمكة وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وبيعة الرضوان والمشاهد كلها. كما شهد معركة اليرموك بعد النبي صلى الله عليه وسلم وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحبه ويكرمه وهو خادمه وصاحب سره ورفيقه في حله وترحاله، وهو من كبار علماء الصحابة وحفاظ القرآن، فهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (مُلىء من رأسه إلى أخمص قدميه علما)، وقال فيه عمر بن الخطاب (رض) (وعاء مُلىء علما) وهو الذي يقول عن نفسه: (ما من آية في كتاب الله إلا وأنا اعلم متى نزلت وكيف نزلت وفيمن نزلت) فكيف يوصف بعد ذلك بنسيان عدة أمور منها المعوذتان وكذلك الرفع في كل تكبيرة في الصلاة. وهو أمر عملي يتكرر يوميا خمس مرات.

2-مما روى من أدلة الرفع ما نقله ابن حجر في فتح الباري عن الحاكم وأبي القاسم بن منده أن ممن روى الرفع العشرة المبشرون بالجنة كما قال أن شيخنا أبو الفضل (لعله يقصد شيخ بن حجر) تتبع من رواه من الصحابة فبلغوا خمسين صحابيا. ولكنه لم يذكر أسماءهم كما أنه لم يبين هل المقصود الرفع مرة واحدة أم عند المواضع الأخرى، وقال أيضا: وقد ذكر أيضا قول البخاري إن الرفع رواه سبعة عشر صحابيا. ولكن الإمام البخاري لم يذكر في صحيحه إلا رواية عبد الله بن عمر ومالك بن الحويرث رضي الله عنهم.

لكن الإمام البخاري صنف كتابا آخر بعنوان "رفع اليدين في الصلاة"[4]. ومع تشدد البخاري في نقل الأحاديث لدرجة أن صحيحه يعتبر من أصح الكتب، إلا أنه لم يلتزم في هذا الكتاب المنهج الذي التزم به في صحيحه من حيث صحة الأحاديث، فنقل فيه كل ما وصل إليه فيما يتعلق بموضوع الرفع، فاختلط فيه الصحيح والضعيف والمرفوع والمقطوع من الحديث. والسبب من تأليف الكتاب - فيما يبدو لمن يقرأ الكتاب - هو الرد على الحنفية الذين يقولون بأن الرفع مرة واحدة فقط.

وقد قام بديع الدين الراشدي بتحقيق هذا الكتاب، ونقل فيه قول البيهقي عن العراقي : أن الذين رووا الرفع من الصحابة بلغوا خمسين صحابيا. ثم جاء من تكلم في الرفع من بعد ذلك واستدل بأن الرفع رواه خمسين صحابيا منهم العشرة المبشرين بالجنة، فظن كثير من العوام أن هذه الروايات في صحيح البخاري.

والحقيقة أن دعوى الخمسين صحابيا الذي رووا الرفع تحتاج إلى إثبات، لأن الذي يرجع إلى كتب الحديث يجد أن مجموع أحاديث الرفع كلها في الكتب التسعة بلغت أكثر من مائة وخمسة وثلاثين حديثا منها الصحيح والضعيف والمكرر والزيادات والروايات المتشابهة. أما الأحاديث المشهورة في الرفع فرواتها من الصحابة – حسب ما وجدت - إثنا عشر صحابيا [5] , ليس فيهم ممن عُدّ من المبشرين بالجنة إلا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. وهذا ما جعلنا نتساءل عن صحة قول من يقول إن أحاديث الرفع رواها أكثر من خمسين صحابيا منهم العشرة المبشرين بالجنة. فلم أجد في كتب السنة المشهورة – على حد علمي - أي حديث من أحاديث الرفع رُوي عن أبي بكر الصديق، أو طلحة بن عبيد الله، أو الزبير بن العوام، أو سعيد بن زيد، أو سعد بن أبي وقاص.

أتمنى أن يقوم أحد الباحثين بتحقيق أحاديث الرفع المذكورة في كتاب رفع اليدين للبخاري، ويبين حقيقة هذه الدعوى من عدمها.

 

 

خـلاصة البـحـث

أرجو أن أكون قد وفقت في إبراز بعض من أدلة الإباضية في مسألة الرفع الضم، وبناء على ما تقدم، يمكن أن نخلص إلى ما يلي:

1-إن ترك رفع اليدين في الصلاة وإرسالهما هو الرأي الذي استقر عليه فقهاء الإباضية والذي جرى العمل به منذ القرن الأول الهجري حتى وقتنا الحاضر، ولم ينقل عن علمائهم الأوائل الاختلاف فيه. وهذا الرأي ليس جديدا ، فقد كان من قبل ظهور المذاهب الأربعة، ومن قبل البداية في تدوين الحديث أو تصنيفه ومن قبل أن يختلف المسلمون في هذه المسألة أو غيرها كما أن الصلاة بدون رفع اليدين صحيحة بإجماع الأمة.

2-إن الإباضية عندما لا يرفعون أيديهم في الصلاة، لا يقصدون مخالفة السنة، كما يظن البعض وإنما هو إتباع للسنة بناء على ما صح عندهم من أحاديث واقتداء بأئمتهم المتقدمين ، وعلى أدلة عقلية وتاريخية، وأخذا بمبدأ الاحتياط والخروج من الخلاف دون الإخلال بأركان الصلاة المجمع عليها.

3-الإباضية لا ينكرون على من يرفع، أو يقبض، ولا يعتبرونه مبتدعا ولا مخالفا للسنة ولا يمنعون الصلاة خلف من يرفع، ولو ثبت لديهم أن الرفع من السنن المؤكدة التي داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم لكانوا أحرص الناس على العمل به. فمن رأى ترك الرفع والضم فصلاته صحيحة بالإجماع، ومن اطمأن إلى الرفع فرفع يده في التكبيرة الأولى أو غيرها أخذا بإحدى الروايات، فصلاته صحيحة كذلك. وكلاهما مأجور إن شاء الله تعالى.

4-التعامل مع المسائل الخلافية كمسألة الرفع أو الضم أو غيرهما من المسائل الأخرى يجب أن يكون من منطلق البحث العلمي الموضوعي الهادف والنية الخالصة من أجل الوصول إلى الحق بعيدا عن الاتهامات بمخالفة السنة أو الابتداع في الدين.

وأخيرا، أسأل الله تعالى أن يجمع شمل المسلمين على الخير، و يعينهم على مجاهدة أنفسهم والشيطان، وأن يبعد عنهم الخلاف وأهله والشر وأهله إنه ولي ذلك والقادر عليه.

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، وصل اللهم وسلم وبارك على رسولك الأمين وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

 المصدر:ـistiqama

زرارة المقبرة: تحيزَّا

c 7زرارة المقبرة:

تحيزَّا ⵜⵃⵉⵣⵣⴰ

تحيزا هي مِن عاداتنا الجَميلة  ومن بين مراسيم  حفل الزواج في قصور وادي مزاب، في الصباح الباكر من اليوم الأول من عقد القران يذهب العريس رفقة وزرائه وأفراد العائلة وكل من أصدقائه ومرافقيه وبعض أعضاء العزابة لزيارة المقبرة التي دفن فيها بعض أفراد عائلة العريس، مثل مقبرة باعيسى وعلوان أو مقبرة بابا والجمة أو مقبرة الشيخ عمي سعيد، كما تستغل هذه الفرصة للتعريف بأول معمر للبلدة " الشيخ  باباولجما.

أهل العريس يحضرون  معهم خبز وتمر "أغروم نوفا د تيني" ليوزع على الحاضرين، قبل ذلك يطلب أحد أعضاء العزابة من العريس "تارضونت نوفاڤ" خبز الطاجين  إلى أربع قطع باستعمال يدا واحدة فقط، و وراء هذا الأمر الكثير من الحكم،

حيث يذكر العريس ما ينتظره من مسؤوليات بانتقاله من مرحلة العزوبة إلى مرحلة الزواج فيكون على عاتقه  الأبناء، الزوجة، الوالدين، لتعزيز قيمة تحمل المسؤولية بما تقتضيه المرحلة الجديدة من حياته في تكوين الأسرة، وكذلك تعمل على ترسيخ قيمة العدالة والمساواة واعطاء كل ذي حق حقه و كذلك الاعتماد على النفس بعيدا عن الاتكلية.

بعدها يلقي العزاب كلمة مقتضبة  ليتذكَّر أن الدنيا فانية زائلة، وأن بهجته وسُروره سُرعان ما سينقضيان ليرحَل إلى ربِّه، ويُغيَّب في التُّراب ويُوارى الثَّرى؛ فلا ينفعهُ إلا عملُه الصَّالِح حينئذ!!

بأن هذه الدنيا بجمالها ومتاعها وملذاتها تنتهي وتزول طالت أعماره أم قصرت فمآله القبر وما عند الله خير وأبقى

والحكمة من اختيار أخد العريس في  أيام  زفافه الأولى إلى المقبرة ليدرك أن الحياة تتقلب بين أفراح  و أقراح ولا وجود لحال دائمة، ولا ينسى الدار الباقية، في زحمة الفرحة الغامرة.

 

c 7زيارة القبور في العيد:

من السير الحميدة بمزاب في الأعياد -بالإضافة إلى التزاور بين الأقارب- هو زيارة الآباء والأجداد والمشايخ في قبورهم، ففيها من العبرة والموعظة الكثير، كما أنها تغرس في قلب الابن قيمة الاحترام والتقدير لآبائه وأجداده، وتغذي في نفسه الحاجة إلى الانتماء، وتقوي ارتباطه بهذه الأرض، وتزيد من ولائه لهذا النموذج الاجتماعي.

الراجح أن صورة القبر  للشيخ باعيسى وعلوان هو متواجد بمقبرة الشيخ عمي سعيد.

زهد عبد الرحمن بن رستم في المادة وتقشفه في عيشه

وكان عبد الرحمن متقشفا في عيشه، زاهدا في الدنيا، على طموحه، وجده واجتهاده في بناء دولته، والبلوغ بها أقصى درجات الحضارة والعمران. لقد كان يتمنى أن يرى رعيته كلهم يسكنون القصور الجميلة، ويبلغون النهاية في الغنى، ويصلون كل ما يشتهون في دنياهم، مما يزيدهم سعادة وللدولة قوة، وينيلهم رضا الله؛ وتكون عاصمته وجه الإسلام الجميل، ومظهر الجمهورية الرائع، وعنوان المغرب المعتد بنفسه، الذب لا يرضى أن يبزه احد، وان يخمله سواه. وقد بلغت بفضله عاصمته الذروة في الحضارة، ونالت رعيته كل ما تتمناه لنفسها من يسر وغنى، ورفاهية ورخاء، فسكنوا القصور، وتقلبوا راقية، وحياة رخية كريمة. أما هو فكان زاهدا في مباهج الحياة، متقشفا في العيش، لا يفكر في نفسه و لا يعمل لها. وكانت داره في تيهرت المتحضرة ابسط دورها، ليس فيها زخرف ولا رياش، ولا ما تزخر به دور رعيته، والسراة من أهل دولته، من فنون الحضارة والنعيم.وسترى في قصة الوفد الذي جاءه من البصرة صفة داره، ومبلغه في التقشف في عيشه، ونكرانه لذاته، وإيثاره لرعيته بكل المباهج والملذات.

زهده في المال مع إقباله عليه

وكان عبد الرحمن بن رستم زاهدا في المال، لا ينظر إليه نظرة الملوك والأمراء الذين يتكالبون عليه، ويظلمون الرعية من اجله، وينبهونه من أيديهم بكل الوسائل. بل كان ينظر إليه نظرة الشبعان المكتظ إلى الطعام الذي سبع منه، يؤثر به سواه، ويفيضه على غيره. وقد رد عشرين غرارة من الذهب الرنان تشتمل على ملايين عديدة من الذهب الوهاج، جاءته من إخوانه الجمهوريين بالبصرة، لما وجد أنهم أحوج إليها منه. وذلك لزهده في المادة، ولزهد خاصته فيها أيضا. ومن يزهد في المادة لا يشح بها. وإذا جاد بها على سواه، وجعلها وسيلة لنيل رضا ربه، فتح الله له كل خزائنه، فتقبل عليه الدنيا بكل متاعها، وتكون دنياه دنيا السحاب الذي ينهل فلا يمسك ماءه، خضراء ترفل في النضارة والجمال، غنية بكل أنواع الثمار والخيرات، باسقة الأشجار، ملتفة الجبال بالغابات الكثيفة التي تجدده!

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 281-282

سدراتا المدفونة تحت الرمال

Icon 09مدينة سدراتا المدفونة تحت الرمال إلى يومنا هذا

للباحث على حملاوى 

مجلة العربي العدد ( 517 ) الصادر في ( 1-12-2001 )

تعد مدينة سدراته من المدن الإسلامية المبكرة بالقطر الجزائري التي لم تنل من الدراسات والأبحاث الجادة إلا الشيء القليل حتى يتمكن من إزاحة اللثام عمّا تحتفظ به من أسرار وكنوز مدفونة تحت الرمال.

شكّلت مدينة سدراته محور اهتمام عدد من الباحثين والرحّالة الأجانب منذ نهاية القرن 19م إلى يومنا هذا. وتمثل هذا الاهتمام في جوانب عدة منها البحث عن تاريخ نشأتها من خلال المصادر والروايات الشفوية المتداولة بالمنطقة, مثلما فعل

هنري دفيري (H.DUVEYRIER) (1859-1861),

شارل فيرو (CH.FERAUD) (1871-1872)

أو التركيز على معالمها الأثرية البارزة ووصفها وصفاً سطحياً مثلما فعل

لو دفيك فيل (L.VILLE)

فكتور لارجو (V.LARGEAU) (1872-1879م),

وأخيراً محاولة إجراء تنقيبات أثرية في أماكن مختلفة من أجزاء المدينة كما فعل

هـ. طاري وب. بلانشي والمهندس فوشير ومارغريت ف.برشم.

وقد كان لهذه العمليات الأخيرة التي شهدتها سدراته دور كبير في إخراجها إلى النور, وإبراز أهميتها من الناحية الأثرية خاصة, لما أسفرت عنه من نتائج, رغم قلتها, فهي تعد جد مهمة مكنتنا من التزوّد والاطلاع على بعض الجوانب الخفية للمدينة, المعمارية منها والفنية.

والسبب في ندرة الدراسات حول مدينة سدراته يكمن في موقعها الصعب المنال من جهة, وما يتطلبه من إمكانات مادية وبشرية جد ضخمة من جهة أخرى. بالإضافة إلى ذلك, فإن الإهمال الذي عرفته المدينة طوال سنوات عدة أدى إلى إبقائها عرضة لمجموعة من العوامل تفعل بها ما تشاء, فالزوابع الرملية العنيفة التي غالباً ما تعرفها مناطق الجنوب خلال فصل الربيع, وما فتئت تزيد من زحف الرمال وعلو كثبانها وتغيير وضعيتها باستمرار. علاوة على ذلك, فإن الزيارات المكثفة التي كان ومازال يقوم بها فئات مختلفة من المجتمع إلى أطلال المدينة, عن قصد أو غير قصد, أضحت هي الأخرى خطراً يهدد معالمها.

كل هذه الأسباب أدت بطبيعة الحال إلى طمس جزء من منشآت المدينة أحياناً وكشف جزء آخر أحياناً, كما انجر عنها انهيار المباني المكتشفة بفعل التغيير الفجائي بين درجات الحرارة ووطأة المتجولين.

الموقع:

تبعد أطلال مدينة سدراته عن مدينة ورقلة في اتجاه جنوب غرب ببضعة كيلومترات والتي تبعد بدورها عن الجزائر العاصمة بحوالي 800 كلم, وهي مدينة شيدت مبانيها بالقرب من مصب وادي مائة الممتد من جنوب غرب جبل العباد إلى قارة كريمة جنوبا وإلى حوالي 20 كلم شمال مدينة ورقلة, ويعتبر وادي مائة من الموارد المائية الرئيسية التي كانت تزوّد المنطقة آنذاك, وهو ما ساعد على استقرار مجموعات بشرية بها منذ أزمنة غابرة.

تتربع المدينة على مساحة تقدر بحوالي 2 كلم2 في اتجاه شمال غرب – جنوب شرق, تشغل مبانيها مجموعة من التلال يتراوح ارتفاعها ما بين 140,99م إلى 150,10م, يحيط بها من الجهة الجنوبية والجنوبية الغربية سلسلة من الجبال أو ما تعرف محليا باسم قارة أشهرها قارة كريمة وجبل العباد. وتعد هذه القارات والجبال بمنزلة شريط دفاعي يحيط بأغلب جهات المدينة, كما يعد بمنزلة ملاجئ يحتمي بها السكان من غارات الأعداء, نظراً لاستواء سطوحها وصعوبة مسالكها وارتفاعها الشامخ من جهة, واحتوائها على أهم عنصر للحياة وهو الماء مثلما كان بقارة كريمة. إن هذه الميزات الطبيعية التي تتجلى بهذا الموقع فضلاً عن وجوده في مفترق طرق القوافل التجارية, كانت من بين الأسباب الرئيسية المساعدة على استقرار مجموعات بشرية وظهور حضارة راقية لاتزال آثارها ماثلة للعيان.

مدينة لها تاريخ

تزخر منطقة ورقلة بمواقع أثرية تعود إلى فترات ما قبل التاريخ كبرج ملالة وحاسي مويلح وغيرهما, كما تم الكشف عن أدوات حجرية بالمنطقة الممتدة جنوب سدراته , وهي بذلك تعد دليلاً مادياً على أن الموقع كان معروفاً خلال فترة ما بعد العصر الحجري والعصر الحجري الحديث غير أن هذا الموضوع لايزال بحاجة إلى أبحاث ودراسات معمّقة للكشف عن استقرار العنصر البشري بهذا المكان, وأهم الصناعات المنجزة من طرفه, أما بالنسبة للعهد الروماني, فإنه يجهل الكثير عن أوضاع المنطقة خلال هذه الفترة, على الرغم من أن هناك من يعتقد بوجود مخلفات رومانية شمال مدينة سدراته . والحقيقة أن هؤلاء لم يستقروا إطلاقاً بهذه المناطق, بل كانوا يجوبونها في شكل حملات قد يكون الهدف من ورائها جمع الضرائب من القبائل البربرية الموجودة هناك, والتي فضلت هجرة مواطنها الأصلية والاحتماء بهذه الأماكن هروباً من الغزو الروماني.

إن قلة الدراسات الأثرية والافتقار إلى المعطيات التاريخية حول مدينة سدراته , جعلت بعض الباحثين يرجعون تأسيسها إلى بداية الفتح الإسلامي, ونجد في طليعة هؤلاء الباحث جون ليتيو (Lethilleux), والذي يرى أن المدينة بنيت في مطلع القرن 1هـ/ 7 م. وفي هذا الصدد يذكر ج.ليتيو نقلاً عن باستشري أن سبعة من المسلمين استقروا بجبل نفوسة, ثم اتجه اثنان منهم إلى وادي مية ولا يعرف هل قدما إلى الوادي كزائرين فقط أم كانت رغبتهما في الاستقرار هناك, خاصة أن المنطقة كانت تعرف بنشاطها التجاري المزدهر. ويضيف قائلاً: مهما يكن من أمر فعن طريق القوافل القادمة من زنجبار والسودان وصل في 7 رجب 39 هـ (658م) عبدالرزاق بن عبدان بن عبدالحق المولود بحضرموت وأسس مدينة أطلق عليها اسم (تيميمون). وفي سنة 41 هـ (661-662م) ونتيجة لعدم الاستقرار بجبل نفوسة وصلت جماعات أخرى إلى وادي مية قاد إحداها أبو حفص عمروس بن فتح الغار, فقام هؤلاء الوافدون ببناء مسجد ثم شيّدت حوله الدور والمساكن, وبذلك ظهرت سدراته للوجود كمدينة. ويرى فريق آخر أن تأسيس المدينة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنهاية الدولة الرسمية بتيهرت سنة 296 هـ – 297هـ/908م/909م على أيدي الفاطميين, وهروب الناجين من بطش هؤلاء متجهين نحو الجنوب يقودهم الإمام يعقوب بن أفلح.

في هذا الموقع الحصين والمتميز بوفرة مياهه, وجدت تلك الجماعة المكان الملائم بها لتحمي نفسها ومذهبها ولو لفترة قصيرة من الزمن, إذ ما لبثت أن هاجرت عناصر منهم مدينة سدراته إلى مكان آخر يبدو أنه أشد مناعة وأكثر أمانا من الأول, وهو ما يعرف بوادي ميزاب أو مدن الشبكة, حيث تأسست كل من مدينة العطف (1011م) وبونورة (1048م) وبني يزقن وغرداية (1053م).

الهجرة

ويعتقد أن هجرة تلك الجماعات منذ وقت مبكر (أي خلال القرن الخامس الهجري/11م) كان سببها انتشار البدو وقطاع الطرق وانحراف سكانها عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف, خاصة بعد موت أبي صالح جنون, وكذا كثرة القلاقل والفتن التي أضحت تفتك بالمنطقة جلها وتهدد استقرارها. ويبدو أن هذه الفترة تزامنت ودخول المنصور الحمادي (481هـ – 498هـ) (1088م-1104م) إلى المنطقة وتخريبها أثناء حملته الموجهة لمعاقبة الزناتيين بوادي ريغ وورقلة. في حين يرى ابن خلدون أن المنطقة لم تتعرض إلى هجوم شنيع من قبل الحماديين بالشكل الذي يؤدي إلى انهيارها وهجرة سكانها, بل العكس, فلقد عيّن عليها حاكماً يدير شئونها, أما المخطوط الذي تحدث عنه هارولد طاري (H.Tarry), فيذكر أن المدينة اندثرت سنة 1274م من طرف قائد مجهول يدعى (منصور المشرق). هذا الأخير وصل رفقة جيشه إلى سدراته واستقر بها حوالي خمسة وثلاثين يوماً, قام أثناءها بهدم العين التي كانت تسقي المدينة ومزارعها, فرعب أهل المدينة وفروا إلى ناحية التلال الرملية, أي على بضع مراحل جنوبي سدراته . وعندما رجعوا إلى منازلهم وجدوها مهدومة, ويضيف صاحب كتاب العدواني, أن سدراته تم تخريبها من طرف الخليفة الموحدي المنصور مرتين على التوالي, ولم يغادرها في المرة الثانية إلا بعد أن حوّلها إلى صحراء قاحلة, ويذكر ابن خلدون أن تخريب المدينة كان على يد بني غانية ما بين (1224-1227م) لأن المنطقة – على حد قوله – كانت كلها من الموالين للدولة الموحدية, وكان عاملهم يقطن بالزاب آنذاك. وحسبما يبدو فإن الأحداث التي مرت بها مدينة سدراته , لم تكن لتؤدي إلى زوال المدينة وهجرتها, فالمتمعن جيداً لأنقاضها وما أسفرت عنه نتائج الحفريات السابقة, يلاحظ أن آثار التخريب لا تظهر بالدرجة التي تناقلتها المصادر أو المراجع, بل نعتقد أنه وصف مبالغ فيه, لأن الحياة العلمية تواصلت بسدراته حتى بعد التواريخ سالفة الذكر, يشهد عليها أسماء الأعلام المنتسبين إليها, ولذلك فإننا نرى أن من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هجر المدينة العوامل الطبيعية, فلقد قلت الموارد المائية والنباتية وحلت محلها العواصف الرملية, ولذا أصبح من الصعب على الإنسان العيش هناك. أما بالنسبة لتسميتها, فإنه من المرجح جداً أن تكون قد اشتقت من قبيلة سدراته البربرية, وفي هذا الصدد, يذكر الشيخ أعزام أن بلاد سدراته منسوبة إلى شعب من شعوب البربر من بطون زناتة, وهي بلاد كثيرة يسكنها معتنقو المذهب الإباضي قديماً, ولم يترحلوا عنها إلا بعدما خرّبها يحيى بن اسحاق الميورقي المعروف بابن غانية سنة 624هـ عند ثورته على الأمير يعقوب بن المنصور أحد أمراء الموحدين كما كان بيان ذلك في محله, وبقيت البلاد إلى الآن خرابا. والجدير بالذكر أن تسمية المدينة باسم سدراته غالباً ما كان مقروناً بكلمة ورجلان ( سدراته ورجلان) ولم يرد منفرداً في المصادر الإباضية إلا في فترة متأخرة عن الفترة التي عاش فيها الشيخ أبو يعقوب يوسف بن النفاث (1048/1049م), وهذا دليل على التلاحم والترابط بين المدينتين ليس من الجانب العمراني فحسب, بل تعدّاه إلى أبعد من ذلك.

المسجد:

شهدت مدينة سدراته عدة تنقيبات أثرية, إلا أن ما يؤخذ على البعض منها أنها لم تبلغ المستوى المطلوب من حيث التنظيم والمنهجية العلمية المتبعة في تقنيات الحفر.

إن جل الباحثين الذين تعاقبوا على مدينة سدراته لم يتعرضوا بطريقة علمية إلى مسجد المدينة, بل اكتفوا بالإشارة إليه بطريقة عرضية, ووصفوه وصفاً يكاد يكون سطحياً. وفي مقدمة هؤلاء الباحثين نذكر فكتور لارجو الذي زار المدينة سنة 1877م, وتعرف على أحد مساجدها وهو في حالة جيدة من الحفظ, ويقول لارجو بشأن هذا المبنى: يوجد بجنوب المدينة المندثرة بقايا لمسجد مستطيل الشكل تبلغ مقاساته 23مx18م وينقسم إلى قسمين من جهة العرض, تقدر مقاسات الجزء الأول حوالي 10م, أما القسم الثاني فيبلغ 13م, وقد كان هذا الأخير مبلطاً ومرتفعاً نوعا ما عن الأول, ونلاحظ به بقايا أحواض محفورة في الأرض يتم تزويدها بالمياه بواسطة قناة تخرج من إحدى زوايا الجدار وهي في حالة جيدة, كما عثر لارجو بهذا المبنى على جزء طنف من الجص تحليه زخارف نباتية تشبه الأرابيسك. أما هارولد طاري, الذي يعتبر أول باحث قام بحفرية حول أنقاض بعض المعالم من المدينة سنة1881م,فقد استطاع, حسب قوله, أن يزيل التراب عن كامل المحيط الداخلي للمسجد, كما يشير طاري إلى أن المسجد كان يحتوي على مدرسة قرآنية تحليها زخارف كتابية هي الأخرى, ويصف بول بلانشي (1898م) المسجد بأنه قاعة مربعة الشكل مغطاة بحوالي عشرين قبوا تقوم على ست عشرة دعامة, زينت جدرانه بأبواب وهمية ونوافذ تحلي أطرها زخارف هندسية بسيطة.

وتعتبر الحفرية التي قام بها المهندس فوشير, ما بين 1943م و 1944م, من أهم التنقيبات التي جرت حول المسجد, فلقد استطاع هذا الباحث إزاحة الرمال عن محيطه, باستثناء الزاوية الجنوبية للمبنى حيث تمكن من الوصول إلى أرضية قاعة صغيرة يبلغ ارتفاعها حوالي 4,43م ومغطاة بقبو, ولقد وضع فوشير مخططاً ورسوماً توضيحية لهذا المعلم, لكن هذه الوثائق لم تنشر بل بقيت حبيسة الأدراج.

أما بالنسبة للباحثة مارغريت فارشم, فقد وقفت هي الأخرى على أطلال هذا المنشأ, وحاولت أخذ المقاسات لبعض أجزائه.

وينطبق وصفها على مبنى تم اكتشافه سنة 1977م من قبل فرقة معهد الآثار (جامعة الجزائر) والذي يعتقد أنه هو المسجد الذي تحدث عنه الباحثون السالفو الذكر, فلقد تمكنت الفرقة آنذاك من إزالة الرمال من المحيط الداخلي لمنشأ يقع في الجهة الجنوبية الغربية وبعض العناصر المعمارية كالسلم والأقواس المطلة على الصحن والدعامات والغرفة المرفقة له. يحيط بهذا المعلم مجموعة من المباني لا يظهر منها سوى الأجزاء العلوية للجدران, أو حلت محلها أكوام من الحجارة والجدير بالملاحظة أن هذا المعلم رغم ما يحتويه من عناصر تنم عن انتمائها إلى العمارة الدينية مثل مخططه العام ووجود صحن فإن بعض الباحثين, وفي مقدمتهم مارغريت ف برشم, اعتبروه مسكناً!

ضريح

تم الكشف عن بعض أجزاء بناية أخرى خلال عملية الحفر التي أجريت سنة 1997م, تتكون من غرفتين ضيقتين وغرفة مستطيلة الشكل, يتم الدخول إلى إحدى الغرفتين مروراً برواق, لم يكتشف كله بعد, عبر مدخل ضيق يعلوه قوس نصف دائري متجاوز يقدر ارتفاعه بـ 1,30م وعرضه 57سم, تتصل هذه الأخيرة بقاعة ثانية أقل حجماً منها مغطاة مثل سابقتها بقبو منخفض جزؤه العلوي مندثر.

والجدير بالملاحظة أن وظيفة هذا المبنى رغم أنها لم تحدد بعد نظراً لعدم اكتمال الحفر بها فإننا نرى أنها تشبه – في تكوينها العام وما تحويه من بيوت ضيقة ومتشابكة – ضريح سيدي محمد بن يحيى بتقرت (8هـ/14م) (33), وهو ما يجعلنا نميل إلى الاعتقاد بأنه ضريح أنشئ في وقت لاحق.

المباني المدنية

تنحصر المباني المدنية بمدينة سدراته في البيوت العامة والخاصة التي أشار إليها الرحالة أو المكتشفة أثناء عمليات التنقيب, وعلى الرغم من قلتها فإنها تعتبر مهمة, حيث تقدم لنا صورة تكاد تكون كافية عن العمارة المدنية بالمدينة, كما تقدم لنا نماذج حية من العناصر المعمارية التي استعملها البناء السدراتي في مبانيه.

ويعتبر فكتور لارجو أول من أشار إلى هذه البيوت دون تحديد مواقعها, ويذكر في هذا الصدد (أن البيوت الكبيرة لمدينة سدراته ذات شكل مربع وغير منتظمة التخطيط, وهي تتكون من قسمين متقابلين يفصلهما صحن, أحدهما عبارة عن رواق يتكون من بوائك ذات أقواس نصف دائرية وترتكز على دعامات مربعة الشكل. كما لاحظ لارجو بيتاً آخر مربعاً يبلغ طول أضلاعه في جميع الاتجاهات 9م, وبيوتاً أخرى يساوي طولها نفس المقاس السابق, وتتكون من غرفة واحدة يتقدمها صحن مغلق. أما بالنسبة للبيوت بصفة عامة فهي تتكون من غرفة واحدة تقدر مقاساتها ما بين 6 , و7 أمتار, ويلاحظ أن غالبية هذه البيوت كانت جدرانها مكسوّة بطبقة صلبة من الجص. كما عثر طاري على مجموعة من البيوت دون الإشارة إلى مكان وجودها.

القصر أو المحكمة

يقع هذا المبنى بالناحية الشمالية للمدينة, وهو يعد من أروع المباني المكتشفة إلى حد الساعة, لما احتواه من زخارف جصية متنوعة, كانت تكسو جدرانه الداخلية لايزال البعض منها في مكانه الأصلي, اكتشف هذا المعلم من طرف هـ. طاري سنة 1881م حيث يقول بشأنه: لقد اكتشفت قصراً بأتم معنى الكلمة, لأن جدرانه كانت مكسوة بزخارف وفي أسفل تلك الزخارف ترك المعماري توقيعه, ولقد حاولت إعادة نقله ولكنه زال كلية.

و(في الزاوية المقابلة للواجهة), يضيف طاري (عثرت على قاعة تزيّنها عناصر زخرفية يبلغ طولها 4,50م وعرضها 2,50م. أما الحفريات التي قام بها بول بلانشي سنة 1898م فقد أسفرت هي الأخرى عن اكتشاف حوالي أربع وثلاثين حجرة وحوالي 60م2 من الزخارف المختلفة العناصر. كما ترك لنا مخططاً أولياً لهذا المعلم.

البيت المحصن

يقع هذا البيت في الناحية الشرقية للمدينة وسط بقايا الغابات, حيث تبدو جلياً آثار السواقي والفقارات المنطلقة من هذا المكان والمتجهة شمالاً نحو مدينة ورقلة, وشرقاً في اتجاه رويسات, وجنوب شرق في اتجاه قارة كريمة. ولقد كانت محل اهتمام الباحثة مارغريت ف. برشم, خلال سنتي 1951-1952م حيث أجرت بها حفرتين, دامت الأولى حوالي خمسة عشر يوما, أما الثانية فبلغت مدتها حوالي شهرين, ولقد أسفرت هذه الأعمال عن اكتشاف جزء معتبر من مكونات هذا البيت, بالإضافة إلى كمية هائلة من القطع الجصية المزخرفة وقطع فخارية تزيّنها زخارف بسيطة وجرتين مختلفتي الأحجام, صنعت إحداهما من الطين المحروق ويقدر ارتفاعها بـ1,70م وتحتوي على أربعة مقابض وغطاء, تحتوي بداخلها على بقايا عظام وقطع زجاجية. أما الثانية فكانت ذات لون تركوازي تنتهي في مؤخرة عنقها بضفيرة, وهي ذات مقبضين ينتهيان ببروز معقوف. كما تم العثور على حلية من الفضة وأحجار لعقد امرأة وقنوات لتصريف أو جلب المياه.

وما تجدر الإشارة إليه, أن الحفريات التي أجريت بهذا البيت لم تمس إلا الجهة الشرقية منه, ومع ذلك كانت حصيلة الزخرفة المكتشفة قد بلغت الثمانية صناديق تم نقلها إلى الجزائر العاصمة.

البيت ذو الجرار

يقع هذا البيت في الناحية الغربية للمدينة, تم اكتشافه أثناء عمليات التنقيب التي قام بها الباحث طاري سنة 1881م , ثم أعيد استخراجه من تحت الرمال من طرف مارغريت ف. برشم, سنة 1952م . يأخذ المبنى شكلاً مستطيلاً غير منتظم الأضلاع (لوحة 4), يتم الدخول إليه عبر باب محوري فتح في الجدار الشمالي الشرقي, ويؤدي مباشرة إلى ساحة فسيحة, يحيط بهذه الساحة من الجهتين الشرقية والغربية غرف وأروقة مستطيلة وضيقة. كما فتحت بالجدار الغربي وعلى ارتفاع 1,144م عن الأرضية حنيات مضلعة يعتقد أنها استخدمت كخزانات أو كأماكن لوضع وسائل الإنارة, وتتصل هذه القاعة بالغرفة التي تتقدمها بواسطة مدخل عرضه 1,19م, وتعتبر هذه الأخيرة بمنزلة ساباط (رواق) يطل على وسط الدار ببائكة من ثلاثة عقود حدوية ترتكز على دعامات وأعمدة مدمجة تقوم على قاعدة مربعة, ويعد الساباط من بين الأماكن الضرورية في البيت الصحراوي, فيه يجتمع أفراد الأسرة وقت الحر وبه تؤدى جميع الأغراض المنزلية.

الخاتمة

يتبين لنا من خلال المعطيات التاريخية والأثرية التي قدمت في هذه العجالة, أن اختيار موقع مدينة سدراته لم يكن عشوائياً بقدر ما كان مستمداً من شروط بناء المدن الإسلامية, كما يبدو من خلال ملاحظاتنا في عين المكان أن بناءها مر على مراحل عدة كان سببه النزوح المستمر للمجموعات البشرية.أما بالنسبة لعمارتها فقد امتزجت العناصر المحلية بعناصر أخرى (مغربية ومشرقية) لتشكل في النهاية عمارة موحدة ومنسجمة تندرج ضمن العمارة الإسلامية بصفة عامة وتزيدها ثراء وتنوعا.وهو دليل آخر على التسامح والتآخي الذي كان يعرفه المجتمع السدراتي برمته.

 

المصدر: tawalt

سدراتة

Icon 09من هي سدراتة؟(1)

مدينة سدراتة على بعد كيلومترات من مدينة ورقلة كانت عامرة على مدار ستة (06) قرون بعد أن لجأ إليها بقية أسرة ابن رستم حكام الدولة الرستمية فارين من اضطهاد الفاطميين سنة 909 ه وكانت تزخربتجارة القوافل الصحراوية، وذهب غانة وملح الصحراء…وحافظت على علوم المذهب الإباضي وثقافة أتباعه، ولكنها أيضا كانت تضم أحياء ومساجد المالكيين، حيث تعايش الجميع في مجتمع بلغ فيه الرقي الحضاري مدى يصعب أن يسمح به المناخ الصحراوي القاسي.

 

Icon 09مدينة سدراته الإباضية مدفونة تحت الرمال

تعد مدينة سدراته -بالقرب من مدينة ورقلة- أقدم مدينة مدفونة تحت الرمال معروفة في الوقت الراهن، تعتبر ثاني عاصمة للإباضية تكشف عن بقايا نادرة من المدينة المزدهرة التي كانت عليها. ويعود تاريخ تأسيسها إلى حدود القرن العاشر ميلادي (10م) على يد الرستميين أي ما بعد سقوط الدولة الرستمية بعد تدمير تاهيرت (تيارت حاليا) من قبل الفاطميين سنة 909 ميلادي.

وجاءت بعد انتقال مجموعة منهم باتجاه الجنوب الشرقي للوطن حيث أسسوا مدينة سدراتة بمنطقة ورجلان (ورقلة حاليا) وقطنوا بها لمدة تناهز 3 قرون كاملة.

وتقع هذه المدينة الأثرية على بعد نحو 10 كلم جنوب غرب مدينة ورقلة حيث وبفعل العوامل الطبيعية الصعبة غطيت معظم أجزائها بالكثبان الرملية باستثناء بعض الجدران والدعامات التي مازالت شاهدة على ماضيها.

عرفت هذه المدينة ازدهارا حضاريا واقتصاديا خلال الثلاثة قرون التي عاشتها تكونت فيها معالم حضارية عريقة وتفوقا واضحا في مختلف العلوم تترجمها ما بقي من آثار معمارية وفنية ومخطوطات لا تزال شاهدة على ذلك إلى غاية اليوم وبحسب السيد بابا حمو فإن المقبرة التي لا تزال واضحة للعيان تدل على الإرث الثقافي والمكانة التاريخية والعمرانية التي يحظى بها هذا الموقع.

ولا تزال الرياح القوية التي تجتاح المنطقة في كل مرة تعري أجزاء من هذه المدينة وإزالة اللثام عنها ما يسمح باكتشافها أكثر وهو ما حدث أثناء اكتشاف آثار محكمة وكذا آثار مسجد.

 

Icon 09زيارة سدراته:

تندرج ضمن سلسلة من الزيارات في وارجلان، يتجمع أهل وارجلان من مختلف المشارب، وفي مقدّمتهم عزّابة وارجلان في نصف دائرة واسعة جدّا، وهم يتلون القرآن فرادى كلّ ومصحفه. ثم ينطلق الناس إلى حيث توجد بعض الآثار سدراتة وجماعة الخيالة يقومون باستعراضات الفروسية ببنادقهم وإطلاق البارود، وينقسمون إلى فرقتين، كلّ فرقة تحوي عشرة فرسان، ويستمرّ العرض حوالي ساعتين.

ثمّ توزع الصدقات بسخاء على الحاضرين، تمر وخبز وتيحومزين. ثم يلقي شيخ عزابة وارجلان كلمة باسم العزّابة، وكلمة من أعيان ورڨلة كانت مواضع مدينة سدراته وارجلان أيام ازدهار البلد.

وبجانب هذه الدائرة الواسعة الشاسعة تقام خيمة للضيوف وخيمة أخرى بجانبها لباقي الحضور.

وبعد الختمة والأدعية يتوجّه الحاضرون إلى قبر الإمام يعقوب بن محمّد بن أفلح، وهو غير بعيد عن موضع الجلوس لتلاوة القرآن؛

وفي الجهة الشرقية يوجد جبل العبّاد في أعلاه أرض مستوية محجرّة ومحاريب في الأرض مشكّلة نصف دائرة من الحجارة الصغيرة، هو جبيل يقال له “كدية كريمة”، حيث تحصّن أهل وارجلان حين توجّه إليهم الجيش الفاطمي في سنة 297هـ/ 910م لملاحقة فلول بني رستم الفارّين من تاهرت إلى وارجلان.

وبعد الدعاء يتفرّق الجمع وينتهي حفل الزيارة السنوي.

 

Icon 09 رسمة لجبل العباد الفنان نورالدين فخار

الصورة لقارة كريمة..أو كدية كريمة وجبل العباد موقعه محاذيا لها وكدية كريمة بمقربة من موقع إسدراتن /سدراته والأخيرة موقعها على بعد 14كلم جنوب (وارجلان /وَرڨْـلَنْ /ورقلة ) و للكدية علو شاهق وقمة مسطحة على شكل الموائد الجبلية وتحفها الكثبان الرملية من كل جانب . و توجد فيها بئر عميقة تخترق الكدية إلى أسفلها وتعتبر الكدية زيادة لكونها مخزنا جماعيا على غرار المخازن الجماعية في الأوراس (تيقليعين ) وفي أماكن من الشمال الإفريقي تتخذها المجتمعات الأمازيغية مخازن جماعية لحفظ نتاج محاصليهم الغذائية من حبوب ولحوم مجففة ..فتعتبر الكدية حصنا منيعا لمناعتها ولقد ذكر الدرجيني أبو العباس في طبقاته ص94/ج 01 أن عبيد الله الفاطمي لما دخل إفريقية وجه جيشا إلى ورجﻻن فاحتمى أهلها بكدية كريمة .. فعلى منظر الحجارة المتناثرة والحزينة على حضارة سدراته المغمورة و ما بقي من أجزائها تكشف لنا مدى قسوة بعض من تنكب الإنسانية فكان خرابها عام626هـ..

 

Icon 09جبل العباد:

Le Djebel al-Ubbad, ou « sommet des dévôts », près du site archéologique de Sedrata. Photo aérienne réalisée pour M. van Berchem en 1950, Archives de la Fondation van Berchem, Genève

هذه صورة جوية إلتقطها Mr van Berchem  سنة 1950م

جبل العباد أو "قمة المصلين" يقع بالقرب من موقع سدراتة الأثري.

 

 

 

Icon 09قصة جبل العباد:

جبل العباد قصة رائعة يرويها أهل السير يرويها الشيخ الناصر مرموري رحمه الله. والشيخ عومر بومعقل رحمه الله أيضا. كان الجبل مكانا للعبادة يصعده العباد الاتقياء سحرا وهو مرتفع صعب المنال، ويقومون الليل كل في مصلاه (كما في الصورة. والجبل مليء بالمصلين مثل هذا) ثم يجتمعون قبيل الفجر فيتلون القرآن في حلقة ثم يؤذن فيصلون الصبح ويقسمون الصدقات ان كانت ثم ينزلون من الجبل. يوميا هذا. وفي يوم شديد المطر قال كن واحد منهم لو لم اذهب الليلة سيبقى الجبل بلا عبادة، فلأذهب. وكل واحد ظن انه المقصود وان التقصير لا ينبغي أن يكون من جانبه، فاجتمع في تلك الليلة ستون عابدا . وهذه هي الهمة العالية. جعلنا الله ممن تتحرك نفسه نحو المعالي.

 

 

 -------------------------
(1)  djanoub

 

سكون الدولة الرستمية واستقرارها وهناؤها

سكون الدولة الرستمية واستقرارها وهناؤها

image3

وكانت الدولة الرستمية دولة السكون والهناء، ودولة الاستقرار والطمأنينة والسعادة. قد رضي الشعب فيها عن أئمته، ورؤساء دولته، فسكن إليهم سكون الوليد إلى الأحضان التي ترضعه وتحن عليه. لا ثورات من الشعب تعكر صفوها، ولا انقلابات واغتيالات ومؤامرات من الأمراء بعضهم لبعض كما يقع في الدولة الأغلبية فيعتكر بها جوها، ويصيبها بالزلزلة والارتجاج، ويمنعها عن التقدم والسير الحثيث؛ ولا غضب من الأئمة على رئيس الدولة وولاته وأجهزته يشغل العقول عن التفكير في البناء والتشييد، ويصرف الصدور عن الحماس للعمل والإنتاج، ويجردها من الصفاء والهناء، ومن الطمأنينة والسعادة.

إن رئيس الدولة من اختيار الشعب كله. فهم الذين انتخبوه وبايعوه في حرية كاملة، وبرضا تام. لا جبر، ولا إرغام؛ ورفعوه على أعناقهم إلى عرش الرئاسة، وبوءوه بإرادتهم وحبهم العميق كرسي الإمامة. فصار خادمهم يرعاهم، ويعطي نفسه لمصالحهم، ويجلب إليهم كل سرور، وينالون في ظله كل الحظوظ. وكان يتمسك في سياستهم وفي كل أموره بكتاب الله وسنة رسول الله، وبحكم الشورى، ويعدل فيهم، ويحسن كل الإحسان إليهم، ويجعل بحزمه وبراعته في السياسة كل الأمم تحبهم، وترهب جانبهم، وترمقهم بالإعجاب والاحترام. فلا عدو خارجي يطمع فيهم لضعفه، ولا شانئ خارج الدولة يحقد عليهم ويستعد للانتقام لسوء تصرفه.

إن المغرب الإسلامي كله صديق للدولة الرستمية القوية المسالمة التي تتمسك كل التمسك مع جيرانها بالدين. حتى العباسيين الذين تغلي صدورهم بالغيظ على الدولة الرستمية، ويتربصون بها الدوائر، ويفتشون عن مواطن الضعف فيها ليستغلوها في تهديمها، فإنهم لم يجدوا فرصتهم، ولم يستطيعوا الإقدام عليها لأنها تدمغهم، وتقضي على ملوكيتهم المستبدة في القيروان.

إن رضي الرعية عن أئمتها، وأمنها في بلادها، وتمتعها بخيرات الله التي يغمرهم بها، لتمسكهم بالدين. ورضاه عن الدولة لالتزامها طريقه المستقيم، وتقيدها بشريعته في كل الأمور، وإحسانها إلى الرعية والناس فأحسن الله إليها قد أورثها الطمأنينة والهناء.

إنها دولة ميمونة الناصية، يتفيئوون ظلالها، وتغمرهم بثمارها، وتملأ دنياهم بالعطر والجمال، فسكنوا إليها سكون اللاغب وجد السرير الوثير، والفراش المعطر، والجو الجميل المنعس.

وكان تمسك الدولة الرستمية بالإمامة الإسلامية، والنظام الجمهوري الصحيح، وتمسكها بالدين كل التمسك من أسباب استقرارها وسكونها وهنائها. إن الرئاسة لا تنال فيها بالغلب والقوة فيتصارع عليها الأمراء، فيتعكر جوها وينعدم استقرارها وهناؤها؛ وإمارة الدولة لا توصل بحد السيف فيسطو عليها كل من يجد الشروط. ومن أول الشروط وأوكدها وأهمها التقوى والورع، وخلو النفس من حب الرئاسة والزعامة. وإذا رأوا في شخص حبا للرئاسة، وتهافتا على الإمارة، حكموا عليه بالأنانية، بقلة الورع والتقوى، وبعدم اللياقة للرئاسة، فيطرحونه اطراح الزجاج المصدوع، والقوارير المكسورة. وإذا اشرأب احد لرئاسة الدولة، ونافس الإمام فيها، ورام اغتصابها بالسيف والقوة؟، ثار الشعب كله فدمغه وأوقفه عند حده، وحاط إمام الدولة وحفظه وكفاه شر المعتدين!

وقد بدا ليزيد بن فندين أن ينال رئاسة الدولة بالقوة، ويستولي عليها بحد السيف، فاغتنم خلو العاصمة من الإمام عبد الوهاب، فهاجمها في أنصاره ليحتلها، ويوقع الانقلاب فيها، فثارت تيهرت كلها تسندها القبائل المجاورة، فصدت هجوم ابن فندين، وقتلته، وطهرت بقاعها من أنصاره الذين رق الدين في نفوسهم فصاروا نار الزبل النتنة، تملأ الساحة بالدخان، وتعكر المكان بالنتن1.

إن أكثر ما يمنع الدولة استقرارها هو المنافسة على الرئاسة، والفقر والحاجة، والظلم، والخوف من العدو الذي يطمع فيها. وهذه العلل كلها قد خلت منها الدولة الرستمية، لتمسكها بالجمهورية الإسلامية، فلا اغتصاب لرئاستها، ولتمسكها بالدين، فلا ظلم ولا عدوان، ولا احتقار لأحد، ولا غمط لمخلوق، ولغناها وحضارتها، فهي نهر ممتلئ رقراق تظله الدوح المورقة، وتطرز هوامشه وشاطئية الخمائل النضيرة، ولبست قاعا يابسا متشققا تعشش في شقوقه العقارب والأفاعي2.

إن أسواق الدولة عامرة، وكل نواحي الدولة ومواردها على الازدهار والقوة. وتيهرت بها غانية المغرب الغنيمة تراها لما تشعر به من غناها وجمالها سكرى منتشية بالغنا والجمال، تنظر بالعين الساجية المطمئنة المعتدة نظر الحسناء بالعين الناعسة لفرط الاعتداد بحسنها، والشعور بالقوة في اصماء كل القلوب، واصطياد كل الأفئدة!

والدولة الرستمية قوية. فهي اكبر دولة حربية في المغرب. فهي آمنة من الأعداء مطمئنة، لا يداخلها الروع والحيرة من عدو يستعد للانقضاض عليها. لهذا كانت دولة الاستقرار والسكون والهدوء والهناء والسعادة، قد خلت من الانقلابات والمنافسات، وتقاتل الأمراء الذي يقع في الدولة الأغلبية، ومن سخط الشعب وتحفزه للثورة، فتصرف الدولة اغلب قواها لضبطه وإطفاء نيرانه، كما يقع في الزاب الذي كان تحت الدولة الملوكية. انه لم يقع في الدولة الرستمية من المنافسة على الرئاسة إلا ما كان من ابن فندين في ضواحي العاصمة فسرعان ما هب الشعب فقضى عليه، وما وقع من هوارة لبطرها بالغنى، ولمداخلة العناصر الأجنبية لها فأدبها الإمام فسكنت سكون الطفل إذا عض ثدي أمه فوكزته. انه يسكن فيمص ثديها في حب وامتنان كأنه يقبله!

لم يكن تمرد هوارة فتنة داخلية عامة كما نرى في الزاب الذي كان ساخطا على الدولة الأغلبية. تبتدئ الثورة شرارة في مكان ثم تنتشر في كل ناحية لسخط الشعب واستعداده للثورة على الدولة. انه بحر النفط لا تنحصر النار في ناحية فيه؛ بل كانت ثورة هوارة تمرد قبيلة لم تجد من جيرانها التأييد فانحصر العصيان فيها. وهبت نواحيها، وكل القبائل المجاورة لها إلى الإمام عبد الوهاب فانضمت إليه، فأخمدت هوارة وردتها إلى الجادة والصواب، فأسلس عنانها، ولم تجدد الثورة لأنها وجدت جو الدولة جو الرضى والسعادة والسكون لا يرضى بالثورة، وجو الروض النضير الذي خلا من هشيمة لا تسري فيه النيران!

لقد كانت ثورة هوارة وثورة الواصلية على الإمام عبد الوهاب لأسباب خارجية. فالأيدي المنافسة الخفية للدولة من الخارج هي التي أشعلت هاتين الثورتين، ثم انحصرتا في مكانهما، فلم تنتشرا إلى جيرانهما، بل كان الجيران هم الذين هبوا فاطفأوهما.

لقد كانت هاتان الثورتان على الإمام عبد الوهاب كنار تشتغل في سفينة في بحر خضم، تنحصر في مكانها، وكل ما حولها ضد لها، ومما يساعد على إطفائها!

سنبين أسباب هاتين الثورتين في باب إمامة الإمام عبد الوهاب، فترى إنها خارجية، وكذلك الفتن التي وقعت في العاصمة التي فتحت ذراعيها لكل الناس، فأرسل إليها العباسيون أفواجا من جواسيسها وطابورها الخامس فأشعل النار فيها، ووقعت الفتن التي وقعت في آخر أيام الدولة في عهد أبي بكر بن افلح، وابن أخيه أبي حاتم، وكانت فتنة محصورة في العاصمة التي يسكنها الملوكيون العباسيون الحاقدون على الدولة الجمهورية، لم تتسرب إلى الخارج، فبقيت الدولة الواسعة الأطراف هادئة ساكنة ملتفة حول إمامها. لقد كانت تشتمل على اغلب المغرب الأوسط، وعلى جنوب تونس كله إلى شمال [قفصة]، وعلى طرابلس كلها شمالها وجنوبها إلا المدينة. هذه هي أطراف الدولة ونطاقها، وكانت ساكنة أيام هذه الفتنة التي شبت في العاصمة لم تشارك فيها، بل هبت النواحي كلها فالتفت حول الإمام فأطفأ الفتنة، وطهر العاصمة، وارجع السكون والطاعة والاطمئنان لها. إن تلك الفتن أثارها العباسيون الذين آلوا أن يقضوا على الدولة الرستمية والدولة الإدريسية، فلم يستطيعوا ذلك بالقوة فعمدوا إلى الدس والفتنة، فاغتالوا إدريس الأكبر رضي الله عنه، وفسدوا على إدريس الأصغر بهلول بن عبد الواحد المضغري، وإسحاق بن محمد الأوربي وغيرهما من رؤساء القبائل البربرية ليصدعو الدولة بالفتن الداخلية، ويبلغوا مرامهم في الأدارسة فيقضوا عليهم في المغرب. وعمدوا إلى مثل ذلك في الدولة الرستمية فدسوا في عاصمتهما جواسيسهم، فأشعلوا فيها الفتن، ولكنها بقيت محصورة في العاصمة، ولم تخرج منها، ومرضت هي وحدها لوجود الجراثيم العباسية فيها، وظلت بقية الدولة على الرضى والولاء والتمسك بإمامها، واستمرت على تأييدها له. فأسرعت إليه لواتة، وهوارة، ونفوسة، ومزاتة، صنهاجة، وكل القبائل، فوقعت في صفه، فأطفأ الفتنة العباسية في العاصمة، وقضى على دسائس الملوكية المستبدة فيها.

إن تلك الفتنة التي وقعت مرتين في شيخوخة الدولة الرستمية، وفي آخر أيامها، قد وقعت في العاصمة، وأشعلها وقادها العباسيون فانحصرت فيها. إنها عين وقع فيها القذى فاحمرت ودمعت. وبقية الجسم على سلامته وصحته لم ينله الأذى!

إن بعض المؤرخين الذين تخلقت في نفوسهم عقد موروثة مزمنة بالدعاية العبيدية والملوكية التي استمرت عشرة قرون في كل براعة وحماس ضد الدولة الرستمية الجمهورية، قد حصروا نظرهم في العاصمة لما كتبوا عن فتنتها، فرأوها تنزي بالغضب الذي بشعله فيها العباسيون، وتمور بالفتنة التي بثها فيها الملوكيون الحاقدون على الجمهورية الإسلامية العادلة فقالوا: إن الدولة ساخطة على أئمتها لأنهم أجانب عنها لم ينسجموا بها، وأبو أن يستعملوا عقولهم ليدركوا أسباب تلك الفتنة، ويوسعوا نظرتهم ليعلموا إنها في العاصمة وحدها. أنهم يدخلون رءوسهم في جيوبهم، ويضيقون نظرتهم فلا تبدو لهم إلا العورات... ! !

كانت الدولة الرستمية دولة الاستقرار والهناء، ودولة الطمأنينة والسعادة. لم يقع لها من الاهتزاز إلا ما لابد به للدوحة العالية التي تبسط فروعها في الجو العالي، فذلك الاهتزاز من خارجها بالعاصفة لا من داخلها!

ومن النتائج الحسنة لاستقرار الدولة الرستمية، ودلائل هدوئها ورضاها، وحبها لائمتها أن أئمة الدولة ورؤساءها ظلوا كلهم في عرش الإمام، ورئاسة الدولة إلى أن أدركهم اجلهم، لم يثر عليهم ثائر، ولا نافسهم منافس على طول أيامهم في الرئاسة؛ ولم يخلعهم معتد ويستلب الرئاسة منهم ويحل محلهم، وذلك لان الدولة جمهورية لا تغتصب رئاستها، والدولة راضية عن أئمتها لا يمكن لمنافس أن يخلعهم.

لقد ولى الإمام عبد بالرحمن بن رستم رئاسة الدولة منذ نشأتها في سنة 144 هـ وتوفي في سنة 171 فمدته في الرئاسة ست وعشرون سنة. وولي الإمام عبد الوهاب رئاسة الدولة في سنة. 171 ه. وتوفي في سنة 311 فمدته في رئاسة الدولة أربعون سنة. وولى الإمام افلح الإمامة بعده في سنة 211 وتوفي في سنة 240 فمدته في الإمامة تسع وثلاثون سنة. وجاء أبو اليقظان بعد أبي بكر الذي ارتكب الذنب الذي أسلفنا فاعتزل الإمامة ومات غما وحسرة وندما، ولي أبو اليقظان الإمامة في سنة 241 وتوفي سنة 281 فمدته في الإمامة أربعون سنة. وولي الإمامة بعده أبو حاتم يوسف في

سنة 281 واستمر أربع عشرة سنة إلى أن هرمت الدولة هرم الموت، ومرضت مرض الزوال، فعدا عليه أبناء أخيه فقتلوه، ثم انقرضت الدولة بعده فكان آخر إمام.

إن الدولة الرستمية أطول أجلا من الدولة الأغلبية. لقد سبقتها في النشأة بأربعين سنة كاملة. وكانت أوسع منها رقعة، وأكثر أجناسا ومذاهب واديانا. لقد فتحت أبوابها لكل الناس، وقصدها لعدلها وعلمها وحضارتها وجمال موقعها كل الطوائف والأجناس.

ومع هذا لا نجد فيها من القلاقل والفتن ولثورات بعض ما كان يرج الدولة الأغلبية ويزعزع أركانها، لسخط الشعب فيها، والتنافس الذي كان يقع بين الملكيين فيها على الرئاسة والسلطان.

كان عمر الدولة الأغلبية اثني عشر ومائة سنة. وقد وقع فيها من الثورات العارمة التي زعزعت أركانها، وخضبت صفحتها بالدماء، وعكرت صفاءها، تسع عشرة ثورة وقعت في أنحاء الدولة، اغلبها كان من الشعب الثائر لسوء سياسة الملوك والولاة.

وكان الزاب في اغلب عهوده ثائرا على الدولة الأغلبية. وكانت تخضعه بالقوة، وتخلق سكونه بالخوف، وترضخه بالجيوش الكثيرة التي ترابط في ثغوره وهي على أهبة دائمة للحرب. ومع هذا فقد ثار عليها مرارا. وأرادت الدولة الملكية أن ترضخه، فأعملت السيف في صغاره وكباره !3

قال ابن عذارى: "وفي سنة 268 كان فتك إبراهيم بن الأغلب بأهل الزاب، فقتلهم، وقتل أطفالهم، وحملوا على العجل إلى الحفر فالقوا فيها"4 والعجل جمع عجلة وهي العربة. وذلك لكثرة القتلى، وتراكم الضحايا.

وقد تولى الملك في هذه الدولة احد عشر ملكا. أما الدولة الرستمية فكان عمرها اثنين وخمسين ومائة عام. فهي تكبر الدولة الأغلبية بأربعين سنة. وتولى إمامة الدولة فيها ستة رؤساء للدولة فقط. ولم يقع فيها من الحروب الداخلية إلا سبع زوابع وقعت ست منها في العاصمة التي يبث فيها جواسيس الملوكيين العباسيين سمومهم للقضاء على الإمامة الإسلامية، وتهديم الدولة الجمهورية العادلة. وكانت بقية نواحي الدولة في هذه الزوابع ساكنة. وكانت مؤيدة للإمام. إن هذه الزوابع السبع أربع منها من صنع الملكيين جيران الدولة الرستمية كما سنبين ذلك في مواطنه. وثلاثة فقط كانت بأسباب داخلية، وهي الحسد وحب الرئاسة، أو البطر بكثرة الغنى، وطول الاستقرار والهناء، وامن العدو الخارجي. وليست سوء سيرة الإمام ولا ظلمه، ولا سخط الرعية وتبرمها كما كان في الدولة الأغلبية الملكية.

لقد قارنا هذه المقارنة لان بعض المؤرخين في الأزمنة الأخيرة قد تأثر بالكتب الملكية المتعصبة التي تصور الدولة الرستمية على غير حقيقتها، وتعمل جاهدة لتشويه صفحتها لتغير القلوب عليها، وتبعد الناس عن الإمامة الإسلامية العادلة؛ فصور الدولة الرستمية بأنها دولة عديمة الاستقرار، :وان الحرب فيها اغلب من السلم، وان الحكومة أجنبية لا ثقة لها بالأمة"5 إلى غير ذلك من الهراء الذي يدل على عدم العمق في الدراسة، وعلى عدم التحري في الحكم، وعلى التأثر بالكتب الملوكية التي يجب أن نكون على حذر ويقظة فيها في تاريخ المغرب.

إن هؤلاء المؤرخين الذين صوروا الدولة الرستمية العادلة عديمة الاستقرار، وهي كما رأينا في قلة الزوابع الداخلية، وقد وصفوا الدولة الأغلبية التي رأيت عدد ثوراتها الداخلية بالاستقرار، وقلة البلبلة فقالوا: "والحكومة الأغلبية أقوى حكومات المغرب يومئذ على حفظ الأمن، وأحسنها سياسة للرعية.

وقالوا: وقبل البربر والعرب سيادة الأغالبة فلم يلقوا اضطرابات داخلية.ولا وقعوا بين هجمات شرقية وغربية"6.

هذا هو الغلط الذي وقع فيه بعض علمائنا الكبار، ومؤرخينا المحدثين، ومن يعتد المغرب الحديث بعلمهم وسعة اطلاعهم، وغزارة علمهم. وسنجلو هذا الغلط في باب مقبل حتى لا يقع فيه أبناؤنا، فنظلم أجدادنا، ونشوه صفحة من أغر صفحات المغرب الكبير، ونقع في الغلط الفاحش الذي يأباه عصرنا الذي يتقيد بالمنطق في البحث العلمي، ويفرض العمق والنزاهة في الأحكام.

إن الدولة الأغلبية دولتنا، وهي جزء من تاريخنا الجميل. وسأبين النواحي العظيمة فيها، واكتب فيها كتابة تحليلية تبرز خصائصها الجميلة كلها، وأفرد لها من الجزء الرابع لهذا الكتاب معظمه؛ ولكن بعض المؤرخين المحدثين الذين حكموا حكما خاطئا على الدولتين، ويوقعون ناشئتنا في أخطاء تاريخية، ويقدمون إليهم معلومات غير صحيحة؛ فكان لزاما علينا أن نعقد هذه المقارنة بينهما، ونصحح ما اخطأوا فيه، ونستدرك ما فات أولئك المؤرخين المحدثين الذين نعدهم سلفنا الصالح في العلم، ومن أول من شق الطريق في المهامه المجهولة في تاريخ المغرب الكبير، فأسدوا إلينا اليد الجلي، وقدموا إلينا المنة العظمى. وسبحان من لا يخطئ ولا يزل. والعصمة والكمال لله العلي الكبير وحده!

كانت الدولة الرستمية تنعم بالاستقرار لأنها كانت متمسكة بالدين. فدستورها هو القرآن والسنة! ومن يتمسك بالدين يؤته الله كل سعادة وقوة، وكل نعيم وهناء، ويكن الله معه، فينام هانئا مطمئنا في كنف الله، ويعيش قرير العين ساكنا في حماه.

هذه هي الدولة الرستمية من حيث الاستقرار والهناء، فكيف كانت مع جيرانها:

الدولة الإدريسية، ودولة بني واسول، والدولة الأغلبية، والدولة الأموية في الأندلس. أكانت تشاكسها، وتعتدي عليها، وتبث الفتنة والبغضاء فيها، وتتربص بها الدوائر كما كان يفعل بها وبالدولة المغربية المستقلة العباسيون؟

وعل كانت ترفع السيف على المعارضين، وتغرق الساحات بدماء المنتقدين من رعيتها كما يفعل الملوك الغاشمون؟

وهل هي دولة قامت عل السيف. فغبار الجيوش الغازية للنواحي هي التي أنبتتها، وكانت السحب الممطرة التي أبرزتها، والعساكر الجرارة هي التي ضمت الأقطار والنواحي إليها كما كان في الدول الملوكية المستبدة العباسية وغيرها، أم أنها دولة قامت على العقيدة الواحدة، وتكونت بالمعاني والعوامل الروحية؟

-----------------------

1-نار الزبل لا يعلو لهيبها فهي أكثر النيران دخانا ونتنا.

2-النهر إذا جف تشقق وانتشرت فيه الأخاديد.

3-إذا قلنا الإمامة فالمراد بها رئاسة الدولة وكذلك الإمام. وسمى رئيس الدولة في الجمهورية الإسلامية إماما لأنه يؤمهم في المسجد الجامع أيضا. فهو أمامهم في الدين.

4-البيان المغرب ج 1 ص 158 ط. مكتبة صادر 1950 م

5-تاريخ الجزائر في القدم والحديث ج 1 ص 33 .

6-نفس الكتاب ص 66 ط الجزائر 1350 ه.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 359


شخصيات من العهد الرابع

شخصيات من العهد الرابع

c 7شخصيات الفترة من 1882م إلى 1912م 

الشّيخ الحاج أحمد بن داود معيز، من مليكة 
الشّيخ الحاج بابكر بن الحاج مسعود، من غرداية 
الشّيخ الحاج عبد الرّحمن بن عمر نوح، من بني يزقن 
قطب الأئمّة الشّيخ امحمّد بن الحاج يوسف طْفَيَّشْ 
الحاج صالح بن محمّد بومعقل الغرداوي 
الشّيخ الحاج محمّد بن الحاج قاسم بن الشيخ بالحاج القراري 
الحاج النّاصر بن الحاج إبراهيم الدّاغور
الشّيخ الحاج إبراهيم بن عيسى الأبريكي، من القرارة 
الشّيخ الحاج عمر بن يحي المليكي، من القرارة 
الشيخ الحاج إسماعيل بن الحاج إبراهيم زرقون  
الشّيخ الحاج عمر بن حّمو باكلّي

  

شخصيات الفترة من 1912م إلى 1947م  

امّه بنت سليمان بَابَّازْ، من غرداية   

الشّيخ الحاج صالح بن عمر لَعْلِي 

حَمُّودْ بن سليمان رمضان  

عيسى بن بالحاج الحويذق، من بني يزقن  

الحاج بن يحي الزَوَّاْي، من بني يزقن  

يحي بن قاسم باعامر، من مليكة  

الشّيخ الحاج محمّد بن باحمد الشّريف  

الشّيخ الحاج بكير بن الحاج إبراهيم العنق  

الشّيخ الحاج عمر بن الحاج مسعود  

عائشة بنت عمر نوح  

التّاجر محمّد بن بكير ابن زكري  

عبد الله بن الحاج صالح البليدي بوكامل  

الحاج سليمان بن إبراهيم باعامر  

الشّيخ إبراهيم بن بكير حفّار  

الشّيخ محمّد بن صالح الثّميني  

الشّيخ أبو إسحاق إبراهيم طْفَيَّشْ  

الشّيخ أبو اليقظان إبراهيم بن عيسى حمدي  

الشّاعر مفدي زكرياء بن سليمان الشيخ

الشّيخ إبراهيم بن بانوح مَطْيَازْ  

الفرقد سليمان بن يحي بوجناح 

شخصيات الفترة من 1947م إلى 1962م

الشّيخ حمّو بن باحمد بابا أُوموسى  

الدكتور بكير بن عيسى قضِّي   

الدكتور إبراهيم بن عبد الله تِرِشِينْ  

الشّهيد إبراهيم بالحاج حجوط  

المجاهد عمر بن عيسى الحاج أمحمّد  

الحاج إبراهيم بن الحاج بكير دَادِّي أُوعْمَر  

الشيخ صالح بن قاسم بابكر  

الشّيخ إبراهيم بن عمر بَيُّوض  

الشّيخ محمّد بن علي دبّوز  

الشّيخ يوسف بن بكير حمو أُوعْلِي  

الشّيخ عبد الرّحمن بن عمر باكلّي  

الشّيخ الحاج محمّد بن الحاج يوسف بابانو  

الشاعر صالح بن صالح الخرفي   

شروق أونلاين تاريخ مزاب

من نحن المزابيون :


المزابيون : نحن شعب أصيل ، سكنا منذ أقدم العصور بمنطقة الشبكة و نسبت إلينا و هي منطقة صخرية صحراوية تقع جنوب الجزائر بـ 600 كلم و هي منطقة قديمة جدا منذ العصور الحجرية و قد وجدت أكثر من 2900 أداة استعملها جدّنا الإنسان المزابي البدائي في المنطقة .
نمتاز بالتمسك بالدين و الإلتزام و الخلق الحسن و لا نصدر أمرا إلا إذا وافقه الدين و الشرع .
ننحدر نحن المزابيون من قبيلة مصعب الأمازيغية من قبيلة زناتة ، و كلمة -مزاب- محرفة من كلمة - مصعب - و سبب تحريف مصعب إلى مزاب أن الأمازيغ و نحن المزابيين خاصة نحرف الصاد زايًا في العربية ، كالصلاة مثلا التي نسميها تْزَالِّيتْ .
من هنا جاء التسلسل النطقي للكلمة ، فقلنا مصعب ثم مصاب ثم مزاب و مزاب.
و مصعب هو مصعب بن بادين انتقل بنوه إلى الوادي في العصر الحجري و استقروا به مع أولاد عمهم عبد الواد و عائلات أمازيغية أخرى فيه نظرا للظروف الملائمة للعيش به.
و قد نسبت المنطقة إلينا نحن المزابيين فسميت : بادية بني مصعب أو وادي مصعب أو وادي مزاب أو مصاب .
نقرأ القرآن الكريم كأهل المغرب برواية ورش عن نافع .
إداريًا يقع وادي مزاب في ولاية تغردايت ( التي حرفت إلى : غرداية ) تحت الرقم : 47 .
و للتعرف أكثر على تاريخنا اذهب إلى صفحة تاريخنا .


من نحن الأمازيغ:

نحن الأمازيغ أبناء مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام .
كنا أول عهدنا في العصور البدائية بالشام مع أبناء عمنا فلسطين فوقعت بيننا و بينهم حروب ، فهاجرنا نحن الأمازيغ من الشام ، و سرنا إلى المغرب عبر مصر و استوطناه في العصر الحجري و عمرناه من غرب النيل إلى المحيط الأطلسي .
ننقسم نحن الأمازيغ إلى قسمين : البرانس و البتر ، كل فرع يتشعب إلى قبائل كثيرة لا تحصى ، فشعب زناتة الذي ينتمي إليه بنو مصعب هو أحد شعوب البتر .

و قد كان المصعبيون يسكنون بجوار منطقة نفوسة في ليبيا ثم إلى جبال الأوراس بالجزائر ، ثم إلى منطقة مليانة ثم إلى ورجلان (ورقلة) ثم إلى وادي مْزاب .

لغتنا المزابية:


أصل لغتنا المزابية زناتية و هما تتفرعان من اللغة الأمازيغية الأصلية الأصيلة ، و لغتنا المزابية قريبة من القورارية و الشاوية و الشلحية و النفوسية.
من خصائصها الإبتداء بالساكن للأسماء مثل قولنا (تْمَارْتْ) للِّحية و ( تْفُويْتْ) للشمس و من خصائصها كذلك اجتماع ساكنين في نهاية الكلمة كما في المثالين السابقين.
تاء التأنيث تكون في أوّل الإسم فنقول )تَبَجْنَ) للرأس . و قد يكون المؤنث في لغتنا المزابية مختوما بتاء كذلك ، و من ذلك قولنا (تْوَارْتْ) لأنثى الأسد.
كما أنّ من خصائصها عدم وجود صيغة التثنية و تستبدل بصيغة جمع كما في كثير من اللغات .
إن لغتنا المزابية غنية بالأمثال التي تغني عن الكلام الطويل مما يدل على حكمة أجدادنا مثل :

( وِيُّوفِينْ وَلْيَطِّيفْ أََدِبْرَسْ وَلْيَتِّيفْ) و معناه : من وجد و لم يقبض بَحث و لم يجد ، و نضربه لمن يضيع الفرص .
و من الكنايات المزابية قولنا : ( يَقَّنْ سْوُولْمَانْ) ومعناه : مربوط بخيط واهن ، و هو كناية عن عدم إحكام الأمور .
و لنا نحن المزابيين قصائد شعرية نتغنى بها في المناسبات كوقت الدرس للفلاحين ، و أوقات النسج للنسوة ، و في الأعراس ، و الأعياد الدينية.
تأثرت لغتنا المزابية كثيرا بالعربية لغة القرآن الكريم ، لكن الألفاظ المقتبسة منها لم تبق على هيئتها الأولى بل صغناها على قواعد لغتنا و ركبناها تركيبا جديدا ، فانسجمت مع لغتنا المزابية ، و صارت جزءا منها ، و خرجت من نطاق اللغة العربية ، لا ينتبه إليها إلا من عرف أصلها ، فكلمة (أَمْبَارْشْ) أصلها مبارك ، وكلمة (يَتْزَالَّ) أصلها يصلي.



قصور وادي مزاب

 من مظاهر حضارة المزابيين مدنهم و فنها المعماري , و عدده المدن الرئيسية العامرة إلى الآن سبعة ، باستثناء القصور التاريخية العتيقة ، و التي لم يبق منها سوى بعض الآثار .
و ستجدون صورا لمختلف هذه المدن في صفحة صور مزاب.
الملاحظ في مدن مزاب السبع بأن خمسًا منها و هي : تَجْنِينْتْ , آت بونور , تَغَرْدَايْتْ , آتَمْليشْتْ , آت اِيزْجَنْ , متجاورة من بعضها البعض , و لا تبعد عن بعضها سوى ببضع كيلومترات ، و تعرف بالقرى الخمس , أما مدينتي : آت ايبَرْ?ـان , و تيـ?ْرار , فهما بعيدتان عن المدن السبع السابقة , آت ايبَرْ?ـان :45 كلم شمالا , و تيـ?ْرار : 110 كلم شرقا .
و قد بنيت كل هذه المدن فوق مرتفعات , لأهداف كثيرة , و بهندسة معمارية مميزة جذبت المهندسين من جميع أنحاء العالم. تتعرف عليها في صفحة : الهندسة المعمارية .
و في ظروف غير معروفة ، حُرِّفت أسماء هذه المدن إلى أسماء عربية و أعرابية ، ومازالت أسباب هذا التحريف محل بحث من طرف الشبكة المزابية .

1 - تَاجْنِينْتْ :
تُعد من أقدم القصور السبع , يقصد بهذه الكلمة المكان المنخفض , أسسها الشيخ خليفة بن آبغور سنة 402 هـ 1012م , تقع على بعد سبع كيلومترات من آت بونور ، حُرِّف اسمها إلى : العطف .

2 - آتْ بونورْ :
أُنشئت سنة : 457 هـ - 1065 م , و اسمها نسبة إلى القبيلة المصعبية التي بَنَت و سكنت هذه المدينة قديما , تتميز آت بونور بأنها مبنية فوق ربوة صخرية منيعة جدا ، مما شكل لها سورا طبيعيا تقع قرب آت ايزجن ، حُرِّف اسمها إلى : بونورة .

3 - تَغَرْدَايْتْ :

أُنشِئت سنة 447 هـ - 1053م , و أول من سكنها الشيوخ : بابا وَالجَمَّة , و أبو عيسى بن علوان و بابا سعد , وأصل تسميتها : تَغَرْدَايْتْ بالمزابية و هي القطعة المستصلحة من الأرض , والواقعة على حافة الوادي , وتوجد عدة قرى تحمل نفس الدلالة في أرجاء المغرب الإسلامي ، و هي أول مدينة تُشاهَد عند القدوم من الشمال ، حُرِّف اسمها إلى : غرداية .

4 - آتْ اِيزْجَنْ :
أُسّست سنة : 720 هـ - 1321 م ، و اسمها نسبة إلى القبيلة المصعبية التي سكنت المدينة .
تعتبر آت ايزجن , من عواصم العراقة العلمية و الدينية , و هي المدينة الوحيدة التي حافظت على أصالتها المزابية من كل النواحي إلى اليوم ، و تعتبر المدينة المزابية المثالية ، و من أهم مميزاتها ، سورها الذي لايزال قائما إلى اليوم ، و تقع بعد آت امْليشْتْ .

5 - آ ت مْلِيشْتْ :
أسست عام 756 هـ - 1355م , اسمها نسبة إلى " مْلِيكْشْ " أحد زعماء قبيلة زناتة التي تنتمي إليها قبيلة بني مصعب تقع على هضبة مرتفعة نسبيا بين قصري تغردايت و آت ايزجن ، يستطيع الناظر منها أن يرى القصور الثلاث : تغردايت ، آت ايزجن ، و آت بونور .

6 - تِيـ?ْرَارْ :
أسست سنة : 1040 هـ - 1631م , معنى تسميتها : الجبال البيضوية التي بجانبها سهول صغيرة مقعرة بستقر فيها الماء .
تقع على بعد حوالي 110 كلم شرق القرى الخمس ، وهي على أرض طينية ، على خلاف المدن الأخرى التي تقع على جبال صخرية ، و تشتهر بواحتها الشاسعة التي يسقيها وادي ز?ْرير .

7 - آت ايبَرْ?ـان :
أُنشئت سنة : 1060هـ - 1690 م , و هي خيمة مصنوعة من الوبر , وقد كان أهلها ذوي خبرة في نسج هذا النوع من الخيم .
تقع في تقاطع الأودية الثلاثة : بالُّوحْ ، السّودان ، و وادي نْ سَا .

اللباس التقليدي القومي المزابي :

لا يمتلكها سواه , و منها بضع الخصائص الرئيسية التي ما فتئ المزابيون يدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة ضد تيارات الغرب المفسدة , و من مظاهر تمسك المزابيين بأصالتهم , لباسهم التقليدي , و الذي يواظب المزابيون على ارتدائه إلى يومنا هذا سواء في المناسبات أو غيرها , و عادة ما يعتبر من لم يلتزم بهذا اللباس في مزاب غريبا و شاذّا عن المزابيين و لو كان مزابيا .

و هذا الإلتزام إن دل على شيء , فإنما يدل على الروح المزابية الإسلامية الأصيلة , التي تأبى إلا المحافظة على الأصالة العريقة , و الوحدة و الأخوة التي يلتزم بها المزابيون , إذ أن ارتداء جميع المزابيين لباسا واحدا , بحيث لا يتميز غنيهم عن فقيرهم , يدل على روح الوحدة و الأخوة , و أنهم طبقوا حقا قول الله تعالى : " و اعتصموا بحبل الله جميعا و لاتفرقوا " , و يدل على أنهم رفضوا تماما التيارات الغربية المنضوية تحت اسم : ( العولمة ) , التي فسخت الشباب الإسلامي تماما إناثا و ذكورا للأسف الشديد .

يتكون اللباس المزابي التقليدي من سروال مترابط غير مفصل على الرجلين و هو منتشر في بوادي مصر و الشام , و طاقية بيضاء تطبيقا لسنة الرسول (ص) في تغطية الرأس ، و هناك كذلك القميص المزابي المعروف بـ : تاجربيت ، و قد تقلص استعماله إلى المناسبات .
يكون سروال أبيضا في المناسبات و الأعياد و أوقات الصلاة و الإجتماعات , أما في وقت العمل , فيرتدي المزابيون سروالا ملونا حفاظا على النظافة , و لا ينزعون الطاقية .
في أوقات الصلاة يرتدي المزابيون اللباس السابق ذكره , و يرتدون فوقه جبة بيضاء تعبر مرة أخرى على اتحاد المزابيين , و لايدخل مزابي المسجد عادة دون جبة بيضاء .

أما النساء , فهن يرتدين جميعا لباسا موحدا , عبارة عن قطعة قماش كبيرة تلفها المرأة حول جسمها كله , بحيث لايظهر منها شيء , و لا تترك إلا فتحة صغيرة حول العين لترى بها ، في صورة مميزة لتطبيق التعاليم الإسلامية .
لعل البعض يظن أن فرض اللباس الشرعي المحتشم على النساء جمود و جفاف ديني من المزابيين , إنما هو اتباع لتعاليم الدين الحنيف بحذافيره , دون أي مزايدة , كما أمر ربنا عز و جل .

لماذا الأبيض ؟ :

يرتدي المزابيون الأبيض لأنه هو الذي حبّب إليه الرسول (ص) في قوله : " عليكم بالبياض , ألبسوه أحياءكم , وكفنوا به أمواتكم " .
كما أن الأبيض جميل من أصله, لأنه لونه التفاؤل و الخير لدى كثير من المجتمعات , و الله يأمرنا بالزينة في المسجد في محكم آياته , إذ يقول : " خذوا زينتكم عند كل مسجد " , و لا يخفى على أحد أن الزينة تكون باللباس الأبيض الجميل , ثم أن اللون الأبيض سريع التأثر بالألوان , فإذا ما أصابته نجاسة سهلت رؤيتها و التعرف عليها .


 --------------------------------

echoroukonline.com

طائر الصرد ڤاوژرّين

Icon 08

ⴳⴰⵡⵥⴻⵔⵔⵉⵏ

ڤاوژرّين هو طائر الصرد أو الدقناش اسمه العلمي

(Lanius ludovicianus)

هو من سلالة "الجزّار" ومنه الصرد الرمادي الذي يعيش في بلاد الشبكة ويسمي الدقناش الأكحل هو أحد اصغر وأعجب أنواع الطيور الجارحة ويتميز بمنقاره المعقوف القصير، الذي يشبه منقار الصقر، وهو طائر قوي رغم صغر حجمه.

الصرد أحد انواع الجوارح الصغيرة هو صياد أكثر من ماهر ويتميّز بسلوك دموي أشرس من الصّقور لذلك يُطلق على هذه السلالة إسم "الجزّار" و من الظواهر المثيرة للدهشة يحمل ضحاياه إلى أحدى أشواك الشجر فتعليق فرائسه الحية عليها!

فهو قبل ان ينقض علي فرائسة يعمد الي الطيران البطئ المتموج، حيث يكون في طيرانه قريبا من سطح الأرض وقد يقوم بالطيران والهبوط عدة مرات على فريسته وينقرها بقوة حتى تخور قواها، ويستخدم منقاره الشّبيه بالخطّاف لمهاجم ويشرع بتقطيعها وأكلها في الحال، أو يحملها حية إلى أعلي شجرة حيث يمزقها و يأكلها.

هو طائر نهم يعتمد في غذائه علي مائدة منوعه منها الزواحف كالثعابين الصغيرة و العقارب و البرمائيات كالضفادع و الطيور الصغيرة و الحشرات مثل الجراد، أسد النمل، الصراصير، البق، الفراشات، الذباب، الخنافس و اليرقات، و الفئران و غيرها و أحيانا يقتات الصرد على الجيف، كما أنه شوهد و هو يلتقط القراد من ظهر الجمال و تلك من عجائبه.

 

طائر الصرد في السنة المشرفة

لقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله و سلم أنه نهى عن قتل أربع من الدوابمن بينها الصرد لأنه يلعب دوراً هاماً في توازن البيئة لان غالب غذائه هي الحشرات الضارة ويرقاتها!

 

أمثال وحكم مزابيةعن ڤـَوْژَرِّين

يتميز ڤـَوْژَرِّين بالنظر الثاقب فمن الأمثال الشعبية عند آت مژاب عندما يحدق شخص بآخر بعينيه بنظرات حادة يقال له  بالمزابية

" أد تينيم د تيطاوين ن ڤـَوْژَرِّين "

عادة تنوبا ⵜⵏⵓⴱⴰ

Icon 09

ففي كل دار من بني مزاب تقريبا وقف، حسب صغرها و كبرها من ستة أمداد إلى خمسة عشر مدا، من بر يصنع طعاما يلثث بالسمن على مقادير معينة حسب الأمداد بمكاييل خاصة تصنع من فخار، تسمى " نقاصة ".

وتختلف مقاديرها باختلاف القصور وادي مزاب من 2 كلغ إلى 900 غ ،ومقدار الأمداد لحمات وهي مقادير من لحم تقسم عليها الشاة 300 غ تقديرا ،وهي معلقة بالأملاك تنفد في مقابر معينة ،حسب ما نص عليها الواقف،و الغالب يوقفها في المقبرة التي يدفن فيها .

كما أن هذه الأوقاف هي رغبة كل موصي إذ كان عنده من الأملاك ما يمكن أن يعلقها فيه رجاء حفظها عملا بقوله (ص)" ينقطع عمل ابن آدم إلا من ثلاث علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية " رواه الجماعة.

وحسب نشأتها كان في زمن" الشيخ عيسى أو عيسى المليكي " من القرن 5 الهجري و ذلك أن بعض الفلاحين نظرا لما كانت تصيب محاصيلهم من آفات طبيعية، ارتأى أن يتصدق بمقدار منها رجاء أن الله تعالى يحفظها، فجمع بعض القراء فصنع لهم طعاما أكلوه بعد تلاوة ما تيسر من القرآن و الدعاء لحفظ الله ثمارهم من الهلاك .

فأصبحت عادة حميدة منذ ذلك الحقبة التاريخية إلى يوم الناس هذا ,وما روعي في تنفيذ

هذه الأوقاف ، أنها تنفد في الشتاء كما أن الجائع أشد إحساسا بالجوع و نظرا الشتاء

مظنة التعطيل عن العمل، فيجد الفقير في كل جمعة طعاما طيبا لا يتيسر له في بيته ،ربما يكفيه للأسبوع حيث أن الأوقاف كثيرة ،و الطعام مصنوع بكيفية يمكن حفظه للأيام و لا يفسد .

فقد أعطت تمارها قديما ،حيث أن أهل ميزاب لم يكونوا يعرفون حياة الرفاهية ،و لا السفر إلى التلول ، لجلب الخيرات فهم في ضعف ،يجعلهم يغتبطون بذلك فيشجعون أبنائهم على حفظ القرآن .

 

 

علماء إباضية من بني هلال وكتامة

علماء إباضية من بني هلال وكتامة

إذا ذكرنا جنايات تاريخية لبني هلال العرب أو لكتامة البربرية فلا يعني ذلك أنهم أعداؤنا , هذا تاريخ فقط , و عندنا علماء إباضية من بني هلال و كتامة نعتز بهم أمثال سالم بن ذكوان الهلالي الذي كان ضمن الوفد الاباضي الذي زار الخليفة الأموي العادل عمر بن عبد العزيز لتهنئته و نصحه , و له مخطوط فقهي في مكتبات عمان , و عندنا أبو ستة محمد بن عمرو السدويكشي الكتامي من علمائنا الكبار الذي شرح مسند الربيع بن حبيب

قال الشيخ مبارك الميلي : " من بطون كتامة سدويكش " تاريخ الجزائر 2/ 217

و إذا ذكرنا جنايات المعز بن باديس الصنهاجي فلا يعنى أن صنهاجة عدوة لنا و يوجد عندنا في مزاب من له أصول صنهاجية , و جاء في كتاب مبارك الميلي : " بمزاب لماية و أخلاط من صنهاجة " 2/214

و الشيخ متياز يقول أن آت مليكش الصنهاجيين هم من مؤسسي مدينة مليكة .

و نسبت إليهم تسميتها .

و إذا كان العنصر الزناتي هو الغالب عندنا فلا نزكي زناتة على الإطلاق , فقد كان زناتيو الشمال يغيرون على سدراتة و وارجلان مثل بني هلال , لأن السدراتيين كانوا أثرياء و لأن سدراتة كانت تشكل سوقا تجاريا عظيما تجتمع فيه سلع السودان الغربي و سلع الجزائر و الأندلس مما يغري الصعاليك من كل الأجناس

التاريخ متشابك و الحروب قامت على أسس مختلفة اقتصادية و سياسية و قبلية و دينية...

.

بقلم Med EL Berrian 

غار أجلو

غار أجلو

Icon 09Ifri n ajlu

ⵉⴼⵔⵉⴰⵊⵍⵓ

غار أجلو هو الغار الذي أسس فيه الشيخ ابو عبد الله محمد بن بكر بن أبي بكر الفرسطائي رحمه الله ت (440هـ) نظام العزابة سنة 409 هـ لذا يعرف بالغار التسعي، واتخذه معهدا لطلبته العزابة وتخرج من هذا المعهد كل مشائخ الإباضية المغاربة في القرن الخامس الهجري ويعرف بغار أجلو أو غار أجلو الشرقية ويوجد في بلدة تين يسليⵜⵉⵏⵢⴻⵙⵍⵉأو ما يعرف ببلدة تين باما طوسⵜⵉⵏⴱⴰⵎⴰⵟⵓⵚوهي بلدة أعمر حاليا بجانب (تڤرت). وتعرف كذلك قديما بمدينة أجلو الشرقية(1).

 

هذا الغار لا يزال إلى حدّ الآن في آجلو «بلدة اعمر» وهو على شكل سراديب ينزل إليها الإنسان مقسمة إلى غرف من صنع الإنسان، يحيط بها كثبان من الرمال من جميع الجهات حيث قبر الشيخ ويزار الآن باسم سيدي السائح لكثرة تجواله(2).

خلاف غار آجلو أو غار التسعي يوجد(3):

   1   غار أمجماج في جربة الذي ألف فيه ديوان الأشياخ.

    2   وغار بني أجاج بورجلان ورقلة .

   3   وغار أبي العباس ميمونبن أحمد المزاتي من علماء الطبقة 12 ( 600/550 ) 1203/1155م

  4    وغار صال أبي خليل الدركلي من علماء (ق3 هـ/9م) بجبل نفوسة

   5    وغار جبل أبي العباس ببني يزجن .

كل هذا عن غيران المغرب إما عن إباضية المشرق ففي البصرة :

  6  غار أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي عل ضاحية البصرة. وهو المعهد الذي نشر من خلاله المذهب الإباضي في المغرب الكبير والمشرق الاوسط فتخرج منه حملة العلم المغاربة الخمسة وحملة العلم المشارقة الخمسة في النصف الأول من القرن الثاني الهجري.

 

(1) (3)منقول بتصرف يسير  Bayuod Dabouz 

(2) الحيـاة العلمية بمنطـقة أريـغ للدكتور عمر بن لقمان حمو سليمان بوعصبانة

 

صور غار آجلو

 بعدسة الأستاذ Belgacem Abderrazak 

 

فيديوهات لغيران أخرى  فى منطقة صحراوية فى غرب جلال ولاية بسكرة

بعدسة الأستاذ Belgacem Abderrazak   

يقول الأستاذ بالقاسم عبد الرزاق المسجد بربري محلى حتى لا اجزم  بانه اباضي فليكن محلي جزائري،  تمنيت ان ينتبه الى الامر اركيولوجي اباضي ببساطة لان الجامعة الجزائرية لا تدرس خصائص العمران الاباضي البربري الافريقي الا كملامح عامة...

الزخارف ذات الاشكال الهندسية الحادة البسيطة تؤكد محلية المكان.لا زالت كهوف مجاورة لم يدخلها الناس ، ان لم يثبت انه مسجد اباضي فقد يكون من المعابد الدوناتوسية

المكان يقع تماما على خط اليمس الروماني....

  

 

لالا بلغويا لالا بلغوسا

Icon 08

ⵍⵍⴰ ⴱⴻⵍⵖⵓⵢⴰ ⵍⴰⵍⵍⴰ ⴱⴻⵍⵖⵓⵙⴰ

بلغويا(1) هي طائر صغيرأبلقشديد السواد كالغراب غرة بيضاء في الذقن والرأسوالذيل،لديه غناء رقيق، وتختلف تسميتها في  قصور مژاب بين لالا بلغويا أو  لالا بلغوسا وهي في تراثنا الشعبي  بمثابة "أزمول ن وشاشي"بمعنى رمز للتفاؤل وبشائر الخير والفرح. ورمز الحظ أو السعد حيث اشتق منه اسم لالا مسعودا، فمن بين الأهازيج الشعبية ما يردده الأطفال حين رؤيتهم لها :

" لالا بلغويا لالا بلغوياحوايانغ أمشان تجمي" بمعني احجزي لنا مكانا في الجنة.

وتروي في شأنها العديد من الأساطير فيقال أنها بشارة أبينا آدم عليه السلام وكذلك أنها هي الطائر الذي كان يحمل الأخبار إلى سيدنا نوح عليه السلام لما كان على ظهر سفينة النجاة.

-----------------

بلغويا(1):اسمه العلمي بالإنجليزية Oenanthe leucopygaوبالفرنسيةWhite-crowned Wheatearهو طائر صغير يكثر تواجده في الصحراء الكبرى الإفريقية يكسو ريشه للون اسود قاتم ماعدا الذيل وقمة الرأس فلهم لون ابيض، يألف العيش في المناطق الجافة والصحاري فبيئة هذا الطائر هي التلال الصخرية والمنحدرات الجافة وعلى السفوح حيث يبني أعشاشه في الشقوق في الصخور أو الجدران، وهو طائر انعزالي غير اجتماعي يتغذى أساسا على الحشرات والدود والنمل.

متابعة حلقة العزابة لنظام الأعراس

متابعة حلقة العزابة لنظام الأعراس

Icon 09

"...لذا تجد الحلقة حريصة كل الحرص على متابعة ومراقبة ما يجري في هذه المناسبات الاجتماعية، فتحدد المهر والصداق بكيفية ترضي الله ورسوله، لأنها إن لم تفعل ذلك طغت النزعات الفردية وظهرت المادية والمنافسات المظهرية بين العائلات بطريقة تؤثر حتما على المستوى المادي للفقير في هذا المجال سواء أتعلق الأمر بالمهر والصداق، أم بالحفلات والولائم التي تصحب هذه المناسبات عادة، وتطبيقا لهذا النظام البديع، نجد جماعة كل مدينة –عزابتها ومصلحيها- يتَّفقون على تحديد المهر للبكر والثيب، مهما تكن أسرتها وجمالها أو غنى الزوج أو فقره، فإذا جرت الخطبة، ووقع القبول، لا يبقى أمام الأصهار الجدد شيء يتفقون عليه إلا يوم الزفاف، فكل شيء معين من الحلي الذي يعطى للعروس إلى أقل شيء كجورب تلبسه، أو وشاح تتزين به، وهكذا لا تتراك الأمور لمن لا يحسن التصرف، فيبدد المال في غير محله، ويبقى الفقير أعزب لا يستطيع إحصان نفسه.

ويراعى في تحديد المهر وما يتبعه طاقة غالبية السكان وحالة معاشهم، وإن شاء الغني أن يزيد ويفضل فإلى ما بعد الأشهر الأولى من الزفاف، حتى لا يفسد على الناس هناءهم.

إن المسجد ينبغي أن يكون حاضرا في وقائع حفلات كلها من ألفها إلى ياءها، في إجمالها وتفصيلها، من لحظة إعلان الخطوبة وعقد الزواج إلى آخر محفل ينفض فيه المحتفلون كل إلى حال سبيله..."

 ----------------------------------

(01) كتاب "الإباضية في الغرب الإسلامي" الدكتور: زاهر الحجري - مكتبة الجيل الواعد الطبعة الأولى - ص162

المصدر nir-osra.org

مرتكزات الإباضية الفكرية

استمد الإباضية فقههم من المصادر نفسها التي استمدت منها المذاهب الفقهية: "القرآن، السنة، الإجماع، القياس، والاستدلال"، واستخدموا نفس طرق الفقهاء في استنباط الأحكام، وإن كانوا قد استندوا في بعض آرائهم إلى أحاديث وردت عن طريق أئمتهم لم تثبت عند علماء الحديث؛ حيث يرون أن أحاديث الآحاد توجب العمل فقط، ولا يحتج بها في العقائد، فوافقوا بذلك المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم.

  1. تخطئة التحكيم.
  2. عدم اشتراط القرشية في الإمام.
  3. صفات الله ليست زائدة على ذاته بل هي عين ذاته.
  4. امتناع رؤية الله سبحانه في الآخرة.
  5. أن القرآن حادث غير قديم ومخلوق لله سبحانه.
  6. أن الشفاعة لا تنال أهل الكبائر، وإنما هي تسرّع المؤمنين بدخول الجنة.
  7. أن مرتكب الكبيرة كافر نعمة، لا كافر ملّة.
  8. وجوب الخروج على الإمام الجائر.
  9. التولي لأولياء الله والحب لهم، والبغض لأعداء الله والبراءة منهم، والوقوف فيمن لم يعلم فيه موجب الولاية ولا البراءة.
  10. اختلف الإباضيون في إثبات عذاب القبر، فذهب قسم منهم إلى إنكاره موافقين بذلك سائر فرق الخوارج. وذهب قسم آخر إلى إثباته.
  11. وقد اعتدل الإباضية في مسألة القدر ووافقوا أهل السنة، فأثبتوا القدر خيره وشره من الله تعالى، وأن الله خالق كل شيء، وأن الإنسان فاعل لأفعاله الاختيارية مكتسب لها محاسب عليها، وبهذا المعتقد صرح زعمائهم كالنفوسي.
  12. عقيدة الإباضية في استواء الله وعلوه فإنهم يزعمون أن الله يستحيل أن يكون مختصًّا بجهة ما، بل هو في كل مكان. وهذا قول بالحلول وقول الغلاة الجهمية، ولهذا فقد فسر الإباضية معنى استواء الله على عرشه باستواء أمره وقدرته ولطفه فوق خلقه، أو استواء ملك ومقدرة وغلبة، وإذا قيل لهم: لم خص العرش بالاستيلاء والغلبة؟ أجابوا بجواب وقالوا: لعظمته، وقد خرجوا بهذه التأويلات عن المنهج الشرعي إلى إعمال العقل واللغة بتكلف ظاهر مخالف للاعتقاد السليم والمنطق والفطرة.
  13. كما أنكر الإباضية الميزان أنكروا كذلك الصراط، وقالوا: إنه ليس بجسر على ظهر جهنم، وذهب بعضهم- وهم قلة- إلى إثبات الصراط بأنه جسر ممدود على متن جهنم.
  14. ويجيز الإباضية التقية خلافاً لأكثر الخوارج.
  15. 15-إنكار جواز المسح على الخفين، وأن الصلاة لا تجوز إلا بغسل الرجلين.
  16. انفردوا بقولهم: إن الركعتين الأوليين من الظهر والعصر يُقرأ فيهما بفاتحة الكتاب فقط، خلافا لجميع المذاهب، التي ترى قراءة سورة مع الفاتحة.
  17. ذهبت الإباضية إلى عدم إجازة الآتي: "القنوت في الصلاة، رفع الأيدي في التكبير، تحريك السبابة عند التشهد، الجهر بكلمة "آمين" بعد قراءة الفاتحة في الصلاة، وزيادة "الصلاة خير من النوم" في آذان الفجر.
  18. قولهم: إن مرتكب الكبيرة كافر، ويفسرون بأن معناها كفر النعمة، هذا في الدنيا.. أما في الآخرة فيرونه مخلدًا في النار.
  19. وينكرون رؤية المؤمنين لربهم في الجنة بأبصارهم، ويقولون: إن صفات الله هي عين ذاته، وأن الاسم والصفة بمعنى واحد، كما أنهم يؤولون صفات الله الخبرية كالاستواء والنزول والمجيء، وكاليد والوجه والعين والنفس.

مقال: الإباضية.. النشأة .. التاريخ.. والواقع

منقول من موقعhttp://www.islamist-movements.com

مزايا البربر

كان الرجل البربري مثالا في الشجاعة والإقدام، ونهاية في الصبر والتحمل، وغاية في حب العمل والنشاط. فجو بلادهم المعتدل جعلهم على النشاط لا على الفتور، وعلى حب العمل لا على حب الراحة، ومع الأمانة التي خلقتها فيهم النفسية العلمية والاعتداد بالنفس، وحب الكمال الذي جبلهم عليه احترامهم لأنفسهم وغرامهم بالعلو والحسن في كل الأشياء.

وكان البربر على الاعتدال في الأجسام، والمتانة في البنيان، لجودة الهواء، وقوة الغذاء، واعتدال الإقليم، ومواصلة الأعمال، وبذل الجهد فيها.

وكانوا على جمال الذوق. إن البيئة الطبيعية الجميلة التي أنشأوا فيها هذبت أذواقهم، وأرهفت نفوسهم، فنشأوا محبين للجمال، ويسبغونه على أشيائهم، ويتطلبونه في كل أمورهم. وكانوا في الذكاء اقل من ذوي المناطق الحارة، وكثير من الأمم الشرقية، ولكنهم كانوا أحسن منها في متانة الأخلاق، وفي حب العمل والنشاط، وفي التمسك بالشخصية والاعتدال بالنفس. والمرء يتفوق في الحياة بأخلاقه العظيمة وبحبه للعمل، وإتقانه له، وبأمانته وطموحه وعفته، ولا بذكائه وحده، ولا بعمله الذي لا يقترن بالأخلاق السامية !

وكان البربر لنشاطهم وحبهم، وطموحهم، ويتقنون أعمالهم، ويبذلون كل الجهد في تحسينها والبلوغ بها إلى أعلى مرتبة يستطيعونها.

وكان البربر متمسكين بشخصيتهم، ثابتين على مبدإهم، يموتون في سبيل عقيدتهم ويضحون بكل شيء في سبيل ما يؤمنون به، لا يتسرعون إلى الأخذ بالجديد حتى يوقنوا انه أحسن من القديم الذي عندهم.

وكان البربر على الاعتدال في المزاج، طبعهم بذلك جوهم المعتدل، لا يغلب عليهم المزاج والعبث، ولا يجمد بهم الوقار البالغ، والتزمت المميت. إنهم إلى الوقار أميل والجد عليهم اغلب، ولكنهم على المرح في النفوس، يحبون الدعابة في مواطنها، ويهوون المزاح في أماكنه، لا يرون الحياة كلها ضحكا ولهوا، ومزاحا وعبثا، بل يجدون في اغلب الأوقات، وإذا ركنوا إلى الراحة للاستجمام امتلأت مجالسهم بالنكتة المضحكة، وتعالت من نواديهم النغمة المطربة، ورأيت المرح والأنس الذي يقصر به الزمن و ما يعمر تلك المجالس، وما يؤثره البربر ولا يرضون غيره في تلك المواطن. لهذه الأوصاف الخلقية الحسنة والخلقية، ورغب فيهم المملوك والأمراء، ليسدوا بهم الثغور، ويستخدمونهم فيما يستدعي متانة في الأخلاق، وأمانة ورزانة، وشجاعة وقوة، واتقانا ونشاطا، وجمالا  في الذوق، وسدادا في التدبير، كالقيادة للجيوش، والحراسة للثغور، والمقارعة في بالحروب، وإدارة القصور، والقيام على المال.

ومما يمتاز به البربري ويفوق فيه الفارسي والرومي الإخلاص وصفاء النفس. إنهم لا يكنون بغضا موروثا للعرب، وعداوة قديمة لبني سام. فهو مستعد لحب كل من يعجب بكماله، ويروعه بحسن سلوكه، ويغمره بإحسانه وفضله. ليست لهم عقد نفسية موروثة تعبدهم عن العرب، بل هم يمتزجون بهم امتزاج الماء بالماء، ويخلصون لهم إخلاص الخل الوفي، والمحب الوامق. لذلك رغب الملوك الأمويون والعباسيون في استخدامهم، والاعتماد عليهم وحيازتهم في جيوشهم وقصورهم وثغورهم الكبيرة.

 

محمد علي دبوز  تاريخ المغرب الكبير ج2  ص147-148

مما يجوز فيه الخلاف

من الإعتزال إلى الإباضية

  • ديانة البربر قبل الإسلام

    image1
    كان قدماء البربر يعتقدون وجود إله يسمونه " عَمُونْ" أو " أَمُونْ " و لكن يرون أنّه ليس له وجود مستقل, وإنّما هو روح تحلّ ببعض الكائنات و المظاهر فيعبدونها. من هذه الكائنات :
    أ ـ الكواكب : كانوا يعبدون منها الشمس والقمر.
    ب ـ الحيوانات : كانوايعبدون الثور والكبش والأفعى والبوم والطاوس والهر.
    ج ـ الروحانيات : كانوا يعتقدون وجود أرواح كالجن في بعض العناصر الطبيعية كالعيون والأحجار والأشجار, يتوسّلون بها لقضاء حوائجهم.
    د ـ الأموات : كانوا يعبدون موتاهم ويقدّسونهم ويخشون غضبهمومع انتهاء الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا عام 84هـ/703م, اعتنق البربر الإسلام و...

    اقرأ المزيد

  • أوّل مذاهب بني مزاب في الإسلام (المعتزلي)

    image3

    كان وادي مزاب قبل استيطان الاباضية له آهلا بالسكان المعتزلة الواصليين ومن سبقهم يسكنون القرى المندرسة منها مدينة الصوف (أغرم نتلزضيت) في العطف. وكان يسكن بالعطف فريق من المعتزلة ومن أشهر علمائهم بها سليمان بن عبد الجبار وقبره مشهور بها ومقبرة الواصليين مشهورة بها كذلك وهي على حالها إلى يومنا هذا...

    اقرأ المزيد

  • تحوّل بني مزاب من الاعتزال إلى المذهب الإباضي

    image3

    يجمع المؤرّخون على أنّ تحوّل بني مصعب إلى المذهب الإباضي يرجع سببه إلى الدّعوة التي قام بها الدّاعية أبو عبد الله محمّد بن بكر. يقول الشّيخ مطياز: انعقد مؤتمر بأَرِيغْ حوالي 420هـ، للنّظر في مسائل تهمّ الوطن، منها قضيّة اللّاجئين من فلول رعايا بني رستم، رأي المؤتمر على انتداب العلّامة أبي عبد الله بن بكر ليجول في صحراء فوقع اختيارهم على وادي مزاب إلّا أنّه معمور بكثير من المعتزلة واتّفق رأيه على النّزوح إلى هذا الوطن وتعميره بما يصلح سكّانه المعزلة من العلم والألفة وحسن الجوار. وفي عام 422هـ وصل بلدة العطف، الوسط المعمور أكثر من غيره بالمعتزلة. وكان ذلك بعد موت عالم الوطن سليمان بن عبد الجبّار...

    اقرأ المزيد

من تضحيات خدمة البئر

من تضحيات خدمة البئر

Icon 08

...وما دمنا نتكلم عن حفر الآبار فلا بأس بذكر نوع من الأجور كان يُعطى للعمال الذي يحفرون لاسيما إذا كانوا يحفرون في الصخور، وذلك أنهم كانوا يحاسبون الأجير على حسب ما يقتلع من الحجر فكلما ملأ وعاء بالحجر إلا وملئوه له بالقمح أو الشعير وهذا على حسب الأوقات والظروف، وأما من كان يُصفي البئر فهو بالطبع يعمل طول يومه في الماء فإنه علاوة على أجره يعطون له رطل سمن يشربه قبل النزول في الماء لئلا تتضرر صحته بطول الوقوف في وسط الماء، ويجعلون على فم البئر أقواهم وأعقلهم لأن إمساك الغرارة -وهي ما تحمل الردم من البئر- تحتاج إلى المهارة والقوة والتعقل وإلا فإن أبسط خطأ قد يؤدي بحياة الذين في أسفل البئر ويعلم الله وحده كم من أناس قضى الموت عليهم، كما وقع في البئر الموجودة في غابة "عين أَوْلَوَالْ" في العطف وهي ملك لآل بكلي" قد عمل فيها أخوان، من المخادمة الذين جاءوا من وارجلان، كان أحد الأخوان في قاع البئر وكان أخوه يمسك الغِرارة، وذات يوم كان بعض العمال يجرون الغِرارة وهو في فم البئر ليمسكها وقبل أن يمسكها نادى بأعلى صوته "أَيَّاوْ هْنَا" وهو النداء المعروف فلما توقف الذين كانوا يجرون الحبل الذي يحمل هذه الغِرارة غلبته فرجعت إلى البئر وسقطت على أخيه فمات لحينه، وكم لهذه القصة من النظائر في مختلف القرى ومن يدري لعل صاحب هذه القصة هو الذي اختار أخاه ليقف على باب البئر لثقته فيه، وأذكر أن أحد العمال في سنة 1934م كان يحفر في حاسي "اجْدِيدَه"في غابات "أَوْلَوَالْ" في العطف بجانب المبرد الكهربائي فسقط عليه حجر صغير ربما كان أصغر من بيضة الحمام فمات ليومه، والطبيب العسكري هو الذي قال هذا عندما فحصه وأذن بدفنه.

وكثيرا ما تنهار البئر على من فيها من العمال وهنا يُعلن في البلدة نفير عام حتى ينقذ المنكوبون، وكثيرا ما يكونون على قيد الحياة إذا منَّ الله عليهم فوجدوا متنفسا وهناك حكاية لطيفة وقعت لأحد الأبطال المعروفين بشجاعتهم وإيمانهم بأن لكل أجل كتاب وهو المرحوم "سماوي الحاج اسماعيل بن قاسم" أو "بن كاسي" كما يقولون المتوفي حوالي سنة 1900م، فقد انهارت عليه هو وأصحابه بئر وتنادى المؤمنون، وظلوا يحفرون سائر اليوم حتى انقدوهم أحياء كلهم، لأن الله سبحانه مَنَّ عليهم بحجر مصفح كبير مثل الذي يجعل في باب البئر ويسمى بالمزابية "مَدُونْ"، اسقط مُتكئاً وأمسك الرَّدم فوقه فصاروا يتنفسون تحته حتى أدركتهم النجدة، وبعد أن خرجوا من البئر سالمين، ذهب إلى بيته وإذا بوالدته تقول له: إني لا أقبل بعد اليوم أن تنزل بئرا لقد كدنا نفقدك في حادث الأمس. فقال: يا أماه إن الناس الذين ماتوا على ظهر الأرض أكثر بكثير من الذين ماتوا تحتها، إن الأجل هو الذي يقتل. فوجدت كلامه حقا فسكتت، وقد اختصر طريق الجواب فاقتنعت لحينها.

 ------------------------------------

(01) كتاب رسالة في بعض أعراف وعادات وادي ميزاب، الحاج أيوب إبراهيم بن يحي، ص 44-45

المصدؤ nir-osra.org

من سجل الخالدين

من سجل الخالدين

c 7نبذة عن حياة الشيخ بابا السعد وعصره

أبو مهدي عيسى بن إسماعيل بن موسى

الشيخ عمي سعيد بن علي       الشيخ أمي سعيد بن علي الجربي الخيري

الشيخ امحمد بن يوسف اطفـيَّش قطب الأَيمـَّة

الشيخ عبد العزيز الثميني الشيخ عبد العزيز الثميني

  بابه والجمَّــة إبراهيم بن يوسف

  الشيخ محمد بن علي دبوز

الشيخ محمد البرياني

الشيخ بالحاج قشار

الشيخ محمد بن عمر داودي

الشيخ الناصر المرموري 

الشيخ شريفي سعيد (الشيخ عدون)

أبو اسحاق ابراهيم اطفَيَّشْ

الشيخ حمو بن عمر فخار

أبو اليقظان ابراهيم بن الحاج عيسى

من هم الإباضية؟

من هم الإباضية؟

Icon 09

يقول الدكتور النامي(1):

يرجع المذهب الإباضي في نشأته وتأسيسه إلى عصر التابعين؛ فمؤسسه الذي أرسى قواعد الفقه الإباضي وأصوله هو التابعي الشهير: جابر بن زيد الأزدي فهو إمام محدث فقيه، من أخص تلاميذ ابن عباس، وممن روى الحديث عن أُمِّ المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) وعدد كبير من الصحابة مِمَّن شهد بدرا، كان إماما في التفسير والحديث، وكان ذا مذهب خاص به في الفقه، ولد سنة 21 للهجرة، وكان أكثر استقراره بالبصرة وبها توفي سنة 93 للهجرة. [ولم ينسب إِلَيهِ المذهب وَإِنَّمَا نسب إلى عبد الله بن إباض وهو تابعي أيضا عاصر معاوية وتوفي في أواخر أَيَّام عبد الملك بن مروان فهي نسبة عرضية كان سببها بعض المواقف الكلامية والسياسية التي اشتهر بها ابن إباض وتميز بها، فنسب المذهب الإباضي إِلَيهِ،ولم يستعمل الإباضية في تاريخهم المبكر هذه النسبة، بل كانوا يستعملون عبارة "جماعة المسلمين" أو أهل الدعوة" وأول ما ظهر استعمالهم لكلمة الإباضية كان في أواخر القرن الثالث].

وقد توزع علم جابر بن زيد في روافد كثيرة، لَعَلَّ أخصبها وأثراها ما أثره عنه تلاميذه الذين انتشر المذهب على أيديهم، أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي، وضمام بن السائب وغيرهم. وقد تَمَّ تدوين ذلك الفقه في فترة مبكرة، فكان جابر بن زيد نفسه مِمَّن يستعمل الكتابة والمراسلة فكتب بأجوبته إلى تلاميذه وأصحابه…، [وقد حفظ لنا التاريخ شيئا منها إلى اليوم ]. واستكتب بعض زملائه من التابعين مثل عكرمة مولى ابن عباس في بعض المسائل. والذي بين أيدينا من روايات ذلك الفقه المبكر: كتاب روايات ضمام، وفتيا الربيع بن حبيب، وكتاب النكاح لجابر بن زيد، وكتاب الصلاة له، وكثير من الروايات عن تلميذه عمرو بن هرم وعمرو بن دينار، بالإضافة إلى حديثه الذي جمعه الربيع بن حبيب في مسنده الصحيح. فالمذهب الإباضي بالنظر إلى تأسيسه ونشأته من أقدم المذاهب الفقهية الإسلامية وهو نتاج مدرسة العراق والبصرة خصوصا.

على أنَّه وإن تأثر بمدرسة العراق فاستخدم علماؤها الرأي والقياس أيضا على تردد من بعضهم خصوصا جابر بن زيد وأبا عبيدة، إلاَّ أنَّ تأسيسه على يدي جابر وهو محدث صاحب آثار جعل منهجه يطبع فقه المذهب ويغلب عليه، ويحد من تأثير مدرسة الرأي، التي عظم خطرها في العراق.

على أنَّ اتساع دائرة المذهب الإباضي كدعوة إسلامية سياسية عامة جعل المذهب لا يكسب طابعا خاصا يغلب عليه مدرسة بعينها أو ينسب إلى مدينة بعينها كالبصرة، فَإِنَّ الباحث يتردد كثيرا قبل أَن يرسل حكما عاما يربط فيه المذهب بمركز التجمع الإباضي في البصرة، فقد كانت تجمعات مماثلة في كل من الكوفة ومكة والمدينة وخراسان عرف منها علماء بارزون مختارون، سجلت أقوالهم في الآثار المبكرة لعلماء الإباضية.

واكتملت صورة المذهب وتم تحرير أقواله وآرائه في صورتها النهائية في أواخر أَيَّام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، الذي خلف جابر بن زيد على إمامة أشياخ المذهب في البصرة، وهي مركز التجمع الأساسي لعلماء الإباضية؛ حتَّى قرابة نهاية القرن الثالث. وعنه حمله طلبته الذين وفدوا عليه من المغرب والمشرق إلى بلدانهم، التي أضحت (من بعد) مراكز لدول إباضية، لعبت دورا سياسيا خطيرا، في كل من جنوب الجزيرة وشرقها (اليمن، وحضرموت ثُمَّ عمان وفي شمال إفريقيا.. ليبيا، تونس، الجزائر).

وقد عرف هؤلاء التلاميذ باسم خاص تطلقه عليهم كتب السير والطبقات الإباضية هو اسم: "حملة العلم". وبجهود حملة العلم تأسست دولة الإباضية في شمال إفريقيا، فكان إمام الظهور الأوَّل لهذه الدولة هو: أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري أحد حملة العلم، وقد بايعه أصحابه بالإمامة في منطقة "صياد" قرب بلدة زنجور في طرابلس سنة 140 الهجري، ولعب دورا هاما في سياسة المنطقة في فترة قصيرة، التي حكمها أَيَّام ملك العباسيين. ثُمَّ بعد حروب متصلة بين جيوش الدولة العباسية وجموع الإباضية في المغرب، أفلح تلميذ آخر من تلاميذ أبي عبيدة وأحد "حملة العلم" وهو عبد الرحمن بن رستم الفارسي في تأسيس الدولة الإباضية بتاهرت، والتي استمرت قرابة مائة وعشرين سنة (120 سنة) وازدهرت مع ازدهارها، وما هيأته من ظروف الاستقرار حركة علمية ممتازة في كل من جبل "نفوسة" و"تاهرت" تركت ثروة علمية واسعة ذات قيمة جليلة، وبعد سقوط الدولة الإباضية في تاهرت احتفظت التجمعات السكانية الإباضية بنوع من الاستقلال الديني والسياسي، مكنها في متابعة تلك النهضة العلمية التي تقوم على رعايتها مجالس العلماء، التي عرفت في اصطلاح الإباضية "بمجالس العزابة"، فاتصل الإنتاج العلمي بين إباضية المغرب في مختلف العلوم الإسلامية حتَّى أَيَّامنا هذه.

وَلَعَلَّهُ من الإنصاف أَن نقرر هنا حقيقة هامة .. هي أنَّ المذهب رغم تلك الجفوة التي اصطنعتها ظروف السياسة في تاريخ الأمة الإسلامية بينه وبين سائر مذاهب الأمة.. يمثل في واقعه أقرب صورة إلى حقيقة الإسلام الأصيل، في عقائده وفقهه ومسلك أتباعه، ويتميز تاريخه الطويل بذلك الصراع المتصل لإقامة وجود سياسي للعقيدة الإسلامية، ممثلا في إمامة العدالة في حال الظهور، أو في السعي المتصل لإقامتها في مسالك الدين الأخرى في أطوار "الدفاع" أو "الشراء" أو "الكتمان".

ونحن نطمع أَن يكون نشر آثار الإباضية دافعا لعلماء الأمة للتدبر في فقه المذهب الإباضي، ووضعه في مكانه الصحيح الذي يُقَوِّي الجماعة، ويوحد صفوفهم، ويلُمُّ شعثَ المسلمين في عصرٍ هم أحوج ما يكونون فيه إلى وحدة صفوفهم، ورصد قوتهم لصد طغيان الطاغوت المتربص بهم في الداخل والخارج.

 

 -----------------------------------------

(1)الدكتور النامي في مقدمة تحقيقه لكتاب أجوبة ابن خلفون: 9-12:

المصدر مجلس أعيان قصر غرداية

موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الصيفي

بحول الله سيحل علينا موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الجربي رحمه الله وهذا الموسم بمثابة عيد لأنه نهاية لموسم المقابر وإعلان مباشر لرحلة الناس رحلة الصيف إلى الجنان حيث الراحة والاطمئنان فمن الصباح بعد الشروق يلتقي العزابة والطلبة وإروان وإمصوردان فيفتحون تلاوة القرآن جماعيا في ثلاثة مجالس في مكان خاص على حسب الظرف فمرة في المسجد ومرة في محضرة المقبرة لا في المقبرة يعني فوق القبور كما يحلو للبعض وأثناء التلاوة يفرقون على الحاضرين الصدقات المختلفة وقد تكلمنا عليها مرارا في هذا الموقع وخاصة في عنوان صدقات من نوع خاص خاصة ببعض الخواص وتنتهي التلاوة قبل صلاة الجمعة بساعة وتستأنف بعدها وفي العشية وقبل المغرب تفرق الصدقات الموقوفة والمتمثلة في قصع الكسكس الخاص بالمقبرة باللحم والسمن دون المرق معمول من القمح ( إيردن) على مجموعات القارئين للقرآن صدقة لهم بطريقة مدروسة وبعد الأكل منها وهو ما يمسى (بأمنسي) أي العشاء أو (أمُنسوا) أي التعشي يُنادى بالدعاء فيدعو المتصدر في العزابة ويتفرق الناس إلى ديارهم حاملين معهم ما تبقى من بركة الوقف ويبقى الطلبة ومن معهم من العزابة وغيرهم لاستكمال المشوار وقد يجلس كثير من الناس فتقدم النصائح والإرشادات من العزابة في شأن الاصطياف وعمارة محاضر الغابة في كل الأحياء بين المغرب والعشاء وتبين التوصيات في شأن غسل الموتى ودفنهم كذلك إلى غير ذلك من التوجيهات المتعلقة بديار القصر وتركها شاغرة وقائمة التوجيهات تطول وكل عام وكيفتها وكمها ثم ينفض الجمع وهم يتمنون قضاء صيف ممتع في الجنان إلى أن يأتي موسم النزوح إلى القصر وهي رحلة الخريف بخلاف رحلة قريش الشتوية هذا ما في الأمر كله وإليكم بعض التعليقات على الحدث.

منقول بتصرف: منشور في الفيسبوك للفاضل أبو موسى الشماخي

 

 

موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الصيفي

Icon 09

موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الصيفي

بحول الله سيحل علينا موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الجربي رحمه الله، وهذا الموسم بمثابة عيد لأنه نهاية لموسم المقابر وإعلان مباشر لرحلة الناس رحلة الصيف إلى الجنان حيث الراحة والاطمئنان.

فمن الصباح بعد الشروق يلتقي العزابة والطلبة وإروان وإمصوردان فيفتحون تلاوة القرآن جماعيا في ثلاثة مجالس في مكان خاص على حسب الظرف، فمرة في المسجد ومرة في محضرة المقبرة لا في المقبرة يعني فوق القبور كما يحلو للبعض، وأثناء التلاوة يفرقون على الحاضرين الصدقات المختلفة وقد تكلمنا عليها مرارا في هذا الموقع وخاصة في عنوان صدقات من نوع خاص، خاصة ببعض الخواص وتنتهي التلاوة قبل صلاة الجمعة بساعة وتستأنف بعدها، وفي العشية وقبل المغرب تفرق الصدقات الموقوفة والمتمثلة في قصع الكسكس الخاص بالمقبرة باللحم والسمن دون المرق معمول من القمح (إيردن) على مجموعات القارئين للقرآن صدقة لهم بطريقة مدروسة وبعد الأكل منها وهو ما يمسى (بأمنسي) أي العشاء أو (أمُنسوا) أي التعشي، يُنادى بالدعاء فيدعو المتصدر في العزابة ويتفرق الناس إلى ديارهم حاملين معهم ما تبقى من بركة الوقف ويبقى الطلبة ومن معهم من العزابة وغيرهم لاستكمال المشوار وقد يجلس كثير من الناس فتقدم النصائح والإرشادات من العزابة في شأن الاصطياف وعمارة محاضر الغابة في كل الأحياء بين المغرب والعشاء، وتبين التوصيات في شأن غسل الموتى ودفنهم كذلك، إلى غير ذلك من التوجيهات المتعلقة بديار القصر وتركها شاغرة وقائمة التوجيهات تطول وكل عام وكيفتها وكمها، ثم ينفض الجمع وهم يتمنون قضاء صيف ممتع في الجنان إلى أن يأتي موسم النزوح إلى القصر وهي رحلة الخريف بخلاف رحلة قريش الشتوية هذا ما في الأمر كله.

 ----------------------------------------------------

منقول بتصرف: منشور في الفيسبوك للفاضل أبو موسى الشماخي

نشأة الحركة الإباضية

تأليف: د. عوض خليفات

Icon 09رابط تحميل الكتاب Pdf

للدكتور عوض خليفات، من الأردن، عدة مؤلفات عن الإباضية، منها:"النظم الاجتماعية والتربوية عند الأباضية في أفريقية في مرحلة الكتمان"، و"نظام الولاية والبراءة والوقوف عند الإباضية".

ومنها كذلك "نشأة الحركة الإباضية" الذي نحن بصدد التعريف به في هذا العدد،وقد صدرت الطبعة الأولى سنة 1978،ثم طبعته بعد ذلك دار مجدلاوي في الأردن،ويقع في 226 صفحة.

والكتاب يتتبع نشأة الإباضية التي تنحدر من فرقة الخوارج، أولى الفرق التي ظهرت في التاريخ الإسلامي، ثم يتحدث عن مؤسسها عبد الله بن أباض، وأهم شخصياتها، والدول أو الدويلات التي تمكنت من إقامتها في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، وخاصة في عُمان وشمال أفريقيا.

 

الباب الأول

يقسم المؤلف كتابه إلى سبعة أبواب، يتحدث في الأول منها عن المراجع التيحضرموت استقى منها معلومات الكتاب، ويقدم لها رؤية نقدية، ومن هذه المصادر ما هو سني، ومنها ما هو شيعي، وما هو إباضي.

وفي هذا الباب أيضاً يتطرق خليفات إلى الدراسات الحديثة عن الإباضية مشيراً إلى أن المستشرقين هم أول من انبرى لدراسة الإباضية مدفوعين بأسباب عديدة، ولا ننس هنا أن أول معاهد الاستشراق في فرنسا كان تابعاً لوزارة المستعمرات، التي استخدمت الاستشراق لمعرفة المناطق التي ترغب في احتلالها أو التي قامت باحتلالها، ومعرفة السكان وأصولهم وعقائدهم، ليسهل التعامل معهم، خاصة وأن الإباضيين ينتشرون في عدد من البلدان التي احتلتها فرنسا مثل تونس والجزائر. وقد أورد المؤلف عدداً مما ألفه المستشرقون في ذلك.

 

الباب الثاني

أ ـ تطور الخلافة وأثرها في ظهور الخوارج

يعود ظهور الخوارج كجماعة إلى عهد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتحديداً إلى أولئك الذين انشقوا من جيشه عقب حادثة التحكيم سنة 37هـ، وهي الحادثة الشهيرة التي أعتقبت معركة صفين التي دارت رحاها بين الإمام علي ومعاوية. فلقد رأى هؤلاء الخوارج أن التحكيم يعتبر تعدياً على أمر الله مرددين "لا حكم إلاّ لله" فما كان من الإمام علي إلاّ أن قاتلهم في "النهروان" وانتصر عليهم.

وللوصول إلى هذه النتيجة عن نشأة فرقة الخوارج، وضع د. خليفات تمهيداً بدأه بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، واختيار أول خليفة للمسلمين، وقد تخبط المؤلف في هذا الباب، واستند إلى بعض الروايات التي لا تصح، واعتمد ـ فيما اعتمد ـ على كتاب الفتنة الكبرى لطه حسين، وهو كتاب مليء بالتلفيق حول تاريخ الخلفاء الراشدين.

ومن جملة ما تخبط به د. خليفات في هذا الفصل اعتباره أن مشكلة الخلافة هي أول مسألة اشتد فيها الخلاف بين المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن بعض الصحابة ترددوا في قبول ترشيح أبي بكر لعمر بالخلافة من بعده، لأنهم يفضلون عليّاً، وأن عمر رفض أن يرشح أحداً بعينه للخلافة من بعده، لأنه خشي من عثمان مثلاً "عصبيته وحبه لأهله وقومه، وحملهم على رقاب الناس".

ومن جملة ما أخطأ به المؤلف أيضا اعتباره أن التأييد الواسع الذي حظي به عثمان رضي الله عنه عقب استشهاد عمر ناتج عن "دعاية قام بها الأمويون في المدينة ـ وهم كثر ـ لصالح شيخهم عثمان".. وغير ذلك مما لا يتسع المقام لذكره.

ب ـ تفسير الإباضية لنشأة الخوارج

في هذا الفصل يقوم المؤلف ـ مستنداً إلى مصادر ومؤلفات الإباضية ـ آراء الإباضية في التطورات التي حدثت في صدر الإسلام وأدت إلى نشوء الخوارج ـ الفرقة الأم ـ:

1ـ يزعم الإباضيون أن الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه حاد عن الطريق القويم في الفترة الأخيرة من خلافته، لذا وجبت منه البراءة، وبالتالي أحل سفك دمه.

2ـ يعتبرون أن الغوغاء الذين ثاروا على عثمان كانوا على حق، ويعتبرونهم الرواد الأوائل لفرقتهم، ويدّعون أن المهاجرين والأنصار في المدينة حرّضوا المتمردين على عثمان، ومنهم علي.

3ـ  ويقولون إن المسلمين تولوا علي بن أبي طالب وساندوه حتى قبوله التحكيم مع معاوية، ويرون أنه أخطأ فيما عمل، وحكم الرجال في أمر من أمور الله، وخلع نفسه من منصبه الشرعي الذي بايعه عليه المسلمون، لذا وجبت البراءة منه ومحاربته، وخاصة بعد رفضه إعلان التوبة! والانضمام للمُحَكّمة الذين انتخبوا عبد الله بن وهب الراسبي إماماً لهم.

4ـ ويرى الإباضية أن عليّاً قد ندم لمحاربته أهل النهروان، واعترف أنهم ليسوا مشركين ولا منافقين. ويقولون أن هذا دليل على صدق نواياهم وصلاح عقيدتهم.

 

الباب الثالث

ظهور الخوارج المعتدلين ـ القعدة

يشير المؤلف هنا إلى جماعة انشقت بعد معركة النهروان، واتخذت مدينة البصرة مقرا لها، وآثرت السلم وعدم اللجوء للسيف لفرض آرائها. وقد تزعم هذه الجماعة أبو بلال مرداس بن أدية التميمي. وكونت هذه الجماعة البذرة التي أنتجت فيما بعد فرقة الإباضية.

وفي حين آثرت هذه الجماعة التهدئه،كان الخوارج " المتطرفون" يقومون بثوراتهم وحركاتهم ضد الأمويين، ويتعرضون من جراء ذلك للقتل والتشريد.

أما زعيم هذه الجماعة أبو بلال، فقد كان شهد معركة صفين مع الإمام علي، واشترك في معركة النهروان ضده، لكنه آثر فيما بعد أن ينشر أفكاره بالحوار والمناقشة مما جعله يكسب الكثير من الأتباع في البصرة، بل وجعل بعض الفرق كالشيعة والمعتزلة يعتبرونه أحد أتباعهم.

وقد أنكر الخوارج المتطرفون قعود أقرانهم(أتباع أبي بلال)عن الثورة فلقبوهم – احتقارا - بالقعدة ، أي الذين قعدوا عن الجهاد ومحاربة الولاة الظالمين ـ من وجهة نظرهم ـ أما أهل السنة فكانوا يسمونهم " الحرورية".

وقد اتبع والي العراق آنذاك زياد بن أبيه سياسة اللين مع هذا القسم من الخوارج لأنه كان يرى ضرورة التفرغ للخوارج المتطرفين، لكن بعد وفاة زياد، اتبع ابنه عبيد الله بن زياد سياسة مغايرة، إذ عمد إلى القسوة مع جميع الخوارج، مما اضطر القعدة إلى الدعوة والتحرك سرّاً.

وفي تلك الفترة أصبح الاغتيال السري وسيلة هامة لدى القعدة، والإباضية فيما بعد للتخلص من كل شخص يحاول إيذاءهم، وكان ذلك بعد أن استطاعوا اغتيال عباد بن علقمة المازني، قائد الجيش الأموي الذي أباد مرداس وأصحابه. كما أن أعداداً منهم انضمت إلى عبد الله بن الزبير في الحجاز لمّا أعلن رفضه توريث الحكم عند الأمويين.

 

الباب الرابع

عبد الله بن أباض وتطور الحركة الأباضية

تنسب الإباضية إلى عبد الله بن أباض، رغم أن الإباضيين يشيرون إلى انتسابهم إلى شخص آخر، هو جابر بن زيد الأزدي. ولا تذكر المصادر التاريخية إلاّ الشيء اليسير عن حياة ابن أباض، فتاريخ مولده ووفاته غير معروفين، والمصادر الإباضية تجعله من رجال الطبقة الثانية من التابعين، أي الذين ماتوا قبل عام 100هـ.

وعلى حد تعبير د. خليفات، فإن "أول اشتراك لابن أباض في الحياة العامة"، كان اشتراكه إلى جانب ابن الزبير ضد الجيش الأموي بقيادة الحصين بن نمير السكوني الذي خلف القائد الأموي مسلم بن عقبة سنة 63هـ، وكان ابن اباض قد ذهب إلى مكة مع بعض قادة الخوارج مثل نجدة بن عامر الحنفي، ونافع بن الأزرق وغيرهم، مدفوعين برغبتهم وحماسهم في الدفاع عن البيت الحرام.

وقد اندلع خلاف بين ابن الزبير، وهؤلاء الخوارج، جعلهم يتركون مكة، وقد عاد بعضهم، ومنهم ابن اباض، إلى البصرة سنة 64هـ.

وبرز ابن اباض في تلك الفترة عندما اختاره القعدة مجادلاً عنهم، ومتحدثاً باسمهم ضد مناوئيهم ، بعد عودتهم من الحجاز إلى البصرة ، وبخاصة ضد متطرفي الخوارج، وعلى رأسهم نافع بن الأزرق وأتباعه.

لكن المصادر الأباضية تنسب إلى عبد الله بن أباض دوراً ثانوياً بالمقارنة مع جابر بن زيد الذي سيخصص له المؤلف باباً كاملاً في هذا الكتاب، وهو المحسوب عندهم إمام الأباضية، في حين يعتبرون ابن إباض أحد زعمائهم الصالحين.

وينقل المؤلف رأياً لأحد المؤرخين الإباضيين المعاصرين مفاده أن الأمويين أطلقوا اسم الإباضيين عليهم، لأنهم لا يريدون نسبة هذه الفرقة إلى جابر بن زيد حتى " لا يجذبوا إليهم الأنظار، ولا يبدون في هالة جابر المشرقة..".

 

الباب الخامس

جابر بن زيد الأزدي

ويبدأ المؤلف هذا الباب بالتأكيد على أن المؤرخين الإباضيين، القدامى منهم والمحدثين يعتبرون أن جابر بن زيد هو المؤسس الحقيقي لدعوتهم، والمنظم الأول لحركتهم. ويعتقد أن سنة ولادته كانت بين (18ـ 22)هـ.

وقد تتلمذ جابر على يد عدد من الصحابة والتابعين، منهم عبد الله بن عباس، وقد بلغ من العلم مبلغاً يشار إليه بالبنان، ورحل في طلب العلم مراراً.

 

الباب السادس

أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي

وهو الذي خلف جابراً في رئاسة الدعوة، وقد عاش في البصرة، وأخذ العلم عن جابر، وغيره من أئمة الإباضية في مرحلة الكتمان، كما أنه أدرك بعض الصحابة مثل أبي هريرة وأنس بن مالك وأبي سعيد الخدري.

وبالإضافة إلى كونه عالماً من علماء الإباضية، فإن أبا عبيدة كان يتمتع بقدرات سياسية كبيرة، وقد تبوأ زعامة هذه الفرقة بعد موت الحجاج سنة 95هـ، وخروجه من السجن، واتفق ذلك مع بداية حكم سليمان بن عبد الملك سنة 96هـ وفي تلك الفترة لم تكن العلاقة بين الخلافة والأباضية عدائية، فقد حظيت الإباضية لفترة من الزمن بحماية زعيم الأزد، يزيد بن المهلب الذي عينه الخليفة والياً على العراق وخراسان حيث كان العديد من الأزديين، والمهالبة قد انضموا إلى هذه الفرقة.

وخلال تلك الفترة، التقط الإباضيون أنفاسهم ونظموا صفوفهم، واستفادوا في نشر دعوتهم من موسم الحج، ورحلات التجار، الأمر الذي مهّد ـ فيما بعد ـ لقيام عدد من الإمارات الإباضية التي تناولها الباب السابع من الكتاب، والذي أطلق عليه المؤلف اسم "انتصار الدعوة".

 

الباب السابع

انتصار الدعوة

حيث أثمر التنظيم الدقيق والعمل الدؤوب من قبل الإباضية تأسيس إمارات خاصة بها في جنوب الجزيرة العربية وشمال أفريقيا.

أـ تأسيس الإمامة في الجزيرة العربية ـ حضرموت واليمن

فقد استطاع أحد زعمائهم وهو عبد الله بن يحيى، المشهور بطالب الحق، الاستيلاء على حضرموت سنة 129هـ، في السنوات الأخيرة لحكم بني أمية، بمساعدة الإباضية في البصرة، ثم استولى على صنعاء، وامتد نفوذهم إلى بعض مناطق الحجاز بعد انتصارات على الجيوش الأموية، تبعها هزائم وانكسارات.

وقد ظل للإباضية نفوذ وانتشار في حضرموت حتى استيلاء الصليحي عليها سنة 455هـ.

ب ـ تأسيس الإمامة في عُمان

أدت بعض العوامل إلى أن يؤسس الإباضيون إمارة لهم في عُمان منها انتماء عدد من أبناء قبيلة الأزد ـ أكبر قبائل عُمان ـ إلى الإباضية، ورغبة العمانيين المستمرة في الاستقلال عن السلطة المركزية المتمثلة بالدولة الأموية ثم العباسية، إضافة إلى طبيعة عمان الجغرافية وموقعها الاستراتيجي مما ساعدها على تنمية مواردها الاقتصادية، وبالتالي الوقوف ضد أي خطر دون خوف من حصار اقتصادي محتمل كما كان يحدث في الحجاز مثلاً.

ومنذ سنة 177هـ استطاع الإباضيون تأسيس الإمامة في عمان، وما زال مذهبهم سائداً هناك إلى اليوم.

جـ ـ تأسيس الإمامة الإباضية في شمال أفريقيا (المغرب العربي)

استفاد الأباضية من بعد بلاد المغرب العربي عن مقر الدولتين الأموية والعباسية، فأسسوا إمارة مستقلة،سرعان ما أرسل العباسيون لها الجيوش لحربها وإعادتها إلى جسم الدولة، وفي سنة 144هـ حقق العباسيون انتصاراً كبيراً على الأباضية.

والدولة الرستمية، المنسوبة إلى عبد الرحمن بن رستم هي إحدى الدول الإباضية التي قامت في المغرب الأوسط، وشكلت ملاذاً للإباضية الذين اضطهدهم العباسيون في أماكن أخرى، واستمرت الدولة الأباضية هناك منذ سنة 162هـ إلى سنة 297هـ، عندما قضى عليها العبيديون الفاطميون.

----------------------------

المصدر:  http://www.alrased.net

نشأة الدولة الإباضية

كان الإسلام قد غرس حب العدل في القلوب، والغرام بالمساواة في النفوس، والتعليق بالديمقراطية؛ فكان من مآثر الدين الحنيف عند المسلمين قضاؤه على ظلم الجاهلية واستبدادها، وعلى غطرسة الملوك، وتجبر الأمراء، وحيف الرؤساء؛ وأشاع العدل الذي يتولد به الاتحاد والإخاء، والديمقراطية والمساواة التي هي أساس المحبة والرخاء.

وكان الإسلام قد فرض في رئاسة الدولة أن لا يتقدم إليها إلا من يرتضيه المسلمون لدينه واستقامته، وورعه وإخلاصه، وكفاءته العقلية والخلقية، ويقدمونه هم لرئاستهم، بدون أن يتخطى الرقاب إليها ويستولي بالقوة عليها. ولما خرم بنو أمية هذا الأصل العظيم، فاستبدوا برئاسة الدولة دون المسلمين، وجعلوا الدولة الإسلامية ملوكية كسروية، بعد أن كانت جمهورية تقوم على الإمامة العادلة، ويرأسها الإمام الذي تجمع عليه أغلبية المسلمين؛ وجعل الأمويون الملك تركة فيهم تورث، وعضوا عليه بالنواجذ، ووضعوا الأحاديث الكاذبة والنصوص المزورة التي تحصر رئاسة الدولة في قريش، وجعلوا الخلافة الإسلامية الشائعة التي يمكن أن يتقلدها كل ذي كفاءة من المسلمين ملكا عضوضا كسرويا مستبدا؛ محصورا فيهم،و خاصا بهم؛ ثار عليهم المسلمون لمخالفتهم للدين، واغتصابهم لرئاسة المسلمين.

وكانت الشورى في الرئاسة، والديمقراطية التامة في انتخاب رئيس الدولة، مما جاء به الإسلام، وأمر به الدين الحنيف، منعا للتحاسد والشقاق بين المسلمين، وصدا لغير الأكفاء أن يتسنموا عرش السلطان، إذا كان الأمر بالإرث في التيجان، كما وقع في بعض الأزمان، يموت الملك فتنتظر الأمة شباب صبي ينشأ على الفسولة والرخاوة كالديدان، ليتولى أمرها، وهي تعج بأصحاب الكفاءة، لان الملك مقصور على هذه العائلة، ورئاسة الدولة محصورة في تلك الأسرة، فهي معدن الذهب، وإن كان ذهبه قد نفد، ولم يبق فيه إلا الرغام الذي لا يليق إلا لبناء القبور ! وانطفأت نيرانها، وخبا جمرها، فلم يبق في كانونها إلا الرماد، أو عيدان خضر من المخنثين الذين لا يضطرمون كالأبطال بنار المدافع والرشاشات، والبنادق والقبائل في الميدان، وبالفكر في الخطط العبقرية، وحل مشاكل الأمة، ليورثوا لامتهم نضوجها، ولكن يملؤون الساحة بالدخان... فينعدم من جو أممهم الصفاء، وتخيم عليها التعاسة والشقاء ويكونوا مصدر ليلها الحالك الذي تغط فيه في النومات، فترتع فيها سباع الاستعمار، وتتفتح لها كل القبور.

إن الإسلام قد جاء بنظام الإمامة في رئاسة الدولة، ليقود الأمة الإسلامية في كل زمان أفضل أبنائها، وأكثرهم كفاءة، وأتمهم في الورع والنزاهة والإخلاص، فخرم بنو أمية وبنو العباس هذا الأصل، فثار عليهم المسلمون، وأنكروا عليهم مخالفتهم للدين، واستئثارهم بالرئاسة، وهي شورى بين المسلمين. فنشأت جماعات بعد استيلاء معاوية قهرا على الملك وقضى على الإمامة الإسلامية، فشددت النكير على الأمويين لهذه البدعة وعلى العباسيين بعدهم، ودعت إلى الرجوع إلى الإمامة الإسلامية. والى ما أمر به الدين في رئاسة المسلمين.

وكان مما ارث قلوب كثير من المسلمين على الأمويين والعباسيين ما ارتكبوه من جرائم في الملك، وما اهرقوا من دماء حرام، وما اظهروا من حيف في سياسة الناس، سيما من توسموا فيه انحرافا عنهم، ومنافسة لهم كالعلويين أبناء الإمام على رضي الله عنه وفاطمة الزهراء، وعبد الله بن الزبير، وإنكارا لسياستهم وظلمهم كالإباضية الذين تمسكوا بالجمهورية الإسلامية، وعملوا في كل العهود على أن يكون دستور الدولة هو القرآن، لا تحيد عنه، ولا تتمرد على أحكامه، وان يلتزم رئيس الدولة وولاته عدل الخلفاء الراشدين، وتمسكهم بالدين في سياسة المسلمين.

وكان الأمويون والعباسيون إلى عدم التزام العدل وأحكام الدين في كل أمورهم لا يسيرون في مال الدولة سيرة الخلفاء الراشدين، فينفقونه في مصالح المسلمين، ويضعونه حيث أمرهم الله، فيريشون به الفقراء، ويقوون به الدولة، ويبيدون به الفقر والمرض والجهل والشقاء، بل ينفقون الكثير منه في الشهوات والأهواء، ويخصون بالكثير منه الأولياء، ويقطعون به السنة الشعراء، ويصطنعونهم ليزجوا المدائح لهم، ويسكتوا عن ذكر المثالب التي تثير عليهم القلوب، وتظهر صفحتهم للرعية، وتكشف حقيقتهم للناس. ووظائف الدولة، والولاية على الأمصار؟ كانوا يخصون بها الأنصار، ويجعلون أكثرها لمن ساعدهم على الحصول على الملك، ولمن يخضع الرقاب لهم، ويسير وفق هواهم. فسخط المسلمون هذه السيرة، وثاروا على هذه السياسة.

وزادهم سخطا وشعورا بمرارة الحيف ما ألفوه من حلاوة العدل والمساواة في عهد الرسول وخلفائه الراشدين. فتكونت جماعات في العراق والجزيرة العربية ينكرون المنكر، ويدعون إلى الرجوع في رئاسة الدولة إلى الإمامة العادلة، والجمهورية الإسلامية، والى تقيد الدولة بالدين في سياستها، والتزام ما أمر الله به في كل أشيائها، ويعملون لإنشاء الدولة الإسلامية التي تقوم على الإمامة العادلة، والجمهورية الإسلامية، ليعيش الناس كما كانوا في عهد الرسول وخلفائه الراشدين، في عز ورخاء، وفي سعادة وإخاء، وتكون الأمة الإسلامية بنيانا مرصوصا يشد بعضه بعضا، فتهزم ظلام الكفر والفساد في كل الأقطار، وتشرق بنور الله في كل الأمم، وتكون نهرا عظيما تجمعت روافده واتحدت فروعه، ففاض، فغمر كل النواحي، وأورث الخصب والغنى والسعادة لكل البقاع. وكانت اكبر هذه الجماعات، وأكثرها إخلاصا لهذه المبادئ، وتمسكا بهذه المثل العليا، الإباضية أتباع عبد الله بن وهب الراسبي، وجابر بن زيد، وهو إمامهم في الدين. فكيف كانت شخصية هذا الإمام، وما خطوات الإباضية في إنشاء دولهم التي تلتزم في كل أمورها الدين، وتتمسك بعدل الخلفاء الراشدين.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 131-135

نظام " تِنُوبَاوِينْ " في مزاب والحكمة منه

Icon 09

نظام " تِنُوبَاوِينْ " في مزاب والحكمة منه(01)

المراد بهذه الكلمة، ما تركه الموتى من أوقاف معلقة في أملاكهم التي كانوا يملكونها ينفذها من تنتقل إليه تلك الأملاك كل سنة مدى الدهر حسب رغبة المحبس ووصيته ثم ما يتصدق به الناس ترحما على موتاهم عند ما يشرع في تنفيذ تلك الأوقاف الخيرية.

وفيما يلي أقدم لك صورة لهدا العمل الجليل:

في أشهر معينة من شتاء كل سنة يشرع عزابة كل قرية من قرى مزاب ولا سيما القرى العتيقة "الخمس" في تنفيذ هذه الأوقاف ففي الصباح الباكر من كل جمعة –وهو يوم تفرغ وراحة لدى كل المواطنين – يذهب العزابة ومن يحفظ شيئا من القرآن الكريم من الطلبة وحتى تلاميذ المدارس الذين يحفظون أربعة أحزاب فما فوق يخرجون إلى مصلى مقبرة معينة من مقابر البلدة فيجلسون هناك يرتلون القرآن جماعات ويدرسونه وبعد صلاة العصر تتوافد على المصلى بقسة المواطنين من سكان المدينة وغيرهم، فيشرع في تفريق تلك الأوقاف وتوزيعها على الحاضرين وقد كان يؤتى بها إلى مصلى المقبرة منذ الصباح.

وهذه الأوقاف تتكون من طعام مهيئ من نوع خاص روعي في إعداده عدم تسرعه للفساد وإمكان حمله وتفريقه بسهولة وغالبه: كسكس بسمن، ولحم أو تمور وخبز فمنه ما يؤكل هناك بعد أن يتحلق الناس حلقا ومنه ما يفرق عليهم وعند ذاك يكون الطلبة والعزابة قد أنجزوا تلاوة القرآن من الفاتحة إلى الخواتيم التي ترتلها معهم العامة ثم يرفعون أكفهم بالدعاء إلى الله، فيفترقون مع آذان المغرب ويتكرر هذا العمل كل يوم جمعة طيلة شهرين أو ثلاثة أشهر الشتاء.

والأمر يبدو لأول وهلة أنه ليس بالشيء المهم ولكن إذا تأمل الشخص جيدا وتصور البيئة المجذبة وظروف العيش القاسية في البوادي ثم لاحظ ما يتجمع من هذه الصدقات من خير كثير وكيفية توزيعها يتضح له أن واضع هذا المشروع الإنساني بعيد النظر وأنه حكيم إلى أبعد حدود الحكمة.

ففي أشهر الشتاء يقل العمل ويشتد البرد وتنقطع ثمار الفلاحة فتحتاج الأسر إلى مؤونة أوفر وغذاء أكمل وأقوى فإذا فرقت هذه الصدقات على الناس بما فيها من غذاء كاف من سمن ولحم وقمح.

ويتكرر توزيعها في كل أسبوع لمدة طويلة ألا يكفيهم ذلك شطرا من مؤونتهم؟ ثم كيفية توزيعها الاشتراكي العام لا يخصص بها فقير فقط فلا يحوج إلى إراقة ماء وجهه أو جرح كرامته بتقييده في قائمة الفقراء ووقوفه أمام مركز من المراكز ينتظر الصدقة فالكل يقصد المصلى ليحضر في ختمة القرآن، والكل يتقبل الصدقة الموزعة والكافي يمدها لمن بجانبه أو يحملها إلى منزله فيمدها أهل المنزل ان كانوا في غنى عنها إلى أرملة أو فقير بجوارهم....

----------------------------------------------------

(01) كتاب "مزاب بلد كفاح" للشيخ إبراهيم بن محمد طلاي ص73-76

المصدر: nir-osra.org

هلال شوال العِيد عندما يتّحد في القرية الواحدة هو أكثر ابتهاجا

لا يشك أحد أنّ العِيد عندما يتّحد في القرية الواحدة يكون أكثر ابتهاجا..

لكنّ أمر الثبوت الشرعي لدخول الشهر القمري مسألة قديمة جدا مِن حيث طرحها والاختلاف فيها بين فقهاء المسلمين مِن مختلف المذاهب الإسلامية، بل حتى بيْن فقهاء المذهب الواحد حتى في نفس العصر بل وحتى في نفس البلد...

ومَن يريد الحسْم فيها قولا واحدا إنّما لم يفهم حِكمة الله -تعالى- في أنْ جعل عديد المسائل فيها أدلة مُحتمِلة مِن حيث ثبوتها ومِن حيث دلالتها..

ومَن له أدنى اطّلاع على كتب مختلف الفقهاء سيُدرك ذلك بكلّ جلاء ووضوح إلا عند مَن يُكابِر ويتجاهل...

لذا فلا محيص مِن ترسيخ آداب التعامل في المسائل المُختلَف فيها، مِن تقبّل وجود الاختلاف وعدم التعامل مع يعمل بفتوى تخالف الفتوى التي أعمل بها بصورة وكأنّه شرب الخمر والعياذ بالله تعالى، بل وشارب الخمر -عافانا الله جميعا- مأمورون بالتعامل معه بأدبيات منضبطة حدّدها الشرع العزيز، وليس وفق أهوائنا ونزواتنا وردود أفعالنا...

فبغض النظر عن قناعتي الشخصية في هذه المسألة فإنّي أحترم مَن يعمل بنداء الجهات الرسمية المُخوَّلة بهذا الأمر..

كما أحترم مَن يتحفظ مِن العمل بذلك النداء ويعمل بقناعات فقهية أخرى أفتى بها بعض الفقهاء من مالكية وإباضية وغيرهم

فهنالك مَن يعمل بنظرية اختلاف المطالع.. وقد قال بها مَن قال مِن أهل العِلم جزاهم الله خيرا

وهنالك مَن يعمل بالرؤية بالعين المجردة.. وقد قال بها أيضا مَن قال مِن أهل العِلم جزاهم الله خيرا

وغير ذلك..

فلا يعتب مَن يفطر غدا مثلا على مَن سيكمل العدة ثلاثين..

ولا يعتب مَن يكمل الصيام على مَن يفطر ويبتهد بالعِيد

بل لنترفع ولنتقبل الاختلاف ولنتسامح

وعلى أهل المنابر مسؤولية عظمى في أسلوب خطابهم الفقهي بحيث عليه أنْ لا يرى نفسه الوصي على الأمّة حيث يتحدث لعوام الناس بصورة تجعل الناس يخرجون مِن عنده ناقمين على مَن يعمل بفتوى أخرى خلاف الفتوى التي سمعوها مِنه .. اتّقوا الله في أنفسكم وفي مَن يعمل بخطبكم وفتاواكم...

بل على الفقهاء في المنابر بعد بيان الراجح لديهم في أيّ مسألة فقهية أنْ يُبيّنوا للناس أنّ تلك المسألة اجتهادية ويسع فيها الاختلاف ولا يجوز فيها أيّ تعامل يدل وكأنّ ذلك المختلف قد وقع في إثم وضلالة...

وإلا فأعلونها بصراحة أنّ المسألة الفلانية قطعية، ومِن مسائل الدّين التي لا يجوز فيها الاختلاف حتى بيْن الفقهاء أنفسهم .. عندها سيكون لكلّ حادث حديث..

هذه المسألة نموذج، وغيرها كثير (ومِنها بالمناسبة مسألة الإعلان عن مواقيت الإمساك والإفطار، فالواقع يشهد بعدم التزام معظم مساجد البلدة بالرزنامة الرسمية للوزارة، بل تجد المآذن تعلو بمختلف النداءات والتنبيهات، بحيث يصل الفارق بيْن بعضها إلى عشر دقائق تقريبا)...

وبالمناسبة أحيّي موقف فخامة رئيس الجمهورية (عافاه الله تعالى) الذي كرّس مبدأ الحرية الشخصية في هذه الأمور، بل وعزّز ذلك من خلال التعديلات الدستورية مؤخرا

وأحيّي بالتبع مصالح الوزارة الوصية وكذا مديرية الشؤون الدينية والأوقاف التي تجسد نفس التوجهات الراقية بحمد الله تعالى

إياك يا مَن اقتعنت بالعيد غدا أنْ تسيء ولــــــــــو بإشارة إلى من صادفته غدا صائما

وإياك يا مَن اقتعنت بالصيام غدا أنْ تسيء ولــــــــــو بإشارة إلى مَن صادفته غدا مفطرا مبتهجا بالعيد

بل يا مَن اقتعنت بالعيد غدا حاول أن تراعي مشاعر الصائم واترك زيارته لليوم الموالي إن شاء الله تعالى

ويا مَن اقتعنت بالصيام غدا لا يضرك أنْ تهيء نفسك غدا لإبداء فرحة العيد لمَن زارك غدا مبتهجا بالعيد

علّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- صحابته الكرام -رضي الله عنهم- التعامل مع مَن يختلف معهم في الدّين أصلا مِن يهود ونصارى..

فكيف بنا نغلظ في التعامل بيْننا ونحن أبناء دِين واحد بدعوى اختلافنا في اختياراتنا في بعض المسائل الفقهية التفصيلية الظنية الاجتهادية

رجاء لنساهم جميعا في بث هذه الروح حيثما كنّا وذلك بأفعالنا قبل أقوالنا..

رحم الله من علمني هذا ورباني وأدبني عليه .. الأحياء منهم والأموات..

{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)} [سورة هود عليه السلام].

 

‎عبدالله الحكيم‎

هندسة تأسيس قرى مزاب

هندسة تأسيس قرى مزاب

Icon 07

قصة تأسيس القرى بواد مزاب(01)

لعل أروع أثر موجود استرعى انتباه المعاصرين سيما المعماريين الأوروبيين منهم، هو هذه الهندسة التي شيدت بها هذه القرى في مجموع والتوزيع المنظم الهادف لمرافق القرى حسب متطلبات أو حاجيات الإنسان وحده، وإذا قلنا هذا في القرى فإنه يظهر في الدور أكثر فأكثر، فمن المستحيل أن تكون الدور أو المدن بنیت اعتباطا هكذا بدون تفكير ولا تخطيط، والهندسة المعمارية - كما هو معلوم تعبير عن نوع من المعادلات وكل ما وجده الباحثون من الميزات في القرى أو في الدور يوحي بأن وراء هذه الروائع عقولا حصيفة ذات مستوى حضاري في أرقی مراحله، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون فيها للصدفة أثر، ويقول البعض سيتقدم الفن المعماري ويتقدم ولكنه سيجد أمامه هذا الفن الموجود هنا، وما من شكل أو قاعدة هندسية تخضع لها قوانين المعمار في مزاب إلا ولها ما يسندها في هذا الفن، فلا دخل للصدفة في كل ما نرى وسنسرد ملاحظات وجدت عندنا وأثارت إعجاب المعماريين المعاصرين.

توزيع القرى:

1. كيف وزع المزابيون قراهم على مساحة عشرين كيلو متر عوض أن يبنوا مدينة واحدة كبيرة يضعون فيها كل إمكانيتهم ويجمعون فيها جهودهم؟! إذ هم في حالة دفاع أو فرار من عدو يتوقعون دائما ملاحقته لهم؟! أهو الصراع القبلي؟ لا، لأن لهم عقيدة واحدة ومذهبا واحدا اعتنقوه وجاءوا إلى هذا المكان القاحل واختاروا أن يسكنوه.

والجواب الذي اختاروا لهذا التوزيع هو أهم وزعوه حسب الأرض التي تكفي لزراعتهم فالمساحات التي أخذها القرى متقاربة فلو أنهم تجمعوا في مكان واحد لبعدت المسافات بين قريتهم ومزارعها، وفي هذا ما فيه من إضاعة الوقت اليومي للعامل، وهذا ما يرمي اليوم المعماريون من عدم توسيع المدن فإن حياة الإنسان تكاد تكون سجنا في كبريات المدن بالعكس في القرى والمدن الصغيرة.

2. لماذا يبنون على الجبال ولا يبنون في الأرض السهلة؟! والجواب هنا بسيط، أولا: ضرورة الدفاع، ونكتة أخرى هي: المحافظة على الأرض التي يمكن زراعتها، فلا يمكن أن نأخذ من المساحة القليلة المستغلة زراعيا ولو مقدار ما نبني بها دارا، وإذا قلنا ذلك في توزيع الأراضي فلنقل ذلك في توزيع فروع الأودية التي أعطيت لكل قرية.

وإذا جئنا إلى داخل كل قرية وحدنا نظاما واحدا منبعا في كل القرى وهذا ما يوحي أنه كانت وحدة مسيرة لكل القرى.

----------------------------------------- 

(1) كتاب رسالة في بعض أعراف وعادات واد مزاب، الحاج أيوب إبراهيم بن يحي القرادي، ص35، 36.

 المصدر : nir-osra.org

واحات مزاب والبيوت الطينية

تيدار ن تغوري 

Icon 08ⵜⵉⴷⴷⴰⵔ ⵏ ⵜⵖⵓⵔⵉ

تعتبر الواحات في وادي مزاب أكثر من مجرد بستان للمتعة، فهي ثمرة عمل شاق. في القديم، لقد قام بنو مزاب بإنجاز بيوت بسيطة من الطوب مسقفة بأغصان الأشجار وجريد النخيل، وبعدها تطورت المساكن إلى البناء بالطينن بعدها بدأ السكان بإنجاز مساكن تقليدية مماثلة لمساكن القصر، مع بعض الاختلافات في تقسيم الفضاءات واستعمال مواد البناء.

تتكون الواحة من عدة بساتين مجزأة إلى قطع أرضية، وتقع غالبا بمقربة من القصر وفي بعض الأحيان تكون طولية وتتبع ضفاف الوديان لاستغلال الأراضي الخصبة.

تمثل الواحات نسقا عمرانيا وهندسيا متكاملا مع تخطيط القصر، حيث نجد الأزقة والممرات الضيقة المحدودة بجدران البساتين والتي بنيت بدورها من الطين.

 

المحافظة على الغطاء النباتي:(01)

يراعى عند إنشاء المساكن في الواحات عدم التّعرّض لاقتلاع النخيل والأشجار إلا في الحالات النّادرة، كما يحتفظ بالأشجار وخاصة النخيل داخل الفضاء المبني، حيث يكيّف التصاميم بشكل يمح بانسجام هذه الأخيرة مع التوزيع الدّاخلي للفضاءات.

-------------------------

(01) موقع  opvm

 

 

وصفة الرمال المحمصة للشعر

ئجدي ئي ورفن

من يعرف وصفة الرمال المحمصة كانت تستعمله جداتنا قديما لعلاج بعض مشاكل الشعر للواتي لديهن شعرات رقيقة ويصبح به الشعر المجعد املس وغير ذلك من العلاجات

تقوم بتحميص الرمل النقي الابيض الى ان يتحول لونه الى اسود ثم يضاف له قليل من الحناء ثم تسكب عليه قليل من الماء وتعجنه ثم تستعمله على ضفائرها او شعرها مباشرة وات يصل الى جلد الرأس.

هل هذه الطريقة معروفة عند جميع قصور مزاب؟

يهود مزاب 1

wafidin homeيهود مزاب  (أوداين ن وغلان):

Juifs du M'zab (1)

بقلم Bakir Bennacer

أسئلة عدة تدور في خلدنا حول هذه الطائفة التي عاشت و تعايشت مع المزابيين لما يزيد عن 500 عام ، وهي تعد أقدم و أول مجموعة من غير المزابيين تستقر بالمنطقة ، أسئلة كثيرة تثير فضولنا من قبيل :

من هم ؟

;من أين ولماذا أتوا ؟

وكيف عاشوا واستقروا هنا ؟

ومتى رحلوا ولماذا و إلى أين ذهبوا ؟

سنحاول لاحقا طرح بعض المعلومات المتفرقة والمقتضبة وكثيرا من التساؤلات حول هذه الفئة ، معتمدين في ذلك على عديد من المصادر القديمة و بعض مما هو متاح بين أيدينا من وثائق الأرشيف الفرنسي ، مصحوبة ببعض الصور القديمة ، على أمل أن يثري المتفاعلون الموضوع بمعلومات موثقة و يحيطوه بنقاش هادئ وموضوعي ، لعلنا في الأخير نصيب جزء من الإجابات على الأسئلة المطروحة.