استعمال المواد المحلية في البناء
الفن المعماري عند مزاب
استعمال المواد المحلية للبناء:(1)
لقد كان الاعتماد على استعمال المواد المحلية المتوفرة والاكتفاء بها حتى أنَّنا لو تصوَّرنا أن انقطعت المواصلات فلم تعد المواد الحديثة الصنع مثل الحديد والإسمنت توجد في السوق، فإنّ النّاس سيستمرون في البناء لأنَّ الحجر والتَّمْشَمْتْ وهو الجبس المحلي، كلّها مواد موجودة، وكذلك الأخشاب التي كانت تُصنع منها الأبواب.
إن الاكتفاء الذاتي أمر يسعى إليه أغلب المهندسين وكذلك الموجهون الاقتصاديون لما لذلك من التأثير في اقتصاد الدولة وتحرره من ربقة التبعية الاقتصادية التي ستتبع حتما التبعية السياسية في عالم اليوم.
ومما نستطيع أن نضيفه إلى هذا المعنى صنع الأثاث ضمن البناء کالرفوف والكوى والدكاكين التي تصلح كأسرَّة للنوم وللصلاة. وأقل ما يقال في ترك الكوى الصالحة للاستعمال أنه اقتصاد كمية من مواد البناء التي قد لا تعد شيئا إذا كانت كلٌّ على انفراد، ولكنها إذا تعدَّدت أصبحت تشكل قسما مهما من هذه المواد.
هذا وأنَّ بناء الجدران بالتِّمْشَمْتْ مع الحجارة الصغيرة يجعل الدار مناسبة للمناخ القاري الشديد الحرارة صيفا والشديد البرد شتاء. وقد أظهرت التجربة صلاح هذه المادة للمحافظة على طقس معتدل داخل البيوت، فالدور القديمة اليوم سيما المبنية منها بهذا الجبس المحلي أو الجير والحجر هي أحسن بكثير من الدور التي بنيت بالإسمنت سواء كان ذلك في الصيف أو في الشتاء.
ويقولون إن الجبس المحلي قد تأكدنا منه، فقد جرب لمئات السنين، ولكن الإسمنت لم تستقر بعد تجربته، فنحن إذا بنينا به في مغامرة لا تعرف على وجه التحقيق دوامها واستمرارها.
وإلى جانب هذه النقط التي يتلاقى فيها معمارنا بالتخطيط المعاصر، هناك ملاحظات داخل الدور منها:
الإقلال من الأبواب الخشبية وتصغيرها، وذلك لندرة الخشب سيما اعتمادهم على التمر كمادة أساسية لمعاشهم، واقتلاع نخلة أو نخلتين للانتفاع بجريدها وكربها وأخشابها يحرمهم من قسم مهم من المادة الغذائية.
تصغير مداخل البيوت يحفظ عليها المناخ المناسب صيفا وشتاء، وفيه اقتصاد للمادة كما سبق.
استعمال مادة التِّمْشَمْتْ في بناء الرفوف ودكان الصلاة وسرير بيت النوم ودكان المنسج وكذا رفوف المنسج، وكل هذا اكتفاء بالموجود عن النادر أو المفقود.
لا حاجة لجلب خزائن الخشب أو أسرتها أو ما يحتاجون من الأثاث كما أن استبدال الموائد بالمثارد (إناء قائم على ساق)، فيه تعويض ماعون باثنين.
الاكتفاء باستعمال أقل ما يمكن من الأبواب، فهم يقتصرون على القدر الضروري کالباب الخارجي، وباب الحجرة وهو مخزن الذخيرة والمؤونة، وباب لبيت النوم وباب للسطح الأعلى، فلا توجد الأبواب في المستراحات ولا في تِزَفْرِي (مكان في الطابق الأرضي تجتمع فيه العائلة)، ولا في المطبخ ولا في المغتسل.
تقصير السقوف كما سبق.
جعل الدور منفتحة في وسطها كما ذكرنا.
ترك الكواة فوق السارية وبين الأقواس. إنها تدل على مقدار تمكُّن الأجداد في فن الهندسة، فهم يعلمون أنها لا تحمل شيئا ولذلك تركوها فارغة لنصيب من الشمس واقتصاد مواد البناء، ووضع الآلات المضرة للصبيان کالموس والمقص والكبريت.
استعمال مواد المحلية في البناء
الحجارة المقتلعة من طبقات الصخور الكلسية البيضاء.
نوع من الجبس يسمّى (تِمْشَمْتْ) يستخرج من الهضبة الكلسية على عمق مترا واحد تقريبا ويعالج في أفران لمدّة أربع وعشرين ساعة.
الجير الذي يعالج في أفران معدل ارتفاعها متران يستهلك من الحطب خمسة أضعاف ما تحتاجه التِمْشَمْتْ.
الرمل غير الصلصالي يستخرج من مجاري الأودية.
النخلة يستعمل منها في البناء جذعها وجريدها وسعفها.
و فيما يلي بعض الملاحظات في الموضوع ننقلها عن الشيخ القرادي: «لقد كان الاعتماد على استعمال الموارد المحلية المتوفرة والاكتفاء بها...و ممّا نستطيع أن نضيفه إلى هذا المعنى صنع الأثاث ضمن البناء كالرفوف و الكوى والدكاكين التي تصلح كَأَسِرَّةٍ للنوم و الصّلاة...
هذا وإنّ بناء الجدران بالتِيمْشَمْتْ مع الحجارة الصغيرة يجعل الدار مناسبة للمناخ القاري شديد الحرارة صيفا وشديد البرد شتاء».
و يضيف الشيخ القرادي قائلا: «هناك ملاحظات داخل الدور، منها:
الإقلال من الأبواب الخشبية وتصغيرها...
تصغير مداخل البيوت يحفظ لها المناخ المناسب...
تقصير السقوف...
ترك الكوات فوق السارية وبين الأقواس، إنّها تدلّ على مقدار تمكّن الأجداد في فنّ الهندسة، فهم يعلمون أنّّها لا تحمل شيئا، ولذلك تركوها فارغة لنصيب من الشمس، واقتصاد مواد البناء، و وضع الآلات المضرّة للصبيان كالموس والمقص والكبريت»[1]./
نداء للعودة إلى استعمال المواد المحلية في البناء بوادي مزاب
حوار مع الفاضل عبد اللاوي جمة باحث في التراث يوم الخميس 14 / 11 / 2013 حاوره الإعلامي الفاضل محمد بنور
[1]محمّد ناصر: الشيخ القرادي 156 ـ 158.
(1) كتاب الشيخ القرادي، آثاره الفكرية ص133 -138.
Tags: Architecture , الفن المعماري, ecologie, البيئة