بنو مزاب أحبطوا المخطط الإسباني بجنازة وهمية 1518م
بنو مْزاب في الجزائر العاصمة سنة 925 هـ / 1518 م :
إنّ خير الدين باربروس (1) لمّا أحسّ بخطورة الموقف واحتلال كدية الصابون وإحاطة العدوّ الإسباني بمدينة الجزائر، استدعى إلى قصره الشيخ باحيو ابن موسى، وهو من العطف، وأمين المزابيين في الجزائر بكير بن الحاج محمد بن بكير، وهو من مليكة ، وغيرهما من المجاهدين المزابيين يستشيرهم. فأشاروا عليه بالقيام بعملية فدائية، قد يكون بها إحباط المخطط الإسباني وانهزامه ، فاتفقوا معه على أن يقوموا هم بالعملية. بعد ذلك اجتمع المزابيون بفرن الشعبة، وهو موضع مسجد الإباضية بالعاصمة حاليا، تحت إشراف أمينهم، فاختاروا من بينهم سبعين فدائيا، وقرّروا حمل السلاح على النعش والسير به إلى المعسكر الإسباني في حي حسين داي الحالي، فذهبوا بالتهليل والتكبير مخترقين لقوات العدو على طول الطريق. وكان العدو يراقب المشيّعين عن كثب. فلمّا بلغوا بالجنازة الوهمية المكان المقرّر صلوا عليها إيهاما للعدو. ولتنفيذ العملية الفدائية، طلب رئيس الفرقة واحدا يقوم بنسف مستودع البارود في المعسكر، فخرج إليه شخص يلبس عباءة من نوع اللَّشْ (تصنعها المرأة المزابية من الصوف، متعدّدة الألوان، تنسج فيها عددا من الرموز والرسوم التقليدية) وأخفى تحتها قرابيلة ، فدخل بسرعة ومهارة في المعسكر الذي لا يحرسه إلاّ عدد قليل من الجنود الإسبان، فنسف المستودع واستشهد، فالتحمت المعركة وأشغل الفدائيون النّار في المعدات الحربية و القوارب التي تصل الأسطول الإسباني بالشاطئ.
فلمّا شاهدت قوات العدو المتمركزة بكدية الصابون أنّ المعسكر والقوارب تلتهمها النيران انقسمت إلى نصفين: قسم أسرع لإنقاذ المعسكر وقسم يواجه ضربات المجاهدين الذين فتحوا أبواب المدينة بعد العملية الفدائية. ولم يكد ينجو من هذه المعركة أحد من الإسبان. وقد تمّ هذا النصر يوم الأحد 24أوت925هـ/1518م (2) . وفرّ القائد الإسباني (دُونْ هُوقُو) (3) مع ما بقي من رجاله وسفنه وأّما الشهداء المزابيون فدفنوا هناك في حي حسين داي الحالي.
----------------------------------------
(1) خير الدين باربروس والي الجزائر من 924هـ/ 1518مِ إلى 940هـ/ 1534مِ وقيل من 923هـ/ 1517مِ إلى 944هـ/ 1573مِ.
(2) حمو عيسى النوري: دور الميزابيين، الجزء الأوّل، 208.
(3) HUGO DE MONCADA
Tags: الهوية, تأريخ, الجزائر, سياسة, كفاح التحرر, بطولات المزابيين